عروبة الإخباري – أكد مركز المخاطر العالمية أن الحرب الأهلية في اليمن أخذت بعداً دوليا على مدى السنوات الثلاث الماضية.
وقال المركز المتخصص في الأخبار والتحليل المخاطر السياسية ومقره لندن، في تقرير له إن الحوثيون زادوا في الآونة من الهجمات الصاروخية ضد المملكة العربية السعودية، وعلى الرغم من أن الدفاعات الجوية السعودية قد نجحت في تحييد هذه الهجمات، إلا أنها تؤسس لمزيد من التصعيد للصراع في اليمن.
واعتبر المركز أنه لفهم الحرب يجب الرجوع إلى السنوات الماضية، فخلال الربيع العربي، تم التفاوض حول الانتقال السياسي في اليمن للحفاظ على الاستقرار، ونقل السلطة من الرئيس علي عبد الله صالح إلى نائبه عبد ربه منصور هادي، وبسبب هذا التغيير في القيادة، أصبح من غير الممكن احتواء قوى الاضطرابات التي كانت تختمر تحت حكم صالح الطويل، وشكلت مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي والبطالة والفساد تحديًا لدعم الحكومة، حتى مع اندلاع التمرد الذي قامت به الحركة الحوثية الانفصالية منذ نحو عقد من الزمن لمناصرة الأقلية الزيدية الشيعية.
و أشار التقرير أنه في السابق، كان هذا التمرد يقتصر إلى حد كبير على محافظة صعدة الشمالية، ولكن في عام 2014 استولى تحالف الحوثيين والقوات الموالية لصالح على العاصمة صنعاء، وزحف في اتجاه الجنوب، نحو ثاني أكبر مدينة “عدن”، مما دفع هذا السعودية إلى تشكيل تحالف مع عدة دول في المنطقة للتدخل، مع قيام الحلفاء إما بإرسال قوات أو تنفيذ غارات جوية في اليمن.
وبينما كان التحالف يصد هجمات الحوثيين من جنوب اليمن، استفادت الجماعات المتطرفة مثل تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية وتنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، وقد قام التنظيمان بعمليات إرهابية في عدن.وقد جعلت هذه الفصائل الإرهابية الخطوط الفاصلة بين الطرفين المتحاربين غير واضحة، فالصراع القائم هو بين الجماعات الدينية والقبلية، التي تدعمها في المقام الأول إيران أو المملكة العربية السعودية وحلفائها، ولكن في الوقت الذي تحاول فيه القاعدة في شبه الجزيرة العربية والدولة الإسلامية الاستفادة من فراغ السلطة، يصبح الوضع أكثر تعقيدًا، خاصة في ضوء المزاعم القطرية بأن المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة تدعمان هذه المجموعات.
ولفت التقرير أنه فيما كان اللاعبون الدوليون يدفعون باتجاه المفاوضات، كانت محادثات السلام الضعيفة قد تخللتها الحرب، حيث قدم صالح مبادرات سلام إلى السعوديين في العام الماضي، لكنه قُتل أثناء محاولته الفرار من صنعاء في 4 ديسمبر 2017.
أزمة تزداد عمقاَ
وأكد المركز أن الصراع دون رؤية واضحة في الأفق، وأن الاستقرار الإقليمي في اليمن تعرض للخطر، وقد حاول الحوثيون الانتقام من خلال الهجمات الصاروخية على المملكة العربية السعودية، والتي أدت بدورها إلى مزيد من الهجمات من قبل السعوديين، وكان أبرزها هجوم نوفمبر / تشرين الثاني 2017 عندما أصاب صاروخ الحوثي، الذي أفادت وسائل الإعلام السعودية أنه تم تحييده من قبل نظام الدفاع، مطار الملك خالد الدولي بالقرب من الرياض.
واعتبرت السعودية أن هذا الهجوم مدبر من قبل إيران، لتقرر تعزيز حربها على الحوثيين بفرض حصار على جميع المعابر البرية والموانئ والمطارات اليمنية، وفي الوقت الذي أعيد فيه فتح نقاط الدخول التي تسيطر عليها الحكومة اليمنية الموالية للسعودية، تم إغلاق جميع المراكز الأخرى لأسابيع.
