عروبة الإخباري – أظهرت الأرقام الصادرة عن إدارة المعلومات الجنائية في الأردن، أن هنالك إرتفاعاً مستمراً منذ عام 2015 في أعداد الجرائم الجنسية المرتكبة ومن بينها جريمتي الإغتصاب وهتك العرض في الأردن، وهي جرائم رصدت بناء على شكاوى رسمية قدمت للمراكز الأمنية وأحيلت الى الجهات القضائية المختصة بعد إنتهاء التحقيقات فيها.
وقالت جمعية معهد تضامن النساء الأردني “تضامن”، إنه خلال عام 2017 أرتكبت 145 جريمة إغتصاب وبمعدل حوالي جريمة إغتصاب كل يومين (138 جريمة إغتصاب عام 2016 و 122 جريمة عام 2015)، في حين أرتكبت 1001 جريمة هتك عرض عام 2017 وبمعدل حوالي ثلاث جرائم هتك عرض يومياً (982 جريمة هتك عرض عام 2016 و 752 جريمة عام 2015).
وأضافت الجمعية، أن جريمة التحرش الجنسي بإعتبارها الحلقة الأولى من حلقات الإعتداءات الجنسية التي تتعرض لها النساء والفتيات الى جانب الأطفال ذكوراً وإناثاُ بشكل خاص، تمهد لإرتكاب جرائم جنسية أخطر كهتك العرض والإغتصاب، وإن التصدي لها من شأنه تأمين الحماية للنساء والأطفال من جهة والى الحد من جرائم هتك العرض والإغتصاب ووقف ارتفاع أعدادها من جهة أخرى. فالسكوت عن جريمة التحرش الجنسي سيفتح الباب على مصراعيه لتمادي المتحرشين ويواصلوا إعتداءاتهم الجنسية، وكيف لا وهم يتسلحون بالإنكار المجتمعي السائد، إضافة الى حالة التسامح مع أفعالهم دون رادع أخلاقي وجدي ودون عقاب جذري.
وأشارت إلى أن جريمتي المداعبة المنافية للحياء والفعل المناف للحياء والمنصوص عليهما في قانون العقوبات الأردني، تشملان أغلب أفعال وسلوكيات التحرش، فإن تم إغفال هاتان الجريمتان سواء بسكوت الضحايا أو بإسقاط الشكاوى بدعم مجتمعي نابع من الخوف على السمعة أو العار، أو حتى بالإنكار المجتمعي على مختلف المستويات ومن بينها الإعلام، فسنكون حتماً أمام جرائم جنسية أشد خطورة وأكثر وقعاً على الضحايا بشكل خاص وعلى المجتمع وامنه وإستقراره الاجتماعي بشكل عام.
الدراسات والبيانات والأرقام تشير الى أن التحرش الجنسي منتشر في الأردن كما هو منتشر في كافة دول العالم، وهذه حقيقة لا تقبل الشك في ظل دراسة للجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة تفيد بأن ثلاثة أفراد من كل أربعة شملتهم عينة الدراسة تعرض على الأقل لمرة واحدة لأحد أشكال التحرش الجنسي. ولن يسعف في هذا الإطار التمسك بفردية التحرش وعدم وصوله الى مرحلة الظاهرة، فنحن نعيش في عالم يؤمن بالأدلة القائمة على المعرفة ولم يعد هنالك مجال للتشكيك والإعتماد على تحليلات وتأويلات لا تستند الى أي منطق أو مفهوم علمي موثوق.
وأكدت الجمعية، الحاجة أصبحت ملحة للإعتراف بوجود الظاهرة لنتجاوز مرحلة الإنكار التي لا زالت تقيد كل الجهات المسؤولة وذات العلاقة من إتخاذ إجراءات سريعة وفاعلة، ولننتقل الى مرحلة العمل والتصدي للتحرش الجنسي، وقاية وحماية وإستجابة وتأهيل وعلاج.
ولا تكاد تخلو دولة من دول العالم من ظاهرة التحرش الجنسي ، تلك الظاهرة التي حولت حياة مئات الملايين من النساء والفتيات الى كابوس دائم ، وقضت على مستقبل ملايين من الأطفال فتيان وفتيات بدأوا / بدأن الطفولة بتحرشات وإنتهت بإعتداءات جنسية ستلازم آثارها المدمرة حياة لم يعيشوها / يعشنها بعد . وكان الصمت والرضوخ مسيطران على ضحاياه وعنواناً للرد على المتحرشين والمعتدين ، وكانت السلطة والقوة ولا زالتا مرتعاً وأرضية خصبة للتحرش الجنسي.
ولفتت الى أن التحرش الجنسي لا يحتاج للغة لفهمه ، ولا لشكل أو لباس لممارسته ، ولا لعمر يستهدفه ولا حتى لجنس يفرقه ، وإنما هو فعل غريزي لاأخلاقي يصدر عن أشخاص يعانون من أمراض نفسية عززتها تربية خاطئة لذكورة زائفة وسطحية ، ونظرة دونية للنساء تشكلت عبر التاريخ ، وتتم ممارسته في المحيط الضيق كالبيت وبيوت الجيران والحي ، لينتقل الى الحيز الأوسع كالأماكن العامة والمؤسسات التعليمية وأماكن العمل.
والتحرش الجنسي هو عبارة عن إيحاءات جنسية غير مرغوب فيها ، لفظية أو جسدية ، أو القيام بسلوك ذات طابع جنسي سواء أكان هذا السلوك بشكل صريح أو ضمني. وله أشكال متعددة ووسائل متنوعة تعتمد على المكان الذي يمارس فيه والسلطة والنفوذ اللذان يتمتع بهما المتحرش. كما ويعتبر التحرش الجنسي بفعل واحد أو عدة أفعال حتى لو بدا بعضها عرضياً أو ثانوياً حادثة منفردة ومستمرة وذات خطورة عالية من السلوك الهجومي الذي إتخذ من الملاحقة والإيحاءات الجنسية الالكترونية وسيلة إضافية.