عروبة الإخباري – أجرى الإعلامي الروسي ميخائيل غوسمان من وكالة أنباء تاس وتلفزيون “روسيا 24” مقابلة مع جلالة الملك عبدالله الثاني، بثتها وكالة تاس اليوم الثلاثاء، فيما سيبثها تلفزيون “روسيا 24” خلال الأيام القادمة.
وتاليا نص مقابلة جلالة الملك:
سؤال 1: ميخائيل غوسمان: جلالة الملك، شكرا جزيلا على إتاحة الفرصة لنا لإجراء هذه المقابلة معكم. نلتقي بكم اليوم قبيل زيارتكم لروسيا. ماذا تتوقعون من هذه الزيارة، ومن مباحثاتكم الثنائية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين؟
جلالة الملك: أولا، يسعدني أن استضيفكم هنا مرة أخرى، وأنا سعيد أن أراكم في الأردن، وأن أرى صديقا قديما لي.
سوف أزور موسكو للقاء الرئيس بوتين، كصديق عزيز للرئيس ولروسيا، فأنا أعرف الرئيس منذ ما يقارب عشرين عاما، والعلاقة بيننا مبنية على الثقة.
وبالتأكيد، فإننا سنبحث هناك قضايا ثنائية، وكذلك القضايا الرئيسة التي نواجهها حول العالم، وبشكل خاص الإنجاز الذي حققه الأردن وروسيا العام الماضي في جنوب سوريا لتحقيق الاستقرار هناك، وهذه قصة نجاح مهمة، وأعتقد أنها رفعت من مستوى المباحثات والثقة بين مؤسساتنا، والأهم من ذلك، هو كيف ندفع العملية في سوريا للتوصل إلى نتيجة على المسار السياسي، خصوصا فيما يتعلق بالدستور والانتخابات.
الأشهر الـ 12 الماضية شهدت تعاونا مهما مع روسيا، ونحن نتطلع قدما لبحث كيفية التحرك إلى الأمام بشكل فعال وإيجابي في الـ 12 شهرا القادمة.
سؤال 2: ميخائيل غوسمان: يشهد التعاون الروسي- الأردني تطورا في عدة مجالات كالتجارة، والاقتصاد، والعلوم، والتعليم إضافة إلى المجال العسكري. في أي من هذه القطاعات ترون أكبر قدر من التقدم وفي أي منها ترون إمكانات لم يتم استغلالها؟ وما الذي يجب القيام به لتوثيق العلاقات الثنائية، جلالتكم؟
جلالة الملك: لطالما عملنا على توثيق علاقاتنا مع روسيا، فقد كان لوالدي جلالة المغفور له الملك الحسين بن طلال علاقات متميزة مع العديد من القادة في روسيا خلال تلك الفترة. فالعلاقات السياسية بيننا مبنية على الثقة والصداقة. وقد نمت العلاقات العسكرية والأمنية بالاتجاه الصحيح، لأننا نواجه تحديا عالميا يتمثل بمواجهة الجماعات الإرهابية في العالم. أنا شخصيا أقدر التعاون العسكري بيننا، وعندما كنت ضابطا في القوات المسلحة، كان لدي علاقة مميزة مع القوات الخاصة الروسية، وهي إحدى الذكريات الرائعة في محطات بناء علاقاتنا.
يمكن للتعاون الاقتصادي بيننا أن يكون أفضل حالا، حيث ما زلنا بحاجة لمزيد من العمل لزيادة التجارة. وسيتم في موسكو بحث التعاون في المجال السياحي، كما سألتقي البطريرك كيريل الأول، وسنتحدث عن الروابط بين الإسلام والمسيحية، كما سألتقي علماء الدين الإسلامي في موسكو وسنناقش الحوار بين أتباع الأديان والتحديات التي نواجهها جميعا.
وبالنسبة للسياح المسيحيين، فإن السياحة هنا في الأردن تمثل فرصة كبيرة، وكما تعلم فقد تم بناء بيت الحجاج الروس من قبل الكنيسة الأرثوذوكسية الروسية في موقع عمّاد السيد المسيح، عليه السلام، وأعتقد أن السياحة ستكون من القطاعات التي ستشهد نموا في المستقبل القريب.
