عروبة الاخباري- نشرت هيئة شؤون الأسرى والمحررين، أمس الاثنين، تفاصيل دقيقة وقاسية لما حدث مع الأسيرة الأردنية هبة اللبدي المضربة عن الطعام منذ 14 يومًا ضد اعتقالها الإداري، والقابعة حاليا في عزل “الجلمة” بظروف صعبة، حيث تتعرض لجملة من الانتهاكات من قبل المحققين الإسرائيليين.
ونقلت الهيئة عبر محاميتها، الإفادة الكاملة للأسيرة اللبدي لما تعرضت له على أيدي السلطات الإسرائيلية منذ لحظة الاعتقال وحتى اليوم، حيث قالت: “بتاريخ 20-8-2019 قدمت من الأردن مع أمي وخالتي لحضور زفاف ابنة خالتي.. خططت لإجازة 5 أيام مليئة بالفرح، بس الاحتلال أخذني لعالم ثاني لم أكن اتوقعه ولا بأحلامي السيئة ولا حتى بالكوابيس”.
وأضافت: “وصلنا جسر النبي حوالي الساعة التاسعة صباحًا، تم توقيفي حوالي ساعتين، بالبداية اغلقوا الباب علي وبعد صراخي عليهم تم فتح الباب، بقيت مجندة تحرسني، خلال هذه المدة تم تفتيشي تفتيش شبه عاري حيث رفضت أنزال ملابسي الداخلية 4 مرات على يد نفس المجندة، بعدها تم تعصيب عيناي وتقييد يداي بقيود بلاستيكية ورجلاي بقيود حديدية ونقلوني لقاعدة عسكرية تبعد حوالي ربع ساعة”.
وأردفت: “وصلت مركز التحقيق الساعة الثامنة مساء، كنت مرهقة كثيرًا بسبب كل المعاملة القاسية، أنزلوني درج وممرات ضيقة وكانت زنازين تحت الأرض، كانت المجندة المرافقة لي تدفعني دفعاً وتتعامل بطريقة عدوانية، ارتحت بالزنزانة حوالي نصف ساعة وبعدها اخذوني للتحقيق لغاية ساعات الفجر من اليوم التالي”.
وأوضحت بالقول: “أول 16 يوم تقريبًا كان التحقيق متواصل منذ حوالي التاسعة صباحاً لغاية الساعة الخامسة فجراً من اليوم التالي خلال هذه الساعات الطويلة ينزلوني للزنزانة مرتين أوقات وجبات الاكل كل مرة حوالي نصف ساعة فقط، بعدها تم نقلي لغرف عصافير مجدو والجلمة ومن ثم اعادوني لتحقيق بيتاح تكفا. مكثت على ذمة التحقيق حوالي 35 يوماً بظروف قاسية جدا جداً”.
وأضافت: “التحقيق كان عبارة عن تعذيب نفسي وكان عنيف جداً فمنذ نحو التاسعة صباحاً لغاية ساعات الفجر من اليوم التالي، ساعات طويلة جداً بغرفة التحقيق جالسة على كرسي مقيدة ومربوطة بالكرسي والكرسي ثابت بالأرض، الشيء الذي سبب لي آلامًا شديدة بالظهر والايدي والرقبة، المحققين كانوا يصرخون علي بصوت عالي وكانوا يجلسون شبه متلاصقين بي حيث كانت كراسيهم قريبة مني وكانوا يحيطوني وكأنهم يتعمدون ملامسة رجلي فكنت احرك رجلي وابعدها، طريقتهم مستفزة جداً، يبصقون علي ينعتوني بأقذر الصفات ويسبوني”.
وتابعت: “بعض ما قالوه لي بأنني “حقيرة، فاشلة، سافلة، صرصور، حيوانة، أنت حشرة، أنت بشعة كثير، انصرفي، راح تعفني بالزنازين، كلام قاس جدًا أول مرة أسمعه بحياتي، قالوا لي: انت متطرفة وسبوا الدين الإسلامي والمسيحي وقالوا لي إحنا اليهود جوهرة وأنتم ديانات متطرفة أنتم زبالة كلام عنصري جداً ومتطرف”.
وأوضحت اللبدي أنه تم تهديدها وضغطوا عليها بقولهم: “أنهم اعتقلوا امي واختي وهددوهم بهدف سحب اعتراف مني حيث قالوا لي اعترفي أحسنك، وبعد أن يأسوا ومحاولاتهم بائت بالفشل هددوني بالاعتقال الإداري حيث قالوا لي ما عنا دليل ضدك بس عنا الاعتقال الإداري مع صلاحية لتجديده لمدة سبع سنوات ونصف وبعدها راح نحبسك بالضفة تحت عيوننا ونمنعك تروحي الأردن ونمنع اهلك من زيارتك حاولوا الضغط علي بكل وسيلة”.
