عروبة الإخباري -كذَّب النائب العام السوداني الوليد سيد أحمد، السبت، المجلس العسكري الحاكم، ونفى مشاركته في قرار فض الاعتصام أمام مقر الجيش في العاصمة الخرطوم، في 3 يونيو/ حزيران الحالي، الذي أدى إلى سقوط مئات الضحايا بين قتيل وجريح.
وقال سيد أحمد في مؤتمر صحافي، خلال عرض نتائج التحقيق بشأن فضّ اعتصام الخرطوم، “لسنا جزءاً من قرار فض الاعتصام”.
وأضاف: “سأستقيل إذا تدخلت أي جهة في عملي”.
وأضاف: “أوفدنا ثلاثة من وكلاء النيابة للمشاركة في تنظيف وإخلاء منطقة كولومبيا بشارع النيل، ولم يتم إطلاق رصاصة واحدة بحضور وكلاء النيابة العامة”.
وفي الوقت عينه أكد النائب العام السوداني، رفضه إجراء تحقيق دولي في أحداث فضّ الاعتصام.
ومن جهة أخرى، أعلن أنّ النيابة العامة ستقوم بتقديم الرئيس المخلوع عمر البشير إلى المحاكمة، الأسبوع المقبل.
من جهته، تحدّث وكيل النيابة صلاح مبارك، خلال المؤتمر الصحافي، عن فض اعتصام الخرطوم، وقال: “طلبنا من القوات الأمنية عدم إطلاق النار في فض منطقة كولومبيا”.
وأضاف: “انسحبنا مباشرة من منطقة كولومبيا بمجرد سماع أصوات الرصاص”.
وكان المتحدث باسم المجلس العسكري شمس الدين كباشي، قد أفاد، الخميس، بمشاركة النائب العام ورئيس القضاء في الاجتماع الأمني، بشأن فض اعتصام الخرطوم.
وأعرب كباشي، عن “أسفه” لوقوع المجزرة، معلناً أنّ الخطة كانت تقضي بإخلاء منطقة قريبة من موقع الاعتصام، “ولكنّ بعض الأخطاء والانحرافات حدثت”.
ويدّعي المجلس العسكري بأنّه لم يستهدف فض الاعتصام في الخرطوم، وإنّما داهم “بؤرة إجرامية” في منطقة كولومبيا قرب مقره.
ولاحقاً اليوم السبت، أعلن جهاز القضاء في السودان، أنّه لم يكن طرفاً في عملية فض الاعتصام، تعقيباً على تصريح كباشي بأنه تم التشاور مع كل من رئيس القضاء والنائب العام، قبل إخلاء منطقة كولومبيا في الخرطوم.
وقال الجهاز، في بيان، وفق ما ذكرته “الأناضول”، “أعقب ذلك التداول والتأويل الخاطئ لهذه العبارة على نحو يسيء إلى السلطة القضائية، ويقحمها في أمر لم تكن طرفاً فيه، وهو قرار الإخلاء وتنفيذه، والقول بأن السلطة القضائية فقدت حيادها واستقلالها”.
وأوضح جهاز القضاء أنّه “تمت دعوة رئيس القضاء (يحيى الطيب أبوشورة) لحضور اجتماع بوزارة الدفاع دون توضيح جدول أعماله، وكان ذلك مساء 25 مايو/ أيار 2019”.
وتابع: “لبى رئيس القضاء الدعوة إلى الاجتماع بحضور رئيس ونائب وأعضاء المجلس العسكري ومدير عام قوات الشرطة ومساعديه، ومدير جهاز الأمن والمخابرات، والنائب العام”
وأردف: “في الاجتماع قال المجلس العسكري إنه بصدد إخلاء منطقة كولومبيا لدواعٍ أمنية. وحرفياً ذكر نائب رئيس المجلس العسكري أن سيتم الإخلاء وفقاً للقانون وبصورة حضارية. ومن ثم طلب المجلس الرأي القانوني من رئيس القضاء والنائب العام”.
وأضاف القضاء أنّ “رئيس القضاء أوضح أنّ الاختصاص ينعقد للنيابة العامة والشرطة، وفقاً لقانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991، وأن السلطة القضائية غير مختصة بهكذا إجراءات، وإنما بالخصومات والنزاعات”.
وأوضح أنّه “بهذا التأكيد أذن رئيس المجلس العسكري (عبد الفتاح البرهان) لرئيس القضاء بمغادرة الاجتماع”.
