عروبة الإخباري – كتب سلطان الحطاب/ شعارهم “لا برحمك ولا بخلي رحمة الله تنزل عليك”
ويلتقي الزهار الذي بدأ يظهر مجدداً من الداخل مع الدحلان الجالس عند حقول النفط في الخارج ليعزفوا معزوفة “البقرة والسكاكين”
ويزايد المزايدون وتبدأ الخطابة والكل ينتظر .. لا أعرف ماذا ينتظرون؟ هل ينتظرون أن يُسلّم أبو مازن مفاتيح السلطة؟؟ وإذا سلّمها نتيجة فقر وإملاق، فهل سيستلموا هم؟ أم أنهم يرون البديل في الحاكم العسكري الإسرائيلي؟ الذي كان يدير الضفة الغربية قبل قيام السلطة بقوانين عسكرية .. المهم عندهم أنه ليس أبو مازن ..
لماذا كلما صعد النضال الفلسطيني في مواجهة الإحتلال .. ساعدوا الاحتلال على تبخيس نضال شعبنا ومحاولات النيل منه؟؟
الآن في هذه اللحظة والسلطة تقاوم الإبتزاز الأميركي القذر، لماذا لم تتغير مواقفهم من السلطة؟ ولماذا يتواصل هجومهم على السلطة؟ لماذا تفتح الجزيرة شاشتها ساعة لأحد الجالسين في بيروت من حماس “العاروري” ليشتم السلطة ويطالب برحيلها دون أن يقاطعه مقدم البرنامج بجملة واحدة ويتركه كما لو أنه في محاضرة من منزله .. في حين لا نستطيع أن نكمل جملة واحدة دون أن يرد علينا بجملتين أو دون أن يجري الإعتذار بأن البرنامج قد إنتهى .. أليس هذا هو استعمال الاحتياط في الوقت المناسب؟
نعم بدأت آليات المزايدة التي تصب في رحى الاحتلال تشتغل .. فهم لم يقدموا لمقاومة الإحتلال شيء وهم لا يصمتوا حين يبدأ شعبنا في ترجمة إرادته في مواجهة الإحتلال ..
إنهم يتشفون الآن والإدراة الفاشية الأميركية تقطع المساعدات عن السلطة ويستخفون بخبز الفلسطينيين وعلبة دوائهم ويطالبونهم بالموت حصاراً دون أن يجعلوا مع حملاتهم على الفلسطينيين وعداً بالمساعدة .. إنهم لا يقدمون شيئاً سوى الكلام المُعيب والمنتقص من قدرات شعبنا ..
القيادة الفلسطينية الشجاعة الآن ترفض الإبتزاز الأميركي .. فأين أنتم؟ أين مواقفكم للرد العملي وليس بالتنافخ والخطابة .. أين أموالكم البديلة لل (370) مليون دولار التي تقدمها أميركا؟ لماذا لا تجمعوها أولاً وتتحدثون ثانياً؟ لماذا لا تقوم لكم مبادرات للرد على الإدارة الأميركية؟ هل استدعيتم سفرائكم عندها؟ هل هددتم بتجارة أو مال أو نفط أو علاقات؟
قلتم السلطة مستسلمة وضعيفة وفكرتم عن طريق الرباعية العربية وغيرها أن تغيّروا قياداتها ولولا ردّ الشعب الفلسطيني عليكم لمضيتم في مشروعكم .. وحين وقفت السلطة موقفها الآن صمتم صمت القبور وأخذتم إجازة وتركتم غلمانكم يتحدثون عن المراجل والبطولات المرجوة.
أيّ نفاق هذا؟ ألستم تريدون سلطة مناضلة مكافحة تطلق طاقات شعبها؟ تفضلوا ها هي تفعل .. فأين أنتم ومن أنتم؟ ألستم تريدون سلطة ترفض المساعدات الأميركية لأن للمساعدات إشتراطات؟ .. فأين أنتم وأين بديلكم؟ ولماذا صمتم وصفقتم لقطع المساعدات الأميركية؟ ولم تقولوا بالدعم العربي أو حتى دعم المقتدرين الفلسطينيين في الخارج والمنافي والمهجر؟ ..
أنت لا تتقنون إلا لغة المزايدة والحديث في الوقت الضائع، وأن تكونوا صدى لإعداء شعبكم دون أن تدركوا مرامي العدو!!
الإدارة الأميركية تلوي يد السلطة الآن ومعركة عضّ الأصابع بدأت، والسلطة تقول (أحدٌ أحد) لا لبيع القدس ولا للذهب والمليارات وهي تقول ذلك ويدها في النار وقدميها في الفلقة، ولكنكم تقولون ذلك وكأنكم في فيلم سينمائي وتتخيلون أن الدم هو كاتشب يعلو أجساد شباب الإنتفاضة من أجل القدس ..
