إصرار الرئيس الأمريكي ترامب على الاستمرار باستهداف فلسطين قيادة وأرضا وشعبا ووطنا وهوية يثير الحيرة والاستغراب والاستهجان عن دوافع هذا الحقد بحق فلسطين والانحياز الاعمى ” المخالف لكل القيم الامريكية بل الانسانية” لدولة الإحتلال والعدوان الصهيوني ؟
ولكن الإجابة واضحة كل الوضوح لدى فلسطين شعبا وقيادة ولدى جميع المفكرين والمحللين والقوى السياسية والمجتمعية الحرة على إمتداد العالم.
يمكننا تقسيم العوامل والدوافع لتبني سياسته إلى عناوين عدة :
أولا : دوافع ذاتية وسياسية.
ثانيا : دوافع وعوامل انقلابية على الشرعة الدولية.
ثالثا : الانتخابات الإسرائيلية .
دوافع ذاتية وسياسية :—
من هذه العوامل والدوافع :
● شكلت البنية الشخصية للرئيس ترامب ” الذي لم يعتد ان يقال له لا في اثناء تسيير اعماله التجارية وصفقاته” أحد العوامل الرئيسية لاستهداف من يعارضه أو يواجهه بكلمة لا أو يرفض تنفيذ افكاره او تعليماته مستنسخا ذلك في أسلوب إدارته شؤون أمريكا الداخلية وعلاقتها مع العالم .
● غياب وضعف الخبرة السياسية قبل وصوله المفاجئ لسدة الرئاسة وبعدها .
● شغفه بتسجيل إنجاز سياسي دولي عجز عنه رؤساء سابقون يدخله التاريخ.
● الفشل الذريع بتحقيق أي إنجاز على صعيد الملفات السياسية الخارجية مما دفع به للظن أن الملف الفلسطيني هو الحلقة الأضعف التي تمكنه من تسجيل هدف ذهبي لصالح الكيان الصهيوني الإرهابي ويعزز غروره.
الإنقلاب على الشرعة الدولية : —
إيمانه بأن امريكا لم تعد عظيمة وتبنيه شعارات أمريكا أولا ولتعد امريكا عظيمة لجأ إلى اعتماد سياسة محاولة إخضاع دول العالم سياسيا واقتصاديا بالعصا والجزرة وهذا لا يمكن تحقيقه إلا بالانقلاب على ميثاق الأمم المتحدة والأسس التي بنيت عليها في تنظيم العلاقات بين أعضاءها من جهة وترسيخ الأمن والسلم الدوليين من جهة آخرى.
كما لم يكتف بذلك بل انقلب على القيم الامريكية المتعارف عليها من حرية وعدالة وحقوق إنسان لتتحول إلى ابتزاز وظلم وتعسف وتنكر للإعلان العالمي لحقوق الإنسان وللشرعة الدولية .
كما انقلب على دولة المؤسسات والتزاماتها الدولية وما الموقف من فلسطين إلا نموذج لذلك.
الانتخابات الإسرائيلية : —
نتيجة لما تقدم فقدت امريكا إلى حد كبير حلفائها التاريخيين فلم يبقى حليف استراتيجي لأمريكا برئاسة ترامب سوى” منظره” مجرم الحرب نتنياهو الذي يتقاسم معه الغرور والعنجهية والعنصرية والسادية وعدم الإيمان بالشرعة الدولية كمرجعية بل وضرب عرض الحائط بها .
إذن من البديهي أن يلجأ ترامب إلى توظيف إمكانيات الولايات المتحدة الأمريكية ونفوذها من خلال البيت الأبيض ومؤسسات الدولة وتسخيرها لصالح الحملة والمعركة الانتخابية لصديقه وحليفه واستاذه ” الذي سيجلب له الويلات ” نتنياهو الذي أخفق بتشكيل حكومة إثر انتخابات الربيع في محاولة لإنقاذ مستقبله السياسي وانتشاله من قضايا الفساد التي تلاحقه على أمل أن يساعده في حملته الانتخابية العام القادم.
إذن هذا ما يفسر دوافع جميع سلسلة القرارات التي اتخذها بدأ بقرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة وصولا إلى القرار الأخير بإسقاط صفة أراض محتلة عن الأراضي الفلسطينية وإسقاط مصطلح اراض السلطة الفلسطينية من المواقع الرسمية الأمريكية هذا القرار الذي يعني ويعد الايذان ببدأ محطة ثانية من فصول مؤامرة الثنائي نتنياهو ترامب الهادفة إلى تصفية القضية الفلسطينية عبر فرض أمر واقع سياسي وجغرافي مستند الى نتائج العدوان بالقوة العسكرية.
يمكننا تقسيم محطات المؤامرة إلى محطات :
الأولى : ممارسة ضغوط سياسية واقتصادية ومالية على الشعب الفلسطيني وقيادته.
الثانية : إنكار الهوية الفلسطينية الثالثة : لردة عن القرارات الدولية .
المحطة الأولى :
تمثلت المحطة الأولى من المؤامرة في :
– ترسيخ الانقسام عبر أدوات إقليمية وما التنصل من تنفيذ اتفاق 12 تشرين أول بتشجيع ودعم تلك القوى إلا دليل على ذلك.
– حملة التشكيك بالشرعية الفلسطينية.
– الضغط الإقتصادي والمالي في محاولة لتأجيج الرأي العام الفلسطيني عله ينتفض ضد المواقف الاستراتيجية التي تبنتها القيادة الفلسطينية بزعامة الرئيس محمود عباس برفض صفقة القرن .
