عروبة الإخباري – ينتخب التونسيون، اليوم الأحد 13 أكتوبر/تشرين الأول 2019، رئيساً جديداً للبلاد، حيث سيختارون بين نبيل القروي رجل الإعلام الليبرالي الملاحَق بتهمة غسل أموال، وأستاذ القانون الدستوري قيس سعيّد الذي لا يتبنى أي توجه سياسي.
ودُعي أكثر من سبعة ملايين ناخب للإدلاء بأصواتهم في مراكز الاقتراع، التي تفتح أبوابها اعتباراً من الساعة الثامنة (07.00 بتوقيت غرينتش)، على أن تغلق السادسة مساء (17.00 توقيت غرينتش)، باستثناء بعض المراكز في ولايات حدودية مع الجزائر.
وبدأ التونسيون المقيمون بالخارج، يوم الجمعة الماضي، عملية التصويت في الجولة الثانية من الرئاسيات، وتتواصل عملية الاقتراع بالخارج إلى غاية اليوم الأحد، بحسب ما ذكرته وكالة الأناضول.
وشهدت الدورة الرئاسية الأولى التي تنافس فيها 26 مرشحاً، ما وُصف بـ «الزلزال الانتخابي»، إثر «تصويت العقاب» الذي مارسه الناخبون ضد ممثلين عن الطبقة السياسية الحاكمة، وفقاً لما ذكرته وكالة الأنباء الفرنسية.
وتمكَّن سعيّد من نيل 18.4 في المئة من الأصوات، في حين حلّ القروي ثانياً بـ15.5 في المئة، ومرَّا الى الدورة الثانية.
مناظرة تاريخية
وعلَّل مراقبون هزيمة مرشحِين من رؤساء حكومات ووزراء وحتى من رئيس دولة سابق، بردّ فعل التونسيين تجاه السلطات الحاكمة، التي لم تتمكن من إيجاد حلول للوضع الاقتصادي والاجتماعي المتأزم، الذي أفرز احتقاناً اجتماعياً تزايدت وتيرته في السنوات الأخيرة.
واتسمت الحملة الانتخابية بالتشويق في أيامها الأخيرة، خصوصاً بعد القرار القضائي بإطلاق سراح القروي (56 عاماً)، بعدما قضى 48 يوماً في التوقيف، بسبب تهم تلاحقه بغسل أموال وتهرُّب ضريبي.
وجمعت مناظرة تلفزيونية «تاريخية» وغير مسبوقة، المرشحَين ليل الجمعة الماضي، وظهر فيها سعيّد (61 عاماً) متمكناً من السجال، وأظهر معرفة دقيقة بالجوانب التي تهم صلاحياته إن تم انتخابه.
وفي المقابل، ظهر القروي مرتبكاً في بعض الأحيان، وشدد على مسائل مقاومة الفقر بالمناطق الداخلية في بلاده، بالإضافة إلى تطوير الاستثمار الرقمي في البلاد كأولوياته إن تم انتخابه، وفقاً للوكالة الفرنسية.
ولقيت المناظرة التي بُثت على نطاق واسع في المحطات التلفزيونية والإذاعية الخاصة والحكومية، متابعة من التونسيين داخل بيوتهم وفي المقاهي وعلى مواقع التواصل الاجتماعي.
«تونس الاستثناء»
وتداول تونسيون على مواقع التواصل صورة جمعت المتنافسَين وهما يتصافحان بعد المناظرة، وكتب أحدهم: «هكذا هي تونس الاستثناء» بين دول الربيع العربي.
ولرئيس البلاد صلاحيات محدودة بالمقارنة مع تلك التي تُمنح لرئيس الحكومة والبرلمان، فيتولى ملفات السياسة الخارجية والأمن القومي والدفاع أساساً.
ويدعو قيس سعيّد إلى تدعيم السلطة اللامركزية وتوزيعها على الجهات، ويرفع لواء «الشعب يريد»، ويتبنى شعارات الثورة التونسية في 2011 «شُغل.. حرية.. كرامة وطنية»، ويشدد على «كُره الوعود الزائفة»، وأن «الشعب هو من يتصور الأفكار وهو من يطبقها» للخروج من الأزمات الاقتصادية.
إلا أن القروي يبدو براغماتيا أكثر، فينطلق في وعود انتخابية على أساس إيجاد حل للطبقات الاجتماعية المهمشة، سنده في ذلك سنوات قضاها في زيارات ميدانية للمناطق الداخلية يوزع مساعدات غذائية للمحتاجين والفقراء.
مهمة صعبة
وأفرزت الانتخابات التشريعية التي جرت يوم الأحد الماضي، برلماناً بكُتل مشتتة، وتلوح في الأفق بوادر مشاورات طويلة من أجل تحالفات سياسية بينها، لأن حزب النهضة الذي حل أولاً بـ52 مقعداً، لا يستطيع تشكيل حكومة تتطلب مصادقة بـ\109 أصوات.
وقال المحلل السياسي صلاح الدين الجورشي إن «الرئيس القادم سيواجه صعوبات مع الحكومة والبرلمان».
وأضاف: «إن تمكَّن سعيّد من الفوز فستصعب عليه عملية إقناع البرلمان بالإصلاحات الدستورية التي يدعو إليها»، مضيفاً: «يجب أن يتفهم طبيعة المرحلة القادمة، ويخلق توازناً مع من سيشكل الحكومة». بينما للقروي «علاقات متوترة مع كتل برلمانية عديدة، من ضمنها النهضة».
ودعت «النهضة» قواعدها إلى التصويت لسعيّد؛ بعد أن أعلن القروي رفضه كل تحالف وتوافق معها مستقبلاً، واتهمها بالوقوف وراء سجنه.
وإثر وفاة الرئيس السابق الباجي قايد السبسي في 25 يوليو/تموز الماضي، نُظمت بالبلاد انتخابات رئاسية مبكرة في 15 سبتمبر/أيلول، على أن يتم انتخاب الرئيس قبل 25 أكتوبر/تشرين الأول الحالي، وفقاً لما ينص عليه الدستور التونسي، بمدة زمنية لا تتعدى تسعين يوماً.
وواجهت الهيئة العليا للانتخابات تحدي تقديم الانتخابات الرئاسية على التشريعية عكس ما تم إقراره في الروزنامة الأولى.
وتقام الدورة الانتخابية الثانية للرئاسية -وهي الانتخابات الثالثة خلال شهر- وتونس لا تزال تواجه تهديدات أمنية من قبل جماعات متشددة ومسلحة تنفذ هجمات استهدفت في السنوات الأخيرة سياحاً وأمنيين وعسكريين، وأثرت في قطاع السياحة الذي يمثل إحدى ركائز اقتصاد البلاد.