عروبة الإخباري – قرر المجلس المركزي الفلسطيني مساء الاثنين في ختام اجتماع استمر يومين في رام الله بالضفة الغربية المحتلة تكليف اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير “تعليق الاعتراف” باسرائيل حتى اعترافها بدولة فلسطين، وذلك ردا على “صفعة العصر” المتمثلة باعتراف الرئيس الاميركي دونالد ترامب بالقدس عاصمة للدولة العبرية.
وقال المجلس في بيان ختامي انه “كلف اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية تعليق الاعتراف باسرائيل حتى اعترافها بدولة فلسطين على حدود عام 1967 والغاء قرار ضم القدس الشرقية ووقف الاستيطان”.
واضاف انه قرر بناء على ذلك اعتبار “الفترة الانتقالية التي نصت عليها الاتفاقيات الموقعة في أوسلو، والقاهرة، وواشنطن، بما انطوت عليه من التزامات لم تعد قائمة”.
كذلك فقد جدد المجلس “قراره بوقف التنسيق الأمني بكافة أشكاله، وبالانفكاك من علاقة التبعية الاقتصادية التي كرسها اتفاق باريس الاقتصادي”.
وكان المجلس المركزي قرّر عام 2015 إنهاء التعاون الامني مع اسرائيل، وهو جانب مهم جدا من العلاقة بين الطرفين، لكن القرار بقي حبرا على ورق.
وصوّت 74 عضوا لصالح القرار، وعارضه اثنان، بينما امتنع 12 عضوا عن التصويت.
وصدر البيان الختامي مساء الاثنين في ختام مباحثات عقدها المجلس المركزي على مدى يومي الاحد والاثنين لبحث الرد على ما وصفه الرئيس الفلسطيني محمود عباس بـ”صفعة العصر” في اشارة الى جهود السلام التي يقودها ترامب.
وكرر عباس في كلمته امام المجلس المركزي الأحد رفضه للوساطة الاميركية، متهما اسرائيل ايضا بأنها “انهت” اتفاقات اوسلو للسلام للحكم الذاتي الفلسطيني التي وقعتها مع منظمة التحرير الفلسطينية عام 1993.
وفي بيانه الختامي أكد المجلس المركزي “رفضه الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية” و”رفض أي طروحات أو أفكار للحلول الانتقالية أو المراحل المؤقتة بما فيها ما يسمى بالدولة ذات الحدود المؤقتة”.
كما جدّد المجلس “إدانة ورفض” قرار ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الاميركية الى المدينة المقدسة، مؤكدا ان الادارة الاميركية “فقدت بهذا القرار أهليتها كوسيط وراعٍ لعملية السلام، ولن تكون شريكاً في هذه العملية إلا بعد إلغائه”.
وكان عباس شدد في خطابه الأحد على ان الفلسطينيين لن يقبلوا بالولايات المتحدة كوسيط في محادثات السلام مع اسرائيل متهما ايضا اسرائيل بانها “انهت” اتفاقات اوسلو للسلام.
وقال “لم يبق أوسلو. اسرائيل انهت اوسلو. نحن سلطة من دون سلطة وتحت احتلال من دون كلفة، ولن نقبل أن نبقى كذلك”.
ووقّعت اسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية اتفاقات اوسلو للحكم الذاتي الفلسطيني العام 1993.
وقال عباس في خطابه “قلنا لا لترامب ولن نقبل مشروعه، وصفقة العصر هي صفعة العصر ولن نقبلها”، في اشارة الى تعهد ترامب التوصل الى “صفقة” لحل الصراع الاسرائيلي الفلسطيني.
وتابع “لا نقبل أن تكون أميركا وسيطا بيننا وبين إسرائيل”، مؤكدا ان الفلسطينيين يرغبون بعملية سلام تقودها لجنة دولية.
ومن غير المتوقع ان تقبل اسرائيل بوسيط آخر غير الولايات المتحدة. وتتهم عادة الامم المتحدة والمنظمات التابعة لها بالانحياز الممنهج ضدها.
ابتزاز
وشهدت العلاقات الفلسطينية- الاميركية تدهورا سريعا وتوترا شديدا منذ انتخاب ترامب.
وتعهد ترامب خلال حملته الانتخابية بأنه سيترأس اكثر ادارة اميركية مؤيدة لاسرائيل، مع سعيه الى تحقيق سلام بين اسرائيل والفلسطينيين.
