عروبة الإخباري – في مقال رأي نشرته صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية اعتبر صائب عريقات كبير المفاوضين بمنظمة التحرير الفلسطينية أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لا تريد تحقيق السلام في فلسطين، بل إنها تريد استسلام الفلسطينيين أمام أي خطة تضعها وتزعم أنها لتحقيق السلام.
ويقول إن هناك ادعاء بأن هذه الخطة ستنهي الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وأنها تركز على الأبعاد الاقتصادية، وأنها تمثل فرصة للطرفين. لكن التسريبات التي نشرت حتى الآن لم تتضمن معالجة أي من القضايا الرئيسية الحقيقية مثل إنهاء الاحتلال الإسرائيلي الذي بدأ عام 1967 والحفاظ على حقوق الفلسطينيين المعترف بها دوليا.
ويضيف عريقات أنه إذا لم تتطرق خطة إدارة ترامب لحل هذه القضايا بشكل مباشر فلن تمثل أي أمل للفلسطينيين. وانطلاقا من التصريحات والإجراءات الصادرة من إدارة ترامب حتى الآن ليس ثمة سبب للاعتقاد بأن خطة السلام المفترضة ستكون نقطة انطلاق للسلام. وأعلنت الإدارة أنها ستعقد اجتماعا في يونيو المقبل في البحرين تحت عنوان “السلام من أجل الازدهار” لتحل محل المفهوم التاريخي “الأرض مقابل السلام”. ويؤكد الكاتب أنه لا ازدهارا اقتصاديا في فلسطين بدون إنهاء الاحتلال.
ويوضح الكاتب أن لا شيء من هذا يجب أن يمثل مفاجأة، فقد انخرط الفلسطينيون- بما فيهم الكاتب نفسه- في المحادثات مع إدارة ترامب لعدة أشهر. وقرر الأمريكيون بعد ذلك مباشرة الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل في انتهاك صارخ لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 478 والتزامات الولايات المتحدة المعلنة بعملية السلام.
وتدعي إدارة ترامب أنها تعيد اختراع الوساطة الدولية، في حين ان مفهوم “الوسيط المتحيز” قد استخدم في بعض المفاوضات للحصول على تنازلات من الطرف الأقرب للوسيط، لكن على في المقبلا تنوي إدارة ترامب مطالبة إسرائيل بتنازلات هامشية. فواشنطن لن تطلب من إسرائيل إنهاء السيطرة العسكرية على أرض وشعب فلسطين، في حين أن ما تسعى إليه إدارة ترامب ليس اتفاق سلام بل إعلان الفلسطينيين الاستسلام.
ويدعي أعضاء فريق ترامب في الشرق الأوسط أنهم يرغبون في تعزيز الاقتصاد الفلسطيني وتحسين حياة الفلسطينيين، لكن النمو الاقتصادي لا يمكن أن يكون أبدا بديلا عن الحق في العيش بكرامة وإنهاء الاحتلال العسكري والقمع في فلسطين. ويؤكد عريقات في المقالة أن العقبة الرئيسية أمام النمو الاقتصادي واضحة وهي الاحتلال الإسرائيلي. وقد تم توثيق ذلك مرارا وتكرارا في تقارير الأمم المتحدة والبنك الدولي. ومع ذلك فإن مبعوث ترامب إلى الشرق الأوسط يلوم الحكومة الفلسطينية طول الوقت لتدهور الوضع الاقتصادي، حتى مع استمرار سيطرة إسرائيل على موارد فلسطين الطبيعية وحدودها بما في ذلك عزل القدس الشرقية المحتلة والحصار المفروض على قطاع غزة.
ويقول جاريد كوشنر صهر الرئيس ترامب وأحد مهندسي الخطة، إن الإدارة لا تريد أن تذكر “حل الدولتين”، وبالطبع فإنها لا تريد أن تذكر البديل: دولة ديمقراطية واحدة مع حقوق متساوية لجميع مواطنيها. ويرى الكاتب أنه إذا كانت إدارة ترامب لا تريد التحدث عن حل الدولتين على حدود 1967 أو عن دولة ديمقراطية واحدة للجميع، فإن ما تتحدث عنه هو فرض “واقع الدولة الواحدة” وهي إسرائيل، والسيطرة على كل شيء مع فرض نظاميين مختلفين، وهذا ما يعرف باسم الفصل العنصري.
ويتساءل الكاتب: هل هذا هدف إدارة ترامب؟ إذ قال الرئيس إنه أخرج القدس من طاولة المفاوضات من خلال الاعتراف بها كعاصمة إسرائيل، وأسقطت وزارة الخارجية مصطلح “محتل” من تقريرها الأخير عن حقوق الانسان ويبدو أنها ذهبت إلى حد الاعتراف بحيازة الأراضي من خلال استخدام القوة.
ويرى الكاتب أن وسط كل هذا قد يكون هناك أخبار جيدة، فلا يزال من الممكن تجنب الأضرار التي سببتها إدارة ترامب لقضية السلام. ويمكن للمجتمع الدولي بما في ذلك الاتحاد الأوروبي الشريك التجاري الرئيسي لإسرائيل، واتخاذ إجراءات فورية والاعتراف بدولة فلسطين ومحاسبة إسرائيل على انتهاكاتها للقانون الدولي مما يجعلنا أقرب إلى سلام دائم وعادل. وإذا لم يحدث هذا فالبديل هو إدامة الاحتلال الإسرائيلي والفصل العنصري وإغراق الشرق الأوسط في مزيد من عدم الاستقرار وسفك الدماء.