عروبة الإخباري – يحتفل الأردنيون السبت، بالذكرى 73 لاستقلال المملكة الأردنية الهاشمية، التي تصادف 25 أيار/مايو من كل عام، والتي تتزامن مع الذكرى 20 لتولي جلالة الملك عبدالله الثاني سلطاته الدستورية.
والتأم المجلس التشريعي الأردني في 25 أيار/مايو عام 1946، وتُلي فيه القرار التاريخي بإعلان استقلال المملكة بما يلي: “وبمقتضى اختصاص المجلس الدستوري، تقرر بالإجماع إعلان البلاد الأردنية دولة مستقلة استقلالاً تاماً وذات حكومة ملكية وراثية نيابية، والبيعة بالملك لسيد البلاد ومؤسس كيانها وريث النهضة العربية عبدالله بن الحسين المعظم، بوصفه ملكاً دستورياً على رأس الدولة الأردنية بلقب حضرة صاحب الجلالة ملك المملكة الأردنية الهاشمية”.
وألقى الملك المؤسس وقتها خطاباً، قال فيه: “وإننا في مواجهة أعباء ملكنا وتعاليم شرعنا وميراث أسلافنا لمثابرون على خدمة شعبنا والتمكين لبلادنا والتعاون مع أخواننا ملوك العرب ورؤسائهم لخير العرب جميعاً ومجد الإنسانية كلها.” وصادق على قرار إعلان الاستقلال، مصدّراً اول إرادة ملكية.
وفي استعراض عسكري جرى في مطار ماركا، الذي سمي فيما بعد قاعدة الملك عبدالله الأول، قال الملك المؤسس: “جيشنا الباسل يسرنا أن نرى في مجالك عزة الوطن والقدرة القومية في الدفاع عن الحوزة وصيانة الحق، وأن تكون تحيتك لنا رمزاً لطاعة الجندي وفنائه المطلق في خدمة العلم والوطن والقيادة”.
في 16 نيسان/ابريل 1928، وضع الأمير عبدالله بن الحسين وضع أول قانون أساسي للبلاد، تناولت فصوله السبعة حقوق وواجبات الشعب والتشريع والقضاء والإدارة ونفاذ القوانين والأحكام.
وجرت بعدها أول انتخابات تشريعية، تبعها افتتاح الدورة الأولى للمجلس التشريعي الأول المنعقد في شرق الأردن في 2 تشرين الثاني/نوفمبر 1929.
ووقعت في 22 آذار/مارس 1946 معاهدة بريطانية-أردنية، أنهت الانتداب البريطاني، ونصت على الاعتراف بالأردن دولة مستقلة ذات سيادة والأمير عبدالله ملكاً عليها.
وبعد إعلان الاستقلال بأيام في مؤتمر قمة “انشاص” في مصر، أعلن ملوك ورؤساء الدول العربية وفي مقدمتهم الملك المؤسس أن القضية الفلسطينية تهم سائر العرب وليس الفلسطينيين وحدهم.
وصادق المجلس التشريعي في 28 تشرين الثاني/ نوفمبر 1946 على دستور جديد، ثم شكلت أول حكومة في عهد الاستقلال في 4 آذار/ مارس 1947، وجرت في 20 تشرين الأول/ أكتوبر 1947 أول انتخابات برلمانية على أساس الدستور الجديد.
وفي عام 1948، قدم الجيش العربي مئات الشهداء دفاعا عن فلسطين والقدس.
وفي كانون الثاني/ يناير 1948، وافق مجلس الأمة على قرارات مؤتمر “أريحا” الذي نادى بالوحدة الأردنية الفلسطينية، وتشكل المجلس النيابي الأول بعد الوحدة في نيسان/ ابريل 1950، ثم تشكلت أول وزارة موحدة للضفتين برئاسة سعيد المفتي، وصادق الملك المؤسس على قرار الوحدة الصادر عن المجلس بتاريخ 24 نيسان/ ابريل من العام ذاته.
وفي 20 تموز/ يوليو 1951، استشهد الملك المؤسس على عتبات المسجد الأقصى في القدس.
