عروبة الإخباري – أنجزت قوات سوريا الديمقراطية المهمة التي تأسست لأجلها، وهي القضاء على تنظيم داعش، لتواجه جملة من التعقيدات والمسائل العالقة في مناطق شرق الفرات، حيث تسيطر على نحو ثلثي مساحة سوريا، لتكون بذلك القوة الثانية بعد الجيش السوري النظامي.
ويرجح مراقبون أن تحتفظ هذه القوات بأسلحتها، لكنها ستكون متأهبة للتصدي لهجمات مباغتة، في انتظار التوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية.
وكان المبعوث الأممي إلى سوريا ”غير بيدرسون“ قد قال في مقابلة سابقة، إن ”قوات سوريا الديمقراطية تمثل لاعبًا مهمًا ﺷﻤﺎل ﺷﺮق ﺳﻮرﻳﺎ، وﻫﺬا ﻣﻮﺿﻮع ﻳﺠﺐ أن ﻧﻮاﺻﻞ ﻣﻨﺎﻗﺸﺘﻪ“، في إشارة إلى أن أي حل سياسي يجب أن يراعي وضع هذه القوات.
وحرصت قوات سوريا الديمقراطية على أن يتضمن إعلانها الانتصار على تنظيم داعش السبت، رسائل سياسية لمحت إلى طبيعة الخطوة التالية التي ستقدم عليها بعد ”زوال التنظيم“.
ودعا القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية ”مظلوم كوباني“ في مؤتمر صحفي في حقل العمر النفطي القريب من قرية الباغوز، آخر جيوب التنظيم، ”الحكومة السورية إلى تفضيل عملية الحوار، والبدء بخطوات عملية للوصول إلى حلّ سياسي على أساس الاعتراف بالإدارة الذاتية في شرق الفرات، والقبول بخصوصية قواته“.
وكان وزير الدفاع السوري قد قال الأحد الماضي، خلال اجتماع عسكري مع رئيسي الأركان في كل من العراق وإيران عقد في دمشق، إن الجيش السوري سيقوم ”بتحرير“ المناطق التي تسيطر عليها قوات سوريا الديموقراطية ”بالقوة“ أو عبر ”المصالحات الوطنية“.
يشار إلى أن مجلس سوريا الديمقراطي، الجناح السياسي لقوات سوريا الديمقراطية، خاض جولة مفاوضات مع الحكومة السورية، الصيف الفائت، دون أن تسفر عن أي نتائج.
وفي أعقاب الحديث عن انسحاب أمريكي وشيك، سعى مجلس سوريا الديمقراطي، من جديد، إلى فتح قنوات للحوار مع السلطات السورية برعاية روسية، دون التوصل -حتى اللحظة- إلى تفاهمات محددة.
وإلى جانب الاستعداد للدخول في حوار مع النظام السوري، طالب مظلوم كوباني، تركيا بمغادرة الأراضي السورية، في مؤشر على أن تحقيق هذا الهدف قد يكون ”الخطوة العسكرية التالية“ لقوات سوريا الديمقراطية، في حال لم تنسحب تركيا من الأراضي السورية عبر حل سياسي محتمل.
وتحتفظ تركيا بقوات ضمن ما يعرف بعمليتي ”درع الفرات“ و“غصن الزيتون“ في مناطق شمال سوريا، وخاصة في عفرين.
وكان لافتًا أن قوات سوريا الديمقراطية، التي أعلنت النصر على داعش، في مؤتمر صحفي غابت عنه كل الأعلام باستثناء العلم الأمريكي، وأنها ستواصل حملاتها العسكرية والأمنية ضد الخلايا النائمة للتنظيم.
وأشار القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية، إلى أن مرحلة جديدة قد بدأت تتمثل في ”القضاء الكامل على الوجود العسكري السرّي لتنظيم داعش المتمثّل في خلاياه النائمة، والتي لا تزال تشكّل خطرًا كبيرًا على منطقتنا والعالم بأسره“.
وأقرت قوات سوريا الديمقراطية، أنها فقدت 11 ألف مقاتل خلال خمس سنوات من المعارك ضد التنظيم، كما أصيب أكثر من 21 ألف بإصابات مختلفة، مشيرة إلى أن هذه التضحيات أنقذت نحو 5 ملايين نسمة وحررت نحو 52 ألف كيلو متر مربع من الأراضي السورية التي كانت خاضعة لتنظيم داعش.
وكانت مجلة ”فورين بوليسي“ الأميركية قد قالت إن تراجع حدة المعارك على الأرض السورية لا يعني أن النزاعات قد انتهت، لا سيما في ظل سيطرة 3 قوى على جغرافيا البلاد، هي القوات السورية الحكومية، وقوات سوريا الديمقراطية، وتركيا.
وما يزيد من فرضية نشوب معارك مستقبلًا، هو أن تلك القوى الثلاث تحمل أجندة مختلفة تمامًا ويناصب بعضها بعضًا العداء.
وترى ”فورين بولسي“، أن أكثر المناطق هشاشة بين الكيانات الثلاثة، من حيث الترتيبات الداخلية والعلاقات مع القوى الخارجية، هي المنطقة التي تسيطر عليها القوات التركية، والتي تقدر بنحو 10% من مساحة سوريا.
ورغم أن ”داعش“ كان يمثل خطرًا رئيسًا على مناطق قوات سوريا الديمقراطية، لكن هذه المناطق شهدت، في المقابل، هجمات موجهة من الخارج، إذ قتل 236 شخصًا من القوات الكردية والمدنيين منذ أغسطس 2018، في حوادث لا صلة لها بالمعارك مع تنظيم داعش.
ووفقًا لذلك، تشير ”فورين بوليسي“ إلى أن منطقة شرق الفرات ستبقى على اشتعال دائم، في ظل تصنيف تركيا لقوات سوريا الديمقراطية على أنها امتداد لحزب العمال الكردستاني المحظور في تركيا.
وكان الإعلان عن تأسيس قوات سوريا الديمقراطية تم في مدينة القامشلي، شمال سوريا في 10 اكتوبر/تشرين الأول 2015، وقدمت نفسها على ”أنها قوة عسكرية وطنية موحدة لكل السوريين تجمع العرب والكرد والسريان وكافة المكونات الأخرى“.
ولا يعرف، بالضبط، تعداد قوات سوريا الديمقراطية، غير أن التقديرات تشير إلى أن عددهم يبلغ نحو 45 ألف مقاتل على أقل تقدير.
وحصلت تلك القوات على دعم أمريكي سخي بالأسلحة والمال، كما أن التحالف الدولي ضد تنظيم داعش، الذي تقوده واشنطن التي أمنت غطاء جويًا لهذه القوات في معاركها البرية من كوباني مرورًا بالرقة ووصولًا إلى دير الزور، قبل الإعلان عن نهاية التنظيم المتشدد.