1-التوجهات الأمريكية
يبدو واضحاً من تصريحات بينس وزير الخارجية الأمريكي، أن هناك اتفاقا أمريكيا اسرائيليا أو «ترامبي–تتنياهوي» على الإسراع والتوسع في فرض الحلول السياسية من جانب واحد هو الجانب الاسرائيلي، وبالتالي تحويل ما تبقى من المسألة الفلسطينية والصراع العربي الاسرائيلي إلى مماطلات شراء الوقت، وعبثيات التفاوض ،واشتباكات اقتصادية أو مطالبات اجتماعية . كذلك أكد بينس :»أن رؤية أمريكا لحل الدولتين هو كما يتفق عليه الطرفان». أما الشرعية الدولية ، وقرارات الأمم المتحدة فلم يذكرها أبداً ، ولم يعلن التزام أمريكا بها . كذلك أخذ بينس موقفاً تمويهيا خادعاً حين قال : «لم نأخذ موقفاً حول الحدود وحول الوضع النهائي» . إذن ما هو الموقف الأمريكي ؟ لا شيء سوى مساعدة إسرائيل على التملص من مسؤوليتها، والضغط على الفلسطينيين من خلال حجب المساعدات وإضعاف الأنوروا. وهذا يفسح المجال لنتنياهو للاستمرار في فرض رؤيته السياسية و مشروعه الصهيوني الاحتلالي، والتوسع في ابتلاع الأراضي وتعميق الاستيطان ،ومحاولة إنهاء الصفة السياسية والقانونية الدولية والوطنية لمسألة اللاجئين الفلسطينيين، بعد أن وصل عدد المستوطنين في الضفة الغربية إلى 485 ألفا ،وتم تقطيع اوصال الضفة الغربية واستمرار السجن أو معسكر الاعتقال الأكبر في تاريخ العالم، وهو قطاع غزة .
وهكذا فليس من خيار أمام الجانب الفلسطيني إلا أن يعمل على تعزيز الصمود على الأرض باي ثمن، وتصعيد المقاومة السلمية ،وإبراز الوجه الإنساني للشعب الفلسطيني. وعلى الجانب العربي أن يعمل على دعم الجهود الفلسطينية ،واعتراف العالم بالدولة الفلسطينية على حدود 1967 والقدس الشرقية عاصمة لها، وهو جوهر الموقف الأردني. وليس لنا في الأردن إلا أن نعزز جهود بلدنا للعمل بحكمة وإنجار وتعميق حقيقي وفعال لمبدأ الاعتماد على النفس .
2- الموارد البشرية
جهود ممتازة تبذل لتنفيذ استراتيجية تنمية الموارد البشرية التي تم اقرارها، والعمل جار لرفع مستوى خريجي الجامعات والمعاهد والكليات المتوسطة، وتشجيع التوجه نحو التعليم التكنولوجي والمهني. ولكن… هل يجري إعداد الاقتصاد الوطني ليصبح قادرا على توليد فرص عمل لهذه الموارد البشرية؟ أين سيعمل، وكيف سيعمل الخريجون حتى بعد تطوير امكاناتهم ؟ و هل تم تحديد الملامح الرئيسية لسوق العمل في اقتصاد يشكل «الاستيراد» الصفة الغالبة عليه؟ علما بأن البطالة لدى الخريجين الجامعيين تتعدى 30% وبين الإناث منهم تتعدى 48% . إن التعليم والتأهيل بأشكاله ومستوياته المختلفة لا ينفصل عن بنية الاقتصاد، ولا عن المجتمع بقيمه وثقافته، ومرونته واستجابته للتغيير . ولم يعد تصدير القوى العاملة المؤهلة والمدربة هو الحل، فهو خسارة للرأس المال البشري من جهة، وجميع دول المنطقة أصبح لديها مؤسسات للتأهيل والتعليم وفوائض في الخريجين.
