عروبة الإخباري – قال تقرير أمريكي إن صناعة الطيران وتحديدا مسارات الرحلات الجوية في منطقة الشرق الأوسط تواجه “خطرا بالغا”، في ظل التوترات الحالية، خاصة بعدما أسقطت إيران طائرة أمريكية بدون طيار، ما هدد بنشوب صراع بين إيران والولايات المتحدة.
وتصاعد التوترات بين البلدين يجعل من الصعب للغاية على شركات الطيران أن تحلق فوق منطقة الشرق الأوسط. وهي منطقة حدودها الجوية مشتعلة بالفعل بسبب الأوضاع السياسية أو الحروب. وبحسب تقرير نشرته شبكة “سي إن إن” الإخبارية الأمريكية، فقد جاءت الضربة الأخيرة لصناعة الطيران العالمية يوم الخميس الماضي عندما أسقطت إيران طائرة استطلاع أمريكية مما دفع إدارة الطيران الفيدرالية إلى منع شركات الطيران الأمريكية من التحليق فوق أجزاء من الخليج وبحر العرب. وقالت الشبكة الأمريكية في “تقرير استشاري” إنها تشعر بالقلق من تصاعد الأنشطة العسكرية وزيادة التوترات السياسية في المنطقة بعد أن استخدمت إيران صاروخ أرض جو لإسقاط الطائرة، والتي كانت تحلق بالقرب من المسارات الجوية المدنية.
وجاء رد فعل شركات الطيران سريعا؛ حيث ألغت الخطوط الجوية المتحدة (UAL) رحلاتها الجوية بين الهند ونيوآرك (بولاية نيوجيرسي) حتى الأول من سبتمبر، بينما قالت شركات كانتاس والخطوط الجوية البريطانية وكيه إل إم ولوفتهانزا إنها ستجري تغييرات في مسار بعض الرحلات الجوية المتجهة إلى مراكز رئيسية في دبي والدوحة وأبو ظبي، وكذلك بالنسبة للطائرات التي تعبر المنطقة على مسارات من وإلى آسيا.
وترى الشبكة الأمريكية أن الوضع معقد بشكل خاص بالنسبة لطيران الإمارات والاتحاد للطيران والخطوط الجوية القطرية، التي تدير عددًا كبيرًا من الرحلات الجوية الطويلة من مطارات على طول الخليج. وقالت طيران الإمارات إنها تعيد توجيه جميع الرحلات الجوية بعيدا عن “مناطق النزاع المحتمل” وستجري تغييرات إضافية إذا لزم الأمر. وقال طيرن الاتحاد إنها “وافقت على تغيير عدد من مسارات الرحلات الجوية التي نديرها من وإلى الخليج العربي”.
ارتفاع التكاليف والمخاطر
بالنسبة لشركات الطيران التجارية وشركات الشحن، فإن قيود الرحلات الجوية تعني أن تقطع مسافة أطول وتكلفة أكبر من حيث الوقت والمال. وليس هناك مكان في العالم أكثر اضطرابًا من الشرق الأوسط.
وتجنبت الخطوط الجوية التحليق فوق سوريا خلال السنوات الأخيرة؛ حيث ظلت خالية من المجال الجوي الذي تحرسه الطائرات العسكرية. لكنها أيضًا، في نقاط مختلفة، تجنبت أجزاء من إيران والعراق. وخرجت الحرب الأهلية في اليمن عن نطاقها المحلي، وأطلق الحوثيون صاروخا على قاعة الوصول بأحد المطارات السعودية، كما تتجنب الخطوط الجوية شمال سيناء بمصر، حيث يقاتل الجيش هناك الجماعات المتطرفة.
وقال مارك زي مؤسس OpsGroup، وهي منظمة تراقب المجال الجوي لشركات الطيران الأعضاء والمراقبين: “لم يكن الشرق الأوسط أكثر تعقيدًا من قبل لمشغلي الطائرات… لقد أصبح الأمر أكثر تعقيدًا خلال الأشهر الستة الماضية. بغض النظر عن الطريق الذي نحاول أن نسلكه، فإنه يتم قطع الطريق”.
ومع ذلك، لا يزال هناك عدد كبير من الرحلات الجوية من المطارات الأوروبية مثل لندن وأمستردام وفرانكفورت تعبر منطقة الشرق الأوسط في طريقها إلى وجهات آسيوية مثل بانكوك وسنغافورة.
ويضيف زي: “إنه حجم هائل من حركة المرور.. لكن ليس هناك الكثير من البدائل”.
وارتفعت تكاليف شركات الطيران التي تنفق 180 مليار دولار سنويا على وقود الطائرات نظرا لاضطرارها لقطع أميال إضافية لتجنب مناطق الصراع، فنصف ساعة إضافية في الهواء تتكرر على مدار عام يعني ملايين الدولارات من التكاليف الإضافية. وأشار زي إلى الرحلات الجوية بين أمستردام ونيودلهي لتوضيح التأثير السلبي، فعادةً ما تحلق الرحلات الجوية بين المدينتين فوق باكستان، لكن العديد منها كانت تجوب البلاد بسبب المناوشات المسلحة مع الهند. أضف إلى ذلك قرب إيران من هذا المسار، ما يعني أنه قد يكون من الضروري الآن التحول نحو مسار آخر.
تجربة سابقة
ودفع إسقاط رحلة الخطوط الجوية الماليزية رقم 17 في عام 2014 شركات الطيران والهيئات التنظيمية إلى تعزيز سلامة الطيران فوق مناطق النزاع. وفي هذه الحالة، قُتل 298 شخصًا عندما أسقط صاروخ الطائرة أثناء تحليقها فوق جزء من شرق أوكرانيا والذي يسيطر عليه انفصاليون موالون لروسيا.
وقررت بعض شركات الطيران بالفعل أن الطيران فوق تلك المنطقة كان محفوفًا بالمخاطر، وكانت تتجنب ذلك عندما تم إسقاط الطائرة الماليزية. لكن ضعف مشاركة المعلومات بين شركات الطيران والهيئات التنظيمية والحكومات تعني أن بعض شركات النقل واصلت إرسال الرحلات الجوية فوق شرق أوكرانيا.
وتطبق الصناعة الآن بعض الدروس المستفادة من تلك الكارثة. ففي إشعار أرسل إلى شركات الطيران الخميس الماضي، قالت إدارة الطيران الفيدرالية الأمريكية إن طلبات تتبع الرحلات الجوية تشير إلى أن أقرب طائرة مدنية كانت على بعد 45 ميلًا من الطائرة الأمريكية المسيرة التي أسقطتها إيران. وأضافت الوكالة أن النظام الصاروخي الذي يستخدمه الإيرانيون كان من المحتمل أن يصل إلى 60 ألف قدم، أي ضعف ارتفاع الطائرات النفاثة التجارية تقريبًا.
وقال زي إن الإجراء السريع الذي اتخذته الجهات التنظيمية وشركات الطيران هذا الأسبوع قد يمنع وقوع كارثة أخرى. وأضاف “في غضون 24 ساعة، كانت معظم شركات الطيران الكبرى توقفت جميعها عن التحليق فوق هذه المنطقة”. وتابع “إذا كان هناك جانب مشرق من الأخبار، فهذه هي السرعة التي تتخذ بها شركات الطيران قرارات تستند إلى المخاطر لتجنب مجال جوي ما”.