لجنة تحقيق تحمل “ضباطاً” مسؤولية الفض
من جانبها، أعلنت لجنة تحقيق تابعة للمجلس العسكري الانتقالي، مساء السبت، ضلوع “ضباط برتب مختلفة” في فض الاعتصام أمام مقر قيادة الجيش بالعاصمة الخرطوم.
وقالت اللجنة، في بيان متلفز: ثبتت مسؤولية ضباط برتب مختلفة (لم تعلنها) عن إخلاء ساحة الاعتصام، دون أن يكونوا ضمن القوة المكلفة بتنفيذ خطة تنظيف منطقة كولومبيا (قرب الساحة).
وألمحت إلى أن عملية الفض لم تكن بأمر من المجلس العسكري بقولها إن الضباط “دخلوا مقر الاعتصام من دون تعليمات من الجهات المختصة”.
واستمعت لجنة التحقيق إلى شهود من ضباط وضباط صف وجنود ومدنيين من ميدان الاعتصام، وقالت اللجنة: هناك جانب من التحقيق يتطلب تقارير مفصلة من الجهات المختصة بمجال الطب العدلي والأدلة الجنائية وإحصاءات من النيابات المختلفة وتقارير من أقسام الشرطة بمحليات ولاية الخرطوم التي رصدت الأحداث.. لكن رغم استعجال اللجنة لها إلا أنها لم تصل إلينا حتى الآن.
وأعربت عن التزامها بسرعة تحديد المسؤوليات المباشرة عن الأحداث في كل المستويات، وتقديم كل من يثبت اشتراكه في تلك الجرائم إلى محاكمة علنية ومفتوحة.
وتشكلت تلك اللجنة بقرار من كل من رئيس المجلس العسكري والقائد العام للجيش الجيش، وهي برئاسة ضابط برتبة لواء حقوقي، وعضوية 5 ضباط قانونيين.
المجلس العسكري يدّعي “التفويض الشعبي”
في المقابل، ادعى نائب رئيس المجلس العسكري في السودان، الفريق أول محمد حمدان دقلو “حميدتي”، السبت، أنّ المجلس يمتلك “تفويضاً شعبياً” بتشكيل حكومة تكنوقراط.
وخلال تجمع شعبي شمالي العاصمة الخرطوم، قال “نريد تشكيل حكومة كفاءات وتكنوقراط، و(هذا) الحشد الجماهيري بمثابة تفويض شعبي”.
وأضاف “حميدتي”، بحسب ما نقلته “الأناضول”، “لا نريد الاستمرار في السلطة، وفاهمين اللعبة السياسية جيداً من خلال دعوتهم إلى فترة انتقالية 4 سنوات لحكم السودان من دون انتخابات”.
وتابع: “صورتنا مشوهة هذه الأيام، لكن هذه الحشود البشرية في منطقة قري شمالي الخرطوم تؤكد أننا نسير في الطريق الصحيح”.
وأردف: “نسعى إلى التفاوض لتنفيذ رغبات الشعب (…) سنتواصل مع كل من ساهموا في الثورة الشعبية، وليس من حق أي جهة حكم السودان، إلا بموجب تفويض”.
وقال “حميدتي”: “هذه الأيام نحل في أزمة بالسودان، ولن نخوض في تفاصيلها إلى حين اكتمال التحقيقات”، واتهم سفراء دول في الخرطوم (لم يسمها) بالتآمر ضد السودان.
وتابع “سنكشف خلال الأيام القادمة عن معلومات أمنية واستخباراتية لاجتماعات داخل الخرطوم تكشف حجم المخططات”.
واعتبر أنّ قوات “الدعم السريع” التابعة للجيش، والتي نفّذت مجزرة فضّ اعتصام الخرطوم، “لا تنتمي إلى حزب سياسي، وتعرضت لظلم وتشويه، وساهمت في التغيير الحقيقي بالسودان”، على حد قوله.
ويرفض المجلس العسكري تولي حكومة مدنية الفترة الانتقالية، بينما تحمل قوى “إعلان الحرية والتغيير” قوات “الدعم السريع” مسؤولية سقوط 118 قتيلاً خلال مجزرة فض اعتصام الخرطوم، في حين اعترفت السلطات بسقوط 61 قتيلاً.
وكان اعتصام الخرطوم الذي بدأ في 6 إبريل/ نيسان الماضي، سبباً في إطاحة الجيش بالرئيس البشير في 11 إبريل/ نيسان، بعد مظاهرات شعبية اندلعت في 19 ديسمبر/كانون الأول الماضي، بداية احتجاجاً على غلاء الأسعار.