ولفتت إلى أنه “حقق معها كم كبير من المحققين.. كانت معاملتهم سيئة وتصرفاتهم سيئة جدًا وكانوا يسبون ويشتموا كان المحققون يلعبون أدوارًا فأحدهم يمثل أنه جيد والأخر سيء التعامل”.
ونوهت إلى أنهم وضعوها “بزنزانة ضيقة مليئة بالحشرات.. حيث كنت أصحو والصراصير والنمل والحشرات على ملابسي، أعطوني بيجامات رائحتها كريهة ووسخة، الحيطان إسمنتية خشنة من الصعب الاتكاء عليها، فرشة رقيقة بدون غطاء، بدون وسادة، الضوء مشعل 24 ساعة مزعج للنظر، بدون تهوية طبيعية وبدون شبابيك رطوبة عالية معطل وبدون ماء الرائحة كريهة طلبت فورة نصف ساعة، فرفضوا صراخ وتخبيط وضجة واصوات مزعجة من الزنازين المحيطة”.
وأشارت إلى أنهم “كانوا يستقصدون إهانتي واذلالي الحمام مثل القبر مكان بحجم وقوف شخص قذر ووسخ به دش ولا يوجد مكان لتعليق الملابس وبالخارج بابه يقف سجانين وسجانة يسمعون صوت الماء وكنت خائفة ان يفتح الباب في أي لحظة صابون بدون ليفة فحتى الحمام كان مقلق ومخيف هم يقولون انهم يعطون للأسرى حمام وأكل ولكن يبقى السؤال ظروف الحمام والاكل والملابس فهي مذلة ومهينة”.
ووفق اللبدي فإن “الأكل كان سيء جدًا وأنا بالأساس نباتية فمدة أسبوع أرجعت الاكل ونتيجة لذلك اصبت بالدوخة وتم نقلي للعيادة، بعدها أصبحت أكل القليل من الخبز واللبن والاشياء التي من الممكن أكلها، المحققين كانوا يتعمدون أكل كنافة وحلويات أمامي”.
وأضافت: “كلما تم نقلي من وإلى الزنزانة إذا كان لمحاكم تمديد التوقيف أو للعصافير كان يتم تعصيب عيناي وتقييد يداي بقيود عدد 2 وقيود بالأرجل عدد 2 الشيء الذي كان يسبب لي آلامًا شديدة، عدا عن تعصيب الاعين والقيود بكل مرة تم نقلي من وإلى غرفة التحقيق”.
وأشارت اللبدي إلى أن القنصل الأردني زارها بتاريخ 3-9-2019 تقريباً وبعد زيارته تم نقلي إلى لسجن الجلمة لمدة 3 أيام ولمجيدو لمدة 3 أيام بهدف انتزاع اعتراف عند العصافير، حيث كان يحضر رجال على باب الزنزانة هناك ويدعون أنهم أسرى ويقولون لي إحكيلنا اللي ما حكيتيه بالتحقيق، احنا بنحاول نساعدك، والخ، طبعاً لم يكن لدي شيء لأقوله لهم”.
ونوهت إلى أن “الظروف بمعتقل الجلمة كانت صعبة للغاية شعرت بانني ببيت بلاستيكي فالزنزانة مقابلها ساحة مغطية ببلاستيك من جميع النواحي وبدون تهوية طبيعية، رطوبة عالية بدون مكيف مروحة مزعجة كنت اضطر اطفائها بسبب الرطوبة العالية، صراصير ونمل وحشرات بكميات كبيرة جداً، الاكل على مزاج الطباخين سيء ولا يؤكل”.
وأضافت: “بعدها أخبروني بأنهم سينقلوني لسجن الدامون مع باقي الأسيرات، وصلنا الدامون انتظرت بالبوسطة ساعتين وبعدها قالوا لي بانه عندي محكمة وإذ بهم ينقلوني لسجن مجيدو حيث بقيت 3 أيام هناك، كان هناك برد شديد طلبت حرام فلم يعطوني سوى شرشف وفرشة رقيقة بدون ملف وبدون وسادة، كمية النمل التي كانت غير طبيعية وكأني اسبح بالنمل”.
تابعت: “وبعد ذلك تم ارجاعي لتحقيق بيتاح تكفا حيث صدمت عندما أعادوني للتحقيق لأنهم أعلموني بانتهاء التحقيق ونقلي للدامون، مديرة معتقل بيتاح تكفا عندما أرجعوني من عند العصافير حكتلي: “إذا ما قدرتي تتحملي الوضع وبدك مهدئات ومنوم بعطيك لأنه الكل هون بوخذ مهدئات ” فقلت لها: “اعطيهم للمحققين الذين فقدوا أعصابهم وهم يحققوا معي فهم يحتاجوه أكثر مني”.
وأردفت بالقول: “من المهم ذكره أن البوسطة قصة أخرى من المعاناة والتعذيب حيث كانوا يشغلون المكيف على درجة حرارة عالية وينزلون لاستكمال الإجراءات، كانوا يبقوني حوالي 3-4 ساعات، كنت أقول للمجندة المرافقة انه حار تقول لي انني اعلم ذلك، مكثت 9 أيام أخرى ببيتاح تكفا خلالها حققوا معي 3-4 مرات واخر 6 أيام لم يحققوا معي بالمرة وبدون سبب ابقوني بمثل هذه الظروف القاسية كنوع من التعذيب والانتقام”.
