تعتبر الزراعة الاكثر جدوى وأمانا للاردنيين في ظل الظروف الاقتصادية التي نجتازها بصعوبة، تاريخيا كانت الزراعة مكون رئيسي في تلبية إحتياجات المستهلكين من السلع الغذائية، وتساهم في التشغيل وترفد الاقتصاد بالعملات الصعبة، وكانت ولا زالت المنتجات الزراعية مرغوبة في الاسواق المحلية واسواق التصدير، وفي حال الاهتمام بالقطاع يمكن ان يزيد من مساهمته في هيكل الصادرات وزيادة العوائد على الاستثمار الزراعي، ويزيد نسبة الاكتفاء الذاتي باستثناء الاغذية التي لا يمكن زراعتها مثل الارز والسكر والزيوت النباتية المكثفة للمياه.
تعامل الحكومات مع القطاع الزراعي غير منصف إذ لا تراعي اهمية القطاع اقتصاديا واجتماعيا، فالسياسات المالية الحكومية تفرض الرسوم والضرائب والجمارك على المعدات الزراعية والبذور والاسمدة والمبيدات والثروة الحيوانية والدواجن والاسماك، وهذه مجتمعة وإن كانت متدنية نسبيا الا انها تثقل المزارعين والزراعة، وتحد من قدرتهم على النمو.
في الدول المتقدمة والناشئة على حدا سواء تعفي القطاع الزراعي والثروة الحيوانية من الجمارك والضرائب بشكل كامل، وفي دول اخرى تقدم له دعما سخيا، وتقدم تمويلا ميسرا للمشاريع الانتاجية وتقدم المشورة وخلاصة الابحاث وإستخدامات الهندسة الزراعية وتربية الثروة الحيوانية والدواجن والسمكية، وتحفيز المنتجات الغذائية، وفرض رسوما جمركية وضريبية على المستوردات الغذائية لإتاحة الفرص للمنتجات الوطنية.
الاردن لديه قدرة تنافسية في المنتجات الزراعية حقيقية خصوصا في الزراعة اللاموسمية من اصناف متعددة من الخضار بشكل اساسي في الاغوار والمناطق الشفى غورية ومناطق شمال وشرق المملكة، وزيت الزيتون، اما الزراعة الاستراتيجية المهملة هي زراعة الحبوب في مقدمتها القمح في الشمال وحوض الديسى بحجج واهية منها نقص المياه، علما بأن زراعة الحبوب بتوظيف مرفق تقنيات الزراعة الحديثة يمكن ان تغطي نسبة مهمة من الاستهلاك المحلي وتوفر منتجات آمنة ولها قيمة تغذوية عالية، ومن المنتجات الثانوية لزراعة القمح زيادة الثروة الحيوانية ومنتجات الالبان فالخبز ومنتجات الالبان توفر جانبا مهما وصحيا من قوت الناس.
التمويل معضلة حقيقية يواجهها المزارعون فالتعامل التقليدي في تمويل المزارعين والفوائد المصرفية المركبة ترهقهم لذلك نجد اكثر من 18 الف مقترض زراعي يعانون الملاحقة قضائيا، وهذه مصيبة حقيقية، فالحاجة تستدعي وضع اليات تمويل حقيقية تسعف المزارعين وتساعدهم في الازمات بتأسيس صندوق لتعويض المزارعين في الازمات وتجنبهم من الافلاس في حالات الجفاف و/ او الصقيع والفيضانات.
وفي نفس السياق ان وضع اليات لتغير النمط الزراعي والابتعاد عن الزراعة المكثفة للمياه كالموز والبطيخ والحمضيات والاكتفاء بإنتاج يكفي الإحتياجات المحلية، ومساعدة المزارعين للزراعة بالعقود التصديرية، وإطلاق شركات مشتركة للتسويق والتصدير، وكسر حلقات الاحتكار التي تربح اكثر مما يكسب المزارعين..مرة اخرى الزراعة ملاذ الاردنيين.
الزراعة ملاذ اقتصادي آمن – خالد الزبيدي
9
المقالة السابقة