عروبة الإخباري – بمناسبة يوم المرأة العالمي احتفى منتدى الرواد الكبار وبرعاية رئيس الوزراء الأسبق عبد الرؤوف الروابدة، حفل تكريم لرائدة وأيقونة العمل التطوعي والإنساني في الأردن هيفاء البشير التي عملت منذ سبعينيات القرن الماضي وحتى الآن، على تأسيس العديد من الجمعيات والمؤسسات الاجتماعية والثقافية. أدرن مفردات حفل التكريم القاصة سحر ملص وسط حضور كبير من المثقفين والمهتمين، حيث وصفت ملص البشير بـ»سنديانة العمل التطوعي في الأردن» حيث شارك فيها وزراء وشعراء قدموا شهادات حول تجربة البشير في مجال العمل التطوعي والاجتماعي والصحي في الأردن.
وأكد المحتفون على أن البشير هي «امرأة تركت بصمتها على جدار الزمن العربي، وهي مجموعة نساء في امرأة واحدة نادرة الحدوث»، و أشاد د. عبد الرؤوف الروابدة، بدور البشير الإنساني والاجتماعي الذي قامت به في الأردن، مشيرا إلى تأسيس للعديد من المؤسسات الاجتماعية والإنسانية، مثل «جمعية الأسرة البيضاء»، للعناية والاهتمام بكبار السن، ومنتدى الرواد الكبار الذي يلتقي فيه الكبار ليقدموا خبراتهم العملية والفنية والثقافية في هذا المنتدى فهي «سيدة العمل التطوعي في الأردن».
من جهته وزير الثقافة الأسبق د. صبري اربيحات رأى أن البشير هي من بين مئات السيدات اللواتي نجحن في ترك بصماتهن على جدار الزمن العربي وهي حالة فريدة وخاصة، واختارت المنهج التصالحي مع المجتمع فتغيرت وغيرت من حولها دون افتعال ضجيج أو خلق أزمات، مشيرا إلى أنها بدأت في نابلس في ثلاثينيات القرن الماضي حيث كانت نابلس للشرق مثلما كانت دمشق للعالم أيام خلافة هشام بن عبد الملك يأتي لها الجميع ولا تأتي، طفولة مليئة بالدهشة والتيقظ فأدركت البشير المجتمع وعلاقاته وصلاته منذ أربعينيات القرن الماضين وهي تسير على ذات النهج الذي قادها للنجاح فقد وعيت مجتمعها فاحترمت ثقافته وتقاليده وعاشت في أريافه وحواريه وبين أسره شرقي النهر وغربيه.
أما الشاعر د. راشد عيسى أكد أنه عندما قرأ قصصها في أدب الأطفال تأكد أنها كاتبة لم تغادر طفولتها تكتب برشاقة طفلة سعيدة تنوي أن تربي المستقبل حسب رؤيتها، لافتا إلى أنها مجموعة نساء في امرأة واحدة نادرة الحدوث… وهي امرأة لكل الفصول»، معتبرها نموذجا للمرأة التي تبتكر الأمل بالعمل إلى جانب دورها الثقافي في المشهد الثقافي الأردني نرى فيها نون النسوة ينتشر على مساحة واسعة من العطاء حتى غدت رمزا لامعا من رموز التنمية الوطنية في مجال العمل النسائي التطوعي، فتكريمها هو تكريم للمرأة الأردنية والعربية.
رئيسة الأسرة البيضاء ميسون العرموطي قالت نكرم اليوم امرأة أردنية تعد «أسطورة في العطاء والريادة»، مشيرة إلى أنها عرفتها في ميادين العمل التطوعي في بلادي فتعلمت منها معنى البذل من أجل الآخرين، مؤكدة على أنها لم تعرف امرأة مثل البشير قدمت للأردن في مجال العمل التطوعي كما قدمت هذه المرأة العظيمة، فهي معلمة وملهمة.
من جهته أعلن نجل البشير د. مازن البشير عن إطلاق «جائزة هيفاء البشير للعمل الاجتماعي التطوعي»، للإسهام في رفع مستوى الأداء للأفراد أو للمؤسسات الخيرية، والارتقاء بجودة خدماتها، وبما يحقق رضا الشرائح المختلفة من المستفيدين، وتحقيق التميُّز في العمل الاجتماعي.
