كان ولا يزال القطاع الخاص الفلسطيني يقود قطار التنمية ويعد المُشغل الأكبر للأيدي العاملة الفلسطينية، ولعب ولا يزال يلعب دورا مهما في مساندة الحكومة والتكامل معها في العديد من القطاعات الحيوية، وشكل خلال مراحل عديدة حماية ورافعة للاقتصاد الفلسطيني الذي يعاني من حرب متواصلة تشنها دولة الاحتلال عليه بأدوات وأشكال مختلفة هدفها إبقاءه تابعا وضعيفا، ولا بد هنا من الإشارة إلى أنه وعند الحديث عن القطاع الخاص فإننا نعني أيضا الشتات الفلسطيني ومساهماته.
لا شك بأن دور القطاع الخاص الفلسطيني مهم جدا في هذا الوقت بالذات حيث تتعرض القضية الفلسطينية لمحاولات “شطب” من خلال محاولات تمرير “صفقة القرن” التي كان الرد الفلسطيني عليها حاسما بأنها “لن تمر” وهذا ما أكده الرئيس أبو مازن في أكثر من مناسبة.
إن تَبعات الموقف الفلسطيني الرافض لصفقة القرن حتما بحاجة إلى تماسك فلسطيني داخلي، وتقسيم للأدوار من خلال وضع خطة مُحكمة قائمة على أساس المبادرة في الفعل، ووضع سيناريوهات للرد على الهجوم الهادف إلى تصفية المشروع الوطني ليس فقط من طرف الإدارة الأمريكية وحدها وإنما أيضا من طرف دولة الاحتلال ومَنْ يتساوق معها في تمرير هذه الصفقة الخبيثة.
وهنا يأتي دور القطاع الخاص الذي لا بد له أن يستكمل دوره كشريك حقيقي في النضال الوطني الفلسطيني، من خلال استثمار ليس فقط أمواله وتوظيف مشاريعه لتعزيز صمود الموطن الفلسطيني بل أيضا استثمار علاقاته الخارجية من أجل جلب الاستثمارات والأموال وتوظيفها في مواجهة سياسات الاحتلال في مدينة القدس وفي المناطق المصنفة “ج” والمناطق القريبة من الجدار والمستعمرات.
إن تكامل دور القطاع الخاص مع القطاع الحكومي في مواجهة سياسات الاحتلال يعد ركيزة مطلوبة ومهمة في حماية المشروع الوطني وحماية منظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني وحاضنة لنضاله الوطني وهويته السياسية والمعنوية، وهذا يتطلب أن يكون للقطاع الخاص دور أكبر في تعزيز مكانة المنظمة من خلال المساهمة في إعادة الحياة لمؤسساتها وهياكلها، ودعم التوجه في ضرورة انجاح دورة المجلس الوطني في شهر نيسان الجاري، من خلال توظيف علاقاتهم وإمكانياتهم ليس فقط لإنجاح هذا الاجتماع بل أيضا لتطبيق قراراته في ظل هذه المرحلة المفصلية التي تمر بها القضية الفلسطينية والتي تتطلب أولا أن نعتمد فيها على أنفسنا، وعلى مكامن قوتنا وتمتين علاقاتنا الداخلية والتي أساسهاإنهاء الانقسام، والسير نحو تشكيل حكومة وحدة وطنية بمشاركة حقيقية وفعالة من الكل الفلسطيني، ودمقرطة الحياة السياسية بإجراء الانتخابات بكافة مستوياتها، لأن الكل الفلسطيني مستهدف.
إن ما يحصل الآن على الساحة الفلسطينية من حراك شعبي وبخاصة في قطاع غزة، يفرض علينا أن نكون موحدين، وأن نُنَحي خلافاتنا وأن نوظف تناقضاتنا لمجابهة سياسات دولة الاحتلال الهادفة إلى اقتلاع الشعب الفلسطيني ومصادرة أراضيه، ومحاولات دولة الاحتلال وبدعم أمريكي ترجمة “وعد ترامب” الخاص بمدينة القدس إلى واقع، وهذا يتطلب أن نعمل محليا وعربيا واسلاميا ودوليا من أجل افشال هذا الوعد المشؤوم كجزء من صفقة القرن، من خلال توجيه الدعم المادي إلى مدينة القدس، وتحشيد الدعم السياسي أيضا، وتكامل العمل ما بين القطاع الخاص والقطاع الحكومي في هذه القضية المصيرية، لأن القدس هي رأس وقلب وعقل الجسم الفلسطيني وهي مفتاح الحرب والسلام، وأن العمل في الحفاظ على طابعها التاريخي هو مهمة ليست بعصية ومقدور عليها وأقول بأن الحفاظ على القدس هو أهم مهمة آنية لدى الكل الفلسطيني.
القطاع الخاص … واستكمال الدور /منيب رشيد المصري
12
المقالة السابقة