عروبة الإخباري – اتهمت الناشطة اليمنية الحائزة على جائزة نوبل للسلام «توكل كرمان»، السعودية والإمارات، باحتلال بلادها، وقمع التحول الديمقراطي في المنطقة.
وقالت «توكل»، متحدثة عن التحالف العربي الذي تقوده السعودية في اليمن: «الاحتلال السعودي الإماراتي لليمن واضح للعيان.. لقد غدروا باليمنيين وخانوهم واستغلوا انقلاب ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران على الشرعية، ليمارسوا احتلالا بشعا ونفوذا أعظم».
ودعت إلى إنهاء هذا الاحتلال، بعدما «اتضح أن التحالف يكذب ويمارس الخداع، ويعمل على تنفيذ أجندة خاصة به لا علاقة لها بقرارات مجلس الأمن، بل يتعارض معها».
وأضافت «توكل» أن الرئيس اليمني «عبدربه منصور هادي»، ومسؤولين آخرين كبار محتجزون «رهن الإقامة الجبرية في الرياض»، وأنهم «ممنوعون من ممارسة مهامهم في الحكم من أجل الحفاظ على النفوذ السعودي والإماراتي».
وتابعت: «هناك عدوان آخر تقوم به الإمارات في اليمن، هل تريدون معرفته؟ حسنا، لقد أنشأت الإمارات سجونا خاصة تمارس فيها التعذيب والتنكيل بمعارضيها».
واستطردت: «الإمارات إلى جانب ذلك، تحتل الجزر والموانئ والمطارات في المناطق المحررة وترفض تسليمها لسلطة الرئيس هادي».
واتهمت «توكل»، السعودية والإمارات بدعم فصائل انفصالية في الجنوب، خاضت معارك في الشهر الجاري ضد قوات موالية لـ«هادي» من أجل إثارة الفوضى والحفاظ على نفوذ البلدين على الأرض.
ولم يرد مسؤولون من التحالف العربي في السعودية أو الإمارات على طلبات للتعليق.
بيد أن مسؤول بالحكومة اليمنية رفض حديث «توكل»، وقال مشترطا عدم ذكر اسمه: «هذه السيدة للأسف لم تعد تعي ما تقوله. الرئيس هادي ليس قيد الإقامة الجبرية، وبوسعه السفر إلى حيث شاء. ويوجد تنسيق كامل بين الحكومة والتحالف».
ويقول التحالف إنه شن الحملة بناء على طلب «هادي»، وإنه يهدف إلى إعادته إلى الحكم والحفاظ على مستقبل اليمن كبلد موحد وفقا لقرارات الأمم المتحدة.
عداء الربيع العربي
لكن «توكل»، قالت إن «السعودية والإمارات تسعيان للوقوف أمام حركة التاريخ بشأن التقدم السياسي في اليمن وغيره».
وأضافت: «هم (السعوديون والإماراتيون) يعتبرون الربيع العربي عدوهم الأول، وهذا خطأ إستراتيجي يقعون فيه.. لذا أدعو الدولتين إلى أن تتصالحا مع الربيع العربي.. لا أن تتصادما معه، لأن المستقبل هو مستقبل التغيير، وعجلة التاريخ لا تعود للوراء».
وتابعت: «سيرحلون وتبقى اليمن.. سنحرر بلدنا منهم جميعا.. من الاحتلال السعودي الإماراتي، ومن الانقلاب الحوثي المدعوم إيرانيا معا.. وسنقيم دولة الحرية والعدالة والديمقراطية والقانون.. هذا قدرنا ووعدنا وميعادنا».
وكانت «توكل» مسؤولة كبيرة في حزب «الإصلاح» الذي يعتبر فرع الإخوان المسلمين في اليمن، إلى أن انتقدت التحالف وجمد الحزب عضويتها.
وتساءلت «توكل»: «من يجمد من؟.. الغالبية الساحقة من شعبنا يوافقونني الرأي».