سؤال 3: ميخائيل غوسمان: لقد تحدثتم عن الأوضاع في الشرق الأوسط، وستناقشون ذلك مع بوتين. فيما يتعلق بالتعاون في مواجهة شر الإرهاب العالمي، ما هي الخطوات العملية التي من الممكن لروسيا والأردن والدول الأخرى أن تتخذها في هذا الصدد ولتحقيق السلام في منطقة الشرق الأوسط؟ جلالة الملك: إن هذا الموضوع يعتبر قضية طويلة الأمد وقضية عالمية، وأعتقد أنني والرئيس (بوتين) وصفناها بنفس المضمون لكن بأسلوب مختلف بعض الشيء، إذ وصفناها علانية ومبكرا بأنها حرب عالمية ثالثة بوسائل مختلفة. فهي ليست تحديا لروسيا أو للأردن فحسب، أو لهذه الدولة أو تلك، بل هي ظاهرة عالمية يقف فيها كل العالم من مسلمين ومسيحيين ويهود وديانات أخرى جنبا إلى جنب للتصدي لهؤلاء المتطرفين الذين نسميهم الخوارج.
وعلينا أن نعمل ضمن نهج شمولي، حيث نتعامل مع هذه القضية من مختلف الزوايا. ولذلك، إذا رأيت نجاحا ضد داعش في العراق أو سوريا، فإن ذلك لا يعني أنه تمت هزيمتهم أو تدميرهم، فهم سوف ينتقلون إلى مكان آخر. ونحن نرى ذلك في بعض دول جنوب ووسط آسيا، وفي الفلبين وإفريقيا وليبيا، وفي جماعات بوكو حرام والشباب.
لذلك، أعتقد أن النقاش والتنسيق بين الأردن وروسيا، وبين الجميع، يجب أن يركز على كيفية التعاون والعمل معا في المستقبل لضمان اجتثاث المتطرفين والقضاء عليهم أينما كانوا. فلا يمكننا أن نفكر ماذا سنفعل في سوريا هذا العام، وبعد ذلك نفكر بشأن إفريقيا العام المقبل. يجب أن يكون عملنا ضمن نهج شمولي تتوحد فيه جهودنا للقضاء على الإرهابيين في كل أماكن تواجدهم.
سؤال 4: ميخائيل غوسمان: جلالتكم، يقع الأردن بين ثلاث مدن مقدسة هي مكة والمدينة المنورة والقدس، ويوجد في الأردن الكثير من الأماكن المقدسة في التاريخ المسيحي. ولديكم تجربة فريدة في دعم السلم والوئام بين مختلف الأديان والمذاهب، فأنتم تبذلون جهودا حثيثة لإرساء السلام بين أتباع الأديان والمذاهب. برأيكم ما هي الجهود الإضافية المطلوب بذلها لتثبيت دعائم السلام بين أتباع الأديان والمذاهب على مستوى بلدكم والمنطقة؟ وكيف يمكن أن تساهموا في هذا الاتجاه؟ جلالة الملك: من خلال معرفتي بالرئيس (بوتين) لمدة تقارب العشرين عاما، فقد تحدثنا عن هذه التحديات منذ بداية علاقاتنا. في نهاية المطاف، فإننا جميعا من مختلف أنحاء العالم وبغض النظر عن الديانة نواجه تحديا مشتركا. وفيما يتعلق بالإسلام والمسيحية، وبسبب أشخاص متطرفين، فإن هناك مفاهيم خاطئة، وعلينا أن نواجهها. وهذه من المواضيع التي ناقشتها مع الرئيس على مدى السنوات الماضية، وقد شرح لي رؤيته فيما يتعلق بنظرة روسيا لها.
في نهاية المطاف، ما يربط الأديان الموحدة الثلاثة معا – الإسلام والمسيحية واليهودية – هو حب الله وحب الجار. ولكنني أجد أن العديد من الناس يحبون الله، ولكنهم لا يحبون الجار، وهنا نتساءل: هل حقا يحبون الله؟ بالنسبة لي كمسلم، وقد قلت هذا في مناسبات عديدة كمثال، إن الجملة الأكثر تداولا على مدار اليوم صباحا ومساء، هي تحيتنا التي نرددها على المسلمين وغير المسلمين “السلام عليكم”، وهذا هو جوهر الإسلام الحقيقي.
إذا نظرتم إلى أوجه التناغم بين الإسلام والمسيحية؛ فإننا نؤمن بالسيد المسيح، وبالسيدة مريم العذراء، كما أننا نؤمن بالتوراة والإنجيل. وهذا هو الإسلام الحقيقي، ليس الإسلام الذي قام الخوارج بتشويه صورته في العالم.
