عروبة الإخباري – كتب سلطان الحطاب –
حتى لا نقول ” إلي اختشوا ماتوا ” فإن على ما تبقى من انظمة ودول عربية يستطيع قادتها أن يسافروا أو يحضروا مؤتمرات أن يتوقفوا هم أو من يمثلهم عن السفر إلى وارسو .. حيث تريد الصهيونية المتجددة وتعبيرها اسرائيل اليمينية إقامة محرقة جديدة للقضية الفلسطينية بعد تلك التي اقيمت في نكبة عام 1948 ..
هذه يالطا الجديدة على المستوى العالمي الجديد بعد سقوط القطبية وهذه سايكس بيكو على مستوى المنطقة بعد أن هضمت القوى الاستعمارية الغربية سايكس بيكو القديم وتريد تقطيع المنطقة أكثر حتى لا يكون لمن تبقى جذور أو يعود ينبت ..
في وارسو سيكون معرض واسع من 40 دولة كما هو مقرر حتى الآن لعرض البضاعة الصهيونية – الاسرائيلية بتغليف اميركي بعد أن تولت الوكالة الحصرية للمقاول كشنر ترويج البضاعة الاسرائيلية بنكهة أميركية إذ اخذ على عاتقه المضي في ترويج اختراعه وهي صفقة العصر.
نعم وارسو وليس أي عاصمة غربية.. وهنا يجري استعمال الاحتياطي الصهيوني الذي ظل دفيناً تحت طبقة الاشتراكية التي كانت تخترق بأكثر من ربيع اوروبي مثل ربيع براغ وربيع بولندا ونقابات العمال ليخ فاليسا هذه المرة يريدون شركاء عرب.. يتحدثون العربية ويلبسون العقال والدشاديش ليشاركوا في الزار الكبير ويدلون بشهاداتهم فيه.. إنه حفل أشبه بالذي أقامته زوجة الحاكم بأمر الله الفاطمي ووزعت فيه حلويات أم علي لتخفي قتل عشيقة زوجها بالقباقيب في حمام البيت..
أيها العرب .. أيها القادة توقفوا.. وكأن أنظمتكم لم تقرأ سطرا من تاريخ الأمة … أو أنه فقط جرى تلقين صفحات الخيانات والطعن من الخلف.. لماذا اخترتم فقط صراع شاور وضرغام الذي أدى لسقوط الدولة وضياع القدس ، ولماذا اخترتم مواقف شبيه بمواقف ابن العلقمي الذي قضى على أهل السنة وكاتب التتار وسلمهم بغداد .. لماذا اخترتم مرة نهج من سلم قلعة الشقيف للصليبيين 1229م.
لماذا تريدون إعادة تمثيل الجريمة في سقوط القدس عام 1099 حين دخلها الفرنجة ولماذا تغلقون العيون والآذان عن صرخات أهلها وذبحهم اليوم وهي تتحول إلى عاصمة لإسرائيل على يد صديق النظام العربي الرئيس ترامب.
لماذا تقبلون أن يسوقكم هذا الخبيث الألثغ الأمرد الشبيه بغلام أبي نواس إلى وارسو لتدخلوا الزار وتسيرون في جنازة القضية التي ادعيتم أنكم بكيتم عليها طويلا..
لماذا تصبحون في موقع من هجاهم مظفر النواب وأنتم تصمتون عن دخول المستوطنين مجددا للقدس وحين ترون في نتنياهو شريكا رغم أنه يوظف مواقفكم في خدمة صندوق انتخابه وتكريس احتلاله للقدس.
لقاء وارسو أيها السادة هو حفل تضامني لدعم انتخاب نتنياهو بأموال مشتركة سيكشف لاحقا أن للعرب مساهمات فيها قد تذكر كثيرا وهو محاولة عملية لإعادة وضع العربة أمام حصان السلام حتى لا تتحرك خطوة واحدة .. ولذا يريد نتنياهو التطبيع والاعتراف بالدولة اليهودية وكل توابعها دون أن يدفع شيئا ودون أن يتحقق أي حق من حقوق الشعب الفلسطيني.. يريد تطبيعا مجانيا حتى يتخلص من استحقاقات الحل الذي اشترط المجتمع الدولي لقيامه الاعتراف بدولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية.
