عروبة الإخباري – تنفق قطر وتركيا وعملاء الإخوان المسلمين مبالغ طائلة لتمويل حملات تشويه وإساءة للسعودية منذ بدء مسيرة الإصلاح والتطوير فيها ومن قبل قضية الصحافي جمال خاشقجي، وإن الطرف المستفيد الأول من نتائج هذه الحملات الممنهجة هي إيران، هذا ما أكدته المحامية الدولية الأميركية والباحثة في الشؤون الأمنية إيرينا تسوكرمان.
تسوكرمان، المتخصصة أيضا في قضايا الدفاع عن حقوق الإنسان والأقليات المضطهدة، والتي نشرت الكثير من المقالات حول قضايا الأمن وحقوق الإنسان والشؤون الدولية والجغرافيا السياسية مع اهتمام خاص بالشرق الأوسط، أجرت حواراً حصرياً مع “العربية.نت” أشارت فيه إلى الأدلة والمعطيات التي تستند إليها بشأن مخاطر الحملة المضادة للسعودية التي تشنها قطر وتركيا وأذرع الإخوان المسلمين في الغرب.
وبسؤالها عن تركيزها في العديد من مقالاتها على أن هناك حملة منظمة واضحة تهدف إلى تقويض المملكة العربية السعودية وسياساتها من خلال وسائل الإعلام والهجمات التي تغذيها شركات العلاقات العامة، وعن الدول والمنظمات التي تقف وراء هذه الممارسات.. قالت تسوكرمان: “نعم، يوجد لدي اعتقاد راسخ بأن قطر وتركيا وبعض عملاء الإخوان المسلمين في الغرب يشاركون في تمويل حملة إعلامية وعمليات سياسية لتشويه سمعة الإصلاحات السعودية والحكومة بشكل عام. وأن إيران هي المستفيد بالتأكيد حتى لو لم تكن تكرس نفس المستوى من التمويل والإنفاق على مثل هذه الممارسات”.
وأضافت أن وسائل الإعلام والوكالات الإعلامية الإيرانية عملت جاهدة لتهويل وتضخيم الحملات المناهضة للسعودية. ويبدو لي أنه منذ قضية خاشقجي، كان هناك تركيز بلا توقف على أي واقعة يمكن الزج باسم المملكة العربية السعودية في أي زاوية محتملة لها، بدون أي دليل أو منطق. “وكان من الواضح أن معظم هذه الأخبار المفبركة تم تحضيرها مسبقاً من جانبهم ولكن تم تجاهلها إلى حد كبير من الجمهور المستهدف في الغرب” بحسب تسوكرمان.
استغلال وتضخيم واقعة خاشقجي
وقالت “إن الرأي العام الأميركي والغربي اكتشف بعد فترة وجيزة الحقيقة وراء استغلال وتضخيم واقعة خاشقجي، خاصة عندما تبين أن مقالات خاشقجي المسروقة كانت مجرد فصل من فصول المؤامرة السياسية القطرية التي تستهدف مهاجمة ولي العهد السعودي والحرب في اليمن، بل تحاول “واشنطن بوست” حثيثا دفن تلك المقالات عن طريق تحجيم القدرة على الوصول إليها. وهناك الكثير من الموضوعات التي تم نشرها تباعا والتي سرعان ما تكشف أنها أكاذيب مفبركة لسذاجة الطرح وتناقض المعطيات التي لا يوجد دلائل على صحتها، مثل موضوعات موظف شركة ماكينزي ونتفلكس”.
وتابعت: “كما أنني أرى أن هذه الموضوعات الملفقة مهما بلغت من قمة الإثارة والمبالغة، لم تؤتِ ثماراً لأنها كانت في معظمها لا تهم غالبية الأميركيين، لأنه ببساطة لا يعرف معظم الأميركيين شيئًا عن المملكة العربية السعودية، ولم يكونوا يهتمون لآراء خاشقجي من الأساس”.
