عروبة الإخباري – وجّه الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمس تحذيرا شديد اللهجة إلى الدول التي يفترض أن تصوت في الجمعية العامة للأمم المتحدة على قرار يدين اعتراف واشنطن بالقدس عاصمة لإسرائيل، متوعدا بوقف التمويل الأميركي لها.
وقالت ترامب في البيت الابيض “إننا نراقب هذا التصويت”، منددا بـ”كل تلك الدول التي تأخذ مالنا ثم تصوت ضدنا في مجلس الأمن”.
وأضاف خلال اجتماع مع فريقه الحكومي “إنهم يأخذون مئات ملايين الدولارات وحتى مليارات الدولارات ثم يصوتون ضدنا”.
وتابع “فليصوتوا ضدنا، سنوفر في شكل كبير، الأمر سيان بالنسبة إلينا”، وذلك قبل أن يهنئ السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي بما قامت به في هذا الملف.
وفي رسالة وجهتها الى سفراء دول عدة في الأمم المتحدة، أكدت هايلي ان ترامب طلب منها “ان تراقب” هذا التصويت “في شكل دقيق”.
وخاطب ترامب سفيرته قائلا “تلك كانت الرسالة الملائمة”.
من جهته، اتهم وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي واشنطن أمس بممارسة “تهديدات” و”عمليات ترهيب” بهدف ثني أعضاء الجمعية العامة عن إدانة سياستها.
واعترض المالكي في مؤتمر صحفي في اسطنبول على رسالة بعثت بها السفيرة الأميركية لدى الامم المتحدة نيكي هايلي الى عدد من نظرائها تحذرهم فيها من إدانة القرار عبر “تهديدهم ومحاولة ترهيبهم”، بحسب قوله.
في سياق آخر، عمت المسيرات والتظاهرات الشعبية الغاضبة، أمس في عموم فلسطين المحتلة، ضد قرار الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، حول “الاعتراف بالقدس عاصمة الكيان الإسرائيلي”، وسط تعزيزات أمنية إسرائيلية مشددة أدت لاندلاع مواجهات عنيفة مع قوات الاحتلال أثناء قمعها لانتفاضة الفلسطينيين، مما أسفر عن وقوع الإصابات والاعتقالات بين صفوفهم.
فيما، ندد وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي أمس بـ “التهديدات الأميركية” و”الترهيب” الهادف الى منع اعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة من إدانة اعتراف واشنطن بالقدس عاصمة لاسرائيل.
كما، التقى العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز في الرياض أمس بالرئيس الفلسطيني محمود عباس، عشية تصويت على مشروع قرار في الجمعية العامة للامم المتحدة.
وقالت وكالة الانباء السعودية الرسمية ان الملك سلمان أكد لعباس خلال لقائهما في قصره في العاصمة “مواقف المملكة الثابتة تجاه القضية الفلسطينية والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق في قيام دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية”.
الى ذلك، تقاطر الفلسطينيون، من مختلف الأراضي المحتلة، في مسيرات الغضب العارمة التي دعت إليها القوى والفصائل الوطنية، تحت عنوان “لبيك يا قدس”، والتي رفعوا خلالها العلم الفلسطيني واليافطات المنددة بالقرار الأميركي، مؤكدين في هتافاتهم الغاضبة أن “القدس عربية إسلامية وعاصمة دولة فلسطين الأبدية”، وأن قرار ترامب “لن يغير من الوضع القانوني والتاريخي والسياسي للمدينة المحتلة”، بحسبهم.
وأحرق الشبان الفلسطينيون الأعلام الأميركية والإسرائيلية، وصور كل من الرئيس ترامب، ورئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، كما أشعلوا الإطارات وردوا بالحجارة والزجاجات الفارغة، ضد ترسانة الاحتلال العسكرية التي أطلق عبرها الرصاص المطاطي والحي وقنابل الغاز ضد المنتفضين لنصرة القدس المحتلة.
