عروبة الإخباري – استضاف منتدى الفكر العربي، مساء الأربعاء 27/12/2017، حفل إشهار ومناقشة كتاب “مفاتيح الارتقاء بالمجتمع العربي المعاصر” تأليف أ.د. فيصل محمود غرايبه عضو المنتدى، والصادر حديثاً في سلسلة كتاب “الرياض” الشهرية عن مؤسسة اليمامة الصحفية السعودية. ويركز فيه المؤلِّف على بحث استثمار تكنولوجيا المعرفة في النهوض بالمجتمع العربي عبر خمسة مفاتيح تشمل الأسرة والتعليم والثقافة والشباب والممارسة السياسية الديمقراطية. وقد أدار اللقاء وشارك في مناقشة الكتاب الأمين العام للمنتدى د.محمد أبوحمّور، وعقبت على الكتاب د. رشأ الخطيب المحاضِرة في مواد اللغة العربية والحضارة العربية الإسلامية في الجامعة العربية المفتوحة.
وأشار د. محمد أبوحمور في كلمته التقديمية إلى أن المجتمع العربي يعيش في هذه المرحلة حالة من التحولات على مختلف الصعد، وحين نشخص أزماته ومشكلاته لا بد لنا من منظومة معرفية متداخلة ومتكاملة لفهم المسارات المطلوب تحديدها لنهوضه؛ مؤكداً أهمية الأدوار المترتبة على الأسرة والتربية والتعليم ابتداءً، وقيم الدمقرطة المجتمعية التي تكفل رعاية الإبداع والطاقات الشابة، وممارسة المشاركة ضمن مستوياتها المختلفة، وكذلك استثمار التكنولوجيا وتوطينها، والتمكين للتدريب والتأهيل، ورفع إنتاجية المجتمع مادياً وفكرياً ومعرفياً، وبالتالي ضمان كيانه وتطور هويته ونمائه.
كما أشار إلى أن النماذج المتعددة في العالم ومنها في شرقي آسيا عانت الفقر والبطالة وشح الموارد، واستطاعت خلال عقد أو عقدين أن تبدأ بوضع أقدامها على الطريق الصحيح، وتستثمر إمكاناتها وتحسن إدارة الندرة والوفرة لديها، ومن ثم تنهض بشكل أثار إعجاب الجميع؛ موضحاً أن منتدى الفكر العربي من خلال “الميثاق الاجتماعي العربي” و”الميثاق الاقتصادي العربي” اللذين أطلقهما، أكد ضرورة العناية بمادة المستقبل الشباب، والتعليم وإصلاحه، والتخطيط لدخول عصر المعرفة بثقة. وقال: إن من أخطر ما يمكن أن نواجه فقدان الأجيال الثقة والأمل والوقوع في هوة اليأس، لأنها في ذلك الحين ستفقد الحافز وتنحدر في مهاوي الضياع والتفكك والتشرذم، وتفقد الأمة بالتالي طاقتها الأساسية وعماد نهضتها.
ومن جهتها اعتبرت د. رشأ الخطيب محتوى الكتاب معبراً بدقة عن حاجة الصندوق المغلق في مجتمعنا العربي المعاصر إلى مفتاح، وقالت: هناك مفاتيح عديدة وليس مفتاحاً واحداً يلقيها إلينا د.فيصل غرايبه في محاولته التقاط أزماتنا الداخلية بعين المفكر وعالِم الاجتماع، لا من مكان قريب فتطمس الأزماتُ بصرَه عما وراءها، ولا بعيد بحيث يرى نفسه أكبر من كل ما يتحرك أمام ناظريه، فيلقي إلينا الدكتور غرايبة بمفاتيح الارتقاء بالمجتمع العربي المعاصر في كتابه، لكي نفتح بها المغاليق التي تمنع الأجنحة من الطيران، وتُعشي الأبصار عن النور.
وأشارت د. الخطيب إلى أن د.غرايبه يقدم في هذا الكتاب نظرة بانورامية على مشكلات المجتمع العربي المعاصر، وهي مشكلات اختلطت أطرافُها بأواسطها حتى غدت خيوطاً متشابكة، لا يفلح معها إلا أن نلتقط أوّلَها كي تستقيمَ بقيّـــتها على درب الارتقاء بمجتمعنا العربي المعاصر إلى المستقبل؛ موضحة أن الكتاب تنتظمه خمسةُ فصولٍ تحمل مفاتيح الارتقاء الاجتماعية، يطوف فيها المؤلف بين الأسرة والتعليم والثقافة والشباب والسياسة، يبسط في كل فصل منها مفتاحاً للارتقاء لو أنّا أحسَنّا استخدامه لكان في ذلك خيرٌ كثير نرجوه.