وأضافت: “أود الإشارة في هذا السياق إلى أن ما يفصل بين الصحافة الحقيقية وحملات الإساءة والتشهير، هو أن حملة الاغتيال المعنوي للشخصية، تعج بالأباطيل في جوهرها، والاستهانة المطلقة بالحقائق المنطقية والدقة الواقعية، وإملاء كم غزير من المعلومات على القراء لتخطي مرحلة تقييمهم لمدى صدق ما يتم تمريره إليهم. لكن بمجرد أن يقوم طرف أو جهة ما بتضليل القراء من أجل جعلهم أقل تعاطفاً مع الشخصية المستهدفة، فإن هذا الطرف يفقد مصداقيته ولا يستطيع أن يطلق على نفسه مجدداً أنه مؤسسة إعلامية أو منظمة لحقوق الإنسان”.
تمويل الحملات ضد السعودية
وبحسب تسوكرمان، فإنها محض تحركات سياسية، “ولكن لابد أن يكون هناك مصدر ما لتمويل هذه الحملات. إن الأطراف أصحاب المصلحة في تمويل مثل هذه الحملات للتشويه والمؤامرات للاغتيال المعنوي للشخصية معروفون بوضوح، إنهم فقط أولئك الذين يملكون ما يكفي من المال لإنفاقه بدون رادع لمعاداة السعودية، وهم أولئك الذين لديهم دافع لإحراجها أو التسبب في انخفاض معدلات تفضيلها في الغرب، وبالتالي تشير أصابع الاتهام إلى كل من قطر وتركيا ومنافذ الإخوان المسلمين، حيث إنهم يمتلكون الدافع والتمويل اللازم للقيام بذلك، والذين بالإضافة إلى هذه الحملات السرية، يشنون حملات محمومة وعلنية لمحاولة تقويض السعوديين بشكل واضح”.
وبسؤالها عن سبب تشكيكها في صحة بعض جوانب الرواية حول واقعة الفتاة السعودية، البالغة من العمر 18 عاماً، التي هربت إلى تايلاند، قالت تسوكرمان: “إن هناك العديد من الملابسات المريبة والغريبة حول هذه القصة بما يجعلها مثالاً نموذجياً على كيفية استغلال جانب بسيط من واقعة عادية لكي تتحول إلى حملة تشويه متواصلة. من الواضح أن الهدف من هذه الواقعة هو إحراج وتشويه صورة السعوديين، لإعطاء انطباع على أنها بلاد متشددة ومحافظة وأن الإصلاحات ليست حقيقية بالفعل”.
وأضافت: “لا يعني هذا أنني أقول إن كل جزء من وقائع القصة هو محض افتراء صريح، ولكن يجب أن نتذكر جيداً أن أفضل حملات التشويه هي تلك التي يكون لها نصيب ولو ضئيلا من بعض الحقيقة. إنه من الصعب أن تصدق أن فتاة شابة وساذجة ومثالية ستخوض نزاعاً مع عائلتها، لأنها تعيش في مجتمع محافظ نسبياً، مثلها مثل العديد من المراهقين المظلومين أو غير القادرين على التعبير عن وجهات نظرهم.. إن الشباب بشكل طبيعي يريد التهرب من مشاكله، أو أن يهرول إلى آخر العالم. وبالطبع إنه لأمر جيد أن أسرتها ميسورة الحال أيضاً، وإلا لما كانت تملك رفاهية الركض والهروب حتى الآن”.
تفاصيل مثيرة للقلق
وبسؤالها عن بعض التفاصيل المثيرة للقلق المحيطة بالواقعة، والتي تستلزم الانتباه والحذر عند التعاطي معها، قالت تسوكرمان: “ما أثار اهتمامي لأول وهلة هو أن أيا من مؤيديها لم يقدم إلى الفتاة في أي وقت أي دعم حقيقي، بل لم يطرحوا أي أسئلة حول ظروف عائلتها لمعرفة ما إذا كان من الممكن حل هذه المشكلة بالسبل الودية، دون أن تضطر الفتاة إلى الهرب للعيش بعيداً وحيدة، وأن تتخلى عن كل حياتها السابقة في عمر 18 عاماً بدون عائلة”.