كما نوهت إلى أن “العنف النفسي اشد من العنف الجسدي فهو متعب أكثر وآثاره لا تزول وهم كانوا يتعمدون ارهاقي نفسيًا، كمية الحقد والعدوانية لم اراها من قبل كنت اشعر انني بمحددة كلها أبواب واقفال حديدية وكذلك قلوبهم من حديد، انا فقدت الإحساس بوجودي كإنسانة فهم لا يعرفون الإنسانية وقد أخبرت المحقق أن التعذيب النفسي عندهم أشد وأعظم من الجسدي فقال لي انه يعلم ذلك”.
وأضافت: “”بعد بيتاح تكفا وبتاريخ 18-9-2019 على ما أذكر تم نقلي الى قسم 3 بسجن الدامون مع الاسيرات الفلسطينيات، كل أسيرة ولها قصة ولكن صدمتي كانت كبيرة عندما رأيت الاسيرة الجريحة إسراء الجعابيص والاسيرات المصابات، قصص الاحتلال عندما تسمها من الخارج ليس كما تعيشها”.
وتابعت اللبدي: “بتاريخ 24-9-2019 تم تسليمي أمر الاعتقال الإداري لمدة 5 شهور واحتجاجاً على ذلك قمت بالإعلان عن الاضراب المفتوح عن الطعام، إدارة وضابط مخابرات سجن الدامون حاولوا اقناعي بالعدول عن الخطوة فرفضت وقلت لهم ان مأساة الاعتقال الإداري يجب ان تنتهي وانا ذاهبة للنهاية فإما النصر وإما الموت وإذا مت اشبعوا باعتقال جثتي إداري لمتى شئتم”.
وأردفت بالقول: “يوم الخميس 26-9-2019 تم نقلي كعقاب على الاضراب الى زنازين الجلمة، اقبع بزنزانة بها 4 كاميرات مراقبة، لا أستطيع تبديل ملابسي، الحمام بابه من زجاج وفقط يوجد منطقة عازلة لمنطقة الاكتاف لغاية الافخاذ أي من فوق وتحت مكشوف، المنطقة العازلة للرؤية هي منطقة منتصف فمنطقة الارجل مكشوفة ايضاً، أما المرحاض فهو قبالة الكاميرا وزجاجي ولكني اغطيه بالشرشف اما الحمام فلا يوجد مكان لوضع شرشف لتغطيته لهذا منذ 4 أيام وأنا بنفس الملابس ولا أستطيع الاستحمام بسبب عدم الخصوصية وانتهاكها الصارخ”.
ولفتت إلى أنها طلبت قران كريم وفراش صلاة، “بالبداية رفضوا وبعد ان اخبرتهم بانه من حقي ممارسة شعائري الدينية وبأنني سوف أخبر منظمات حقوق الانسان تم إحضار لي قران كريم من أغراضي التي حملتها من سجن الدامون والتي حرموني منها بمعتقل الجلمة، تم حرماني من جميع اغراضي فهي موجودة عندهم ولكن لم يعطوني إياها، فأنا بنفس الملابس ونفس الملابس الداخلية”.
وأشارت إلى أن إدارة السجن منعتها من الخروج للفورة، ولفتت إلى “تفتيشات بشكل كبير ومستفز تصل أحياناً الى 5-6 تفتيشات باليوم هذا غير وقت العدد وبالرغم من وجود 4 كاميرات مراقبة، ضغط نفسي كبير”.
وأشارت إلى أنها لم تكن تنام جيدًا “فنومي متقطع بسبب الازعاج فهو معتقل جنائي بالأساس ازعاج، صراخ وقرع أبواب، الإدارة تدخل للتفتيش متى تشاء ومعهم رجال مع سجانة ولكن ليس مريح لي ان يدخلوا وانا نائمة فلا يوجد احترام وخصوصية كوني أنثى”.
وأضافت: اليوم تم عرضي على طبيب العيادة بالسجن كنت اعاني من نبضات قلب سريعة، نقص شديد بالأملاح، أوجاع معدة شديدة، بالبداية رفضوا اعطائي ملح ولكن بعد فحص العيادة أقروا بإعطائي ملح بالكمية التي يتم تحديدها من قبلهم”.
وختمت اللبدي حديثها: “ما عانيته بالتحقيق وظروف الاعتقال لغاية اليوم من بشاعة وفظاعة وقساوة هو شيء كنت اعتقد انه خيالي ولكنني عشته وهو شيء غير طبيعي وظلم كبير، كنت اسمع عن معاملتهم ولكن ليس بالحجم الذي عشته وجربته فهو أكبر ظلم للإنسانية لذلك الموت ولا المذلة”.