عروبة الإخباري – مع بدأ أعمال الدورة الثلاثون لاجتماع المجلس المركزي يقدم التجمع الوطني للشخصيات المستقلة الذي يرأسه منيب المصري، موقفه أمام اجتماع المجلس المركزي الذي صاغه استنادا إلى الواقع الدولي والاقليمي والعربي، وجاء حصيلة سلسلة اجتماعات عقدها “التجمع” وضمت قرابة (55) شخصية اعتبارية مستقلة منها من يمثل قطاعات اقتصادية وأكاديمية، وخرجت هذه الشخصيات بورقة أكدت على أناجتماع المركزي مهم وضروري كخطوة في طريق استعادة الوحدة الوطنية والاستقلال، وفي مواجهة ما يحاك ضد الشعب الفلسطيني ضمن خطة مرسومة يتم تنفيذها منذ العام 1800، يراد بها محو وجود الشعب الفلسطيني وإقامة الدولة اليهودية على أرض فلسطين التاريخية، وهذا ما يضعنا أمام مسؤوليات جسام لمواجهة هذا المشروع ضمن خطة مدروسة يساهم بها خيرة العقول الفلسطينية في السياسة والاقتصاد والاجتماع والثقافة وغيرها.
وجاء في ورقة “التجمع” “ينعقد هذا الاجتماع في ظل أوضاع إقليمية وعربية عنوانها التوتر والمواجهة والتدخل في الشؤون الداخلية العربية، بما فيها التدخل في الشأن الفلسطيني، هذه الأوضاع ألقت بظلالها على مكانة القضية الفلسطينية بشكل سلبي.
كما ينعقد في ظل سيطرة المسيحية الصهيونية على الكونغرس الأمريكي وعلى مؤسسات الدولة التنفيذية ومحاولاتها السيطرة على قطاع العدالة في أمريكا، فالإدارة الأمريكية تعمل وبشكل محموم لإنهاء المشروع الوطني الفلسطيني عِبر عناوين عديدة منها صفقة القرن وما تضمنته من إجراءات تمثلت بالاعتراف بالقدس كعاصمة لدولة الاحتلال ونقل سفارتها وإلحاق القنصلية الأمريكية في القدس بها، كذلك وقف المساعدات المالية للسلطة الفلسطينية، وقطعها عن لوكالة الأونروا، ومحاولتها إعادة تعريف اللاجئ الفلسطيني بهدف شطب قضية اللاجئين، عدا عن دعمها اللامحدود للاستيطان في الأرض المحتلة. إضافة إلى ذلك دعمها لسياسات دولة الاحتلال العنصرية تجاه الشعب الفلسطيني وحقوقه. وفي ظل هذا الدعم الأمريكي اللامحدود تعمل دولة الاحتلال على تنفيذ سياساتها الاحتلالية الاحلالية والتوجه نحو مزيد من التطرف والعنصرية التي بدأتها بسن قانون القومية، وتصعيد الاستيطان بشكل جنوني، وحصار قطاع غزة، عدا عن عمليات القتل اليومي سواء في الضفة الغربية أو في قطاع غزة. كل هذا يقود إلى تراجع لا بل انعدام تطبيق حل الدولتين، ويهدد بشكل حقيقي المشروع الوطني الفلسطيني الذي لم يمر بهكذا ظروف منذ نكبة العام 1948.
المطلوب من هذا الاجتماع هو العمل على مواجهة هذه التحديات من خلال تمتين الجبهة الداخلية عِبر:
أولا، إنهاء الانقسام: إن المصلحة الوطنية العليا تتطلب إنهاء الانقسام، فاستمراره سيسهل على أعداء الشعب الفلسطيني، وفي مقدمتهم دولة الاحتلال، تمرير سياساتها في القضاء على المشروع الوطني عِبر ما يُسمى بصفقة القرن. ولا بد هنا من التأكيد على أهمية عدم التعاطي مع كل ما يتم طرحه تحت مسميات إنسانية أو مشاريع اقتصادية تهدف أساسا إلى فصل الضفة الغربية عن قطاع غزة وتصفية القضية الوطنية، كذلك رفع و/أو عدم اتخاذ أي إجراءات تجاه قطاع غزة تضر بصمود وثبات المواطن هناك.
إن إنهاء الانقسام لا يتطلب أي اتفاقيات جديدة بل المطلوب هو تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في هذا الملف، وبخاصة اتفاق القاهرة في أيار 2011 واتفاق تشرين الأول 2017، مع أهمية استمرار الأخوة المصريين في جهودهم لإنهاء هذا الملف.
ومن الأهمية بمكان أن يتم تشكيل حكومة وحدة وطنية لإدارة الشأن الفلسطيني في الأرض المحتلة والتحضير لانتخابات العامة لان ها يشكل مخرجا ديمقراطيا للجميع ويعيد تجديد الشرعيات في هياكل السلطة الفلسطينية، حيث أن إجراء هذا الانتخابات لن تكون بديلا عن المطالبة بانتخابات للمجلس الوطني الفلسطيني، فالمنظمة هي الممثل للشعب الفلسطيني في الوطن والشتات وليس السلطة وهياكلها.