ولكن يبدو أن الهدف هو إبعادها عن عائلتها وبلدها بأسرع وقت ممكن، وتوصيل رسالة عامة للغاية وعاجلة لجميع الشابات في السعودية بعدم انتظار الإصلاحات وعدم مساعدة الحكومة في تنفيذها، والتوقف عن البحث عن حلول خلاقة في الوقت الحالي، وأن يتخلين عن المشاركة في تحقيق أشياء عظيمة كما تفعل الكثير من النساء السعوديات اللاتي يدرسن حالياً العلوم ويحصلن على الوظائف، بالإضافة إلى أنهن يصبحن فنانات – وهن موهوبات للغاية – وإنما بدلاً من ذلك، يحفزهن على الهرب بعيداً عن أسرهن وثقافتهن وبلدهن ليتمكن من الاندماج، كونهن ضحايا، وبالتالي لا يكون لهن شأن مهم عن طريق المساهمة الفعالة والإيجابية في بناء وتطوير مجتمعاتهن، أو الترويج لأية أفكار بناءة تساعد أي شخص آخر. إن الغرض من هذه الواقعة أو الترويج بتركيز قوي عليها هو أن يتم تشجيع الشابات على الهروب من المشاكل بدلاً من حلها، وأن تبدو حكومتهن في مظهر سيئ بغض النظر عن سبب مشكلاتهن”.
تسوكرمان أضافت: “تحتوي هذه القصة على العديد من الأضواء الحمراء التي لفتت انتباهي على الفور، حيث إنني متخصصة في قضايا الأقليات المضطهدة، وأقوم بمرافعات نيابة عن العديد من ملتمسي اللجوء واللاجئين، بما في ذلك أشخاص علمانيون أو بدعوى تعرضهم للاضطهاد الديني في بلدان ما، وأتصور أن هذه الشابة، فيما يبدو لديها اختلافات عادية مع عائلتها، وعندما أرادت الابتعاد عن الأسرة والهرب للخارج، صادفت عقبات ولذا بدأت في اختلاق القصص التي تسهل حصولها على حق اللجوء من بلد مثل أستراليا. وبسبب ما يتم تداوله من حملات بشأن الالتزام الديني في السعودية، فإن الحكومة الأسترالية من الطبيعي أن تتجاوب تحت الضغط المحيط بالواقعة إذا ذكرت الفتاة أي اضطهاد ديني فستمنحها حق اللجوء تلقائياً”.
صورة وتهديد غامض
واستطردت: “إنه من الثابت أن الفتاة بعدما توقفت في تايلاند، قامت بمشاركة صورة لتهديد غامض للغاية من ابن عم لها كان قد هدد بقتلها. ومن الممكن أن يكون هذا الأمر صحيحاً تماماً، ولكن لماذا لم تذهب مع تلك المعلومات إلى الحكومة السعودية؟ هل تريد مثلاً أن يكرر ابن عمها الأمر وأن يهدد شخصا آخر ويتكرر معه ما حدث لها؟”.
وبحسب تسوكرمان فإن “ما لم تفعله الفتاة هو توضيح كيف أنها تعرضت لسنوات من الاعتداء الجسدي والنفسي كمبرر لطلب الهروب واللجوء، وربما هو أحد الأسباب التي جعلت العديد من مؤيديها ينسبون إليها ذلك على الرغم من أنها نفت بنفسها حدوث مثل هذه الأشياء. ولكن كانت أيضاً تعليقاتها دائماً غامضة للغاية. وعلى النقيض من ذلك، يستطيع العديد من طالبي اللجوء الذين هم في مواقف خطرة توضيح تفاصيل مروعة لسنوات من الاضطهاد من قبل حكوماتهم أو عائلاتهم، ويمكن أن يفسر بشكل خاص الطرق العديدة التي تم بها التهديد. ويكون العديد منهم مصابين بالصدمة لدرجة أنه حتى مع الدعم الكامل من المحامين والحكومات الأجنبية، فإنهم يخشون التحدث أمام الصحافة لسنوات أو حتى إظهار وجوههم وأسمائهم الحقيقية. وربما تكون هذه الشابة خائفة للغاية”.
وتساءلت تسوكرمان: “هل حياتها في خطر حقاً؟ أم أن هناك شخصا ما نجح في إقناعها بأن تدعي ذلك من أجل أن تصبح بطلة لقصة مثيرة تتحدث عنها الأخبار والإعلام؟”.- العربية.نت