عروبة الإخباري – كتب سلطان الحطاب-
لا يجوز استمرار تعليق الشرعية والمستفيد من الزمن الضائع هم أعداء المشروع الوطني الفلسطيني مهما كانت تسمياتهم وإدعاء حرصهم، ولذا فإن الدعوة هي أن يكون “آخر العلاج الكي”.
حماس ظلت بعلم أو بغير علم ترهن المشروع الوطني الفلسطيني بعيدا عن الأهداف التي لا بد أن يبلغها وحتى الوسائل التي لا بد من سلوكها للوصول إليه..
فقد كانت فكرة النشأة لحماس في الأصل قد جاءت كمحاولة لضرب المشروع الوطني وطرح بديل له وتقويضه، وفي سبيل ذلك أخذت حماس أشكالا من المقاومة التي شوهت المشروع، حين عمدت إلى قتل مدنيين ونسف أسواق وحافلات نقل ليستقر في ذهن العالم صورة مشوهة عن الفلسطيني والتي ما زال يعمل الرئيس عباس من أجل مسحها والتخلص منها لتقديم صورة صافية عن المقاومة السلمية التي يقبلها العالم ويُقرّها ويدافع عنها وتكسب إجماع الشعب الفلسطيني حولها.
وما أن استقر وجود حماس ككيان سياسي وعسكري نبت في ظل أوضاع متشابكة وغير شفافة، حتى أعلنت انقلابها في غزة على الشرعية، بإدخال حصان طروادة أو استعماله حين قدم لها الاحتلال مبررات جاءت على شكل ممارسات المنشق محمد دحلان حين اختبأت حماس خلف ممارساته وقد مكّنها أن تقوم بعملها حين لم يُمكن حُماة المشروع الوطني في غزة من أن يقوموا بعملهم وتركهم لقمة سائغة، وجعل خياراتهم محدودة فقد ظلت القيادة الشرعية الفلسطينية تؤمن بتحريم الدم الفلسطيني وعدم جواز قتل الفلسطيني للفلسطيني، وقبول ترك الطفل للأم غير الشرعية حتى لا يقسم كما في قصة سليمان الحكيم.
لكن حماس أرادت أن ترث المشروع الفلسطيني لتقتله وتدس في فراشه مشروعا آخر غير وطني كما أرادت الانقسام وسيلة لتدمير هذا المشروع وقد فعلت وما زالت وأصبحت مهمتها الاساسية هي منع تطوير المشروع الوطني او ترميمه ومنع صناعة مؤسساته وأدواته أو بناء مرتكزاته، فاعترضت على الدعوة للانتخابات بشراكتها وعلى الدعوة لانتخابات رئاسية واستثمرت فوزا حفظه لها الرئيس الفلسطيني عباس الذي أراد صناعة نموذج ديموقراطي فلسطيني دون أن يعلم أنه يرمي الدرر أمام (…) وأنه قدم لحماس وفكرتها خشبة نجاة لتصعد فوق الشجرة وانها لا تريد أن تتكرر التجربة حتى لا يفوز سواها بعد أن انكشف أمرها وبانت سوءاتها وراحت تمعن استثمارا في الانقسام وقد حولت شعب غزة إلى دروع بشرية وأرادت أن تطعمه من الانفاق وحكمته حكم قراقوش ومنعت هذا الشعب الصامد المقاوم من أن يعبر عن نفسه وجعلته في حصار مستمر حين استعدت عليه الصديق قبل العدو.
وحين راحت تتدخل في شؤون مصر وامتداداها الجغرافي لتدعم نظام الاسلاميين الذي سقط في مصر بعد ان راهنت عليه كثيرا وسددت الفاتورة الفلسطينية له دون أن تدرك أنه كان يريد القضية الفلسطينية وقودا لإشعال المزيد من الارهاب والعنف البعيد عن مقاومة الاحتلال والمغروس كسكاكين في الجسد الفلسطيني لإضعافه وتقويضه..
حماس اليوم ما زالت تقاوم المشروع الوطني فترفض الانتخابات وترفض المصالحة وتتمسك بالانقسام وتبرر التعامل مع الاحتلال بنقل المال القطري عبر مطار بن غوريون وتعتقل أي مقاوم في غزة يحرج سلطة إدارتها في لجنتيها الإدارية وتجري محادثات سرية وتقبل بالدولة المؤقتة وبأرض في سيناء بديل أرض فلسطين.