إرحموا هذا الشعب، فإما أن تساعدوه أو تصمتوا .. ونظرة واحدة لتاريخ الكفاح الفلسطيني فإن القليلين من العرب كانوا معه والكثيرون في الأنظمة كانوا ضده .. إقرأوا التاريخ لتروا ..
أليس الإصبع الفلسطيني الآن تحت الأسنان الإسرائيلية الأميركية .. ماذا عملتم؟ حتى التحجيز “الفصل بين المشتبكين” لم تقوموا به .. تنتظرون أن يرفع الفلسطينيون راية بيضاء من أجل أن تقولوا تعبيراتكم المعهودة “استسلموا” .. “باعوا قضيتهم” .. “باعوا أرضهم” .. إلخ ..
تصمد السلطة الآن وهي في جوف الحوت .. تحت الاحتلال ويصمد قادتها وهم في قبضة الاحتلال الذي يطرح فيه الفلسطينيون معاناتهم ثمراً حلواً “كعهد التميمي” .. يصمد أبو مازن وأمامه صورة عرفات في حصار المقاطعة عام 2002 حين ثم يكن أي إسهام في فكّه .. وتصمد قيادة “أبو مازن” الآن ويرفض إستقبال المبعوث الأميركي .. هل ترفضون أنتم وأنتم أحرار في عواصمكم كما يبدو استقباله أو حتى عتابه أو تذكيره بإلتزامات بلاده المقطوعة وبقرارات الشرعية الدولية التي انتهكها .. لقد قالها الرئيس الأميركي كارتر من قبل “لم يذكر أي زعيم عربي أمامي شيئاً عن الحقوق الفلسطينية” ..
كل الأنظمة العربية السابقة ومنذ وعد بلفور لم تمكن الفلسطينيين من مواصلة نضالهم وكانت إضافة سلبية على ذلك النضال والوقائع موجودة وكتبناها ويمكن العودة إليها ..
لقد أشبعونا خطابة وتنازلوا .. وقالوا “الوغى كرّ وفرّ .. ثم فروا ثم فروا ثم فروا” ..
أيها المزايدون على الحق الفلسطيني وقيادته الصامدة الصابرة .. اصمتوا لأنكم لن تفعلوا شيئاً.. إصمتوا ثم بعد ذلك إفعلوا إن استطعتم، ولكن كيف وفاقد الشيء لا يعطيه .. وقراركم مرهون منذ أمّ ترامب صلاة الجماعة في مؤتمر القمة الإسلامية العربية حين زار المنطقة ..
أليس الغريب أن عواصم عربية قادرة لم ترفع علماً فلسطينياً واحداً حتى الآن لتؤكد موقفها؟ ولم ترفع صورة للقدس أو المسجد الأقصى لتقول شيئاً!! وانصرفت للرياضة والإنفتاح ودعوة الفنانين والفنانات ليكون رأس السنة على شكل إمرأة في وضع خاص !!
ألم تهزّ مشاعركم صورة عهد التميمي؟ .. ماذا لو كانت من جنوب شرق آسيا؟ .. لماذا ملأتم الدنيا صراخاً على “الروهينجا”؟ .. ولماذا قاتلتم ضد بعضكم سنوات طويلة وما زلتم؟ في حين لم يقاتل العرب في معارك فلسطين إلا أياماً أو ساعات كما في حرب حزيران عام 1967 ..
لا نريد الاحباط لأن الشارع العربي بريء منكم ولكن نريد أن نكشف عوراتكم وسوء ظنكم وتآمركم على القضية التي أصبحت قميص عثمان تحلفون بها ..
آلا تخشون على شعوبكم التي تستخفون بها حتى إذا ما خرجت عليكم هربتم بأموالكم؟ أين زين العابدين بن علي؟ أين القذافي؟ أين مبارك؟ وماذا عن غيرهم؟؟ ..
إسرائيل نظام عنصري استعماري فاشي .. هل تدركون ذلك؟ لماذا لا تلاقونها؟ قبل أن تدخل إلى عواصمكم وتبيد شعوبكم؟ وهذا الذي يمارس الإبتزاز “ترامب” ويريد القدس مقابل (370) مليون دولار يدفعها للسلطة .. ألم تقرأوا مسرحية “شكسبير”، وبطله اليهودي “شايلوك” في “تاجر البندقية” وكيف أراد القصاص منه لدين عليه باقتطاع كيلو من لحمه حين لم يقوَ على السداد؟ ..
