عروبة الإخباري – شدد رئيس هيئة الانتخابات في الأردن، خالد الكلالدة، على استقلالية الهيئة وعدم وقوعها تحت سلطة الحكومة، مؤكدا في الآن نفسه، جاهزيتها للاستعداد للانتخابات البرلمانية المقبلة.
جاء ذلك في مقابلة أجراها “الكلالدة” مع الأناضول بالعاصمة الأردنية عمان، تطرق فيها لأهم ما ينتظره الأردنيون من توضيحات تتعلق بالكشوفات الانتخابية وسير العملية الديمقراطية، ودور الهيئة، وغيرها من المسائل ذات الصلة.
ويتواصل الجدل في الأردن حول الانتخابات المقررة في 2020، مع اقتراب نهاية المدة الدستورية للبرلمان في 30 أبريل/ نيسان المقبل، وسط ترجيحات باحتمال حله منتصف فبراير/ شباط القادم؛ حيث من المتوقع أن ينهي أعماله قبل نهاية مدته.
ورغم أن الحديث عن الاقتراع ما يزال مبكراً، إلا أن الكثير من الأسماء الطامحة للحصول على مقعد نيابي، وحتى من النواب الحاليين، بدأ الترويج لنفسه، أملاً في حجز أحد مقاعد مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان) المنتظر.
وبمجرد حل البرلمان، يكلف العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، رئيس الحكومة الجديد بإجراء انتخابات، ويتم خلال ذلك تحديد موعد الاقتراع.
ويقول الكلالدة إن “الهيئة تعمل على مدار الساعة سواءً كان هناك موعد للانتخابات أو لم يكن؛ لأن القانون أناط بها الاستعداد الدائم من خلال تجديد سجلات الناخبين على الأقل مرة كل سنة، وهذا ما قامت به”.ويضيف: “نحن جاهزون في أي لحظة للاستعداد لإجراء الانتخابات النيابية”.
ويوضح أن “من المهام المنوط بنا هو مسألة التوعية والتثقيف، من خلال إطلاع جمهور الناخبين على القوانين الانتخابية وكيفية التعامل معها وصولاً إلى صندوق الاقتراع والفرز، والترويج للانتخاب على أنه واجب وحق للمواطن عليه أن يمارسه، آخذين بعين الاعتبار أن الموقف من الانتخاب حرية لكل مواطن”.
ورداً على رأيه بشأن عدم رضا الشارع عن أداء مجلس النواب، يعتبر الكلالدة أن “المسألة نسبية، والأمر غير محصور في المجلس، ونلاحظ أن الجو العام سواء أردنياً أو إقليمياً وحتى عالميا، هناك عدم رضا عن جميع المؤسسات القائمة، وهذه موجة جديدة من الاحتجاجات تجتاح العالم، لكن بحمد الله في الأردن مظاهر الاحتجاج تأخذ شكل الحوار والنقاش وليس العنف”.
وبخصوص الاستعدادات المبكرة لبعض الأشخاص والأحزاب للاقتراع، يعلّق: “أعرف أشخاصا يتحركون من ثلاث سنوات، الحقيقة والأمر الصحيح هو أن من يريد الترشح سواء كان حزباً أو شخصا بمفرده، فعليه أن يعمل طيلة الوقت لإقناع قواعده الجماهيرية بما يملكه من برامج، وهذه مسألة مشروعة في السياسة ومسألة الانتخابات”.
ومستدركا: “لكن الدعاية الانتخابية بشكلها الرسمي تظل محددة بالقانون ولها تواريخ تبدأ وتنتهي بها”.
** المقاطعة والاستقلالية
وفيما يتعلق بدعوات شعبية لمقاطعة الانتخابات القادمة، يشرح: “هناك من يطالب بذلك، وهو موقف سياسي، لكن على المستوى الشخصي أعتقد أنه من باب أجدى للمواطن أن يمارس حقه في الانتخاب؛ لأنه عندما تدلي بصوتك فأنت تضع النائب الذي ترغب أن تراه في مجلس النواب”.
وشهدت الانتخابات السابقة تشكيكاً بنزاهة إجرائها؛ بدعوى تدخل الحكومة فيها، وهنا يشدد الكلالدة على أن “هذا خطأ شائع، الهيئة المستقلة ليس لها علاقة بالحكومة، الأجهزة المختلفة في الدولة ومنها الحكومة تقوم بالدعم اللوجستي؛ لتسهيل مهمة الهيئة”.
ويردف: “كثيرون يتحدثون للأسف عن أن الحكومة هي التي تشرف على الانتخابات، وإذا عدنا إلى نص المادة في الدستور، تقوم الهيئة بالإشراف وإدارة العملية الانتخابية، وليس لأحد سلطان على الهيئة في مسألة الانتخابات إلا الدستور وقانون الانتخاب فقط، وعلاقتنا مع المواطن مباشرة، وله حق الاعتراض سواء كان بالهيئة أو لدى القضاء الذي نعتز به”.