ويتقدم تلك الفصول مفتاحٌ استهلالي لا تغيب عنه أسس الارتقاء من العدالة الاجتماعية وبناء الإنسان بالعلم والعمل؛ كي يكون عُدّةَ تحقيق السعادة والتقدم، التي يسعى إليها مجتمع المعرفة المعاصر. ويعقب تلك الفصول مفتاح ختاميٌّ يؤكد الملامح الجديدة التي تميز المجتمع المعاصر بميزة تكنولوجيا المعرفة التي طغت على كل شيء في جوانب حياتنا المعاصرة، دون إغفال دور الإعلام الاجتماعي بمفهومه الواسع في صياغة علاقاتنا في عالم ما بعد الحداثة، الذي مهما نظرنا في مظاهره الجديدة، وجدنا أن جوهر طبيعته الذي لا غنى عنه، هو في التعليم والإبداع؛ طمعاً في إعداد أبناء المجتمع للمستقبل الذي ينشد، وتجنيبهم الآثار السلبية التي قد يتعرضون لها في سبيل ذلك المستقبل مع تأكيد أن الشباب هم عدَّتنا الحقيقية للارتقاء بالمجتمع العربي المعاصر.
وفي كلمته أوضح المؤلِّف أ.د. فيصل غرايبه أن كتابه يتلمس شروط المعرفة ومقوماتها في مجتمع المعرفة العالمي المعاصر، ويحاول الكشف عن مفاتيحها بغية الاستفادة منها في الارتقاء بالمجتمع العربي المعاصر، فقد بدأ من المفتاح الاستهلالي الذي يشكل مدخلاً للموضوع متنقلاً منه الى المفتاح الأسري ليُبَين ما ينعكس على الأبناء من مواقف الآباء باعتبار ان الأسرة نبع الخير لأبنائها، وهي تواجه تحديات ومشكلات معاصرة. ثم يتناول التعليم ليعرض كيف تنشىء المدرسة شخصية الطفل في مرحلة لاحقة ومكملة لمرحلة نشوئه في كنف الأسرة، وليوسع دائرة التحليل فيتناول المفتاح الثقافي، ليُعَلل واقع ركون العرب إلى ترسانتهم الثقافية، إستنادًا إلى معطيات علم الاجتماع العربي، ويما سمع بعد ذلك إلى الإمساك بالمفتاح السياسي، لمناقشة التوجه الاجتماسياسي نحو الإصلاح، ومن ثم تصور الأمن الإنساني في الإطار الجيوسياسي، وعند النظر في تهيئة الجيل الجديد لمجتمع المعرفة لا بد من اعتماد المفتاح الشبابي في صنع رؤية مستقبلة للجيل الجديد.
وأضاف د. غرايبه أن تكنولوجيا المعرفة أصبحت هي المفتاح الأساسي للتنمية والتقدم في المجتمع المعاصر، وعمت النشاط الإنساني بمختلف مجالاته وأحدثت ثورة اتصالية عارمة في مختلف أرجاء المعمورة محدثةً تغييراً كبيراً في طرائق الإنسان بالعيش والتخاطب واكتساب المعرفة، وفي تنظيم حقول العمل والإنتاج، ومتجاوزة الحدود الجغرافية والسياسية، إذ إنها تحل في قرن جديد تقاس فيه قوة الأمم وحضارتها بقدرتها على التحكم بالمعلومات وتوظيفها، وفي ترجمة آمال الإنسان وتطلعاته إلى واقع معاش في الحياة الإنسانية المعاصرة، مثلما تمكنت هذه التقنية المتقدمة الجديدة من تحقيق بعض أحلام الإنسان الذي يسابق عصره، لا بل وأرست قواعد ثقافية إلكترونية عالمية، امتدت متغلبة على تحديات الزمنكة وصعوباتها.
وقال د. غرايبه: إن طبيعة العصر تتطلب وجود نوعية من الأفراد لديها المنهجية والتفكير المبدع والإنتاج المبتكر، ولديها القدرة على التكيف مع المستجدات والمتغيرات الثقافية، لمواجهة المستقبل وتحدياته، ولإنشاء هذا النوع من الأفراد نحتاج إلى سياسات تعليمية تعد الفرد للحياة المعاصرة لكي يؤدي أدواره التي يتوقعها المجتمع منه، وتشكل شخصيته الإنسانية القادرة علة التنمية والتكيف.