وعلينا أن ندرك جيدا ، وأن تقتنع الإدارة الرسمية ، أنه دون أن تنشأ صناعات جديدة، ودون تصنيع الزراعة والسياحة والنقل و غيرها، ودون التخفيف من المستوردات ليحل محلها الإنتاج الوطني، فإن جهود تنمية الموارد البشرية ستواجه بالاحباط .
3- البطالة والعمالة الوافدة
ربما لا نجد بلداً يعاني من الارتباك في مسألة العمالة كما نعاني نحن .ففي الوقت الذي يشكو الجميع من ارتفاع أرقام البطالة وتأثيرها الاقتصادي السيئ، والاجتماعي الخطر، والنفسي المدمر، وفي الوقت الذي تستضيف الأردن ما يقرب من 1.1 مليون عامل وافد،إضافة إلى العمالة السورية، بكل ما يعني ذلك من اعباء اقتصادية ومخاطر اجتماعية وضغوط على الخدمات والموارد، فإن الطلبات من القطاعين الزراعي والصناعي على الأيدى العاملة من الخارج لا تزال قائمة، وبالآلاف . بل أن القطاع الصناعي يشكو من نقص العمالة السورية حتى يصدر إلى أوروبا، ويشكو من محدودية الكوتا للعمالة الأجنبية في بعض القطاعات الفرعية،كما أن قطاعات فرعية أخرى مهددة بالإنهيار. والسؤال : الا يمكن وضع حل لهذه المتسلسلة التي تزداد تفاقماً سنة بعد سنة ؟ ألا يمكن تحديد المهارات المطلوبة بالضبط؟ حتى يتم تدريب الأردنيين عليها ولو بإرسالهم إلى الصين والهند.؟ ألا يمكن إنشاء معاهد صغيرة ولكنها متخصصة ويتم التعاقد مع مدربين من الخارج؟ ألا يمكن إنشاء مجمعات سكنية مناسبة للعمالة الأردنية؟ ألا يمكن العمل على تحسين الحالة التكنولوجية لقطاعي الزراعة والإنشاءات؟ …ألا..ألا.. ولكن.. من يستجيب.
4- النقل
وكذلك ربما لا نجد حالة مشابهة لحالتنا الوطنية في مسألة النقل: ارتباك وتردد وتراجع. لدينا وزارة للنقل ،وهيئة لتنظيم قطاع النقل، وهيئة للسكة الحديد ،والخط الحديدي الحجازي وتنظيم الطيران، و غيرها. ومع هذا، ليس لدينا نقل عام منظم يحفظ البيئة و الطرق و الحوادث ،و يوفر في استهلاك المشتقات النفطية ، و يقدم للمواطن الراحة و الأمان و الكلفة المقبولة. والعاصمة تتحرك فيها 1.5 مليون سيارة، والباص السريع منذ سنوات وسنوات، والقطار الخفيف بين عمان والزرقاء محل أخذ و عطاء منذ 30 سنة، مجرد كلام، في حين تبني الصين 200 كم من السكة الحديد في أسبوع . دخلت السكة الحديد إلى الأردن قبل 109 سنة عام 1908وشبكة السكة الحديد الوطنية من العقبة إلى عمان إلى اربد إلى الحدود العراقية والسورية لم يعد أحد يذكرها. والوزراء مع الإحترام والتقدير يتتابعون على الوزارة ثم يتركونها بسرعة، وكأنهم فشلوا في غزو الفضاء . ولا زلنا لا نعرف ماذا نفعل .هل يعقل أننا مرتبكون لهذه الدرجة؟ الا نجد دولة في حجمنا يمكن أن نستفيد من دروسها البسيطة ؟ اليس الجواب معروفا في جميع أنحاء العالم؟ وهو إنشاء شركات كبيرة للنقل العام المنظم بدعم من الدولة يكون لها المسرب الأيمن من الطريق،وخطوط ترام في العاصمة والمدن الكبيرة، وشبكة سكة حديد تربط البلاد.
إدارة الأزمات….. محطات سريعة /د. إبراهيم بدران
7
المقالة السابقة