واعتلى جلالة الملك طلال، عرش الأردن لعامي 1951 وحتى 1952، وخلال حكمه أصدر الدستور الأردني في 8 كانون الثاني/ يناير 1952 كأول دستور وحدوي عربي، نص على إعلان ارتباط الأردن عضوياً بالأمة العربية وتجسيد الفكر القومي للثورة العربية الكبرى.
واتخذ الأردن في عهده قراراً يقضي بجعل التعليم إلزامياً ومجانياً، إضافة إلى إبرام اتفاقية الضمان الجماعي العربي وتأليف مجلس الدفاع المشترك، وإنشاء ديوان المحاسبة.
ومنذ أن تسلم الملك الحسين سلطاته الدستورية في 2 أيار/ مايو 1953، بدأ عهد البناء والتقدم والنهضة الشاملة، وفي عام 1956 اتخذ الحسين قراراً بتعريب قيادة الجيش العربي، وعزل الجنرال الانكليزي كلوب من قيادة الجيش العربي الأردني.
وبعد حرب 1967 أدت الجهود الأردنية الدبلوماسية بقيادة الحسين إلى إصدار القرار الأممي رقم 242 في تشرين الثاني/ نوفمبر 1967 واشتمل على معادلة انسحاب شامل مقابل سلام شامل والاعتراف بحق الجميع العيش بسلام في المنطقة.
وألحق الجيش الأردني أول هزيمة بإسرائيل في معركة الكرامة 1968 التي رفض الملك وقف إطلاق النار فيها حتى انسحاب آخر جندي “إسرائيلي” من أراضي الأردن.
وفي عام 1988، اتخذ الأردن قرارا بفك الارتباط القانوني والإداري مع الضفة الغربية، بعد أن كان قد اعترف في 1974 وبناء على توصيات القمة العربية في الرباط بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني.
وفي عام 1989، انعقدت أول انتخابات نيابية بعد قرار فك الارتباط، وفي عام 1991 قام الملك الحسين بدور جوهري في انعقاد مؤتمر مدريد للسلام، وفي توفير مظلة تمكن الفلسطينيين من التفاوض حول مستقبلهم كجزء من وفد أردني- فلسطيني مشترك,
ووقع الأردن معاهدة سلام مع “إسرائيل” في عام 1994، تضمنت الاعتراف بدور الأردن في محادثات المرحلة النهائية بين السلطة الفلسطينية و”إسرائيل” خاصة فيما يتعلق بالقدس واللاجئين والنازحين والعلاقة المستقبلية بين الأردن والدولة الفلسطينية.
وفي 7 شباط / فبراير 1999، يوم الوفاء والبيعة: الوفاء للملك الحسين، والبيعة لجلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين، الذي تسلم سلطاته الدستورية، ملكاً للأردن.
وكرس الملك عبد الله جهوده الدؤوبة في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، تركزت على التأكيد على صدارة قضية فلسطين وضرورة إنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وإقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
ولأن دور الملك وجهوده الكبيرة في المنطقة يحظى باهتمام وتقدير عالمي، جاءت جائزة تمبلتون التي تسلمها الملك وسط حضور عدد من الشخصيات العالمية، والقيادات السياسية والفكرية والدينية، لتعكس التقدير والمكانة لجهود الملك في تحقيق الوئام بين الأديان، وحماية المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس.
وتقلد ميدالية شجرة الحياة، والتي تعّبر عن إنجازات الملك في المجالات التي تحتفي بها الجائزة، والمتمثلة في نشر العلم والمعرفة ومبادرات جلالة الملك لتحقيق الوئام بين الأديان، وحماية المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، وحماية الحريات الدينية، إلى جانب منح الملك في آذار/مارس الماضي جائزة مصباح السلام لعام 2019 تقديراً لسعيه الدؤوب في تعزيز حقوق الإنسان والتآخي والسلام في الشرق الأوسط والعالم، وجهود الأردن في استضافة اللاجئين.