وقد حذر فريق الخبراء الأممي المعني باليمن من أن تنفيذ مثل هذا التكتيك هو استخدام “خطر التجويع كأداة للحرب”.
وتجدر الإشارة إلى أن اعتماد اليمن على المواد الغذائية المستوردة والأدوية والوقود يتراوح ما بين 80 إلى 90% وجميع موانئه أساسية من أجل تلبية احتياجات السكان.
بالرغم من أنه تم تخفيف الحصار بعد بضعة أسابيع، إلا أن احتياجات السكان اليمنيين ظلت غير مستوفاة، مع أن معظم المساعدات والموانئ بيد السعودية وحلفائها، وبالرغم من أن الموانئ المهمة هي تلك التي تخضع لسيطرتها إلا أن القدرة على الاستيراد محدودة جدا بالنسبة لغيرها من الموانئ والواقعة تحت سيطرة الحوثيين.
وأكد المركز أن المدنيين تحملوا وطأة الصراع لأن كلا الجانبين قد تسبب في تفاقم واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم اليوم. ويتركز معظم السكان اليمنيين في المناطق التي يسيطر عليها المتمردون الحوثيون في شمال اليمن وهم معرضون لضربات التحالف الجوية. و يحتاج 22.2 مليون من أصل 27.5 مليون نسمة في اليمن إلى المساعدات الإنسانية، ومن بين هؤلاء الناس، هناك 8 ملايين شخص على حافة المجاعة، ويتضرر نحو مليون شخص من تفشي الكوليرا.
وفي الوقت الذي سيطر فيه التحالف على نقاط الدخول الرئيسية وقام إما بحظر أو تحويل الواردات مثل الوقود، قامت القوات الموالية للحوثي أيضاً بمنع الإمدادات الغذائية والطبية وتقييد وصول عمال الإغاثة والتسليم.
تداعيات الصراع
واعتبر المركز أنه بعد مرور ثلاث سنوات على التدخل السعودي في اليمن التي تتخللها زيادة في محاولات شن هجمات الحوثيين على المدن السعودية، فإن احتمال نهاية سريعة للنزاع يبقى منخفضاً. وفيما لم يحقق التحالف السعودي سوى مكاسب متواضعة على الأرض، ولا تجري محادثات لإنهاء القتال بشكل جيد، فقد أظهر الحوثيون أنهم ما زالوا يملكون القدرة على تهديد الرياض، على الرغم من أن نظام الدفاع الصاروخي الأمريكي “باتريوت” يعترض تقريباً كل صواريخ الحوثي، تنظر الرياض إلى هذه الهجمات على أنها أعمال حرب تقوم بتنظيمها إيران، الأمر الذي يدفع السعوديين إلى الانتقام، إن شروطهم للسلام في اليمن هي النصر إلى جانب نزع سلاح المتمردين الحوثيين بالكامل ، وهي شروط غير مقبولة للأخير.
وبالنظر إلى رفض كلا الطرفين تغيير مطالبهما، فمن غير المحتمل التوصل إلى تسوية قريبًا، وهذا لا يبشر بالخير بالنسبة للكارثة الإنسانية، خاصة بالنظر إلى الخسائر الفادحة في صفوف المدنيين بسبب تكتيكات السعوديين.
وقد وثَّقت منظمة العفو الدولية ثلاثين غارة جوية أدت إلى مقتل 513 مدنيًا، هذا بالإضافة إلى احتكار نقاط الدخول المصيرية من قبل التحالف الذي تقوده السعودية.
لقد خاطرت الحكومة السعودية بمصداقيتها في اليمن، لكن مطالبها غير مقبولة بالنسبة للمتمردين الحوثيين الذين تمكنوا من السيطرة على جزء كبير من الأراضي. وقد تكون الضربات الأكثر خطورة للسعودية ومواطنيها مسألة وقت فقط مع تزايد التوتر، وفشل محادثات السلام، واستمرار الأزمة.