عروبة الإخباري – كتب سلطان الحطاب
لم تتخلى سلطنة عُمان عن دورها الداعم للقضية الفلسطينية والمتمسك بقرارات الشرعية الدولية، في وقت تواصل الولايات المتحدة الأمريكية وتحالفها الشيطاني مع دولة الاحتلال الاسرائيلي انتهاك القوانين الدولية وإدارة الظهر لها وللمجتمع الدولي المتمسك بها..
السلطنة في عيدها التاسع والأربعين تستقبل المبعوث الفلسطيني الدكتور صائب عريقات أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية .. “كبير المفاوضين” لتؤكد استمرار موقعها الداعم لإقامة دولة فلسطينية مستقلة على التراب الوطني الفلسطيني وعاصمتها القدس.. وهذا الموقف العُماني ليس جديدا وإنما هو موقف مستمر .. فالسلطنة لم تكتف بالإدانة والشجب لما يتعلق بحقوق الفلسطينين في تقرير مصيرهم وبحقهم في إقامة عاصمتهم في القدس، وإنما قام الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية العُماني بزيارة فلسطين وزيارة القدس ودخل البيوت من أبوابها، وأعلن من هناك من القدس ورام الله الموقف العُماني المساند لقضية الشعب الفلسطيني، وهو الموقف الذي وضعت سلطنة عُمان وبتوجيه من سلطانها قابوس بن سعيد امكانياتها السياسية والدبلوماسية في خدمته، فقد لعبت السلطنة حين استقبلت الرئيس محمود عباس على أرضها في مسقط العام الماضي وحين استقبلت رئيس الوزراء الاسرائيلي دورا ملموسا للإمساك بأي فرصة للسلام على أساس حل الدولتين، وبذلت جهدا وظلت تتطلع إلى انجاح هذا الجهد الذي دمرته اسرائيل بإجراءاتها ومواقفها وجملة الخطوات الاحتلالية التوسعية التي اتخذتها من طرف واحد، وآخرها ما بنت عليه حكومة اليمين الاسرائيلية من مواقف عدوانية ومدمرة لأي فرصة سلام، وهي تعتمد على الموقف الأمريكي الأخير المُعبر عنه على لسان وزير الخارجية الامريكية بامبيو والداعي إلى شرعنة الاستيطان.
مسقط واحدة من المحطات الهامة التي يصلها الفلسطينيون ويرون فيها انتصاراً لمواقفهم وتأييداً لحقوقهم، وهم يزورونها الآن ويعرضون عليها وفيها لما تتعرض لها قضيتهم من عدوان مستمر فيجدون فيها الترحيب والأخوة والاستعداد لمواصلة الانتصار للحق الفلسطيني .
تأتي هذه الزيارة لمبعوث الرئيس الفلسطيني الدكتور صائب عريقات في وقت تطلق فيه السلطنة وفي عيدها الوطني حملة للتسامح والإخاء بين الأديان ،واعتماد الحوار وسيلة لحل القضايا، مجسدة هذه المواقف في طابع تذكاري ولوحات ونشاط يعلي من شأن ذلك..
لقد ظلت السلطنة من خلال موقعها الجغرافي وتاريخها التليد، وسياساتها المتوازنة ونهج سلطانها الذي يأخذ بمفهوم السلام كقيمة، وبالدعوة لإنهاء الخلافات كهدف، ترى في ذلك رسالتها وقد قدمت لذلك نماذج عديدة في وساطات ناجحة، وفي توفير حاضنات للسلام وللحوار، وقد نجحت في كثير من تلك المهام الانسانية الكبيرة، وأوصلت رسالتها في ذلك للعالم الذي حفظ للسلطنة وسلطانها التقدير الكبير والامتنان .. فقد أدركت السلطنة دائما أنها تخدم مصالحها وتحميها حين يكون اسهامها في الأمن والاستقرار الدولي كبيراً ومتزايداً، وخاصة في منطقة ملتهبة تعصف بها عوامل الصراع والمصالح وغياب الحوار واحترام الآخر، مثل منطقتنا ومنطقة الخليج على وجه التحديد والتي لم تحسن توظيف موقعها وثرواتها في مزيد من الاستقرار والحوار مع الجيران ومع دول المنطقة .
عُمان ليست بحاجة مجدداً لتأكيد مواقفها من الصراع في اليمن ، فقد دعت في وقت مبكر لوقفه والأخذ بالحوار السياسي لتصفية كل أشكال الصراع فيه ، ورأت في استمرار الصراع المسلح وتغذيته ضياع للوقت والمال، وإضعاف للإرادة والتنمية وتشتيت للموارد وإخلال بالاستقرار والأمن، ولم تتوقف السلطنة عن دعوتها وتقديم رؤيتها ومواقفها كما لم تبخل بتقديم النصائح والمبادرات، وهاهي الأطراف التي اكتوت بالحرب في اليمن وعلى اليمن ترى في الرؤية العُمانية الخلاص وتقترب منها بل وتعمل على الأخذ بها .. وفي السياق كانت زيارة المبعوث السعودي وكيل وزارة الخارجية مبعوث خادم الحرمين الشريفين إلى مسقط ومباحثاته فيها دليلاً على ذلك.
كانت الرؤية العُمانية دائما رؤية مجسرة في الصراعات ترى أن توفير السلام شرط لتوفير التنمية ، وترى أن للسلطنة دور عالمي لخدمة منطقتها واقليمها ، لا تريد التخلي عنه وفي هذا السياق جاء استقبال المبعوث الفلسطيني كما أن هذا السياق أيضا .
كان الموقف العُماني الواضح من القضية السورية، حيث كان للسلطنة موقف مختلف عن بقية دول الخليج لم تلبث هذه الدول بعد تجربة أن رأت فيه الصوابية وحسن التقدير والقراءة .. فقد بادرت السلطنة للاتصال بسوريا وزيارة دمشق والوقوف إلى جانبها، وهي المواقف التي وقفتها السلطنة أيضا مع مصر”عكازة الأمة” ومع الجزائر في الصراعات الجانبية ومع ليبيا والسودان وكل الدول العربية التي عصف بها الربيع العربي ..
السلطنة اليوم وفي عيد نهضتها التاسع والأربعين تمضي على هذا الطريق الموصل الذي اختطته منذ خطاب السلطان الأول عام 1970 وحتى اليوم، وهي تفاخر بهذه المواقف وترى فيه حصاداً وفيراً للسلم والتآخي والمحبة ، وترى فيه مصالحها أيضا..