وأضاف البشير الذي تحدث باسم العائلة، الأبناء وزوجاتهم والأحفاد وأبنائهم، أم مازن، مستعرضا علاقتهم معها عبر خمسة عقود ويزيد، قائلا: جاءت هذه الجائزة لتحقيق الغرض النبيل، وتصل قميتها «الفي دينار»، «2000»، يقدمها منتدى الرواد كل عامين لمن يستحقها في حقل العمل الاجتماعي التطوعي، ضمن آليه ونظام خاص يعطي الهيئة المستقلة الحق في منحها، ويقوم منتدى الرواد بتقديم الدعم الإداري واللوجستي اللازم لتنفيذ وإنجاح دور وأهداف الجائزة.
من جانبها قالت هيفاء البشير بينَ الطفولةِ والكهولةِ صفحاتٌ طُويَتْ، وحقائقُ اتّضَحتْ، ولا يُضِيرُنا أَن انحنَى الظَّهرُ وثَقِلَتْ الخطوات من عبءِ السنين، فسنابِلُ القمحِ تنحني عندما تكونُ مُحَمَّلةً بالخيرِ والعطاء، وعَبْرَ هذه المَحطّات، آمنْتُ بمبادِئٍ ومُنطلقاتٍ وثَوابِت، وعلى مَدارِ سِتَّةِ عقود… أوجِزُها: فدورُ المرأةِ الحقيقِيِّ في إنشاءِ الأسرةِ، تربيةً وعِلماً، وعَمَلاً وقُدوَةً، هي المدرسةُ الأولى، والمرأَةُ التي تَهُزُّ السّريرَ بـيمينِها تَهُزُّ العالَمَ بِيَسارِها.
وتحدثت البشير عن تلك الفتاة التي شبت عن الطوق «لترتَبِطَ برجُلٍ عزَّ أمثالُهُ بينَ الرَّجال، شريكٌ في كلِّ شيء، عَمِلا مَعاً ليكونَ للحياةِ طعمٌ آخر، فكانَا توأَمَيْ روح في جسَدٍ واحدٍ»، لافتة الى انه رغم رحيله لمْ تستكن ولم تضعف، «بدأْتُ حياةً جديدَةً، ومسيرةً جديدة، عَمَلاً وعِلماً، وكيفَ يكونُ الإنسانُ مُعَلِّمَاً ومُتَعَلِّماً، مُثَابِراً ومِعطاءً، إلى الرّمَقِ الأخير، والأمثِلَةُ الكثيرةُ شاهدُ عَيَانٍ»، لا وجودَ لِمحطَّاتِ اليأس، ما دامَ الأملُ مَوجُوداً، فالجِراحُ تُداوَى بالعملِ والكفاحِ، وهما سبيلا التقدم والنجاح، وكما كشفت البشير عن مشروع جديد تعمل عليه حالية وهو مشروع «الرّواق خزانةُ ذاكِرَتِنا الجميلة»، لتوثيقِ اللباسِ التراثِيّ الأردنيّ واكسسواراتِهِ كجزءٍ من الحالةِ الثقافيةِ الوطنية.
إلى ذلك تم عرض فيلم وثائقي قدم مقتطفات من سيرة البشير، قدم فيها شهادات من وزراء وأصدقاء عملت معهم البشير في مجال العمل التطوعي والإنساني.
ويذكر أن هيفاء البشير ولدت في مدينة نابلس فلسيطن، وحصلت على شهادة المترك فلسطين من كلية دار المعلمات بالقدس، وشهادة البكالوريوس في التمريض من الجامعة الأردنية، والدبلوم العالي في الدراسات السكانية من الجامعة نفسها سنة 1988، وعملت مدرّسة في نابلس، في السلط، وعمّان، ثم تفرغت للعمل التطوعي والخيري في ميادين الصحة ودعم التمريض ورعاية كبار السن والمرضى النفسيين وقضايا المرأة، وأسست العديد من الجمعيات وحازت على العديد من الجوائز المهمة من مثل: جائزة قدمها لها المركز الثقافي الايطالي في روما، جائزة الملك حسين للتميز العلمي من الجامعة الأردنية لحصولها على المرتبة الأولى على دفعتها في كلية التمريض 1983، وجائزة الملكة نور لرائدات العمل النسائي، جائزة مهرجان دبي للأسرة العربية المثالية، الشيخ محمد آل مكتوم، وجائزة الملكة نور لأدب الأطفال «محور القصة القصيرة»، من مؤسسة نور الحسين، 1997، وجائزة الملك الحسين للعطاء المتميز من الدرجة الأولى 2007.
في مجال الأدب صدر لها في مجال القصص الأطفال «الفرح والسعد»، «حكايات جدتي، قصص للأطفال»، «فرح وبرج الحمام»، «يوم ماطر وقوس قزح»، «الفرح والسعد»، كما صدر لها كتاب بعنوان «محطات في رحلتي مع الحياة»، سيرة ذاتية.