عروبة الإخباري – قُتل أكثر من 400 مدني في خمسة أيام من الغارات الجوية والقصف الذي يشنه النظام السوري على الغوطة الشرقية آخر معاقل الفصائل المعارضة قرب دمشق، بحسب ما أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان أمس.
إلى ذلك، أعلنت روسيا أن “لا اتفاق” في مجلس الامن الدولي على وقف لإطلاق النار في سورية يستمر ثلاثين يوما بهدف السماح بايصال المساعدات الإنسانية واجلاء الجرحى.
وندد السفير الروسي فاسيلي نيبينزيا خلال جلسة للمجلس دعت اليها موسكو بـ”الخطب الكارثية” التي تذكر بما قاله اعضاء في المجلس خلال المعارك في مدينة حلب نهاية 2016 معتبرا انها لا تنسجم مع الوضع على الأرض.
ودانت الولايات المتحدة وفرنسا وأعضاء آخرون موقف روسيا الداعم للنظام السوري، وانتقد السفير الفرنسي فرنسوا دولاتر “الهجمات على المستشفيات” و”الوضع الذي لا يمكن القبول به”.
واعتبر الدبلوماسي الفرنسي ان “الوضع على الارض ملح جدا” و”من الضروري ان يتم سريعا تبني” مشروع القرار الذي يتفاوض في شأنه الأعضاء الـ15 في مجلس الأمن. وحذر ايضا من “الاسوأ” ما يعني “اتساع النزاع”.
والمشروع الذي اقترحته الكويت والسويد ينص على وقف لاطلاق النار في سورية يستمر شهرا للسماح خصوصا بتخفيف الحصار عن الغوطة الشرقية والقيام بعمليات اجلاء إنسانية.
ولتجنب فيتو روسي خلال التصويت، وافق المفاوضون قبل أسبوع على ان تستثني هذه الهدنة تنظيمي “داعش” والقاعدة.
وأمس، أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن بلاده مستعدة لوقف إطلاق النار شرط أن تشمل الاستثناءات ايضا “المجموعات المتعاونة” مع التنظيمات المتطرفة و”التي تهاجم الاحياء السكنية” في انحاء العاصمة السورية.
وأورد المرصد ان “403 مدنيين قتلوا في خمسة أيام من الغارات الجوية والقصف المدفعي الكثيف”.
وأوضح مدير المرصد رامي عبد الرحمن ان 46 مدنيا على الاقل قتلوا أمس فقط.
ومنذ الاحد الماضي، يستهدف النظام السوري الغوطة الشرقية التي يحاصرها منذ 2013 بحملة قصف كثيف مع مؤشرات إلى هجوم بري وشيك تستعد له القوات الحكومية.
وارتفعت حصيلة القتلى منذ الاحد بسبب ضربات جديدة أمس والعثور تحت الانقاض على جثث مدنيين قضوا أول من أمس، بحسب عبد الرحمن.
وأوضح المرصد أن 17 مدنيا قتلوا الأحد الماضي و127 الاثنين و128 الثلاثاء و85 أول من أمس.
وعلت بعض الأصوات في المجتمع الدولي للمطالبة بوقف التصعيد، فيما توالت بيانات منظمات غير حكومية منددة بوحشية القصف الذي طاول أيضا منشآت طبية.
وفي مدينة دوما، شاهد مراسل فرانس برس متطوعين من الدفاع المدني يخرجون نساء جريحات من تحت الأنقاض. واثناء انهماكهم بانقاذ امرأة، استهدف القصف الجوي المنطقة، وتمكنوا من اخراجها لاحقا لكنها كانت فارقت الحياة.
وفي مستشفى في مدينة دوما، شاهد المراسل رجلا يبكي إلى جانب جثة ابنه في المشرحة وحوله جثث أخرى لفت جميعها بالقماش الأسود. وكان العجوز يردد باكيا “الحمد الله الحمد الله، اثنان، لم يكن لدي غيرهما، والآن انتهيا” في اشارة الى ابنين فقدهما تباعا في القصف.
وخلت مدينة دوما من الحركة في ظل انقطاع الكهرباء نتيجة انقطاع الأشرطة الكهربائية الخاصة بالمولدات.
ويفاقم التصعيد من معاناة المدنيين والكوادر الطبية التي تعمل بامكانات محدودة نتيجة الحصار المحكم منذ 2013.
وأعلنت منظمة أطباء بلا حدود امس أن القصف الجوي والمدفعي أدى “لتهدم أو تدمير 13 مستشفى وعيادة تدعمها (…) بشكل منتظم أو بحسب الحاجة خلال ثلاثة أيام فقط من القصف المستمر”.
وأفاد مراسلو فرانس برس وأطباء والمرصد عن استهداف مستشفيات عدة في دوما وحمورية وعربين وجسرين وسقبا، فضلا عن مركز للدفاع المدني في دوما وغيرها من المرافق الطبية.
وباتت مستشفيات عدة خارج الخدمة، فيما تعمل أخرى رغم الأضرار الكبيرة التي طاولتها.
وأفادت الأمم المتحدة عن هجمات طاولت ستة مستشفيات.
وأوردت الجمعية الطبية السورية الأميركية (سامز) أن ثلاثة افراد من طاقمها الطبي العامل في الغوطة الشرقية قتلوا في القصف.
وطالبت اللجنة الدولية للصليب الاحمر الأربعاء بالسماح لها بدخول الغوطة الشرقية للمساعدة في علاج مئات الجرحى، وخصوصا أن الكثيرين “يلقون حتفهم فقط بسبب عدم تلقيهم العلاج في الوقت المناسب”.
في مستشفى في بلدة كفربطنا، وقف رجل عجوز أول من أمس غطاه الغبار والدماء يبكي مردداً “يا رب، يا رب”، إلى جانب طفل مصاب في رأسه ويده وبطنه، وقد بدا فاقدا للوعي فيما كان ممرض يصوره بواسطة الاشعة.
وقصفت الفصائل المعارضة بالقذائف مدينة دمشق، ما أسفر عن مقتل طفل وإصابة ستة آخرين بجروح، وفق ما اوردت وكالة الانباء السورية الرسمية (سانا) امس.
وقتل خلال الأيام السابقة 15 شخصا واصيب العشرات في دمشق جراء قذائف الفصائل.
ويتزامن التصعيد العسكري في الغوطة الشرقية مع تعزيزات لقوات النظام تُنذر بهجوم بري وشيك.
وأثارت حملة القصف احتجاجات دولية. وطالب الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريس أول من أمس بـ”تعليق فوري لكل الاعمال الحربية”، واصفاً الغوطة بـ”الجحيم على الأرض”.
ووصفت ألمانيا ما يحصل بأنه “مجازر قتل الأطفال وتدمير المستشفيات”، وطالبت فرنسا بهدنة في أسرع وقت.
كما دعت الرياض النظام إلى “وقف العنف”، ودانت قطر “المجازر”.
وتقتصر سيطرة هيئة تحرير الشام (النصرة سابقاً) على بعض المراكز المحدودة في الغوطة، فيما يُعد “جيش الإسلام” أبرز فصائل المنطقة، وكان نفى سابقاً أي مفاوضات مع النظام.
مقتل 400 مدني بالغوطة الشرقية.. ومجلس الأمن يفشل بوقف النار
15
المقالة السابقة