لن يُفشل مؤتمر وارسو غير الفلسطيني فيا أيها الفلسطينيون انتبهوا واقلبوا الطاولة على رؤوس الحاضرين بوحدتكم وصلابة موقفكم وتجميد خلافاتكم في فتح كنتم أو حماس أو ما بينهما .، هذه لحظة تاريخية فالمولود الشرعي ابنكم يُقسم الآن لمن يدعوا أبوته وها هي دول العالم جاءت لترقص في موت قضيتكم فلا تمكنوهم.
إعلنوا موقفكم بوضوح مهما كان مكلفا فهذا زمن اختيار ارادتكم وصلابتكم.. فوارسو أسوأ من كامب ديفيد الأولى التي غاب عنها علم فلسطين والثانية وهو أسوأ مؤتمر يتناول القضية الفلسطينية ويريد إعلان وفاتها..
الفلسطينيون يستطيعون افشاله ونموذجهم في ذلك موقف الرئيس محمود عباس الصامد الذي قال لا للموقف الأميركي مبكرا حين رأى نواياه وعرف خططه وكشف عن أهدافه .. وقد عانى وما زال يعاني من ذلك وهو إذ صعد فوق الشجرة لأن الطوفان يقترب وعلى الذين ما زالوا يروا في السراب ماء أو في الطوفان ما يمكن أن يحميهم أن يدركوا أنهم سيغرقون في وحل التاريخ وفي براثن الصهيونية واسرائيل. وانهم يستحقون الشفقة وليس هو حين يطالبونه بالنزول عن الشجرة باتجاه وارسو في رحلة تذكرة واحدة فقط !!.
المؤتمرون في وارسو يريدون “الختم الفلسطيني” .. يريدون الكوفية الفلسطينية فإن لم تحضر ألبسوها لأحد المتطوعين أو المدسوسين من العرب أو الفلسطينيين من أجل التقاط الصور دون أن يهمهم النسب أو التمثيل أو ما إذا كان الحاضر أصيلا أو لقيطا يتحدث العربية أو يرطن بها!!
نعم يريدون توقيع أبو مازن الذي عز عليهم أن لا يحصلوا عليه قبل هذه المناسبة فنشروا صوره كأرهابي وطالبوا بقتله وطلب رأسه وما زالوا يتحينون.. فإن لم تحضر الكوفية لن يدركوا إلا ما أدركه الراكض خلف سراب.
إنهم يريدون العرب في وارسو “عرب وارسو” لخدمة صناديق الانتخاب لنتنياهو حتى تمر صفقة القرن رغم أن العرب ونظامهم السياسي القائم على ضعفه يستطيع أن يؤثر في الانتخابات الاسرائيلية الان أكثر من أي وقت مضى فاسرائيل التي سخنت حديدها عشية الانتخابات يمكن للمطارق العربية أن تضربه لتؤثر فيه سياسيا بضغوط لا نقول أنها معجزة أذا ما جرى توظيف ما تبقى من ثقل ومال عربي باتجاه صحيح لا يخدم نتنياهو وانما يتصادم مع خططه..
والسؤال لماذا لا يجري دعم خصوم نتنياهو حتى يسقط ، اليس اسرائيل تبحث ليل نهار عن بديل لأبو مازن ولا تدعي الطهارة حين تضع يدها في الماء الفلسطيني ، فلماذا لا يرد عليها فلسطينيا أو عربيا بوضع العرب أيديهم في العجين الإسرائيلي ليخربطوه أن كان فيهم صادق.
الم تدس روسيا يدها في العجين الأميركي الذي جاء بترمب وما زال التأثير لذلك قائماً ؟..
محاربة الخصم لها أكثر من وسيلة وإذا كانت بقية النظام العربي تشكوا من إسرائيل أو تخشى من خطط اليمين الإسرائيلي فلماذا لا تدخل على العجينة الإسرائيلية الآن ساعة إرسالها للفرن لتشكل شيئاً جديداً بدل تلك السلفة التي دفعت قبل سنوات لإنجاح نتنياهو على حساب الوسط واليسار الإسرائيلي ..