ولذلك، أعتقد أن هذا هو التحدي الذي علينا التعامل معه، وهو كيف نتقارب من بعضنا البعض.
ولدينا قضية أنا متأكد أننا سنتحدث بشأنها وهي القدس. إن القدس هي مدينة جامعة لنا، وإذا كنا سنمضي قدما، فهل سننظر إلى مستقبلنا بأمل؟ أم سنبدأ ببناء الجدران التي تفصلنا عن بعضنا البعض؟ بالنسبة لمستقبل القدس، ورمزية القدس للمسلمين والمسيحيين واليهود، فهي مدينة خالدة لنا جميعا، لذلك دعونا نتواصل ونتقارب ونعمل معا، فهكذا يمكننا أن ننتصر على المتطرفين على اختلاف أديانهم ومعتقداتهم.
سؤال 5: ميخائيل غوسمان: جلالتكم، يصادف العام القادم الذكرى العشرون لتبوئكم العرش ملكا للأردن. ما هي مشاعركم وأنتم تقتربون من هذا التاريخ؟ وما هو الإنجاز الأبرز خلال مسيرة الحكم هذه، وما الذي تتطلعون لتحقيقه لوطنكم وشعبكم في المستقبل؟ جلالة الملك: في السنة الأولى من رحيل جلالة الملك الحسين، سعيت إلى أن أسير على نهج هذا القائد العظيم. وقد قلت في أول مقابلة لي إننا كنا عائلة مكونة من أربعة أفراد، وأصبحت أبا لعائلة مكونة من أربعة ملايين شخص، وبطبيعة الحال أصبح عدد السكان أكبر. إن دوري هو حماية المواطن الأردني. وكما تعلم، فقد شهد الأردن للأسف على مدى السنوات الماضية صدمة بعد صدمة، وكان علينا أن نعمل على حماية مواطنينا، ولنكون أيضا صوت الاعتدال والأمل للآخرين، ليس لمنطقتنا فحسب، بل أبعد من ذلك.
إن التحدي أمامنا اليوم، هو العبء الذي تحملناه، ولطالما قلت إنه بسبب الصدمة التي سببتها أزمة اللجوء السوري، وبسبب الحرب في العراق، وبسبب الربيع العربي، وعدم الاستقرار في منطقتنا، دفع المواطن الأردني الثمن، خصوصا ما يتعلق بالتحديات الاقتصادية، وهذه الأزمة تمتد لدول مختلفة في المنطقة والعالم.
ولذلك، فإن هاجسي الأول، ونحن نقترب من الذكرى العشرين، يتركز على كيفية حماية المواطنين والتقدم للأمام. وأعتقد بأن المجتمع الدولي قد خيب آمال شعبنا، الذي دفع الثمن وتحمل عبء ومسؤولية اللاجئين السوريين وآخرين لجأوا إلينا، والذين باتوا يشكلون ما نسبته 20 بالمائة من عدد سكان بلدنا. إن حياة الأردنيين اليوم صعبة للغاية، وأتمنى لو كان العالم أكثر تعاطفا وتفهما للصعوبات التي نواجهها.
إن أول ما أفكر به عندما أستيقظ من النوم كل صباح هو كيف أجعل هذا اليوم أفضل لشعبي، ولا يأتي ذلك بسهولة، هناك أيام جيدة وأخرى صعبة، ولكن كما تعلم، لدينا الكثير من التحديات هنا.
إنني متفائل بالمستقبل، ولكن أتمنى أن يكون العالم أكثر تفهما وتعاطفا مع الصعوبات التي يواجهها الأردنيون، ويساعدوننا لبناء مستقبل أفضل.
سؤال 6 ميخائيل غوسمان: ينتمي جلالتكم لعائلة ذات تاريخ عظيم، قدمت الكثير للعالم الإسلامي، وإنني إذ أرى (في هذه القاعة) صورا لأفراد عائلتكم الكريمة لأود أن أسألكم عن أثر تاريخ أسرتكم الهاشمية عليكم وعلى عملكم؟ جلالة الملك: إنها مسؤولية كبيرة تقع على عاتقي، كما كانت تقع على عاتق أجدادنا. أتذكر عندما كنت شابا صغيرا، على وشك البدء بحياته العملية، قال لي والدي الحسين (رحمه الله) “إن وظيفتك هي أن تخدم شعبك”. وقد يبدو هذا وكأنه تعبير متكرر، ولكنه في جوهره يتطلب من القائد ليس مجرد رعاية شؤون شعبه، بل التعامل مع شعبه كما يتعامل مع أبنائه وبناته. والشعب الأردني فيه المسلمون والمسيحيون، وفيه كذلك من جاء من أنحاء روسيا، وهو شعب غني بتنوعه.
