أين عقلاء العرب وحكماؤهم، وخاصة أهل الخليج، عن ما يجري في سماء الخليج العربي وبراريه وبحاره من تحشيدات عسكرية وتحرشات جوية وبحرية واستثارة نعرات قبلية جاهلية من أجل العبث بأمن الخليج واستقراره وسلامته، تحت ذرائع كاذبة حاقدة تغذيها نفوس مشحونة بالغيرة والحقد والأنانية على دولة شقيقة كانت عونا، وما برحت، لكل من أراد الاستعانة بها في أي شأن سلمي أو إنساني.
(2)
أعلنت السلطات الرسمية في دولة قطر في ديسمبر الماضي ويناير الجاري أن مجالها الجوي اخترقته طائرتان عسكريتان، الأولى حربية في 21 ديسمبر عام 2017 الساعة الـ 9:45 صباحا، والثانية طائرة نقل عسكرية إماراتية في 3 يناير الجاري، متجهة من أبوظبي إلى البحرين، وكان مرورها فوق المنطقة الصناعية، وفي حالة ذروة الأعمال اليومية في المنطقة الصناعية، والأمر الذي يثير القلق، وعلى إثر هذين الحدثين تقدمت دولة قطر رسميا بإبلاغ الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن عن الحادثين ووضعهم في الصورة وطلبت توزيع الرسالتين على الأعضاء كوثيقتين من وثائق الأمم المتحدة ومجلس الأمن ، وتنبيها لهم عن أخطار قادمة تتربص بدولة قطر من دول الحصار وتضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته والعمل على منع أي تصرفات حمقاء قد يقدم عليها أي طرف من أطراف دول الحصار على دولة قطر، لأن أي خلل قد يحدث في الحساب سيحل بالكارثة، ليس على دولة محددة في الخليج العربي، وإنما سيشمل الجميع وكذلك الاقتصاد العالمي والأمن والسلم في الشرق الأوسط والمحيط الهندي.
وأعتقد أن دولة قطر ستعمل على إخطار جامعة الدول العربية بما يحدث في أجوائها وعلى تخومها، لتكون في سجلات الجامعة للتاريخ، ولو أنها جسد بلا روح ، كذلك التواصل مع دول منظمة المؤتمر الإسلامي عن طريق رئاسة المؤتمر الحالية، ومنظومة دول عدم الانحياز.
(3)
في الرابع عشر من الشهر يناير الجاري، نشرت وسائل الإعلام المرئية والمسوعة والمطبوعة، عربية وأجنبية، وعلى وسائل الاتصال الاجتماعي تسجيلا صوتيا للشيخ عبدالله بن على آل ثاني جاء فيه “أنا موجود في أبوظبي في ضيافة الشيخ محمد بن زايد، لكني لست في وضع الضيافة، وإنما في وضع محتجز، وأضاف قائلا: إنهم أبلغوني ألا أخرج من مكاني، وإذا حدث لي شيء فأهل قطر بريئون، وإن الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي هو من يتحمل المسؤولية عن أي شيء يحدث لي (نقلا عن الشريط المذاع عبر وسائل الإعلام).
المعروف أن الشيخ عبدالله بن علي كان يتنقل بين عواصم الحصار الخليجية عن غير رغبة منه كما يُستنتج من الأحداث، وكان الهدف من تلك التحركات إعداده وإشعار العالم الخارجي بأن هناك انشقاقا في العائلة الحاكمة في قطر، وأن حصارها من أجل تغيير النظام في قطر وهنا البديل، لم يجدوا تجاوبا من الشيخ عبدالله كما يجب، فأرادوا استبداله بشيخ آخر ووجدوا أن ليس له حضور على الساحة الداخلية القطرية أيضا، وفشل تخطيطهم لإحداث انقلاب على القيادة السياسية بقيادة سمو الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وعلى ذلك احتجزوا الشيخ عبدالله وسيلحق به الشيخ الثاني بن سحيم.
الإثنين الموافق 15/ 1 / 2018″ أعلنت الهيئة العامة للطيران المدني الإماراتي أن إحدى طائراتها المدنية المتجهة إلى البحرين تم اعتراضها من قبل سلاح الجو القطري “ونفت الجهات القطرية المختصة ذلك الخبر جملة وتفصيلا، وبدورها القيادة الأمريكية العسكرية المركزية بالشرق الأوسط ومقرها قطر نفت ما أعلنته دولة الإمارات من أن طائرات عسكرية قطرية مقاتلة اعترضت طائرة مدنية إماراتية، جاء ذلك على لسان المتحدث باسم القيادة الأمريكية السيد داميان بيكارت وقال: “القيادة الأمريكية لم ترصد أية تقارير متعلقة بطائرة مدنية تم اعتراضها في منطقة الخليج”.
(4)
نستنتج من هذه الأحداث الجوية ومن احتجاز الشيخ عبدالله آل ثاني عن غير إرادته، والحملة الإعلامية المعادية لدولة قطر أن هناك أمرا جلل يعد لهذه المنطقة ، تحرش يتلوه تحرش آخر، ثم ترويج أكاذيب ضد دولة قطر لتكون مبررا لعدوان عسكري ضدها. وهنا نؤكد أن أمر إطلاق نار وإسقاط طائرة مدنية أو عسكرية في سماء الخليج أو تحرشات برية أو بحرية عسكرية أمر في غاية السهولة، لكن العواقب ستكون وخيمية على المنطقة برمتها وسيعقب ذلك زلزال عسكري لا يبقي ولا يذر كل ما تم إنجازه في الثلاثين عاما الماضية في كل أرجاء الخليج. وإذا كان البعض يعتقد أنه يملك قوة عسكرية خاضت حروبا في أفغانستان وليبيا واليمن وسورية والعراق وأنها مدربة تدريبا يفوق ما عداها في المنطقة، فنؤكد أن ذلك وهْم وأن الآخرين يملكون قوة الإرادة والتصميم على التصدي لكل من عاداهم.
وأنبه إلى أنه إذا كان اعتقال / احتجاز الشيخ المشار إليه أعلاه في أبوظبي من أجل المساومة على تسليم امرأة لجأت إلى قطر لا تشتغل بالسياسة ولموقف إنساني أخلاقي مُنحت حق البقاء في قطر، ومن المعروف أن أبوظبي تلاحق زوجها عبدالرحمن باجبير بتهم سياسية ولجأ إلى بريطالنيا، فعليها ملاحقة الزوج وليس المرأة، ولن تُساوم قطر على مبادئها وأخلاقها أبدا.
آخر القول: الخليج العربي في خطر يا عرب، وعقلاء الخليج والوطن العربي وحكماؤه مطالبون اليوم ببذل جهودهم من أجل إنهاء هذا الصراع الغير مبرر. وإلا فإن الخليج برمته سيكون فلسطين الثانية في قادم الأيام، وأنتم على الأرائك متكئون.
نذر حرب جوية ومصائب تحلق في سماء الخليج العربي/محمد المسفر
16
المقالة السابقة