عروبة الإخباري – بدأت الوكالة الفلسطينية للتعاون الدولي “بيكا” تحضيراتها لمؤتمر منظمة الأمم المتحدة الثاني لتعاون دول الجنوب، ضمن تحضيرات فلسطين لترؤس المؤتمر نهوضا بمسؤولياتها كرئيس لمجموعة الـ77+ الصين، والمقرر عقده في العاصمة الارجنتينية بيونس ايرس في الفترة 20-23 آذار المقبل.
ويصادف تاريخ انعقاد المؤتمر، الذكرى الأربعين لانعقاد المؤتمر الأول لتعاون جنوب-جنوب، الذي عقد في العاصمة الارجنتينية عام 1978، ووضع حينها خطة عمل لتعزيز التعاون الفني والتقني بين البلدان النامية في آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية، وعرف بـ”اعلان بيونس ايرس”.
وتتولى الوكالة الفلسطينية للتعاون الدولي، عملية التنسيق بين الوكالات التنموية والفنية للدول المشاركة من جهة، والجهات القائمة على المؤتمر من جهة أخرى، وذلك بصفتها الوكالة الفنية التابعة للدولة رئيسة المؤتمر، وأيضا رئيسة لجنة التنسيق بين وكالات التعاون الدولي لدول منظمة العالم الإسلامي، وتضم أيضا: تركيا، واندونيسيا، وتونس، والمغرب، إضافة الى البنك الإسلامي للتنمية، سعيا لتحقيق الأهداف المتفق عليها للمؤتمر.
وقال مدير عام الوكالة عماد الزهيري: “إضافة الى المسؤولية الجماعية في التنسيق بين الوكالات والجهات القائمة على المؤتمر، هناك مسؤولية فردية للوكالة وهي تعزيز دور فلسطين في تنفيذ الأجندة الإنمائية الدولية من خلال برامج التعاون جنوب – جنوب، والتي هي جزء منها في مجالات تنموية متعددة، وستقوم بعكس تجربتها الفريدة بتقديم الدعم الفني لدول أخرى رغم عملها في ظل ظروف معقدة تحت الاحتلال”.
وعلى هامش المؤتمر، قال الزهيري، إن الوكالة الفلسطينية ستنظم عددا من الفعاليات بشراكة مع الوكالة المغربية للتعاون الدولي، لعرض تجربتهما في المجال الصحي، وجهودهما في تنفيذ الأهداف التنموية الدولية ذات الصلة، إضافة لنشاطات وبرامج أخرى تنوي الوكالة الفلسطينية تنظيمها في نيويورك هذا العام لعرض مساهمتها في تحقيق الأهداف الانمائية على الصعيد الدولي.
ومنذ تأسيسها بمرسوم رئاسي في العام 2016، كذراع للدبلوماسية العامة، نفذت “بيكا” العديد من برامج الدعم الفني ضمن مشاريع في مجالات الزراعة والصحة والتعليم والطاقة ومكافحة الفقر والتدخل السريع للتخفيف من آثار الكوارث الطبيعية، وشملت مشاريع في موريتانيا، وراوندا، وموزنبيق، وساحل العاج، وسيريلانكا، وباكستان، وتشيلي، وفنزويلا، وسانت فنسنت والغرانادين، واندونيسيا، دومينيكا، والاكوادور.
وتحضر الوكالة لتنفيذ رزمة أخرى من البرامج والمشاريع في غينيا، ومالي، وبوركينا فاسو، ونيكاراغوا، إضافة الى برنامج لمكافحة الفقر في 12 دولة افريقية بالتعاون مع البتك الإسلامي للتنمية ووكالات إسلامية أخرى.
وقال الزهيري “كل هذه البرامج والمشاريع تأتي في اطار التعاون جنوب ــ جنوب، الثلاثي والمتعدد، لتحقيق الاهداف الانمائية على الصعيد الدولي، وفي هذا الاطار أيضا، يأتي دورنا في اطار التحضير وترؤس فلسطين لمؤتمر الأمم المتحدة في بيونس ايرس”.
وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة صادقت في العام 2017 على عقد المؤتمر الثاني للتعاون جنوب ـــــ جنوب في بيونس ايرس، وكلفت الأمين العام للأمم المتحدة بتحضير تقرير شامل يعرض فيه توجهات التعاون جنوب ــــ جنوب، الثلاثي والمتعدد، وبما في ذلك التقدم المحرز في تنفيذ المجتمع الدولي لخطة عمل المؤتمر الاول في 1978، وخصوصا دور الأمم المتحدة في تعزيز هذا التعاون، بالتركيز على التحديات وكيفية مواجهتها، وتحديد الفرص المتاحة.
كما طلبت الأمم المتحدة من أمينها العام وضع مقترح شامل، يتماشي مع شمولية المؤتمر، وإعطاء اهمية خاصة لتعاون البلدان النامية والناشئة “جنوب ــــ جنوب” في تنفيذ أجندة 2030 للتنمية المستدامة، ويضع تعاون “جنوب ــــ جنوب” في صلب نظام الأمم المتحدة للتعاون متعدد الأطراف.