يريدون القدس مقابل المساعدات .. وهم بذلك يريدون الكرامة والعقيدة وحقوق الشعب الفلسطيني في أعظم مدينة على الأرض .. إن لم يدافع عنها أهلها وهم سيدافعون .. فلم تسمح الأديان ولا الشعوب الآخرى من غير الإسلامية أن تؤول إلى قتلة الأنبياء .. وقاتلي المسيح تحديداً ..
لن نخاف على أبو مازن وهو يمضي في هذا الطريق .. فربما البعض لا يعرف شجاعته في سجون دمشق بداية الإنطلاقة التي عاش ليراها الآن بعد (63) عاماً من عمرها المديد، حين قال لسجانه “إن عظمنا أزرق وانتظرونا” ثم رأهم بعد ذلك وحالهم حال قول الشاعر “أسدٌ عليّ وفي الحروب نعامة” .. إنهم يا سيدي أقوياء على شعوبهم وعلى بعضهم وبرداً واستسلاماً على عدوهم ..
ليس مطلوباً من أبو مازن الذي في مهمته الأساسية والوطنية حماية شعبه الأعزل تحت الإحتلال أن يلف حزاماً ناسفاً على وسطه ويخرج ليكتبوا فيه قصائد رثاء .. أو يُذّكروا بمحاسنهم فيه وتبرعاتهم له ولنصائحهم التي يزعمون أنه لم يسمعها .. وهم الذين استكثروا عليه أن يذهب للأمم المتحدة واستعانوا عليه بالإنس والجن أن لا يذهب لإن الإدارة الأميركية طلبت منهم تلك المهمة ..
ليس مطلوباً أن يكون شعار أبو مازن “شهداء بالملايين” يقدمهم وقوداً للفرن النازي الجديد الذي أخذت وكالته إسرائيل من هتلر حتى لا تطفأ ناره .. وإنما المطلوب أن يحمي الشعب الفلسطيني وأن يجترح كل المعجزات حتى لا يجري إقتلاع هذا الشعب في زمن الإبادة والتهجير والهروب من الأوطان الجائرة أنظمتها .. وإذا كان نظام الأسد قد اقتلع وطرد خمسة ملايين من شعبه وبددهم في البحار وعبر المنافي وصمت العالم وأعتبر الاسد محارباً في وجه الإرهاب .. فهل سيقلق العالم إن فعل مثلها نتنياهو؟ الذي سيقولون بعد فعلته أنه حارب الإرهاب أيضاً ..
إتركوا أبو مازن يتصرف، فهو أمين على قضية شعبه .. كونوا معه لا ضده .. أعطوه مساعداتكم ودعائكم ومواقفكم السياسية ..
هو لم يطلب منكم سلاحاً ولن يطلب .. ولم يطلب منكم أن تأتوا إلى فلسطين لتقاتلوا معه أو تعتصموا في المقاطعة فأنتم لستم المتطوعين الأجانب من أمثال الفتاة “راشيل” التي وقفت في وجه الجرافة الإسرائيلية أو من الذين يأتون أسبوعياً ليحتجوا على جدار الفصل العنصري!!
وبدلاً من أن تقفوا مع رام الله .. مع القدس .. تقفون مع طهران، وبدلاً من أن تتحدثوا لشعبكم بلغة المنطق والوطنية والحق من وسائله .. تذهبون إلى قناة الجزيرة أو غيرها لتستأجروا مساحات للسب والردح أو تقيموا فضائيات في المنفى لتظهروا منها بلغة المناضلين في أجمل وأغلى بدلاتكم وربطات عنقكم ..
الشعب الفلسطيني أعطى الحاج أمين، واحمد الشقيري وياسر عرفات وفيصل الحسيني وأبو مازن وآلاف القادة المناضلين .. لن يشتري من مسرح العرائس الذين تعرضونه دمية اسمها الدحلان ولن تقوى أجهزة مخابراتكم على أن تزرع في أرضه ممثلاً عنه ..
حان لكم أن تكفّوا عن تكرار اللعبة السمجة في الحديث عن القيادة الفلسطينية وبدائلها .. لأنها القيادة التي إختارها شعبها .. واذكر قولاً لأبو مازن زمن الربيع العربي الذي اقتلع أنظمة ودحّر عواصم قوله “لو خرج عليّ في رام الله خمسة آلاف يتظاهرون ضدي لعدت إلى البيت قبل أن يتفرقوا” ..
الربيع الفلسطيني ضد الاحتلال إيها المنتظرون مواسمه .. وحين لم تفلحوا في تبديل القيادة الفلسطينية عبر ضغط أجهزتكم الأمنية .. فإنكم تبتهلون إلى ترامب لينجز لكم ذلك ..