ويمضى موضحاً: “نص إجراء الانتخابات النيابية بأن الملك يأمر بإجرائها وليس بتنسيب من الحكومة، الحكومة ليس لها علاقة بهذا الأمر”.
** “المال الأسود”
وعن كيفية محاربة الهيئة لما يعرف بشراء بعض المرشحين لذمم الناخبين، والذي أطلق عليه الكلادة مصطلح “المال الأسود”، يلفت إلى أن “الظاهرة موجودة، لكنها ليست بهذه الضخامة التي يتحدث عنها البعض”.
ويوضح: “نحن في الهيئة لدينا صفة الضابطة العدلية عندما تتوفر لدينا شكاوى موجودة (..) بعض الشكاوى كانت تأتينا دون أي دلائل أو إشارات، نقوم بدراستها جميعا ومن ثم نرسلها إلى الجهة المختصة ونستلم ردودا على كل حالة”.
أما عن عمر المرشح للانتخابات البرلمانية، فيلفت إلى أنه “نص في الدستور وليس في القانون (..) عمر الترشح لمجلس النواب ورد في الدستور وهو 30 سنة كاملة”.
ويشير أن “جداول الناخبين في قانون الانتخاب الأردني شهد تطورا كبيرا جداً، وأصبحت أكثر ديمقراطية وشفافية، حيث يدرج فيها كل من أتم 17 عاماً قبل 3 شهور من يوم الاقتراع”.
ويستطرد: “نحن نخاطب الوعي ولا نخاطب العواطف، لذلك نناشد المواطنين بألا نجعل أساس الانتخاب جهويا أو طائفيا أو فئويا أو القرابة أو النفوذ، لكن الخيار يترك للمواطن حسب قناعاته وحسب وعيه”.
وبشأن بعض المظاهر التي يشهدها مجلس النواب من مشادات نيابية وشجار وغير ذلك، ودور الهيئة في إخراج أعضاء على مستوى عال من الثقافة والمسؤولية، يقول الكلالدة: “صحيح أن هناك بعض المظاهر السلبية عن ممارسات البعض في مجلس النواب، لكن إذا أخذنا الأمور بنسبة وتناسب، هل هذا هو رأي كافة المواطنين الأردنيين؟ هذا بحاجة إلى إجابة”.
ومتابعاً: “عدد من أدلى بأصواتهم 1.5 مليون، وغالبيتهم هم من أفرزوا هذا المجلس، إذن هو خيار الناس، كان هناك 1300 مرشح، فاز منهم 130 اختارهم من اشترك بالانتخابات”.
** المستوى العلمي
وفي معرض حديثه عن المستوى العلمي للمرشحين وإمكانية تحديده ورفع مستواه، يوضح أن هذه الشروط “جاءت نصاً في القانون، وليس للهيئة دور في هذا، ذهب مشروع قانون (إلى المجالس السابقة) بمحددات المستوى العلمي ولم يوافق مجلس النواب عليها في حينه”.
ويستشهد الكلالدة بما نص عليه الدستور من أن المرشح ينبغي أن يكون أردنيا بلغ 30 عاما ولم يحدد شروط ثانية، مشيرا أن “القاعدة القانونية تقول ما سكت عنه القانون مباح وما سكت عنه الدستور محرم”.ويختم رئيس الهيئة في ذات جزئية المستوى التعليمي للمرشحين بأنه “بحاجة إلى تشريعات قد تصل إلى مستوى تعديلات دستورية”.
وتم انتخاب النواب الحاليين، عام 2016، عبر قانون انتخابي جديد يعتمد على القوائم الانتخابية، عوضا عن قانون “الصوت الواحد”، وتقلص بموجبه عدد النواب من 150 إلى 130، بعد أن قسم المملكة، التي تضم 12 محافظة، إلى 23 دائرة، إضافة إلى ثلاث دوائر للبدو.
وبموجب القانون الجديد، أصبح بإمكان الناخب الإدلاء بأصوات مساوية لعدد المقاعد المخصصة لكل دائرة انتخابية.
ويعقد المجلس دورته العادية الأخيرة؛ إذ يرجح مراقبون بألا يكون هناك أي دورات استثنائية بعد انتهائها، لعدم وجود أسباب موجبة لذلك، ليتم إثر ذلك حله واستقالة الحكومة، وتشكيل حكومة جديدة تجري انتخابات جديدة في البلاد، من المرجح أن تكون في الثلث الأخير من العام القادم.
أما الدورة الاستثنائية، فتعقد بناء على دعوة من الملك أو بطلب من الأغلبية المطلقة لمجلس النواب عند الضرورة، ولمدة غير محددة لكل دورة من أجل إقرار أمور معينة تشمل مناقشة قوانين وأية قضايا هامة أخرى.
فيما تعقد الدورة غير العادية في حالة حل مجلس النواب، حيث يجب إجراء انتخاب عام بحيث يجتمع المجلس الجديد في دورة غير عادية بعد تاريخ الحل بأربعة أشهر على الأكثر.