عروبة الإخباري – كتب سلطان الحطاب –
حين كان وزير النقل المثابر المهندس وليد المصري يشرح معاناته هو أيضا من أن الطريق الذي سلكه من جرش إلى عمان استغرق من الوقت ما استغرقه الطريق من شارع الاستقلال في عمان إلى مكتبه في عمان ومن هذه المعاناة تتولد الحاجة إلى الحل.. فكيف يمكن ذلك؟ وما العمل؟ وهل حل مشكلة النقل أصبح أحجية لم يجب على سؤالها أحد حتى الآن؟.
والسؤال هل جرت محاولات جادة لحل مشكلة النقل في العاصمة تحديدا قبل أن نذهب إلى مراكز المدن الأخرى مثل إربد والزرقاء وغيرها؟ ولماذا يجري التهرب من تقديم حل والشروع في إنفاذه ؟ هل لقلة الإمكانيات أم لتعقيد المشكلة أم أن الوزارات المتعاقبة والتي يلغي عمل بعضها بعضا هي السبب؟
ولماذا استنجد الوزير بشركة ” جت” لتقديم حل لبعض مشاكل النقل العام بعد أن أصبحت تجربتها ماثلة وبرسم الاستعمال وبعد جملة النجاحات المتراكمة في مجالات النقل السياحي والعام .
لم يكن طريق شركة “جت” دائما سالكا فلقد عانت الشركة ما عانته شركات أخرى ظلت تراوح مكانها أو غادرت الميدان والفرق أن ” جت” صبرت وصمدت وثابرت واعتمدت على تاريخ طويل من العمل الناجح مكنها من استمرار دورها حين وجدت إدارة كفؤة ومخلصة ومستخلصة للدروس.
إذن لدينا نموذج يمكن الاعتماد عليه والقياس على عمله ويمكن تعميم نجاحه في ميدان النقل العام في عمان الكبرى وعلى مستوى المحافظات وتمكين هذه الشركة من طرح تصوراتها ودعمها بما يمكنها من الانجاز وإعطائها امتيازات تشجعها على الإقدام على مثل هذا العمل الذي أصبحت المغامرة فيه غير محسوبة.
ما زالت ” شركة النقليات السياحية – جت” تعتمد أسلوب الدراسة الدقيقة حين تتوسع وحين تستثمر وحين تدخل مرحلة جديدة ، وقد يكون ذلك من أسباب نجاحها وتطورها واتخاذها نموذجا.
وما دمنا لا ندعو إلى اختراع الدولاب فلنطالب بخطة وطنية شاملة لإصلاح النقل العام وإعادة إنتاج واقع جديد حتى لا نبقى على هذا الشكل المتخلف الذي يستنزف الجهد والمال والوقت ويضرب الاقتصاد الوطني والإنتاجية لأن هناك علاقة وثيقة وعضوية ما بين النقل والاقتصاد والاستثمار والتنمية.
ما زالت الحكومات المتعاقبة تقدم حلولا جزئية غير جسورة وما زالت تراعي معطيات اجتماعية لا يجوز استمرار تعاطيها في دولة تصنف نفسها في باب التقدم والتحضر والأخذ بأسباب ذلك.
لنعترف أن لا إرادة سياسية واضحة وصلبة لتطوير النقل العام والخروج به من دائرة التمزق والكلفة العالية إلى دائرة التنظيم والجدوى الاقتصادية ، فهناك أكثر من تطور لحل هذه المشكلة سواء لجهة الاستثمار الواسع في النقل العام أو لجهة إعادة بناء مكوناته وخاصة الجهات المساهمة فيه سواء كانوا أفرادا أو شركات إذ لا يصلح استمرار رهن خدمة النقل العام لصالح جهات غير قادرة أن تقدمه بما يليق أو أنها تعمل فيه لتغطيه بطالتها والتطلع إلى ربح فردي حين يتوزع الاستثمار في النقل العام على أكثر من (250) شركة فردية وعامة بدل وجود شركتين أو ثلاثة كما حال بلدان أخرى في المنطقة.
لا بد من دراسة تجربة الجوار والاستفادة منها ولا بد من اتخاذ إجراءات مهما بدت مكلفة وقاسية للخروج من الحالة الراهنة ، فالتجارب السابقة ما زالت فاشلة أو لنقل غير قادرة على إخراج حالة النقل إلى وضع الحل المناسب.
قبل سنتين كنت استمعت من معالي مالك حداد وهو الآن مدير عام شركة “جت” كما كان من قبل إلى تصورات دقيقة لحل مشكلة النقل العام بكلفة تصل إلى 200 مليون دينار, كان يمكن اعتمادها من أموال الدعم أو المنحة أو القرض الخليجي . وقد تحدث عن ذلك كما أنني أعدت ذكر هذه الدراسة في المؤتمر الصحفي الذي رعاه وزير النقل المهندس وليد المصري.
وسواء اخذ بهذه الدراسة أو لم يأخذ بها فان حالة النقل العام في الأردن تحتاج إلى حلول سريعة حتى لا يبقى النزف الاقتصادي والكلف التابعة له بما في ذلك الكلفة الأمنية مستمرا …
كان اللقاء سريعا في المؤتمر الصحفي الذي قام لإعلان الخطوة الجديدة التي أطلقتها شركة جت كتطوير عملها من خلال اطلاق (تطبيق الحجز الالكتروني للتذاكر) .
وقد جرى تقديم الخطة وتطبيقاتها السهلة وقد جرى الحديث عن أهدافها ومراميها لتثبت “جت” أنها كانت دائما تؤمن بالمبادرات وتقدم ما يليق بالمواطن الأردني أن يحصل عليه كما لو كان في بلد متقدم.
“جت” ليست بديلا للنقل العام الوطني وهي نموذج يدعو ويحفز للتوسع وبقاء هذا النموذج دون تعميم, هو شكل من أشكال القصور وعدم اللحاق, فلماذا لا تقوم “جت” من خلالها أو من خلال شركة شريكة معها أو ائتلاف لتقديم الحلول, ولماذا ما زالت الجهات الاستثمارية تعزف عن التقدم لحل المشكلة …هل بسبب إخفاقات وخذلان الشركات السابقة أو لان الحكومات لم تكن مخلصة لتمكين القطاع الخاص أم أن الضغوط الاجتماعية لمحتكري النقل على شكل أفراد أو شركات صغيرة أو احتكار خطوط نقل هي السبب…
النقل العام يحتاج إلى مؤتمر وطني عام تشارك فيه كل الأطراف بما فيه البرلمان واعتقد أن هناك مبادرة سابقة قامت لم تكتب لها الحياة أو جرت محاصرتها لتختنق نتاج تبدل الحكومات والانقلاب على أعمال بعضها البعض خاصة مجال النقل
ما قدمته “جت” أخيرا من خدمة تثبت إصرارها على النجاح وبقائها في المقدمة وامتلاكها إدارة كفؤة وتصورات حصيفة ولكن كل ذلك لم يجري تمكينه على المستوى الوطني حتى تفرغ “جت” خبراتها وإمكانياتها وتصوراتها لإنقاذ النقل العام.
نبارك لجت ونضم صوتنا لصوت الوزير المصري وهو يستنجد بها لتدخل إلى المبادرة كما كانت تفعل دائماً..