وهي تزعم أن أي انتخابات أو عقد مجالس وطنية إنما هي من طينة الاحتلال وتحت حرابه دون أن تدرك أو وهي تدرك وتخفي أن شهادة ميلادها موقعة من جنرالات اسرائيليين وأن ولادتها قامت من أوسلو وأن شرعيتها جاءت من هناك فلماذا استمرار المزايدة المعروفة نتائجه.
هي اليوم تقاتل بشراسة ضد المشروع الوطني حين واصلت رفضه والتشكيك فيه، وأرادت أن تصادره بوسائل عديدة وقد أدركت القيادة الفلسطينية التي تتحدث لغة العالم وتحمل القضية إلى المحافل الدولية وتكسب الرهان في إدانة اسرائيل وإظهار حقيقتها البشعة وملامحها الارهابية كل هذه النوايا الحمساوية.
أدركت القيادة الشرعية الفلسطينية أن حجم مقاومة المشروع الفلسطيني من حماس يعادل حجم مقاومته من اسرائيل وأن هناك عدوا لهذا المشروع باسم تبنيه وإدعاء الحرص عليه. ولذا جاء قرار القيادة الفلسطينية الأخير إجراء عملية جراحية لاجتثاث الورم الذي يهدد المشروع الوطني بالدعوة إلى تشكيل حكومة فصائلية من رفاق المسيرة في منظمة التحرير الفلسطينية التي كانت بيت الفلسطينيين ووطنهم المؤقت وإطار كفاحهم وسجل شهدائهم وعنوانهم الموثق في العالم..
وأرادت حماس السطو على المنظمة ولم تشأ الانضواء في إطارها ولكن أرادت هدمها لصالح تصدير المشروع الوطني عبر الحدود وبيعه لمن يدعم فكرها الايدولوجي وينتصر لعمقها الحزبي عبر العالم على حساب الشعب الفلسطيني وقضيته.
كان لا بد من إجراء هذه العملية الجراحية وهو اجتثاث ورم حماس من المشروع الفلسطيني ليبقى محافظا على الهوية الوطنية الفلسطينية وقادرا على النهوض بالقرار ألفلسطيني والدفاع عن قضية الشعب الفلسطيني في وجه سياسات الاحتلال وطمس الهوية، وانكار حق تقرير المصير وإقامة دولة الشعب الفلسطيني على ترابه الوطني ضمن رؤية حل الدولتين الذي تآمرت عليه حماس ورهنته أكثر مما تآمرت عليه إسرائيل!
نعم أرادت القيادة الفلسطينية بعد طول انتظار ويأس أن تنفذ المشروع الوطني الفلسطيني فدعت إلى استكمال بناء المؤسسات الفلسطينية لتطلق بهذا المشروع بعيدا عن التصفية والإذابة الداخلية والمصادرة الخارجية ، ولذا استشرست حماس لمنع عملية الإنقاذ والتي جاءت خطواتها من جانب القيادة الفلسطينية بعد تشكيل المجلس الوطني الفلسطيني إلى حل المجلس التشريعي والدعوة إلى انتخابات وإلى تشكيل حكومة وطنية فلسطينية فصائلية أدركت فصائل أهميتها، وما زالت فصائل أخرى تخلفت عن المتابعة والدراية لم تدرك بعد وذهبت تمشي خلف ضبع حماس إلى مغارة التصفية باسم أن “الكفر عناد” وأن العودة إلى المشاركة تعني الصعود إلى الميزان بعد فقدان الرصيد، ولم يعد لهذه الفصائل سوى شجرة العائلة والانتساب للمنظمة وسجلات الرواتب لعناصر انفضت أو رحلت أو غيرت مواقعها لم تبق إلا الاختام القديمة والشعارات والخرائط والمقرات آلتي اغلق معظمها , لم يبق إلا السيّر والتاريخ ورواية الشب الذي تغرب والكهل الذي ماتت اجياله!!
هذه الفصائل التي ما زالت ترفض الابن الضال الذي سيعود عن ضلاله ولكن حماس ليست كذلك أنها العدو الكامن والسوس الذي يريد أن يقتات على عمود البناء والحبر الذي يريد طمس ألانجاز بل هي طعنة الظهر ويد الظلام وتعمية الهوية.
