عروبة الإخباري – أقر مجلس الأمن بالإجماع السبت قرارا لإعلان وقف إطلاق النار في سورية لمدة شهر
والقرار الذي تقدمت به كل من الكويت والسويد يتضمن تحركا إنسانيا إلى كل المناطق بما في ذلك الغوطة الشرقية.
وأجرى المجلس مشاورات منذ 9 شباط/فبراير حول مشروع قرار متعلق بهدنة انسانية، ترافقت مع حملة قصف جوي كثيفة للقوات الحكومية السورية على الغوطة الشرقية قرب دمشق التي تسيطر عليها المعارضة.
وتعثرت المفاوضات بسبب مطالبة روسيا بالتزام الجماعات المسلحة التي تقاتل الرئيس السوري بشار الأسد بالهدنة.
وفي البداية كان مشروع القرار ينص على أن موعد سريان وقف اطلاق النار يبدأ بعد 72 ساعة من تبنيه، لكن هذا التصور لا يزال قيد المناقشة.
واستخدمت روسيا حق النقض 11 مرة ضد مشاريع قرار حول سورية تستهدف حليفتها دمشق. وفي تشرين الثاني/نوفمبر استخدمت حق النقض لإنهاء تحقيق تقوده الأمم المتحدة حول هجمات بالأسلحة الكيميائية في سورية.
إلى ذلك، تتفاقم معاناة المدنيين المحاصرين في الغوطة الشرقية قرب دمشق مع استمرار قوات النظام لليوم السابع على التوالي في قصفها على المنطقة، حيث تجاوزت حصيلة القتلى منذ الأحد الماضي 500 مدني.
وتواصلت المحادثات السبت في الأمم المتحدة حول إعلان وقف لإطلاق النار في سورية لمدة شهر.
وتعثرت المفاوضات بسبب مطالبة روسيا بالتزام الجماعات المسلحة التي تقاتل الرئيس السوري بشار الأسد بالهدنة.
وفي البداية كان مشروع القرار ينص على ان موعد سريان وقف اطلاق النار يبدأ بعد 72 ساعة من تبنيه، لكن هذا التصور لا يزال قيد المناقشة.
المرصد: محرقة الغوطة الشرقية مستمرة
الى ذلك، أحصى المرصد السوري لحقوق الانسان امس ارتفاع حصيلة القتلى الاجمالية منذ بدء قوات النظام تصعيدها في الغوطة الشرقية الى 510 مدنيين بينهم 127 طفلاً.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لفرانس برس “محرقة الغوطة الشرقية مستمرة، ويكاد القصف الهستيري لا يتوقف”.
وبحسب المرصد، تشارك طائرات روسية الى جانب طائرات قوات النظام في عمليات القصف، الأمر الذي نفته موسكو.
وقتل امس وفق آخر حصيلة للمرصد، “32 مدنياً بينهم ثمانية اطفال على الأقل جراء الغارات، قضى أكثر من نصفهم في مدينة دوما” أكبر مدن الغوطة الشرقية ومعقل جيش الاسلام، الفصيل المعارض الأكثر نفوذاً في المنطقة.
في دوما، قال مراسل فرانس برس إن جثث 17 مدنياً نقلت الى مشرحة تابعة لأحد المشافي الميدانية. وشاهد جثث ثلاثة أطفال على الأقل ملفوفة بقماش بني اللون وموضوعة داخل احدى غرف المشفى.
وقال إن رجلاً كان يبكي أمام جثة طفله، ويهز وجهه الصغير بيديه ويحدثه بصوت منخفض آملا أن يعود اليه.
داخل المشفى، روى الممرض موفق (24 عاما) لفرانس برس أن رضيعاً يدعى عمران عمره أربعين يوماً أحضر الى المشفى بعد مقتل عائلته بأكملها جراء القصف.
وقال “بحثنا له عن أم مرضعة ووجدنا سيدة موجودة عندنا منذ أربعة أيام بعدما ادى القصف الى بتر رجلها عند الركبة وهي ترضعه الآن”.
بعد نحو أسبوع من التصعيد، يعيش المدنيون ظروفاً مأساوية ويواجهون صعوبة في تأمين الخبز والمواد الغذائية مع اقفال المحال أبوابها وعدم تمكنهم من الخروج من اماكنهم جراء كثافة القصف.
وتمكنت منظمات محلية من توزيع وجبات تضم كمية صغيرة من الرز المسلوق مع حبوب قليلة من البازلاء.
وقالت محاسن وهي نازحة تقيم مع طفليها وزوجها الذي أصيب قبل يومين في مركز ايواء داخل قبو في دوما لفرانس برس وهي تبكي “منذ يومين لم نذق الطعام.. وهذان الطفلان يبكيان أمامي”.
ويتزامن التصعيد مع تعزيزات عسكرية في محيط الغوطة الشرقية التي تحاصرها قوات النظام بشكل محكم منذ العام 2013، تُنذر بهجوم بري وشيك.
وقال سالم أحد سكان مدينة دوما لفرانس برس بحرقة “لا أستطيع أن أصف ماذا يحصل في الغوطة الشرقية”.
وأضاف “نتطلع الى أوروبا وأميركا التي تحرص على حياة قطة وكلب فيما مئات البشر يموتون يومياً تحت القصف السوري والروسي والايراني على مرأى من الجميع”.
وانتقد عجز مجلس الأمن الدولي الذي “أنشىء لحماية البشرية” عن أن “يخرج بقرار بسيط هو وقف اطلاق النار على المدنيين” مضيفاً “لا نريد منكم طعاماً ولا شراباً.. أوقفوا القتل فقط”.