بدأت اعتقد أن اليمين العربي يدعم اليمين الإسرائيلي وله مصلحة في ذلك حتى أن الاتفاق ربما يصل إلى اتفاق على تسمية “العدو” الذي تغير الآن ليصبح إيران ولذا فإن إسرائيل الغربية المظهر سيعاد تشكيلها وتغطيتها بعباءة عربية ووضع عقال على رأسها وشماغ أو كوفية للتمويه حتى تعبر إلى الجامعة العربية وتأخذ مقعداً يفضله البعض على مقعد سوريا المطرودة وقد تسمى دولة سنية لتبرير مواجهة إيران باعتبار أن جزء من سكانها الذين لا تعترف بهم هم من السنة .. وانه يمكن تسويقها على هذا النحو قبل أن تطردهم أو تقتلعهم أو تأخذ بتطبيق مشروع الدولة اليهودية النقية من غير اليهود عليهم ..
ما سيجري في وارسو هو اكبر من وارسو انه مشروع عالمي يذكر بتلك المشاريع التاريخية الخطيرة التي كان لها ما بعدها انه يسعى إلى تشكيل عالمي جديد لمنطقتنا والى تجيير ما فيها لصالح الوكيل الإسرائيلي الذي أرادوا التمديد لعدوانه وتجديد شهادة ميلاده بعد أن أصبحت ديونه لجهة استحقاقات قرارات الشرعية الدولية كبيرة وطافحة..
نعم نحن إمام كارثة يستطيع الفلسطينيون بوحدة إرادتهم إسقاطها فهم قد عطلوا قطار صفقة القرن التي لم يكشف مصمموها ملامحها وأحجموا عن طرح تفاصيلها والتفوا على الموقف الفلسطيني الذي رفضها ليبحثوا عن بدائل يجري سوقها إلى وارسو.
نعم ما أسموه بالناتو العربي هو التكوين الذي أرادوا به المشاركة في وارسو وهو الفيلق العربي في التصفية والذي استدار 180 درجة من الدفاع عن فلسطين إلى اغتيال فلسطين ..
أن كوشنر والمقاولين الصغار المستعجلين في البيت الأبيض لتنفيذ ( ماكيت ) أو خريطة التصميم الجديدة يريدون بناء حلف عسكري ستسمع إطلاق صافرته في وارسو يشارك فيه العرب مع إسرائيل ضد إيران فالولايات المتحدة التي أرادت اسراج الخيول العربية مبكراً لن تحارب إيران الا بالعرب وبالمال العربي كما حاربت في أفغانستان بالجهاد العربي والإسلامي وبالمال العربي لتهزم الاتحاد السوفييتي بالجهاد والمال العربي والبقية عندكم ..
مرة أخرى يلدغ العرب من نفس الجحر الواحد عشر مرات لا لأنهم لا يعرفون بل لأنهم يعرفون ويدركون أن بقاء الأنظمة العربية الذاهبة إلى وارسو مرتبط برضى الشيخ الأميركي وحضور الزار الانتخابي الإسرائيلي في خيمة وارسو حيث تصب السادة ويهز الفنجان ويبرم الكثيرون شواربهم ويدقون صدورهم تعهدا لما هو قادم من تفويض..
المسألة ليست خديعة فكل شيء أصبح مكشوفاً وأنظمة وارسو الجديدة التي ستعمد هناك لم يعد لها صلة بالقضية أو حتى بشعوبها التي أعياها الجوع والمرض والاضطهاد والمعاناة لأنها ما زالت تلهج بفلسطين وتنتظر يوم الانتصار لها..
مؤتمر وارسو كما قالت فتح في بيانها “هو محاولة أميركية – إسرائيلية للترويج لأفكار لا يقبلها أو يتعاطى معها إلا كل خائن للقدس والأقصى وكنيسة القيامة” , انه تصفية لقضية فلسطين وعلى كل الأطراف الوطنية الفلسطينية ومن رأت حقها في القدس وأمنت بروايتها عنها أن تصطف خلف والى جانب الرئيس عباس الذي سيقطع هذه المخاضة مسلحا بإرادة شعبه وتراث قضيته وليكن ما سيكون ..
ومثال قوله :” نحاول ملكاً أو نموت فنعذرا “!!