إذن تمضي فتح الآن بالمشروع الوطني الذي نهشه الانقسام وادمى اطرافه مراهنة على إرادة شعبنا وفصائله الوطنية ومنظماته الاجتماعية والشعبية وعمقه المدني وعلى سجلات مليئة من الشهداء والمقاومين والأسرى وعلى طاقة شعبنا المتقدة.
تمضي بالمشروع إمام سكاكين حماس ومؤامراتها واستعدائها دون أن تعبأ بالصراخ وقراءة التعاويذ والطلاسم فقد انفضح سحر حماس وسينقلب على رأسها خاصة وان عملية اجتثاث الورم التي تأخرت قد بدأت وبمبضع حريص على الحفاظ على المشروع الوطني وسلامته ودفعه إلى الحياة بعيدا عن مصارعة المرض والاستكانة له أو التكيف معه .
نعم اخطأت القيادة الفلسطينية في تأجيل البتر واجتثاث ما علق بتاريخ وجغرافية الشعب الفلسطيني من شمال الوطن وجنوبه حين جرى التأجيل باسم الحرص والاستمهال باسم الرحمة والصبر باسم المعاناة واستنفذ انقلاب حماس الامكانيات الفلسطينية وميزانية السلطة التي كان يذهب نصفها لغزة دون أن يصرف هذا النصف كله على مواطني القطاع فقد كانت السلطة تدفع ثمن الماء والكهرباء والوقود والرواتب في حين كانت طغم حماس من الذين يجوبون العواصم يستعدون على قيادة شعبنا … كانوا يجبون المال من العائلات المعوزة نظير الماء والكهرباء والخدمات لجيوبهم وجيوب اعوانهم وانصارهم وعائلاتهم …
حماس أصبحت طبقة اجتماعية تعيش خلاف بقية سكان غزة واهلها وأصبح للحى امتيازات وهي علامات فارقة ظلت تزيد من ثرواتها.
لن يغفل شعبنا عما جرى وسترى هذه الطغمة التي خطفت غزة وشعبها يوماً في تصفية الحساب على يد شعبنا.
نحن لا ندعو عدونا أو اعدائنا لذلك وإنما ندعو شعبنا أن يتخلص من هذه المجموعة التي ترى ضرورة تصفية المشروع الوطني وتلتقي مع مهندسي صفقة القرن في ذلك وتقدم لهم الخدمة وتعمل من خلال خنادقها.
لقد انكشف الأمر وسيقلب السحر على الساحر ولم يعد بداُ من اجتثاث الورم الذي أصبح مهدداً للمشروع الوطني برمته وها هو الرئيس أبو مازن وقيادته وقد شخصوا الحال ووجدوا لابد من انقاذ هذا المشروع باستكمال بناءه بعد أن وجدوا أن انتظار حماس هو شكل من اشكال العبث وهو شبه بانتظار المرض ليستفحل ويصعب علاجه…
نعم الاجتثاث هو الوسيلة لانقاذ المشروع ولا بد من تأهيل الجسم الفلسطيني الآن ليسير بلا اورام أو امراض بعيداً عن حماس ومشروعها ومخططاتها.
المشروع الفلسطيني سيمضي بمن يشارك فلم يعد هناك ترف للوقت أو ترف الانتظار ولم يعد وقد انكشف المخطط وشكل المؤامرة مجالاً إلا الانطلاق باتجاه تعميق المشروع الوطني وحمله إلى العالم كله بعيداً عن التشويه فقد ظل العالم الحر والشريف يقدم النصائح للقيادة الفلسطينية بضرورة أن تنظف البيت الفلسطيني من ما علق به من وباء وإمراض وان تعيد الصيغة الوطنية إلى نصابها وان يجري موضعة القضية لتكون قابلة للقراءة والإسناد والفهم الدولي .
نعم لحكومة وطنية فصائلية ولا لاستمرار السكوت على المرض وحجز مساحات له …نعم لاستئناف المسيرة العظيمة لشعبنا التي بدأت في 1/1/1965 وطنية حرة لتعود إلى سابق عهدها في إطار منظمة التحرير الفلسطينية ومع مشاركة فصائلية وطنية تريد الوصول بالمشروع الوطني الفلسطيني إلى النصر ببناء الدولة الفلسطينية المشتعلة وعاصمتها القدس الشرقية..