وأرجأ مجلس الأمن ليل الجمعة التصويت على مشروع قرار بشأن سورية. ينص على رفع كل شكل من اشكال الحصار عن مناطق عدة أبرزها الغوطة الشرقية ويطلب من كل الأطراف “وقف حرمان المدنيين من المواد الغذائية والأدوية الضرورية لبقائهم على قيد الحياة”.
وكتبت السفيرة الاميركية نيكي هايلي على تويتر ليل الجمعة السبت “من غير المعقول ان تعطل روسيا التصويت على وقف لاطلاق النار يسمح بادخال مساعدات انسانية في سورية”.
وتابعت “كم عدد الاشخاص الذين سيموتون قبل ان يوافق مجلس الأمن على التصويت؟ لنقم بذلك الليلة. الشعب السوري لا يستطيع الانتظار”.
وفي تغريدة على موقع تويتر، قال المتحدث باسم الرئاسة التركية ابراهيم كالن “سيجري اليوم(امس) تصويت في مجلس الامن الدولي لوقف الهجمات وإتاحة تسيير المساعدات. على العالم أن يقول اوقفوا هذه المجزرة بصوت واحد”.
وأضاف “نظام (الرئيس السوري بشار) الأسد يرتكب مجزرة في الغوطة الشرقية”.
من جهته انتقد الرئيس التركي رجب طيب اردوغان المجتمع الدولي على اكتفائه بـ”الادانات المعتادة” للنظام السوري. وقال في اثناء خطاب القاه امس في عثمانية (جنوب تركيا) “هل رأيتم او سمعتم قبلا اي بلد يبدي ردا جديا على الوحشية المستمرة منذ أيام في الغوطة الشرقية؟”
ويُذّكر ما يحصل في الغوطة الشرقية بمعركة مدينة حلب في العام 2016، التي انتهت بإجلاء آلاف المقاتلين المعارضين والمدنيين من الأحياء الشرقية التي حوصرت لأشهر عدة، وذلك بعد هجوم بري وتصعيد عنيف للقصف.
وخلال اجتماع مجلس الأمن امس، وفي مداخلة استمرت عشرين دقيقة، قال المبعوث السوري لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري “نعم، ستصبح الغوطة الشرقية حلباً اخرى”.
ويتفق محللون على أن النظام السوري يتجه نحو الحسم في المنطقة التي تعد بمثابة خاصرته الرخوة، مع بقاء الفصائل المعارضة فيها وقدرتها رغم الحصار على استهداف العاصمة بالقذائف.
وتجدد امس سقوط قذائف تطلقها الفصائل في الغوطة الشرقية على احياء في دمشق، ما ادى الى اصابة ستة مواطنين بجروح وفق ما نقل الاعلام الرسمي السوري.
معارك فصائلية
في سياق آخر، تدور معارك عنيفة بين هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) وائتلاف فصائل اسلامية في شمال غرب سورية تأتي في سياق “صراع على النفوذ”، وتسببت بمقتل خمسة مدنيين على الأقل وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الانسان.
وتأتي هذه المعارك بعد أقل من أسبوع من اعلان حركة أحرار الشام الاسلامية وفصيل نور الدين الزنكي، أبرز الفصائل غير المتطرفة، توحدهما تحت مسمى “جبهة تحرير سورية” ودعوتهما بقية المجموعات للانضمام اليهما، في خطوة ربطها محللون بتصاعد نفوذ هيئة تحرير الشام التي تسيطر على الجزء الأكبر من محافظة ادلب.
وأفاد المرصد عن معارك عنيفة تدور بين الطرفين منذ الثلاثاء في مناطق عدة في الأرياف الشمالية والشرقية والجنوبية لادلب، تسببت بمقتل خمسة مدنيين على الأقل السبت.
ومنذ بدء الهجوم، تمكنت “جبهة تحرير سورية” من طرد هيئة تحرير الشام من 26 قرية وبلدة ومدينة، أبرزها مدينتا معرة النعمان وأريحا.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لفرانس برس إن “الفصائل تخوض حرب الغاء وصراع على النفوذ” يمتد الى الريف الغربي لمحافظة حلب المجاورة.
وكانت هيئة تحرير الشام تشكل مع حركة احرار الشام وفصائل اخرى ما كان يعرف بـ”جيش الفتح” الذي تمكن صيف العام 2015 من السيطرة على كامل محافظة ادلب.
وخاض الفصيلان في وقت لاحق معارك داخلية انتهت بتفرد هيئة تحرير الشام بالسيطرة على الجزء الأكبر من المحافظة.
وفي نهاية العام الحالي، بدأت قوات النظام السوري بدعم روسي هجوماً في المحافظة تمكنت بموجبه من السيطرة على عشرات البلدات والقرى في ريف ادلب الجنوبي الشرقي وعلى قاعدة عسكرية استراتيجية.
وتشكل محافظة إدلب مع أجزاء من محافظات محاذية لها إحدى مناطق اتفاق خفض التوتر الذي تم التوصل اليه في أيار(مايو) في أستانا برعاية روسيا وإيران، حليفتي دمشق، وتركيا الداعمة للمعارضة. وبدأ سريان الاتفاق عملياً في ادلب في أيلول (سبتمبر) الماضي.
مجلس الأمن يقر وقف إطلاق النار في سورية لمدة شهر
10
المقالة السابقة