وقال الزهيري “مطلوب من الأمم المتحدة وضع تدابير وإجراءات واضحة، والموارد المالية والفنية اللازمة، وتعميم أهمية برامج التعاون جنوب ــــ جنوب داخل أنظمتها وهيئاتها الرئيسية، ودمج هذه البرامج ضمن برامجها الرئيسية، مع التأكيد في نفس الوقت ان التعاون جنوب ــــ جنوب ليس بديلا عن التعاون شمال جنوب (بين الدول النامية جنوب الكرة الرضية مع دول الشمال المتقدمة في اوروبا ولأميركا الشمالية)، وانما مجال جديد للتعاون متعدد الأطراف، من شأنه فتح فرص جديدة وواعدة، وتحفيز التعاون بين الشمال والجنوب، وتوفير مقاصد بديلة ومبتكرة للعمل المتعلق بالتعاون الانمائي”.
وأضاف الزهيري أن فلسطين، “في إطار تحضيراتها لترؤس المؤتمر، تعمل فلسطين على تحضير وثيقة تتعلق بمخرجات مؤتمر بيونس ايرس (…) المؤتمر فرصة مهمة لدول الجنوب، ونتوقع ان يساهم في تحقيق عدد من الأهداف والتطلعات التي نسعى اليها، ليصبح تعاون جنوب ــــ جنوب أحد ادوات العمل لصياغة وتنفيذ نظام عالمي تنموي جديد”.
وقال “لا يمكن لدول الجنوب، التي تمتلك الامكانيات الفنية والبشرية، وحتى المالية، ان يقتصر دورها على التنفيذ، بل يجب ان تساهم في وضع الاستراتيجيات وصياغة الخطط الانمائية ذات الطبيعة الدولية”.
وتابع: من المهم جدا ان تمتلك الدول المنظومات الحكومية وصناديق التنمية والوكالات الفنية التي تمكنها من الانخراط في برامج التعاون جنوب ــــ جنوب، ومراكز فعل قادرة على القيام بالبحوث اللازمة، وتأسيس والحفاظ وتحديث قواعد بيانات تتعلق بالتعاون جنوب ــــ جنوب، وكذلك اصدار تقارير دورية تعكس هذا التعاون من خلال الأنشطة والبرامج التي تنفذها ضمن اطار التعاون الثلاثي والمتعدد”.
وقال الزهيري ان المؤسسات الوطنية التنموية، وتحديدا وكالات التعاون الفني والدولي، لدول الجنوب “مطالبة أكثر من أي وقت مضى بتطوير انظمة لتقييم مدى تأثير برامج التعاون جنوب ــــ جنوب على اجندة المجتمع الدولي الانمائية . من الضروري ان تقتنع هذه الوكالات ان عملية التقييم هذه ستقود الى تطوير الأداء وتعزيز النتائج، خصوصا مع تنامي دور دول الجنوب في تنفيذ الأهداف الانمائية الدولية، وتوفير الدروس والعبر التي يمكن لدول الجنوب مشاركتها بما يحقق بيئة أفضل للعمل والإنجاز”.
وأنشئت الوكالة الفلسطينية للتعاون الدولي “بيكا” في العام 2016 بمرسوم رئاسي، كأداة دبلوماسية عامة لوزارة الخارجية من خلال تنفيذ السياسة الوطنية في مجال التعاون الدولي، ودعم وتكريس التعاون والتضامن مع الدول الشقيقة والصديقة والداعمة والمنظمات الإقليمية والدولية من خلال التنمية والتعاون الدولي، وتقديم المساعدة الإنمائية والتعاون الفني القائم على المهارات البشرية للدول ذات الاحتياج من خلال الاستعانة بالخبراء الفلسطينيين في الوطن والمهجر، والقيام بدور المنسق والداعم في الوصول إلى مناطق جغرافية متنوعة لتحقيق مصالح دولة فلسطين والشعب الفلسطيني، وتعزيز الهوية الفلسطينية في الخارج، بما في ذلك بين المغتربين، وذلك من خلال الأنشطة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية وغيرها، وتنمية التعاون الثنائي والثلاثي والمتعدد الأطراف في الدول المستهدفة، بما يشمل التعاون بين دول الجنوب وبين دول الشمال والجنوب.
ونفذت الوكالة العديد من البرامج والمشاريع، في القطاعات الصحية والزراعية والتعليمية، اضافة الى تقديم مساعدات فنية لدول واجهت كوارث طبيعية، وتتركز هذه البرامج خصوصا في افريقيا واميركا اللاتينية.
وبهدف تنفيذ برامجها، وقعت الوكالة العديد من الاتفاقيات المحلية والدولية ومذكرات تفاهم مع جهات حكومية ومنظمات فلسطينية متخصصة، كنقابتي: المهندسين، والأطباء، وهي تستعين أيضا بالخبرات الفلسطينية في دول الشتات.