ورد في تغريدة لناشطة سياسية بأن الاختلاف في التوجه الفكري مع الإخوان المسلمين لا يعني أن نتكالب عليهم ونقف مع ترامب ونصفهم بالإرهاب!
وبررت الكاتبة موقفها هذا بأنه لم يحصل حادث إرهابي واحد من الإخوان في الكويت. بل ساهموا ببناء الوطن ولا ينكر ذلك إلا جاحد.!
وسأتبرع هنا لأكون ذلك الجاحد، بكل سرور، متمنيا ان يكون الرئيس الأميركي قد اصدر قراره باعتبار جماعة الإخوان إرهابية، مع نشر هذا المقال.
* * *
ارتبط تاريخ الإخوان، والحركات الإسلامية الأخرى، وعلى مدى عقود، بالعنف الشفوي والعملي المسلح من قبلها، وقابل ذلك عنف مضاد من السلطات. فطالما ان هذه الحركات تسعى أو تهدف للوصول للسلطة في دول دكتاتورية في غالبيتها، فإن اللجوء للعنف هو وسيلتها الوحيدة لذلك. وعندما أتيحت لها أكثر من فرصة للوصول للحكم عن طريق صناديق الاقتراع فشلت في أن تتصرف كحزب سياسي بل تصرفت وكأنها باقية للأبد في الحكم وأن من يعارضها فهو يعارض الله ورسوله، وعليه اللعنة إلى يوم الدين… أدى ذلك لتكالب أعدائهم عليهم وازاحتهم وزجهم في السجون، وحظر أنشطتهم السياسية.
ما لا تريد حركة الإخوان فهمه هو أن افكارها غير عملية ولا تتناسب وواقع القرن الحالي، وعليها أن تجدد جلدها وتغير أفكارها البالية، وتتخلى عن العنف، اللفظي والعملي، إن كانت تريد الوصول للسلطة.
فلا يمكن لحزب يتكون شعاره من سيفين وكلمة واعدوا… وهي بداية النص: وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ ! فمن الذي يحدد من هو عدو الله وعدو المسلمين، كيف يمكن أن يتوصلوا مثلا إلى أن فلان عدو الله ويجب أن تحز رقبته، والآخر ليس كذلك؟ إن قوانين وقواعد حكم القرون الوسطى لا تصلح لهذا القرن، ويجب أن يفهموا ان عملية الحكم مسألة بالغة التعقيد تحتاج للاقتداء بأكثر الطرق والأساليب فعالية بصرف النظر عن كونها تتفق مع «إسلامهم الخاص» أو لا تتفق. فالمصلحة العامة تتطلبها وهذا كاف لاتباعها والأخذ بها.
وبالتالي فإن إصرارهم على التمسك بالبالي والقديم من الأفكار سيكون دائما عاملا حاسما في فشلهم كما حدث في دول الربيع العربي وقبلها في الجزائر وبعدها في مصر، وسيتكرر في اي مكان ينجحون في الوصول فيه إلى الحكم. فطريقة الحكم الثيوقراطية، الدينية التي ينادون بها سقطت في كل دول العالم دون استثناء، او جلبت الخراب والتخلف لمن اتبعها، سواء في الدول الإسلامية العربية أو في غيرها، والسودان وإيران وأفغانستان وباكستان خير مثال.
وبالرغم من كل انتكاسات الإخوان المتكررة فإنهم عجزوا تماما عن رؤية الحقيقة، وكيف ان العلة فيهم وفي أفكارهم وأسلوبهم التسلطي الإرهابي الذي يدفعهم دائما لأن يصبحوا ديكتاتوريين فور وصولهم للحكم، بالرغم من انهم وصلوا له لأنهم عارضوا التسلط والدكتاتورية! ولا ننسى في هذه العجالة التطرق لتجربة «دولة الخلافة»، وكيف هللت الجماهير الإخوانية وغيرها للبغدادي وحاربت في صفوفه وقاتلت معه، وكيف ارتكب الرجل و«دولته» كل أنواع الجرائم بحق الحضارات الراهنة والعريقة ناهيك عن جرائمه الإنسانية البشعة بحق المسلمين والمسيحيين، وتورط في مجازر وتخريب لم يسمع العالم بمثله منذ سنوات طوال، ومع هذا لم يجرؤ «أخ» منهم على تكفيره، ولم تجد الدول الغربية وحتى الشرق أوسطية بدا من التحالف ضدها، لغباء وتخلف أساليب حكمها، وكانت نهايتها مأساوية.
إن الإرهاب ليس بالسيف والبندقية والقنبلة فقط، بل وأيضا بالأفكار التي يتم زرعها في عقول الناشئة، وزيارة لمحيط جمعية الإخوان تبين لنا خطورة أنشطتهم، المسماة بالدعوية. كما أن حركة الإخوان كانت الرحم الذي خرجت منه كل الحركات الدينية المتطرفة الأخرى. إننا نقف مع كل القوى التي تنادي باعتبار «منظمات» الإخوان المسلمين، السرية والعلنية، إرهابية بكل معنى الكلمة، إلى أن تتخلى عن الإرهابي من افكارها وأفعالها.