وهذا المبدأ أكده جدنا الأكبر الشريف الحسين بن علي عندما انطلقت الثورة العربية الكبرى. فقد قال لأبنائه الأربعة، ومنهم اللذان أصبحا ملوك العراق والأردن: يجب أن تعاملوا شعوبنا، وبغض النظر عن أصولهم، كما لو كانوا أبناءكم.
وأعتقد، أن هذا هو نهج السلالة الهاشمية، وهو أن ترعى الجميع وتهتم بشؤونهم، وأن تزيل الحواجز مع الناس، وأن تكون مصدر أمل لهم.
ومرة أخرى، أعتقد أنك زرت الأردن بما فيه الكفاية لترى التآخي الإسلامي المسيحي، وهو أنموذج فريد من نوعه في العالم. فعندما يحين عيد الميلاد المجيد، يشارك المسلمون إخوانهم المسيحيين الاحتفال به، وفي الوقت ذاته، يشارك المسيحيون إخوانهم المسلمين الاحتفال بأعيادهم ويقدمون التهاني لهم. وأعتقد أن هذا هو سر الأردن، الذي آمل أن يمتد لأجزاء أخرى من العالم، أنموذجا للتلاحم.
سؤال 7 ميخائيل غوسمان: تطل علينا في هذه القاعة صورة والدكم العظيم، الملك الحسين. وكما علمت، فإن والدكم الراحل عمل على إعدادكم لتسلم العرش، وقدم لكم نصائح شكلت عبرا مهمة لكم في مسيرتكم. ما هي الجوانب التي ورثتموها عن والدكم الراحل وستحرصون على نقلها لابنكم، ولي عهدكم؟ وأيضا، ما هي الجوانب التي تودون نقلها لابنكم من تجاربكم الشخصية؟ جلالة الملك: لوالدي فضل كبير علي، ولن أوفيه حقه مهما عبّرت. لم أكن أعرف أنني سأجد نفسي في هذا الموقع، وأعتقد أنه حرص على ألا تكون حياتي سهلة. لقد بدأت تدريبي كضابط شاب في الجيش البريطاني، قبل أن ألتحق بالجيش العربي. وقد شهدت خدمتي العسكرية أحيانا أياما صعبة، ولكن والدي لم يتدخل لمساعدتي. أعتقد أنه أرادني أن أتعلم الطريق الصعب. أتذكر أنه قال لي، خلال الستة أشهر التي سبقت رحيله “إنني كأب أشعر أنه كان يجب أن أتدخل من أجلك”، وأتذكر أنني قلت له حينها، وقد كانت لحظة عاطفية جدا، “لقد كان هناك لحظات كنت فيها كابن منزعجا بعض الشيء لعدم تدخل والدي، ولكن أدرك في هذه اللحظة أن هذه دروس تعلمتها، ولو كنتَ تدخلت في حينها من أجلي، لا أعتقد أنني سأكون الرجل الذي يتحمل المسؤولية اليوم”.
وكذلك هو نهجي مع ابني الحسين، إنه التفاني في الخدمة، وكما تعلم فقد تخرج من جامعة جورج تاون ومن أكاديمية ساندهيرست العسكرية مؤخرا، التي تخرجت منها أنا ووالدي. هذا النوع من الإعداد يعزز فيك روح الانضباط، والرغبة في العمل مع الناس والتقدم نحو الأفضل. وبالنسبة لابني، فأنا سعيد جدا أن أراه يدعم الشباب، ويعمل من أجلهم ومن أجل مجتمعهم ومستقبلهم.
لقد ألقى خطابا في مجلس الأمن الدولي، وألقى خطابا بالنيابة عني في الجمعية العمومية للأمم المتحدة، وهو يتمتع بحب التواصل مع الشباب، فهم يشكلون المستقبل في منطقتنا، ونسبتهم في الأردن تحديدا نحو 70 بالمائة من السكان، وهم يدركون أكثر منا أين يريدون أن يمضوا في مستقبلهم. تجمعنا رابطة الأب بابنه وندعم بعضنا البعض، وأنا أدرك تماما ما يصبو لتحقيقه للشعب الأردني من كل قلبه، وهذا ما يجعلني أشعر بالثقة والاطمئنان.