ثانيا، منظمة التحرير الفلسطينية: المنظمة هي الإطار الجامع للشعب الفلسطيني في الداخل والخارج وهي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وهي بحاجة إلى دمقرطة حياتها الداخلية وتقوية مؤسساتها، وانضمام جميع الفصائل اليها، وأن إبقاء المنظمة على هذا الحال لا يخدم أحدا بل يساهم في تهميشها، فالمطلوب الآن هو الاتفاق على آـلية تعيد الاعتبار لها، والانتخابات هي أساس دمقرطة مؤسساتها وبخاصة المجلس الوطني، الذي يُشكل أعلى سلطة للشعب الفلسطيني.
إن انعقاد المجلس الوطني هو خطوة ايجابية تكتمل بالتأمه بكامل أعضاءه، من الداخل والخارج، كجزء أساسي من إعادة الاعتبار للمنظمة مع أهمية الالتزام بالقوانين واللوائح الداخلية وعدم تجاوزها وبخاصة فيما يتعلق بالصندوق القومي ودوائر المنظمة الأخرى.
ولا بد من الإشارة إلى أهمية إعادة صياغة العلاقة ما بين منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية، بحيث يتم التأكيد على أن الثانية هي ذراع سياسي لإدارة شؤون الفلسطينيين في الأرض المحتلة عام 1967، لأن أن الواقع الحالي يشير إلى ذوبان المنظمة في هياكل السلطة وهذا الأمر له تبعات سياسية سيئة جدا على وحدة الشعب الفلسطيني وعلى المشروع الوطني بشكل عام، فهناك ضرورة لتحديد المهام المطلوبة من السلطة الفلسطينية القيام بها دون الانتقاص من عمل وصلاحيات مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية.
ثالثا، الوضع الداخلي: هناك ضرورة لاتخاذ سياسات وإجراءات وتدابير من شأنها أن تعزز ثقة المواطن بالقائمين على المشروع الوطني، وهذا يتطلب شعور كل فرد في المجتمع بأن لديه نفس الفرصة ونفس الخيارات كغيره من باقي المواطنين، فالعدالة هي أساس ومبتغى الحكم الرشيد، ومحاربة الفساد مهما صغر أبو كبر يكتسب إلى جانب مردوده الاقتصادي العالي قيمة اجتماعية وأخلاقية ومعنوية تحصن أفراد المجتمع ومؤسساته وتمكنه من مواصلة نضاله وصراعه مع الاحتلال، وإعادة بناء الجبهة الداخلية على أسس تحترم حق المواطن في العيش الكريم والفرص المتكافئة، وضمان الحد الأدنى من جودة التعليم، والخدمات الصحية، وتوفير فرص عمل ملائمة والتقليل من نسبة البطالة المتفشية وبخاصة في أوساط الشباب، كإحدى مقومات الصمود والبقاء، وتوفير الأمن الشخصي والعام لكل أفراد المجتمع وتطبيق القانون على الجميع، والتقيد بمبدأ بفصل السلطات وعدم التدخل في القضاء وتعزيز استقلاليته ونزاهته وشفافيته، والكف عن تقييد الحريات الفردية والجماعية وتدخل أجهزة الأمن في الشأن العام بطرق ليس لها سند قانوني، وخارج إطار صلاحياتها.
كذلك هناك حاجة إلى إعادة مفهوم الشراكة السياسية الكاملة وعدم الاستفراد بالقرارات، يبدأ أساسا من إصلاح وتطوير وتفعيل مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية على أسس ديمقراطية أساسها الانتخابات حيثما أمكن ذلك، وإن البدء بدمقرطة مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية يشكل أساسا لإعادة الحياة بقوة إلى النقابات والاتحادات وحتى الأحزاب التي فقدت دورها الفاعل في أوساط الشعب الفلسطيني، فلا يمكن أن تكون هذه الهياكل عبارة عن أسماء أو ممالك لهذا الشخص أو ذاك فهي هياكل تمثيلية تأخذ شرعيتها من صندوق الاقتراع، ووجودها هو ضرورة لحماية المجتمع وتحصين وتمكين وتقوية وضعه الداخلي، لتمكين وتعزيز صموده وزيادة وتوسيع مشاركته في المقاومة السلمية بجميع أشكالها، والتي أثبتت فاعليتها والخان الأحمر وغيره من الأمان تشكل نموذجا مهما في هذا الشأن.