ويؤكد الملك ضرورة إعادة تأهيل المواطن بإعادة النظر في برامج ومناهج التعليم، ووضع برامج تأهيل وتدريب تؤهل الشباب لدخول سوق العمل والاستفادة من ثورة المعلومات والتكنولوجيا.
واستحدث الأردن خلال السنوات الأخيرة، مؤسسات جديدة لتعزيز سيادة القانون وتطبيق العدالة، أهمها المحكمة الدستورية والهيئة المستقلة للانتخاب وهيئة النزاهة ومكافحة الفساد، واللجنة الملكية لتطوير الجهاز القضائي وتعزيز سيادة القانون.
ويشدد الملك على أهمية دور القضاء في ترسيخ العدالة وسيادة القانون ومكافحة جميع أشكال الفساد وحماية المجتمع، وتعزيز النهج الإصلاحي.
ويهتم بقطاع الشباب، عبر الاستماع إلى قضاياهم وهمومهم، والإيعاز بالارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة لهم، فضلاً عن إطلاق مبادرات هادفة لتفعيل دورهم في الحياة العامة.
ويهتم أيضاً بسن تشريعات لازمة تؤمّن للمرأة دوراً كاملاً غير منقوص في الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في الأردن.
وبتوجيهات ملكية، أعدت رؤية الأردن 2025 لتحدد الإطار العام المتكامل الذي سيحكم السياسات الاقتصادية والاجتماعية القائمة على إتاحة الفرص للجميع وتعزيز سيادة القانون، وزيادة التشاركية في صياغة السياسات، وتحقيق الاستدامة المالية وتقوية المؤسسات.
وأطلقت الاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية تحت الرعاية الملكية في أيلول/ سبتمبر 2016، وشهدت الأعوام الماضية خطوات سعت لتعزيز الإصلاح وتوسيع قاعدة المشاركة الشعبية وإشراك المواطنين في عملية صنع القرار، عبر إقرار حزمة قوانين وتشريعات إصلاحية.
ويوجه الملك الحكومات المتعاقبة العمل على تحقيق تنمية شاملة في مختلف مناطق الأردن، بالشراكة مع مؤسسات المجتمع المدني، والقطاع الخاص، إضافة إلى دعم الجمعيات ودور الرعاية التي تعنى بالمسنين وذوي الاحتياجات الخاصة.
وعمل الملك على مأسسة العمل الديمقراطي والتعددية السياسية نحو ترسيخ شراكة حقيقية للجميع في العملية السياسية وصناعة القرار، وأرسى رؤية واضحة للإصلاح الشامل ومستقبل الديمقراطية في الأردن، عبر سبعة أوراق نقاشية، سعى من خلالها إلى تحفيز حوار وطني حول مسيرة الإصلاح وعملية التحول الديمقراطي التي يمر بها الأردن.
ويهتم الملك، بالقوات المسلحة/ الجيش العربي والأجهزة الأمنية، بأن تكون في الطليعة إعداداً وتدريباً وتأهيلاً، وتكون قادرة على حماية الوطن ومكتسباته والقيام بمهامها على أكمل وجه.
ووجه الملك الحكومة لتشكيل لجنة وطنية لتنمية الموارد البشرية، تسهم في تطوير منظومة متكاملة واستراتيجية شاملة وواضحة لمعالم لتنمية الموارد البشرية، وتؤطر عمل القطاعات المعنية بالتعليم بوجه عام.
وفي اتفاق تاريخي وقعه الملك مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس في عمان، في آذار/ مارس 2013، أعيد التأكيد على الوصاية الهاشمية على الأماكن المقدسة، وأن الملك هو صاحب الوصاية على الأماكن المقدسة في القدس الشريف، خصوصا المسجد الأقصى.
وشملت مشاريع الإعمار للمقدسات في عهد الملك، إعادة بناء منبر “الأقصى”، “منبر صلاح الدين” في عام 2006، وترميم الحائط الجنوبي والشرقي للمسجد الأقصى، و11 مشروع ترميم وصيانة لمختلف مرافق وأقسام “الأقصى” وقبة الصخرة.