سؤال 8 ميخائيل غوسمان: بطاقة التهنئة السنوية لعائلتكم تضمنت صورة لوالدكم، ولكم، ولولي عهدكم بالزي العسكري. وقد حملت رسالة في غاية الرمزية. هل سيرافقكم ولي العهد إلى موسكو في هذه الزيارة، ومتى سنراه في روسيا؟ جلالة الملك: إن هذه الصور تعتبر مهمة لعائلتنا، فهي لأجيال من عائلتي كرسوا حياتهم لخدمة بلدهم، ليس من خلف المكاتب بل من خلال العمل يدا بيد مع الشعب. لقد رافقني ابني في عدة زيارات لروسيا، وكانت إيجابية بالنسبة له. إنه خارج البلاد في رحلة عمل الآن، ولكنه سيقوم بزيارة روسيا في المستقبل. لا أعرف متى ستسنح له الفرصة ليرافقني في زيارة قادمة، ولكنه على الأرجح سيقوم بزيارة بلدكم للاطلاع على عمل المؤسسات الروسية والتعرف على بلدكم بشكل أفضل. وهذا شيء، أعتقد، أن كلانا يتطلع قدما للقيام به.
سؤال9: ميخائيل غوسمان: في برنامج فورمولا فلاستي [تركيبة السلطة] الذي أقدمه نسلط الضوء على ماهية السلطة، وأثرها على من يتولاها. قد تكون جلالتكم الشخص الوحيد في العالم القادر على إجابة هذا السؤال: ماذا تعني السلطة لملك الأردن؟ جلالة الملك: حسنا، كان سؤالك ما هو أثر السلطة على صاحبها. أعتقد أنه من منظور فلسفي، لدى كل شخص الفرصة لسلوك إحدى طريقين. طريق تنشد فيه الخير ليس لنفسك ولمن تحب فحسب، بل أيضا للآخرين وللضعفاء ولمن يحتاجون إلى من يدافع عنهم.
أعتقد أنه إن استطعت توظيف السلطة لما فيه الخير، وإحداث فرق في حياة الناس، سيكون للسلطة أثر جيد.
ولكن، لا بد من التعامل مع السلطة ومسؤولياتها بحذر. وهذا أمر أواجهه كقائد كل يوم.
هناك سوء فهم، على نطاق واسع، لما تعنيه كلمة الجهاد. فالجهاد بالنسبة للمسلمين لا يقتصر على الناحية الحربية، فهذا هو الجهاد الأصغر الذي تم تطبيقه لأسباب تاريخية محددة وللدفاع عن النفس، والجهاد ليس كما تسمع عنه من أولئك الذين يبثون الرعب ويبررون تفجير أنفسهم لقتل الأبرياء.
الجهاد بمفهومه الأشمل بالنسبة لأي مسلم، وستجد هذا في جميع الديانات، هو كيف تصبح شخصاً أفضل، وكيف تكون متواضعاً، وكيف تتواصل مع الآخرين، وكيف تطور نفسك. هذا هو التحدي في داخلنا جميعاً. لذا، هناك بعض الأمور التي أقوم بها كل يوم لأذكر نفسي بالجهاد الحقيقي، الذي باعتقادي موجود في قلب كل مسلم وكل الناس من سائر الأعراق والثقافات. ففي الصباح، أنظر في المرآة وأسأل نفسي إن كنت راضياً عن الشخص الذي أراه أمامي. لن تكون راضياً كل يوم، لأنك ستضطر أحيانا إلى اتخاذ قرارات صعبة، أو قرارات لا تحظى بالشعبية والتي قد لا يتفهمها البعض. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هل اتخذت هذا القرارات للأسباب الصحيحة؟ المشكلة ستكون في حال نظرت في المرآة ووجدت أمامي مجرد ملك ولم أجد الإنسان. وتلك هي اللحظة التي تدعو إلى القلق. هكذا أرى السلطة من منظوري.
ميخائيل غوسمان: جلالة الملك أشكركم جزيلا على حديثكم معنا.
جلالة الملك: شكراً جزيلاً. شكراً لك على لطفك.