بالرغم من أن أحد أهداف الأمم المتحدة إرساء السلام وصون الأمن العالمي بل لفرضه بالقوة اذا استدعى الأمر ” أي إنهاء العربدة وشريعة الغاب ” إلا أن واقع الحال يشي بغير ذلك ، منطق الحق غائب ومغيب ومنطق القوة الغاشمة السائد ” .
والشواهد على ذلك لا تعد ولا تحصى ، ولكن اليوم وعبر هذه المقالة أخص القضية الفلسطينية التي عانى شعبها ولا زال يعاني من وطأة الاحتلال الإسرائيلي الإرهابي منذ عقود طويلة.
كما أن الشعب الفلسطيني مستمر في معاناته أيضا بحرمانه من ممارسة حقه بتقرير المصير واقامة دولته المستقلة تنفيذا لحقه الطبيعي وفق ميثاق الأمم المتحدة ووفق للقرارات الصادرة عن مؤسساتها “والتي باتت توصف بقرارات الشرعية الدولية ” تلك الشرعية التي للأسف لم تعد تخدم سوى مصالح الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن أو بعضها .
الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها العادية القادمة خلال الأيام القادمة معنية ومطالبة بالإجابة عن عدد من التساؤلات :
أولا : إلى متى ستبقى رهينة لسياسة وإرادة دول كبرى “استعمارية ” صاغت ميثاق الأمم المتحدة ليخدم مصالحها وأهدافها وما حق الفيتو الممنوح لها إلا مثال ودليل واضح على ذلك.
ثانيا : إلى متى ستبقى غالبية الدول الأعضاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة عاجزة عن إيلاء مصالحها السياسية والاقتصادية والأمنية الأولوية القصوى خوفا من أمريكا خاصة التي باتت إدارتها خاصة في عهد الرئيس ترامب تتبجح في تحديها للقانون الدولي والقانون الإنساني وما قراراتها المتتالية ضد الشعب الفلسطيني وقيادته وحقوقه التي تتناقض كليا مع التزاماتها كعضو في الأمم المتحدة إلا دليل على سياستها بتوظيف ميثاق الأمم المتحدة لخدمة أهدافها وضرب عرض الحائط بها إذا ما خالفت أو تناقضت مع أهدافها ومصالحها ومصالح وليدها الكيان الصهيوني العنصري الإرهابي.
ثالثا : إلى متى ستبقى غالبية الدول الأعضاء بالأمم المتحدة والتي باتت توصف بالمغلوب على أمرها لا تثق بقوتها وقدرتها في حال توافقها على مواجهة التحديات والعنجهيات لقوى متغطرسة إقليمية أو دولية ؟
لن أزيد من التساؤلات ولكن بتقديري أن الاجتماع القادم للأمم المتحدة قد يشكل فرصة مواتية أمام هذه الدول وخاصة أمام الدول العربية والإسلامية والصديقة ودول عدم الانحياز وجميع الدول المؤمنة بحق تقرير المصير لجميع شعوب العالم والهادفة للتخلص من التبعية والهيمنة والنفوذ الأمريكي لأن تنتفض بوجه ترامب وإدارته وقراراته المنحازة والداعمة للاحتلال والعدوان الصهيوني بل والمحفزة والمولدة للتطرف والإرهاب على امتداد العالم وان تنتصر للحق وللسلم وللعدالة وما تعنيه من :
—- انتصار لنفسها وحقوقها وسيادتها.
—- انتصار لاهداف الأمم المتحدة ونبذ للعدوان والاحتلال.
—- تعبير عن رفضها لسياسة الإملاء أو الهيمنة بأشكالها من أمريكا أو غيرها من دول تتطلع لمد نفوذها لأسباب استراتيجية أو اقتصادية.
—- تعبير عن حقها بممارسة استقلالها واستقلال قراراتها فيما يتعلق بجميع رؤيتها للقضايا العالمية.
بناءا على ما تقدم فإنني أرى ان الأمم المتحدة مطالبة ومعنية بدعم وإنصاف الشعب الفلسطيني بتمكينه من ممارسة حقه بتقرير المصير واقامة دولته المستقلة وهذا يتطلب عددا من الخطوات منها :
أولا : إصدار قرار يؤكد على وجوب تنفيذ الشق الثاني من قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 181 ” بالرغم من اجحافه بحق الفلسطينيين ” أي إقامة الدولة العربية الفلسطينية على 45 % من مساحة فلسطين التاريخيه.
ثانيا : إصدار قرار يعتبر فيه أن ” دولة الاحتلال الإسرائيلي ” دولة عدوانية توسعية ” لاعتداءها واحتلالها 23 % من أرض الدولة الفلسطينية المعترف بها وفقا للقرار 181 منذ عام 1948.
ثالثا : إصدار قرار غير قابل للتأويل يحمل لغة الإنذار لدولة الإحتلال يطلبها الانسحاب والعودة للحدود المنصوص عليها بقرار التقسيم رقم 181 ضمن جدول زمني قصير المدى.
رابعا : إصدار قرار بفرض عقوبات سياسية واقتصادية وعسكرية ودبلوماسية وثقافية تمهيدا لطردها من عضوية الأمم المتحدة لعدم احترام والالتزام بميثاق الأمم المتحدة وتنفيذ القرارات الدولية بل واعتبارها أنها حبر على ورق من جهة ولانتفاء شرط أساسي من شروط قبولها عضوا في الأمم المتحدة المتمثل في تنفيذ قرار التقسيم رقم 181 وقرار رقم 194 الخاص بتمكين اللاجئين الفلسطينيين العودة إلى مدنهم وقراهم التي طردوا منها عنوة وتعويضهم عما لحق بهم من أضرار مادية ومعنوية ونفسية.
خامسا : إصدار قرار بشجب واستنكار للقرارات الترامبية النتنياهوية التي أبسط ما يمكن وصفها بأنها إنتهاك لحقوق الإنسان وتخل عن القيم الأمريكية المزعومة وبأنها تأييد وتشجيع لارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بل ومكافأة مرتكبيها وتمكينهم الإفلات من العقاب بل من المسائلة وفقا لنظام روما.
سادسا : إصدار قرار حماية للشعب الفلسطيني المضطهد من مجرمي الحرب قادة الكيان الصهيوني العنصري تنفيذا لاتفاقيات جنيف التي توجب تعيين دولة حامية كما تحظر إجراء أي تغيير تشريعي أو جغرافي أو ديمغرافي على الأرض المحتلة.
إذن المطلوب في الاجتماع القادم من يعلق الجرس من دول أو تكتلات للتقدم بمشروع قرار يتضمن جميع ما ذكر أعلاه أو للتقدم بمشاريع قرارات والعمل على حشد التأييد والدعم بغية إحقاق الحق وإنصاف الشعب الفلسطيني بتمكينه من ممارسة حقه بتقرير المصير واقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف التي تشكل رمزا دينيا وتاريخيا وحضاريا للديانات المسيحية والإسلامية.
ولست أعيش حلما اذا ما طالبت بريطانيا وفرنسا تكفيرا عن جريمتهم الاستعمارية بتبني هذه الرؤية فمشروعهم الاستعماري للهيمنة على الوطن العربي انطلق من وعد بلفور الذي ” اكتسب شرعية دولية عبر قرار التقسيم وتمكين العصابات الصهيونية من إحتلال واغتصاب فلسطين وتشريد مئات الآلاف الذين صنفوا سياسيا لاجئين فلسطينيين وأصبحوا الآن واصلابهم ملايين …..
قرار التقسيم يحدد حدود الدولتين. …؟ ! /د فوزي علي السمهوري
19
المقالة السابقة