إيها المتربصون بالقيادة الفلسطينية .. إنها اليوم على ثغرة من ثغور الأمة ولن يؤتى من قبلها .. وربما هذا الكلام يطمئن شعوب أمتنا التي غيبتم إرادتها عن الظهور ولكنه لن يطمئنكم لانكم تريدون الشعب الفلسطيني بلا قيادة فلسطينية ..
إذ أنكم ما زلتم تعتبرون الإدارة الأميركية صديقة .. والسؤال صديقة لمن؟ لأنظمتكم وحمايتكم؟ أم ماذا؟ .. إنها ليست صديقة للشعب الفلسطيني وقضيته .. ليست صديقة لقدسنا وهي تفرط فيها.. لتقولوا عنها ما تقولوا من صداقة .. في لم تحمِ مبارك الذي خدمها أكثر من نتنياهو .. ولم تحافظ على شاه إيران .. ولم تسأل عن مصير ابن علي ولم تشفق على العراقيين أو السوريين الذين طحنتهم بسياساتها وتحالفاتها في المنطقة ..
أدرك الفلسطينيون خطر الصهيونية مبكراً وحذروا منه منذ عام (1901) حين كتب “نجيب نصار” في صحيفة الكرمل بعد أن قاوم الفلاحون الفلسطينيون أول المستعمرين في “بتاح تكفا” عام 1882 بعض الفلسطينيين في سنوات الثلاثينيات من لا يدرك أن بريطانيا بالأمس هي أميركا اليوم فاعتبروها محايدة وصديقة ويمكن “الركون” إلى سياساتها .. إلى أن اكتشفوا أنها أساس البلاء وأنها من أعطى وعد بلفور وأقام الإنتداب لصالح الصهيونية وانسحب عام 1948 لصالح إسرائيل ..
بعض الفلسطينيين “الأفندية” ممن كان يلبس الطربوش الأحمر لم يدرك .. وبعضهم ممن لبس الحطة العقال أدرك .. ولذلك ما كان لبعد القادر الحسيني ابن العائلة البرجوازية أن يستشهد في معركة القسطل في 10/4/1948 إلا بعد أن أدرك أن بريطانيا هي إسرائيل ولذا خرج عليها حين لم يخرج عليها الأفندية وظلوا يعتقدونها محايدة وصديقة .. واليوم ها هي الولايات المتحدة تنام في الفراش الإسرائيلي وتكشف عن أنيابها بدعم إسرائيل وموافقتها على أخذ القدس والحبل على الجرار في مقاطعة الفلسطينيين وحصارهم والضغط عليهم ..
على شعبنا أن يدرك أن الأمبريالية الأميركية الجديدة هي الأمبريالية البريطانية القديمة في فلسطين!! ..
إتركوا أبو مازن يعمل وهو يجد في الأردن حليفاً بعد أن أدرك الأردنيون أن الصهيونية واسرائيل تستهدفهم وأن مداراتها أو الإمساك بورقة التوت من معاهدات وإتفاقيات لم تعد تغطي عورة الاحتلال ولا حتى أفعاله القبيحة ضد الأردن على أرضه بقتل الأردنيين أو حتى ما يحاك من مؤامرات ضد الأردن الرسمي في تسمية معارضات لها يجري إستزراعها .. أو في التحريض المباشر أو غير المباشر .. أو في نشر الإشاعات وانتظار الفتن و الفوضى ..
حان وقت أن نصحو .. فالصهيونية تتناولنا على شكل وجبات تأخذ واحدة وتؤجل أخرى والحكيم من اعتبر قبل فوات الأوان .. وعلينا أن نتخذ من الأشجار التي تموت واقفة عبرة إن أردنا النجاة ..
إسرائيل الآن محاصرة مهما بدت قوية ومعزولة من العالم، مهما بدى حضورها في الألبوم الأميركي .. فلا يخدعنكم السراب .. إنها نمر من كرتون حين يبدأ لمسها وتحسس جلدها .. فلنختبر أنفسنا بالصمود والإصرار على التمسك بالكرامة والحق ولنغلق الآذان على الطابور الذي بدأ يتحرك في شارعنا ليقول “ما دخلنا” .. “مالنا والفلسطينيين” .. “قضيتهم خسرانة وقضيتنا رابحة” ..
يا سادتي هذا ربع الساعة الأخير .. “فإن كان في يد أحدكم فسيلة فليزرعها حتى وأن جاءت القيامة” ..
انتبهوا من طوابير التشكيك بالمزايدة التي نسمعها وبالمناقصة التي ما زالت إحتياطاً للعدو يطلقها طابوره الخامس حين يفلس .. ولا تكونوا سكيناً ينتظر بقرة الشعب الفلسطيني لتكبوا .. بل كونوا عوناً له وسنداً فإن حمايته هي حمايتكم في كل عواصمكم العربية ما قربته منها الجغرافيا أو أبعدته ..