رابعا، القدس:القدس هي رأس وقلب الجسم الفلسطيني وهي عاصمة الدولة العتيدة، وهناك ضرورة وأهمية لتعزيز صمود مواطني مدينة القدس، وفق الخطط الموضوعة وإدخال تعديلات عليها إن تتطلب الأمر، وجميعها سواء التي أعدتها الرئاسة او مؤسسة التعاون أو بكدار أو صندوق ووقفية القدس تؤكد أننا بحاجة إلى (80-100) مليون دولار سنويا لمجابهة ممارسات الاحتلال في القدس ,والتي تأتي ضمن خطة مبرمجة بدأها الاحتلال منذ منتصف القرن الثامن عشر ويسعون من خلالها لطرد كل فلسطيني من القدس خلال الأعوام المقبلة (إن لم نتدارك أنفسنا) ونذكر هنا تهجير الاحتلال لمسيحيي فلسطين الذين غدوا يشكلون 1% من أهل فلسطين بعد أن كانوا يشكلون 29%، وهنا نؤكد ضرورة توفير الموارد المالية المطلوبة لإعمال هذه الخطط، وتوفير هذه الموارد يعتمد على الفلسطينيين بشكل أساسي في الحكومة من خلال رفع حصة القدس من الموازنة العامة والقطاع الخاص (في الوطن والشتات) من خلال تفعيل مساهماته في دعم المشاريع التنموية بمدينة القدس (وهنا ادعوكم للإطلاع على تجربة صندوق ووقفية القدس ومشاريعه التنموية)، وهناك حاجة وضرورة لتفعيل جميع القرارات التي اتخذت فلسطينيا، وعربيا، وفي منظمة التعاون الإسلامي، بشأن توفير الدعم المالي لمدينة القدس من خلال الصناديق أو الوقفيات التي أعلن عنها كذلك هناك حاجة مُلحه لتوحيد المرجعيات المقدسية جميعها تحت مظلة الدائرة المختصة في منظمة التحرير الفلسطينية وتنسيق عمل جميع الجهات العاملة والممولة لمدينة القدس وتكثيف اجتماعاتها لمواكبة الأخطار المتصاعدة. وكذلك وضع خطة ممنهجة ومدروسة لحماية العقارات في القدس والعمل على وقف المهدد منها ومحاسبة المسربين والمتواطئين معهم، إضافة إلى ذلك إطلاق حملة إعلامية على المستوى الدولي للتعريف بالانتهاكات التي تتعرض لها مدينة القدس.
خامسا،الوضع الاقتصادي: أهمية بناء الاقتصاديات المحلية وتعزيزها ودعمها، فمن شأن ذلك أن يساعد في الانفكاك عن اقتصاد دولة الاحتلال، وكذلك العمل على دعم حركة المقاطعة (BDS). إن الاقتصاد ركيزة أساسية في تثبيت المواطن فوق أرضه، ومسؤولية بناء اقتصاد يساعد في توفير العيش الكريم للمواطن وفي ذات الوقت يقلل من اعتماده على اقتصاد دولة الاحتلال هي مسؤولية مشتركة ما بين القطاعين العام والخاص، حيث آن الأوان لوضع الأسس لاقتصاد يعتمد أساسا على ذاته، أساسه الإنتاج وليس اقتصاد خدماتي أو استهلاكي، وهذا متطلب أساسي يهيئ الأرضية لفحص إمكانية تنفيذ القرارات المتعلقة بالعلاقات الاقتصادية مع دولة الاحتلال على أرض الواقع، ومراجعة اتفاقية باريس الاقتصادية بما يتناسب والمصلحة الاقتصادية للفلسطينيين.
الاقتصاد الفلسطيني اقتصاد هش مشوه تابع أو ملحق غير قادر على تحقيق تنمية بسبب الاحتلال، وهذا يتناقض مع التوجهات السياسية في الوصول إلى الاستقلال الناجز، وهناك غياب للسياسات في التعاطي مع فك الارتباط بالاقتصاد الإسرائيلي وتحويله إلى اقتصاد إنتاجي وليس استهلاكي، من هنا فإن هناك ضرورة إلى تشكيل مجلس اقتصادي اجتماعي (يضم ممثلين عن منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية، والقطاعين الخاص والأهلي) قادر على وضع سياسات واتخاذ إجراءات وتدابير من أجل النهوض بالواقع الاقتصادي وإيجاد فرص عمل حقيقية والتخفيف من حدة البطالة.
هذا الاجتماع يجب أن يخرج بخطط وآليات لكيفية تنفيذ قرارات المجلس الوطني، وأيضا قرارات المجلس المركزي السابقة، ومكاشفة الشعب الفلسطيني حول ما في جعبتنا كمجلس مركزي من أجل استعادة الوحدة الوطنية، بكافة مفاعيلها، وتعزيز صمود المواطن على الأرض، وشكل وطبيعة العلاقة ما بين منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية، وكيف لنا أن نهيئ لفك الارتباط مع دولة الاحتلال وغيرها من الأمور التي من شأنها إعادة ثقة المواطن بالقائمين على المشروع الوطني، فهذا يشكل حجر الأساس لمواجهة المشروع الصهيوني وصفقة القرن، وهذا الأمر يحتاج إلى أدوات وإلى موارد وإلى إرادة، وكل ذلك موجود وبحاجة إلى إعادة استنهاض وتعزيز يبدأ من المشاركة السياسية وعدم الاستفراد في القرارات واحترام الأنظمة والقوانين التي وضعتها منظمة التحرير الفلسطينية كأساس للعمل الجمعي المشترك”.