لم أعثر على مصطلح متفق عليه في ادبيات المالية والاقتصاد الحديث حول الدين القومي، وفي اضيق الحدود يتم الحديث عنه بالنسبة للدول القارية مثل الولايات المتحدة، ويتم احتسابه بالدين العام يضاف اليه الاستثمارات الاجنبية في الدولة والودائع الادخارية من مستثمرين اجانب التي توفر بيئة استثمارية متميزة وآمنة، وفي الاغلب الارقام المالية متحركة يوميا في الاسواق من الشرق الى الغرب ومن الشمال الى الجنوب في ضوء ثورة الاتصالات وتقنية المعلومات، والمنتجات الاستثمارية التي توفرها الاسواق المالية امام المستثمرين.
هذه المقدمة ضرورية ونحن نناقش ما نشر يوم الخميس الفائت حول الدين القومي للاردن الذي قدر بـ 63.8 مليار دينار ( 89.8 ) مليار دولار امريكي، فالدين العام يمثل القروض الحكومية والمكفولة المقدرة حسب وزارة المالية حتى نهاية العام 2018 حوالي 28.3 مليار دينار ( 39.9 ) مليار دولار قرابة 60 % منه محليا والباقي مقوم بالعملات الاجنبية.
اما القروض والتسهيلات الممنوحة من الجهاز المصرفي الاردني واستثمارات غير الاردنيين في الاسهم والسندات والودائع فهي شهادة لصالح الاقتصاد الاردني وقدرته على توفير بيئة جاذبة وامنة للاستثمارات المحلية العربية والاجنبية، وفي هذا السياق فإن الاستثمارات العربية والاجنبية هي مؤسسية الطابع وتربح والاردن يربح معها وهي محل ترحيب.
الاردن بقيادة الملك وخلفه الادارة العليا للدولة تبذل جهودا طيبة لاستقطاب المزيد من الاستثمارات بما يساهم في تسريع وتائر النمو باعتبار الاستثمارات المحلية والعربية والاجنبية طوق نجاة لمعالجة البطالة والفقر وبناء نموذج تنموي متطور، والاردن ودول العالم يتنافسون لاستقطاب الاستثمارات وتذليل العقبات امامها، وهناك محطات مهمة استضافها الاردن وشارك بفعالياتها منها المنتدى الاقتصادي العالمي / البحر الميت، ودافوس سويسرا، وملتقيات ومؤتمرات ومعارض في اوروبا ولندن ودول عربية.
نشر ارقام الدين القومي الاردني الاخيرة هي شكل من اشكال التهويم وتضخيم مطلوبات الاقتصاد الاردني، وتركها مبهمة كما نشرت وتم تداولها في وسائل التواصل الالكتروني وبعض وسائل الاعلام التقليدية دون تقديم شرح لهذا المصطلح غير الشائع وغير المتفق عليه في الاوساط المالية والاقتصادية لكافة الغايات الاعلامية والبحثية او مؤشرات لها مدلول، لذلك نرى ان هذا النشر في هذه الظروف التي يجتازها الاردن ينطوي على بث ارقام مرعبة ولها اهداف بعيدة كل البعد عن الحقيقة.
لذلك الاستثمارات العربية والاجنبية والودائع لغير الاردنيين مرحب بها وان كانت نظريا تشكل دينا على الاقتصاد الكلي، وفي نفس الوقت فإن الدين العام الحكومي ( المحلي) أثره اقل وطأة من الدين الخارجي، كما ان الدين المحلي والاجنبي محمودا العواقب اذا وظفا في استثمارات جديدة تحسن بيئة الاستثمار، وتعمق الاقتصاد وتزيد الانتاجية ( السلعية والخدمية )، ومذمومان وخطران اذا تم توجيههما لغايات نفقات جارية.
الدَّين القومي تهويم وتضخيم.. خالد الزبيدي
9
المقالة السابقة