إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق.. هذا ما قاله رسولنا الأكرم صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم.. فالأخلاق عماد أي دين، ولا يتصور أن تكون هناك ديانة سماوية أو غير سماوية تتعارض مع ذلك الفهم المنطقي، في أن قطب الرحى ودوائر الاهتمام في أي مجتمع يجب أن تركز على الأخلاق الحميدة، لكي يطمئن كل مواطن على نفسه من جاره أو مسؤوله أو حتى صديقه وأقاربه..
ففي المفاهيم الدينية التي درسناها ونحن يافعون، ركزوا لنا على الخلق القويم في تصرفاتنا في المجتمع، مثل الصدق والاخلاص، ومعاملتنا لبقية البشر وإخواننا في الانسانية.
ولم تسد في ذلك الزمن الجميل الذي عشناه المظاهر الدينية ودعاوى البعض والكراهية والتسفيه بالآخر ومعتقداته مثلما يحصل الآن.. وقد اكتشفت مؤخراً أن المتمظهرين بالدين كانوا موجودين في كل المجتمعات الاسلامية، وقد انتقدهم المتنورون في تلك المجتمعات..
ونذكر هنا على سبيل المثال الشاعر أبا الطيب المتنبي، الذي وصف أناسا كانوا يعيشون في عهده منذ أكثر من 13 قرنا، واستمروا في كل مجتمعاتنا حتى وصلوا إلينا.. المتنبي، طيب الله ثراه، وصف هؤلاء بالقول:
أغاية الدين أن تحفوا شواربكم
يا أمة ضحكت من جهلها الأمم
ونحن نقول صح لسانك… عندنا وعندك خير! ***
الصادم في علاقة هؤلاء بمجتمعاتهم هو المظاهر الدينية بتطويل اللحى وتقصير الثياب، ولكن في الجانب الآخر نجد أن الكثير منهم موغلون بالفساد مثلهم مثل غيرهم، وأعني هنا على سبيل المثال لا الحصر.. انتشار خبر بخصوص أحد هؤلاء الذين نسميهم زوراً بـ«الدعاة».. هذا «الداعية» أو «المدعي» ان صح التعبير، رأينا فجأة وقد سبق اسمه بحرف الدال ـ ونحن أو معارفه يزورونه يومياً في ديوانه أو مجلسه، أو بالمجالس العامة.. فالأخ اقتدى بسراق الالقاب وطرز بداية اسمه بحرف الدال او دكتور، وهو لا يحتاج اليها فعليا مثل أقرانه بالمئات من مشتري الشهادات.
***
تكلم الكثيرون وتكلمنا وكررت ذلك تقارير ديوان المحاسبة ولجنة الميزانيات في مجلس الأمة، ان ما اطلقت عليه وزارة أوقافنا، التي يتولاها احياناً السلف وأحيانا الإخوان، بإصرارها على انشاء وديمومة «هيئة القرآن الكريم»…
هو أمر يثير الاستغراب، فهذه اللجنة ومصاريفها المليونية لم تطبع مصحفاً واحداً حتى الآن! ولا ندري ما هو عمل واختصاصات أعضائها الذين صدر قرار رسمي مؤخراً بتسميتهم… وبمراجعة أسماء الأعضاء يبدو أن أغلبها من الحكومة الرشيدة وزعت كوتة تلك اللجنة بالعدل والقسطاس بين المنتمين الى تلك التيارات الأصولية الدين ــ سياسية! وان المقصود ربما تنفيع هؤلاء الذين لم يقم من سبقهم، وهناك شك أن يقوموا هم بطباعة القرآن الكريم باسم الكويت.. ونقول لهؤلاء ولمن عينهم، إننا نؤمن بقول الحق سبحانه وتعالى: «إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ».. صدق الله العظيم.
فلا الخالق ولا المخلوقون أمثالنا يحتاجون إليكم في حفظ كتاب الله وطباعته..
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.