عروبة الإخباري – كتب سلطان الحطاب
هذا يوم أغر للبحرين.. إنه يوم الاستقلال الذي ربط ما بين حرية الوطن وتتويج الشيخ الراحل عيسى بن سلمان الذي عاش الاستقلال وأكده وبنى عليه، حتى غدت البحرين اليوم قد أنجزت الكثير.
لقد سارت البحرين على طريق الديمقراطية وأخذت بوسيلة الانتخابات النيابية والبلدية لاستكمال مشروعها الاصلاحي الذي دشنه الملك حمد.. وهذا مكنها من الترشيح لعضوية مجلس حقوق الانسان في الأمم المتحدة، وعدة لجان أخرى عديدة، وقد ظلت هذه العضوية تتكرر لما انجزته البحرين و حافظت عليه في هذا السياق.
لقد استطاعت البحرين ومن خلال التنمية وتحسين وسائل العيش، وكذلك الاستقرار الامني ان تكون مقصدا مهما وجاذبا للعيش، كأفضل بلد من بين 68 بلداً على مستوى العمل والإقامة للأجانب.
وكانت البحرين وبسياسة حكيمة من لدن جلالة الملك حمد، وولي العهد الامير سلمان ورئيس الوزراء قد التزمت ببرنامج طموح للتنمية المستدامة 2030، تمكنت من خلاله من إدماج الاهداف للوصول الى نتائج ملموسة.
فكانت التنمية البشرية مرتفعة ومتقدمة على سائر المجموعة العربية في سلم القياس لهذا الغرض، وكانت نسبة الرفاه فيها قد ارتفعت وأخذت خطاً صاعدا، وفي سبيل ذلك ظلت المملكة وبتوجيه من قيادتها تحرص على ان توازن بين دخلها ومصروفاتها في مبادرات متصلة، ستصل الى غايتها في العام 2022 وحيث ما زالت تحافظ على تدفق الاستثمارات وتشجعها وتضع فرصها في قطاعات عديدة تقليدية وجديدة.
واذا كانت البحرين لا تعتمد التدفق النفطي في الموازنة بشكل أساس، فإنها بالمقابل صنعت بيئة جاذبة كمركز للتجارة والبنوك وشركات التأمين ومقرات الشركات العابرة و المتعددة الجنسيات.
اليوم نجد البحرين بعد 48 سنة على استقلالها وتتويج ملكها الراحل الذي سلم الراية لمن هو مؤتمن عليها، تواصل مسيرتها بقوانين محفزة للاستثمار في مظلة من الشفافية و حماية من الفساد التي تكافحه البحرين بقوانين صارمة و تفتح المجال واسعا للتنافسية.
نعم كنت زرت البحرين قبل عدة سنوات، ورافقت ولي عهدها في زياراته لمواقع التقى فيها مع فعاليات اقتصادية واجتماعية في شهر رمضان، ورأيت حوارات حميمة وصريحة،في حفز همم المستثمرين البحرينيين وتذكيرهم برياديتهم التاريخية كتجّار واقتصاديين وبناة حقيقتين لبلادهم دون تميّز من عرق او لون او مذهب، فقد عكس ولي العهد وعيه وثقافته وعلمه في الحضور، وقد عدت بانطباعات جميلة خاصة بعد لقاء وزير الداخلية الشيخ راشد بن عبد الله ال خليفة الذي قدم صورة عن البحرين الحريصة على حقوق الانسان، و على احترام كل مواطنيها، وعلى ضرورة تعظيم التنمية على ما سواها مهما كانت الحساسية الامنية القائمة من البيئة المحيطة وتحديات الجوار، والتأثيرات المتسربة من جيران ظلوا دائما يصدرون أفكارهم وأزماتهم.
نعم أكتب عن البحرين التي أحببتها تاريخا وجغرافية وشعبا بمناسبة هذا اليوم الأغر، وقد ظل أسمها في وجداني منذ كنت طفلا أردد في المدرسة “بلاد العرب أوطاني”..
قرأت عن اسمها القديم الراسخ دلمون وعن بدء الحضارة البشرية والعمران فيها وعن امتدادها خارج الجزيرة، المسماة البحرين اليوم، وهو الامتداد الطويل على الساحل الذي كان يعني للمؤرخين العرب والرحالة الكثير قبل الاسلام ومع وصوله.
البحرين ايها السادة اكبر من الجغرافيا، وجغرافيته استعصت على الغزاة اللذين استهانوا فأوردتهم مورد الهلاك ..
اذن البحرين ليست مجرد مساحة وهذه المساحة لا تجعلها أسيرة وإنما لدى قيادة البحرين همّة اكبر من جسد الجغرافيا و إرادة تفوق الامكانيات وتصل الى الامنيات..
أقول وأنا أقدم التهنئة للبحرين قيادة وشعباً ولبعثتها الدبلوماسية المتمثلة في سفارتها في المملكة الأردنية الهاشمية وشخص سفيرها أحمد بن يوسف الرويعي بهذه المناسبة…. إن البحرين عالم متسع من العطاء استقر في الأذهان وخاصة قدرتها على صناعة الأمن وتحويله إلى أمان وتنمية ومحبة وأخوة فكانت خبرتها لأكثر السلع حساسية وهو المال الذي استقر فيها واختارها كبيئة ليمكث في بنوكها ومصارفها حتى غدت البحرين به موقعا مميزاً…
لقد آمنت البحرين كما عرفت واحسست بأمنها وعشقت لغتها العربية و رفعت رايات التضامن فكانت عضوا فاعلا في الجامعة العربية وكانت البحرين اول الواصلين والمستجيبين حين تنادي الأمة عروبتها وحرية أوطانها…
فكانت تنظيماتها السياسية والعمالية والمثقفة وكذلك دور المرأة الفاعل نموذجاً يحتذى ليعكس دولة ذات مؤسسات وقد اكتملت أركانها بالمشاركة ما بين الحاكم وشعبه ولعلنا حين نتحدث عن الروابط القوية نتوقف عند التعليم ودوره ومستوياته….
لقد حظى الله البحرين عائلة مالكة عربية عريقة ممتدة ،حرصت على أن تظل الشورى والتعاقد القائم على الرضا مع الشعب هو وسيلة الحكمِ.. فكان الملك دائما هو الأب الحاني ورب الأسرة الودود والرائد الذي لا يكذب أهله… بل يحرص ويدافع ويصون…
أكتب عن البحرين وقد أنجزت عنها ومنها كتاباً يجسد مكانتها وما هي عليه من تاريخ ودور وما تتطلع إليه من مستقبل…