لا شك في أن اللحظة التي عشتها مع آخرين كثيرين يوم السبت الماضي شكلت علامة فارقة في حياتي، وربما في حياة الكثيرين ممن حضروا لقاء اشهار حزب التحالف المدني.
نجح اللقاء في تشكيل حالة جديدة في الحياة السياسية الاردنية. حضور اكثر من الف شخص غصت بهم القاعة الداخلية لمكان الاشهار، اضافة لقاعة خارجية تم اعدادها تحسبًا لما حدث، ليس مألوفا. اضافة لذلك، فقد تابع مجريات اللقاء بالكامل اكثر من ثمانية آلاف شخص ولمدة ثلاث ساعات متواصلة على الانترنت ما شكل دليلا قويا على مدى الدعم الذي تحظى به فكرة الدولة المدنية، وذلك بالرغم من الهجوم ضد الحزب وضدي واتهامه باطلا بما ليس فيه. وبالرغم من المنع السابق وغير المفهوم لعقد اللقاء، شاء الكثيرون ان يأتوا ويعربوا عن دعمهم دون وجل او خوف.
لكن أهمية اللحظة لا تكمن فقط بعدد الحضور، بل بالتواجد اللافت للجيل الجديد من كلا الجنسين، الذي حضر اللقاء وقدم البرنامج كاملا، ما يؤشر على استعداد العديد من افراده للعمل الجماعي المنظم الجاد بالرغم من كل المحبطات التي يعاني منها.
لقد كان الاطلاق حالة مميزة لم نشهد فيها حضورا لأي شخصيات على المسرح كما لو انها ترسل رسالة للناس ان العملية مطبوخة وكل ما هو مطلوب هو الموافقة على الشخصيات القيادية للحزب المتفق عليها سلفا. رسالة يوم السبت كانت واضحة في ان من سيختار هذه القيادات هم أعضاء الحزب وبالطرق الديمقراطية فقط، وليس هناك من قرارات معلبة وجاهزة. ولأن العديد ما يزال يصر على تنصيبي عنوة كرئيس للحزب، فانني أعلنها صراحة ان جل همي هو العمل مع الجيل الجديد لبلورة ارضية وطنية تؤمن بمبادئ الدولة المدنية، ولا نية لي لشغل منصب قيادي في الحزب، بل أملي ان يتولى ذلك ابناء وبنات الجيل الجديد.
لكل من حضر الشكر الجزيل على تصميمهم وشجاعتهم، والشكر موصول لكل من تابع ودعم هذا الجهد دون ان يحضر. وأودّ ان أوجه هنا شكرًا خاصا لدولة السيد عبد الكريم الكباريتي الذي ابى حين كان في السلطة الا ان تكون لحكومته الولاية العامة، وللسيدة ريما خلف هنيدي التي وقفت وتقف موقفا مشرفا لفضح الممارسات العنصرية الاسرائيلية امام العالم بالأدلة والوثائق.
أهمية اللقاء لن تقاس في النهاية بحدوثه، وانما بقدرته على تحويل كل هذا الاندفاع الى برامج عملية تثبت بالفعل ان هذا حزب أفكار يخاطب المستقبل ويقدم الحلول العملية ويصون الدين ويقف الى جانب قضايا أمته وعلى رأسها القضية الفلسطينية، وانه حزب سيلفظ خارجا كل من يحاول امتطاءه لمجد شخصي، فعصر الأفراد قد ولى.
هذا هو التحدي الرئيس الذي سيساهم نجاحه في تجسير الهوة الساحقة بين الجيل الجديد والدولة، لأن المطلوب اليوم تجسيد الحلم بمستقبل افضل لابناء وبنات هذا البلد الحبيب. أهمية اللحظة هي في إمكانية تحقيق هذا الحلم ليجيب عن تساؤلات المشككين الموضوعية والمشروعة كما يسكت أصوات المهاترين من هتيفة النظم الشمولية التي لم تؤمن يوما بالديمقراطية، فيقدم انموذجا لحياة افضل يلمسها كل مواطن ومواطنة. لأنني أومن بامكانية تحقيق ذلك بهمة المخلصين الحقيقيين لهذا الوطن، شعرت يوم السبت الماضي، وشعر الكثيرون معي، برهبة اللحظة وحجم المسؤولية.
التحالف المدني دعوة لكل من يطمح بدولة مدنية تتفيأ بظلها مواطنة متساوية ومستوى معيشة افضل وسيادة القانون على الجميع وحرية المعتقد وتوازن السلطات ان يضع يده في يد التحالف لتطوير برامج تؤدي لذلك، ولتكن هذه المعايير ما تقود للحكم النهائي على نجاح التحالف او فشله.