ان ما تقدم عليه الحكومة اليوم من سياسات ضريبية واعتمادها على جيب المواطن من أجل تغطية عجوزات الموازنة وامتثالا لسياسات صندوق النقد الدولي من أجل الاقتراض فقط ! لهو سياسة عقيمة تقود البلد الى الهاوية.
فيكفي أن نستعرض الدول التي كانت تعتمد على تعليمات صندوق النقد الدولي لندرك حجم الخطر الذي يتربص بالشعب والبلد ، فالحكومة استنزفت المواطن ولم يعد قادرا على الوفاء بالتزاماته الشهرية ،بينما تضرب الحكومة بالاحتجاجات الشعبية عرض الحائط وتصر على المضي قدما في هذه السياسة التي لن تجني منها أي فائدة سوى زيادة الاحتقان الشعبي الذي لا تحمد عقباه .
من المؤكد ان سياسة رفع الأسعار والتغول على جيب المواطن ،الذي بات فارغا ، حرمت الخزينة من ايرادات ثابتة ومبالغ مالية كبيرة كان يمكن لو تم استثمارها بشكل صحيح أن تدفع اقتصاد الدولة الى الأمام بدلا من الانحدار الى الأسفل .
لا يزال أمام الحكومة الوقت الكافي لاستدراك حجم الأخطاء التي ترتكبها بحق المواطن والدولة ، فكيف لها أن تثق بسياسات صندوق النقد الدولي الذي دمر العديد من البلاد وقادها الى مشهد الخراب ؟ لماذا لا تتأمل الحكومة المشهد الشعبي المتأزم وتجعله نصب عينيها ، والذي يزداد احتقانا يوما اثر يوم مع كل هذه السياسات التخريبية للاقتصاد! يتعين على الحكومة فورا انتهاج سياسة اقتصادية أخرى و انشاء مشاريع انتاجية من أجل تكريس الاعتماد على الذات وتطبقها على أرض الواقع بعيدا عن التنظير وأن تتراجع عن سياساتها الضريبية وأن تسحب قانون ضريبة الدخل ، والذي يعتبر مطلبا شعبيا ، اذ ان تجارب وخبرات المواطنين السابقة مع مجلس النواب ازاء العديد من القوانين التي لاقت رفضا شعبيا بينما تم اقرارها من قبل البرلمان ،تجعل الجميع متشائما حول امكانية رفض القانون من قبل النواب المحترمين .
لقد أثبتت الأزمة الأخيرة المتعلقة بقانون الضريبة عدم ثقة المواطن الأردني بأعضاء مجلس النواب ، الذين من المفترض أن يكونوا صوت الشعب والمعبر عن معاناته ومطالباته،والدليل على ذلك لجوء النقابات المهنية وتنادي الجميع الى الاضراب واتخاذ خطوات تصعيدية أخرى والاصرار على سحب القانون وعدم عرضه على مجلس النواب .
ان ما حصل مؤشر على انعدام ثقة المواطن بالنواب ، وهذا الأمر يقودنا الى التساؤل عن الأسباب التي تدفع المواطن الى اختيار النواب ؟؟ فلماذا يرضى المواطن أن يكون مسؤولا عن ايصال أعضاء غير جديرين بالثقة ولا يستطيع الوثوق بهم من أجل رفض قانون” قانون ضريبة الدخل ” يضر بالمصلحة الوطنية ويخلخل المجتمع ويجر على البلد الكوارث ، باعتباره تتويجا لقرارات اقتصادية خاطئة تزيد من الارتهان لصندوق النقد الدولي وتعزز من الرضوخ لاملاءاته التي لا يمكن التكهن بها مستقبلا . هذا التساؤل مدعاة للتفكير من قبل كل الناس ، فلماذا يضع المواطن نفسه في موقف مثل ذلك ، فطالما أنك لا تثق بأي نائب لن يمثلك خير تمثيل ويكون معبرا عن صوتك وتطلعاتك ، فلماذا تقدم على اختيار أشخاص ليسوا أهلا لصوتك ؟! ولماذا لا تضع ورقة بيضاء في الصندوق تعبيرا عن عدم وجود أي مرشح يستحق صوتك ؟!
أمام النواب فرصة تاريخية لاستعادة ثقة المواطن ، وذلك من خلال رد القانون وعدم مناقشة تفاصيله ابتداءً ، ومن ثم طرح الثقة بحكومة الملقي التي قادت البلد الى الهاوية ،حيث ينبغي أن يثمر هذا الحراك الشعبي الذي يعبر عن تنامي احساس المواطن بالانتماء لثرى وطنه ويتوج برحيل حكومة الملقي ويؤسس لحراك نقابي ملتزم وفاعل يستطيع مراقبة الأداء الحكومي والتعبير عن آراء المواطنين بحرية .
سياسة الهاوية /عمر ضمرة
11
المقالة السابقة