ويردد قول «توكل» كثير من اليمنيين الذين يرون أن قوى أجنبية أقوى سيطرت على بلدهم لتحقيق مصالحها الاقتصادية والاستراتيجية الخاصة.
ويقول التحالف إنه يتوسط لحل الخلاف بين قوات «هادي» والانفصاليين، ويؤكد أن قواعده العسكرية على الجزر والموانئ والمطارات في أنحاء البلاد يستهدف دعم جهود الحرب.
وقالت: «مشكلة السعودية والإمارات ليست مع الإسلام السياسي فقط، بل مع مطالب التغيير، وكل من يحملها سواء كانوا من الإسلام السياسي أو التيارات القومية أو الليبراليين أو حتى المستقلين.. مشكلتهم مع المطالبين بالمساواة ودولة الحرية والعدالة والديمقراطية».
ولم يسمح البلدان بمعارضة داخلية تذكر، وقد راقبا بقلق اضطرابات المنطقة عام 2011 وسعيا لحرمان جماعة الإخوان المسلمين التي لها أفرع في أنحاء العالم العربي من أي مزايا سياسية وأعلناها منظمة إرهابية.
ولفتت «توكل»، إلى أن «موقف السعودية والإمارات من قطر وتركيا ومحاربتهم لهما، امتداد لموقفهم المعادي للربيع العربي.. طبعا هم يعاقبون قطر بالذات لهذا الموقف».
وفرضت السعودية والإمارات ومصر والبحرين، قيودا على السفر والتجارة مع الدوحة في يونيو/ حزيران الماضي، قائلة إن الحكومة القطرية ساعدت الإرهاب وسعت للتقرب من خصمهم اللدود إيران، لكن قطر نفت ذلك.
نصر قريب
ورغم الانهيار الداخلي المتزايد في اليمن، إلا أن «توكل» لا تزال مطمئنة إلى «نصر حاسم على الثورة المضادة».
وقالت: «سيعاود الربيع الكرة في أي بلد، وفي كل مرة يكون هناك دولة الاستبداد والفساد والفشل والمحسوبية والرشاوي سيحدث ذلك في أي دولة من المحيط إلى الخليج».
يشار إلى أن جماعة «الحوثي» سيطرت على العاصمة صنعاء في أغسطس/آب 2014 وتحالفت مع الرئيس المخلوع «علي عبدالله صالح» ضد حكومة الرئيس «عبدربه منصور هادي» لمواجهة «التحالف العربي» بقيادة السعودية الذي تدخل في الصراع عام 2015.
وخلّفت الحرب أوضاعا إنسانية وصحية صعبة، فضلا عن تدهور حاد في اقتصاد البلد الفقير.
ومنذ بداية التدخل السعودي، قتل أكثر من 8 آلاف شخص بينهم أطفال ونساء، وجرح 47 ألف شخص آخرين على الأقل، بحسب تقديرات منظمة «الصحة العالمية»، فضلا عن نزوح مئات الآلاف.
وفازت «توكل»، وهي مدافعة نشطة عن حقوق الإنسان وعضو بحزب الإصلاح الإسلامي، بجائزة نوبل في عام 2011، بعدما اعتصمت في خيمة لعدة شهور خلال احتجاجات مؤيدة للديمقراطية، أفضت في النهاية إلى تنحي الرئيس الراحل «علي عبدالله صالح».
وأقامت في السنوات القليلة الماضية في قطر ثم انتقلت إلى تركيا، البلدان اللذان رحبا إلى حد كبير بانتفاضات 2011، وأبديا دعما للإسلاميين مما أثار غضب الرياض وأبوظبي.
واتهمها منتقدوها على مدى سنوات بأنها تنفذ سياسات مضيفيها خاصة بعدما منحتها تركيا الجنسية رغم أنها تؤكد أنها «مواطنة يمنية حرة».