– دعم السياسة العدوانية للقيادة الصهيونية بمصادرة المزيد من الأراضي الفلسطينية وبناء المستوطنات وارتكاب الانتهاكات التي ترقى لجرائم ضد الإنسانية وخاصة في مدينة القدس .
– محاولة تعديل المبادرة العربية التي تشترط إنهاء الإحتلال الإسرائيلي قبل أي تطبيع مع الكيان الصهيوني التوسعية.
المحطة الثانية :
بعد فشل المحطة الأولى بتحقيق أهدافها بانتزاع موافقة القيادة الفلسطينية على مؤامرة صفقة القرن أو على اقل تقدير الكف عن استراتيجية القيادة الفلسطينية بالعمل على حشد جبهة عربية وإسلامية ودولية داعمة لحق الشعب الفلسطيني بإنهاء الإحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية ” المستقلة على حدود الرابع من حزيران لعام 1967 “وعاصمتها القدس لجأت الإدارة الأمريكية إلى الانتقال إلى المحطة الثانية من استهداف فلسطين أرضا وشعبا وما قرارها بإسقاط إسم فلسطين والأراضي الفلسطينية المحتلة واراض السلطة الفلسطينية من مواقعها الرسمية والتعميم على السفارات للتقيد بمضمون ذلك إلا ايذان ببدء المرحلة الثانية التي تهدف إلى :
– دعم مجرم الحرب نتنياهو وعصابته في معركته الانتخابية التي ستجري منتصف شهر أيلول القادم .
– دعم سياسة اليمين الصهيوني الأكثر عنصرية وتطرفا التي تنكر وجود شعب فلسطيني من حيث الأساس وبالتالي تنكر حقه بالوجود على أرضه وفي وطنه التاريخي وممارسة حقه بتقرير المصير.
– القفز عن جميع القرارات الدولية الصادرة عن الأمم المتحدة (مجلس الأمن والجمعية العامة والمؤسسات المختلفة ) وخاصة قرار الجمعية العامة رقم 273 الذي اشترط تنفيذ القرارين 181 و194 كشرط لقبول إسرائيل عضوا في الأمم
– إلغاء مخرجات إتفاق أوسلو الذي وقع برعاية أمريكية وشكل مرجعية انتقالية تهدف للوصول إلى حل عادل للقضية الفلسطينية ينتهي بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وضمان ممارسة حق العودة للاجئين الفلسطينيين استنادا للقرارات الدولية ذات الصلة.
أما البعد الأكثر خطورة في قراءة المحطة الثانية فإنه بتقديري يتمثل في :
– الإعتراف الضمني بسيادة ” إسرائيل ” على كامل الأراضي الفلسطينية المحتلة إثر عدوان حزيران عام 1967 مما يعني إضفاء شرعية امريكية على جرائمها السابقة واللاحقة بحق فلسطين شعبا وارضا .
– سحب الإعتراف فعليا وعمليا بحق الشعب الفلسطيني بتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة.
– التعامل مع الشعب الفلسطيني داخل الأراضي المحتلة عام 1967 كسكان وليس كشعب يرضخ تحت نير الإحتلال ويناضل سلميا من أجل الحرية والاستقلال.
– إلغاء ميثاق الأمم المتحدة والقرارات الدولية كمرجعية أساسية لإنهاء الإحتلال واستبدالها بمبدأ وشريعة القوة والعنجهية مما يهدد الأمن والإستقرار.
– ترسيخ الإحتلال الإسرائيلي الدائم للأراضي الفلسطينية والعمل على فرض ربط إدارة شؤون السكان إلى دول محيطة بفلسطين.
إذن هذا القرار الامريكي الخطير يشكل تهديدا ليس لفلسطين فحسب وإنما لدول عربية مجاورة وبعيدة على حد سواء مما يتطلب موقفا إقليميا من حيث المبدأ رافضا لجميع القرارات الأمريكية لإدارة ترامب المتعلقة بفلسطين وصولا لموقف عربي وإسلامي ودولي داعم لحقوق الشعب الفلسطيني ورافضا لموقف الرئيس ترامب وإدارته بضرب عرض الحائط بالشرعة الدولية وانحيازه الاعمى لسياسة نتنياهو الإرهابية .
حان وقت العمل والإجراءات والأفعال من المجتمع الدولي المؤمن بالحرية وتصفية الاستعمار فهذا التحدي للانتفاض في وجه التفرد والظلم والهيمنة وإلا فإن الكرة ستصل الجميع.
أما الشعب الفلسطيني المناضل لن يتخلى عن برنامجه الوطني المرحلي بإنهاء الإحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس على كامل حدود 4 حزيران.
الشعب الفلسطيني يلتف ويدعم ويثق ثقة مطلقة بالقيادة الفلسطينية برئاسة أبو مازن الذي أثبتت الأحداث حكمته وشجاعته وصلابته بالتصدي لكافة أشكال المؤامرات التي تستهدف فلسطين أرضا وشعبا ووطنا وهوية .
فالقيادة الفلسطينية لمنظمة التحرير الفلسطينية بمؤسساتها (اللجنة التنفيذيةوالمجلس المركزي والمجلس الوطني إضافة إلى الحكومة الفلسطينية ) مدعومة من قوى الشعب الفلسطيني تتحلى برؤية وإرادة وإصرار على المضي بالنضال بكافة الوسائل السلمية دون كلل أو ملل حتى التحرير وإنهاء الإحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة بإذن الله.