لقد ارتبطت الثورة الرقمية الثانية بولادة ما يسمى بالسوشيال ميديا والتي غيرت نظرتنا وطريقة تعاطينا مع كثير من مناحي الحياة , فقد غيرت وسائل التواصل المحدثة طريقة عرضنا لأنفسنا وللصورة التي نسعى إلى أن نسوقها للآخرين عن ذواتنا وأفكارنا وإنجازاتنا .
لقد وجد الكثيرون في هذه الوسائل فرصة سانحة يمكن استغلالها في الترويج لأنفسهم ونجاحاتهم ويبقى هذا كله ضمن المقبول بل والمحمود ما دام أنه يعكس حقيقة الشخص دون تهويل أو تضخيم .لكن الذي نشهده عند تصفحنا لأي من صفحات هذه المواقع هو التقاطع بين شخصياتنا الحقيقية وتلك المثالية التي نصبو إليها والتي قد تقصر هممنا أو قدراتنا عن بلوغها مما أدى إلى إنتاج ذات مزيفة يشار إليها أحيانا بـ “الذات الفيسبوكية” أو Facebook-self.
فتحت ضغط المنافسة الاجتماعية أو المهنية تجدنا ننساق خلف إغراء رسم صور مغرقة في المثالية لأنفسنا، ولا تلبث هذه الصورة أن تطغى على الصورة الحقيقية والتي تبدأ بالانسحاب تدريجيا من الإطار مخلية المجال لتلك المتخيلة والتي بدورها تأخذ بالتضخم التدريجي تحت تأثير النشوة بالأعداد المتزايدة من المعجبين والمتابعين، وعبارات المديح التي يكيلونها وهذا ما يفسر الأوقات الطويلة التي يقضيها معظمنا بين صفحات مواقع التواصل.
لا شك أن هذه الثورة الرقمية قد وفرت لنا منصات مهمة وفاعلة لتسويق أنفسنا وأفكارنا وإنجازاتنا لكن الخطورة تكمن في أن نجد فيها فرصة في رسم صور خادعة لنا عن إنجازات متخيلة نستعيض بها عن محاولة تحقيق أي إنجاز حقيقي .
يجب أن لا ننساق خلف إغراء إجراء مقارنة غير عادلة بين شخصياتنا الحقيقية و تلك المثالية التي يحاول البعض تسويقها عن أنفسهم عبر منصات التواصل فنحن هنا بصدد صورتين تنتميان إلى عالمين مختلفين إحداهما لعالم حقيقي والآخرون لعالم مثالي متخيل, وإن كان لا بد من رسم صورة مثالية لنا على هذه المواقع فذلك لا يمنع من أن نسعى إلى بلوغ هذه الصورة في حياتنا الحقيقية .
نجوم السوشيال ميديا/د. عاصم منصور
18
المقالة السابقة