لكنه أغضب الفلسطينيين ايضا عبر رفضه الالتزام بفكرة دولة مستقلة وهدد مؤخرا بقطع مئات الملايين من الدولارات من المساعدات الاميركية.
وجمدت القيادة الفلسطينية اتصالاتها مع الادارة الاميركية، وقررت عدم لقاء نائب الرئيس الاميركي مايك بنس في زيارته المقبلة في 22 و23 كانون الثاني/يناير الجاري.
وكان ترامب هدد في الثالث من كانون الثاني/يناير بقطع المساعدات المالية الاميركية التي تزيد على 300 مليون دولار سنويا للفلسطينيين، بسبب عدم اظهارهم “التقدير او الاحترام” مؤكدا انهم لا يرغبون بالتفاوض مع اسرائيل للتوصل الى اتفاق سلام.
في المقابل، اكد الفلسطينيون انهم لن يخضعوا “للابتزاز”.
وتفيد ارقام نشرت على الموقع الالكتروني للوكالة الاميركية للتنمية (يو اس ايد) ان الولايات المتحدة دفعت 319 مليون دولار الى الفلسطينيين عبرها. يضاف الى ذلك 304 ملايين دولار من المساعدات قدمتها واشنطن الى برامج الامم المتحدة في الاراضي الفلسطينية.
‘يخرب بيتك’
في كلمته انتقد عباس السفير الاميركي في اسرائيل ديفيد فريدمان والسفيرة الاميركية في الامم المتحدة نيكي هايلي لمواقفهما الداعمة تماما للموقف الاسرائيلي.
وفريدمان مؤيد للاستيطان في الاراضي الفلسطينية المحتلة.
وردا على اتهام ترامب للفلسطينيين برفض المفاوضات قال عباس “يخرب بيتك. متى رفضنا؟”، في مصطلح أثار ضحك الحاضرين.
وركزت وسائل الاعلام الاسرائيلية الاثنين بشدة في تغطيتها لخطاب عباس، على استخدامه لهذا المصطلح.
من جانبه، رأى رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو الذي يزور الهند حاليا، ان عباس “ازال القناع عن وجهه”.
وقال نتانياهو ان عباس “كشف النقاب عن الحقيقة البسيطة التي أعمل جاهدا منذ سنوات طويلة على غرسها في قلوب الناس ومفادها أن جذور الصراع بيننا وبين الفلسطينيين تعود إلى الرفض الفلسطيني الدائم للاعتراف بدولة الشعب اليهودي مهما كانت حدودها”.
وقال وزير الدفاع الاسرائيلي افيغدور ليبرمان ان هذه التصريحات تشير الى ان الرئيس الفلسطيني “فقد عقله ويتخلى عن المفاوضات”.
وردا على تصريحات عباس، قال الاتحاد الاوروبي ان موقفه لحل الصراع يبقى “مبنيا على اساس اتفاقات اوسلو”.
واكدت المتحدثة باسم المفوضية الاوروبية مايا كوسيانسيتش للصحافيين في بروكسل ان “حل دولتين متفاوض عليه يحقق تطلعات الجانبين، اسرائيل وفلسطين، هو الطريقة الوحيدة الواقعية لتحقيق السلام الدائم والامن الذي يستحقه كل من الاسرائيليين والفلسطينيين”.
اما وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف فاعلن الاثنين انه “يتفهم” تصريحات عباس.
وصرّح لافروف خلال مؤتمر صحافي “نتفهم تماما ما يشعر به الفلسطينيون حاليا. لقد قدموا تنازلات من جانب واحد، واحدة تلو الأخرى على مدى السنوات الأخيرة، من دون الحصول على شيء في المقابل”.
وأضاف “خلال الأشهر الأخيرة، سمعنا مرارا عن أن الولايات المتحدة على وشك اعلان اتفاق كبير يرضي الجميع”، مشيرا الى أنه “لم ير أو يسمع عن أي شيء في هذا الاتجاه”.
وجهود السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين متوقفة بالكامل منذ فشل مبادرة اميركية حول هذا الموضوع في نيسان/أبريل 2014.
وتعد الحكومة التي يترأسها نتانياهو الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل، وتضم مؤيدين للاستيطان دعوا منذ تولي ترامب الرئاسة إلى إلغاء فكرة حل الدولتين وضم الضفة الغربية المحتلة.