عروبة الاخباري- كتب سلطان الحطاب
لفتني كلمة الوزير السابق لوزارة النقل الدكتور المهندس حسين الصعوب وهو يتحدث عن الخلل الذي يعيشه قطاع النقل وعدم تمكين الوزارة من النهوض بدورها لتغدوا عاجزة, فقد كانت مداخلة الوزير حول قطاع النقل خلال اللقاء التشاوري الذي عقد المجلس الاقتصادي الاجتماعي الاردني اليوم 3/10/2019 بحضور مجموعة من الخبراء والمختصين لمناقشة تقرير حالة البلاد وخاصة في النقل اهمية واضحة…
الوزير في مداخلته باختصار وضع النقاط على الحروف “وبق البحصة” كما يقولون وشّخص السبب فالوزارة يراد منها ان تصنع المعجزات في قطاع واسع وكبير وهام دون ان تُمكّن ويقال لها “اذهب انت وربك” فلا تعطى المعلومات التي وفرتها منحة تزيد عن مليوني دولار جاءت لتأسيس بنك للمعلومات والإحاطة بوضع قطاع النقل لتكون هذه المعلومات مساعدة في اعادة انتاج حالة نقل مناسب بتجاوب مع الحاجات الوطنية والتطور الحضاري لمثل هذا القطاع لأن المعلومات وسريانها والاستفادة منها ووضعها أمام صناع السياسة يساهم بشكل فاعل في تطور القطاع.
ومعرفة الجوانب التي تحتاج الى التطوير على أسس علمية لا ارتجالية .. فالتشخيص القائم على المعرفة والعلاج القائم على المعلومة يصبان في إطار صناعة قطاع فاعل مستجيب للتحديات وداعم للاقتصاد الوطني ومساهم بفاعلية في التنمية…
اما البقاء في اطار المراوغه وتزجية الوقت ومحاولة التغطيه “بسوف” “وينبغي” فان ذلك لن يبقى ظهراً ولا يقطع مسافة كما يقول الحديث الشريف ويبقى النقل “منبتا” لينطبق عليه الحديث الشريف.
يجلدون وزاره النقل ويريدون ان تأتي بالمعجزات وبما تأتي بها الوزارات صاحبة الاسم في العالم المتقدم وهم لا يقدمون لها من الشراكة ما يفيد ان يسند بل هم أشبه بالقول:
القاه في اليم مكتوفا وقال له
اياك اياك ان تبتل بالماء
ايها السادة تتحدثون عن قانون النقل العام في الماده 17 وهو ما اشتغلتم عليه انتم واشتغلت عليه السيدة وزيرة العمل السابق لينا شبيب ولكن ماذا ادركنا ولماذا بقينا نراوح في مكاننا؟ ولما لا نصر على ان يكون هذا القطاع العريض مدروساً، وكيف لهذه الوزارة في عملها أن تنطلق وان تنجز وان تقبل التحديات دون شركاء من المفترض ان يدعموها، ولذا فإن دعوة الوزير الصعوب الى انشاء هيئة عليا تشكل رافعة في القرار السياسي الذي يتبع رئيس الوزراء مباشرة حتى يتمكن الشركاء جميعا من العمل مع الوزارة، ويمكن الوزارة من العمل مع الشركاء والاستفادة من ذلك… فأين نحن من ذلك ولماذا لم يتحقق؟ اليس من المفترض ان يكون قطاع النقل مدعوماً، و نحن هنا في دعوتنا لا نخترع العجلة وإنما اسوة مع كل دول العالم التي توفر نقلا مناسبا.. وكيف يسمح ان يبقى القطاع بلا دعم ويطالب بالنجاح وسد الحاجات؟ ولماذا لا يتجلي الدعم في جعل المعرفة متوفرة في القطاع وللقطاع، وفي دعم الموارد البشرية الهامة أيضا…
اليست النماذج القائمة والمعمول بها محبطة حين نرى ان شركه نقل تنطلق في عاصمه الاربعة ملايين نسمة في عمان دون حضور وزير النقل ورعايته بل والعمل على تغييبه رغم ان الوزارة هي المظلة لذلك او من المفترض ان تكون…. ولماذا ومن يتحمل المسؤولية؟…
إلا يشعرنا ذلك بالأسف و ترك الحبل على الغارب وكل يغني على ليلاه وتكون النتيجة ان تلغي الاشياء بعضها بعضا…
ان قطاع النقل الذي يشكو منه المواطنون ما زال يراوح في مكانه وما زال بحاجة الى حلول جذرية على مستوى رئيس الحكومة والحكومة والشركاء في القطاع الخاص وحتى مع الجهات الداعمة وصاحبه الدراسات والمواطنين ومع كل الهيئات التمثيلية كالبرلمان لترى رؤيتها فهذا القطاع الخطير في حالته القائمة لا يُترك لوزارة النقل وحدها والتي لا يمكن بدون دعم أن تؤدي دورها كما يجب…
ان استمرار الحديث لا يجدي و الحلول الجزئية والمقطعة البعيدة عن التشخيص الدقيق والمعالجة العلمية الصائبة لن يبلغ بنا ما نريد…
اعتقد ان مداخلة وزير النقل وان كانت قصيرة قد اثارت تعليقي هذا وتجعلني أقول أننا قد نكون متقدمين في قطاعات عديدة ولكننا متخلفين في قطاع النقل الذي يستنزف كثيرا من الموارد ويرتب كلفة عالية على المواطنين لجهة التنقل ولجهة خدمة الاقتصاد الوطني.
لقد كنت أستمع الى معاناة وزير النقل العام حين كنت ازوره في مكتبه في الفترة التي تولى فيها المهندس الدكتور حسين الصعوب المسؤولية في الوزارة وكان لديه تشخيص دقيق لم يتمكن في الفترة التي تولى فيها المسؤولية من إنجازه كما لم يتمكن من ترك بصمات واضحة، فوضع العصي في الدولاب وعدم إسناد رئيس الوزراء انذاك هاني الملقي لوزارته وإنما العمل على تصيد الأخطاء بدل إسناد وزرائه والادعاء انه كان يفهم في كل القطاعات أكثر من كل واحد منهم في مجاله أضاع الفرصة على الوزير وعلى الوزارة فكان بعض الوزراء النابهين قد خرجوا في تعديل مفتعل لم يلبث بعده ان أودى بالحكومة التي خلعها المواطنون في الاحتجاجات على عدم الانجاز لتجيء حكومة اخرى مكانها نأمل إلا تواجه مصيرها وان تتعلم في أن تبقى قريبة من مواطنيها ما استطاعت.
ما زلت اذكر الأجندة العملية التي تبناها الوزير من خلال خبرته الطويلة ومعرفته بالنقل وقدرته على الحوار مع اطرافه وصدامه مع تصورات ومواقف جرى اسقاطها على وزارته.
وها هو الوزير يعاود عرض التصورات مرة أخرى أمام المجلس الإقتصادي والإجتماعي في مداخلته التي استلها من ورقة طويلة كان قد شارك بمثلها على المستوى العربي وقد كان يتحدث امام مختصين عن النقل في القاهرة وقد استمعت اليه حيث جرى تكريمه على ذلك…
لماذا نحاصر الكفاءات ونهربها ونتهرب منها معرفتها وندين أدائها لنأتي بالعجب العجاب الذي لا يحاسب عليه أحد ونكتفي بإدارة الازمات بدل حلها، فماذا قدمت وزارة النقل؟ ولماذا لا تمكن؟ وتبقى تراوح مكانها في هذا القطاع وإلى متى!!..