الخامس عشر من تشرين الثاني لعام 1988 يمثل محطة فاصلة بتاريخ النضال الفلسطيني من أجل حقه بالحرية والعدالة والاستقلال التام وإقامة دولته العربية الفلسطينية وعاصمتها القدس التي تم الاعلان عنها بموجب
قرار المجلس الوطني الفلسطيني الذي يمثل أعلى سلطة تمثيلية تشريعية في منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني يحمل الكثير من المعاني والدلالات من أهمها :
أولا : تصميم الشعب الفلسطيني على النضال مهما بلغت التحديات حتى التحرير من نير الإحتلال والاستعمار الصهيوني العنصري.
ثانيا : الإنتقال بالنضال الفلسطيني إلى مرحلة الجمع بين المقاومة الشعبية المكفولة بالشرعة الدولية وبميثاق الأمم المتحدة ومع النضال بالمحافل الدولية بدعم من القوى الحرة المناهضة للاستعمار والمؤمنة بتصفية الإستعمار أينما وجد.
ثالثا : مطالبة المجتمع الدولي بالانتصار لحق الشعب الفلسطيني والعمل على تمكينه من إقامة دولته المستقلة تنفيذا لقرار التقسيم رقم 181 “بالرغم من اجحافه بحق الشعب الفلسطيني ” واحتراما لمبدأ عدم الانحياز والازدواجية بتنفيذ القرارات الدولية .
رابعا : شكل قرار المجلس الوطني الفلسطيني بإعلان الدولة الفلسطينية وفق رؤية واستراتيجية تضمنتها وثيقة الاستقلال إنجازا سياسيا تراكميا توج بالاعتراف بدولة فلسطين عضوا ” مراقبا ” بالأمم المتحدة الذي حال الإنحياز الأمريكي للكيان الصهيوني عبر استخدام الفيتو دون حق فلسطين باكتساب العضوية كاملة الحقوق أسوة بباقي دول و شعوب العالم .
خامسا : الإجماع الفلسطيني بجميع مكوناته على إستراتيجية النضال الوطني الفلسطيني لإنهاء الإحتلال الصهيوني لمرحلة ما بعد إعلان الإستقلال تبعا للتحديات والمعطيات الدولية.
ما تقدم لا يمثل إلا بعضا من معاني الوجه الأول لإعلان الإستقلال أما الوجه الثاني فهو موجه للمجتمع الدولي الذي عول ويعول عليه الاضطلاع بدوره بل بواجباته المتوخاة على الاصعدة السياسية والحقوقية القانونية لفرض ارادة المجتمع الدولي ليس إتجاه دعم حقوق الشعب الفلسطيني فحسب وإنما فرض الإلتزام بميثاق الأمم المتحدة بالعمل على ترسيخ الأمن والسلم الدوليين الذي استمرأ الكيان الصهيوني بانتهاكه المتواصل منذ عقود.
أما الرسالة الصادرة للمجتمع الدولي فهي تتمثل في ما تضمنته وثيقة الإستقلال التي عرضها الشهيد ابو عمار وصادق عليها بالإجماع المجلس الوطني الفلسطيني من مبادئ والتزامات منها :
■ إلتزام دولة فلسطين المستقلة بميثاق الأمم المتحدة واحترام القرارات الدولية الصادرة عن مؤسساتها.
■ التأكيد على إلتزام دولة فلسطين المستقلة بترسيخ السلام الدولي والاحتفاظ بحقها الدفاع عن أرضها وشعبها .
■ التأكيد على إحترام دولة فلسطين المستقلة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وما تضمنه من مبادئ وأحكام.
■ الإلتزام بل الإيمان المطلق ببناء الدولة الفلسطينية المستقلة الديمقراطية على أساس الفصل بين السلطات التفيذية والتشريعية والقضائية وتداول سلمي للسلطة في ظل نظام سياسي تعددي.
■ إلتزام الدولة الفلسطينية المستقلة بمبادئ الحكم الرشيد وسيادة القانون ونبذ التمييز بكافة أشكاله.
ويمكن للمراقب أن يتفحص مدى إلتزام القيادة الفلسطينية بما تضمنته وثيقة الإستقلال من مبادئ وأحكام مع تلك الواردة والمكفولة بالقانون الأساسي الذي يعد دستورا مؤقتا ينظم العلاقة ما بين مكونات السلطة الوطنية الفلسطينية خلال المرحلة الانتقالية التي تعني الانتقال الكامل من مربع الاحتلال الى مربع الاستقلال واقامة الدولة المستقلة تلك المرحلة التي طالت وطال معها امل انجاز الشعب الفلسطيني هدفه الوطني نتيجة لتنصل القيادات الصهيونية المتطرفة وبطابعها العدواني من تنفيذ التزاماتها المنصوص عليها باتفاق المرحلة الإنتقالية “اتفاق أوسلو ” المحددة بخمس سنوات تنتهي في ايار 1999.
يأتي إحتفال الشعب الفلسطيني بعيد الإستقلال هذا العام في ظل مرحلة اتسمت ولا زالت تتسم بتحديات جسيمة اخطرها :
● صفقة القرن ” صفعة القرن ” التي يمكننا القول وبكل ثقة نجاح القيادة الفلسطينية ورئيسها السيد محمود عباس باجهاض مؤامرة الثنائي نتنياهو ترامب بتصفية القضية الفلسطينية عبر رفضها فلسطينيا وحشد رأي عام عربي وإسلامي ودولي داعم ورافض لخطة صفقة ترامب كونها تتناقض كليا مع القرارات الدولية ولا تلبي الحد الأدنى من حقوق الشعب الفلسطيني الأساسية والمتوافق عليها دوليا.
● الإنقسام الفلسطيني :
ألحق الإنقسام الجغرافي الفلسطيني بين الضفة الفلسطينية وقطاع غزة إثر ما اسمته حماس بالحسم العسكري ضرراً بالغا بالقضية الفلسطينية وبعدالتها ولم يخدم بنتائجه سوى الكيان الصهيوني ودمويته الذي استخدمه ذريعة أمام المجتمع الدولي للتنصل من التزاماته بإنهاء الإحتلال كما وظفه لادامة الحصار على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة .
من هنا تكمن اهمية العمل على إنهاء الانقسام وبعد تعذر تنفيذ إتفاق القاهرة 2017 لم يبقى سوى خيار دعوة الرئيس محمود عباس للاحتكام إلى قرار الشعب الفلسطيني عبر صندوق الإقتراع في الإنتخابات التشريعية والرئاسية المزمع أجراءها كوسيلة سلمية ديمقراطية لإنجاز انهاء الانقسام الجغرافي مما يتطلب من جميع القوى السياسية والمجتمعية ومؤسسات المجتمع المدني الانخراط الإيجابي ترسيخا للمبادئ الديمقراطية.
يوم الإستقلال ما هو إلا تجسيد لإرادة الشعب الفلسطيني بالمضي قدما دون كلل مسلحا بعزيمة راسخة وإيمانا بحقه الاساس بالنضال حتى إنجاز أهدافه الوطنية بتحرير أرضه وممارسة حقه بالعودة إلى مدنه وقراه وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.
هزيمة الكيان الصهيوني. ..حتمية
وانتصار الشعب الفلسطيني. .حقيقة حتمية بإذن الله. ….