واندلعت المواجهات العنيفة في مختلف الأراضي المحتلة، فيما شنت قوات الاحتلال حملة مداهمات واعتقالات واسعة بين صفوف الفلسطينيين، وسط دعوات القوى والفصائل الوطنية والإسلامية لتصعيد الاحتجاجات وصولاً إلى “يوم الغضب الشعبي العارم”، غداً الجمعة.
تصوت الجمعية العامة للأمم المتحدة، المؤلفة من 193 عضواً، اليوم، على قرار يدعو الرئيس ترامب إلى التراجع عن قرار “اعترافه بالقدس عاصمة للكيان الإسرائيلي” ونقل سفارة بلاده إليها، خلال جلسة طارئة بطلب عربي وإسلامي، في ظل ما تردد من أنباء حول تهديد واشنطن لعدد كبير من الدول الأعضاء التي تعتزم التصويت لصالح القرار.
وأوردت الأنباء، نقلاً عن دبلوماسيين في عدد من بعثات الدول الأعضاء بالمنظمة الدولية، مفضلين عدم الكشف عن هوياتهم أو أسماء بلدانهم، أنهم “تلقوا رسائل مكتوبة من مندوبة واشنطن الدائمة لدى الأمم المتحدة السفيرة، نيكي هيلي، حذرتهم فيها من مغبة التصويت لصالح قرار بشأن القدس، وذلك في أول سابقة من نوعها في تاريخ الأمم المتحدة”.
فيما أكدت الفصائل الفلسطينية، المشاركة في مسيرات الغضب الحاشدة، رفضها وإدانتها الشديدة للقرار الأميركي، مطالبة “بدعم الانتفاضة وتطويرها، وإلغاء اتفاق “أوسلو” والتحلل من قيوده الأمنية والاقتصادية، وعقد اجتماع طارئ للجنة التنفيذية، من أجل تفعيل وتطوير منظمة التحرير، لبحث التصعيد الأميركي”، لصالح الاحتلال الإسرائيلي ضد الحقوق الوطنية الفلسطينية.
وفي الأثناء؛ أطلقت قوات الاحتلال الرصاص الحي والمطاطي وسيلا كثيفا من قنابل الغاز المسيل للدموع لقمع مسيرات الغضب الحاشدة التي انطلقت من كافة الأراضي المحتلة لرفض القرار الأميركي والتنديد بصدوره، مما أسفر عن إصابة عشرات الفلسطينيين بحالات اختناق شديد وبجروح متفاوتة.
ورفع المشاركون في المسيرة المركزية برام الله العلم الفلسطيني، ورددوا هتافات تنادي بمقاطعة الولايات المتحدة، وأن “القدس ستبقى عاصمة دولة فلسطين”، فيما أصيب عشرات المواطنين بحالات اختناق شديد خلال قمع قوات الاحتلال للمسيرة المركزية الحاشدة التي انطلقت صوب حاجز قلنديا، شمالاً، تزامناً مع اندلاع المواجهات الحادة في بلدة حزما ومنطقة باب الساهرة بالقدس المحتلة.
وقد شهدت القدس المحتلة مواجهات حادة بين الشبان المنتفضين وقوات الاحتلال، وسط انتشار كثيف للتعزيزات الأمنية الإسرائيلية، بمرافقة الجرافة العسكرية وسيارات المياه العادمة، فيما اندلعت المواجهات العنيفة في مدينة بيت لحم التي أصيب فيها عدد من المواطنين خلال قمع قوات الاحتلال للمسيرة الجماهيرية، عبر إطلاق قنابل الغاز والصوت، مما أسفر عن وقوع اصابات بحالات اختناق، جراء استنشاقهم الغاز المسيل للدموع.
وبالمثل؛ اندلعت مواجهات مع قوات الاحتلال في عدة مناطق في مدينة الخليل، وبلدة حلحلول، ومخيم العروب، شمال الخليل، عقب مسيرات شعبية منددة بقرار ترامب بشأن القدس، حيث ألقت قوات الاحتلال قنابل الغاز والصوت باتجاه المواطنين.
وقد اعتلت قوات الاحتلال، طبقاً للأنباء الفلسطينية، أسطح منازل المواطنين لقمع المواجهات مع الشبان الغاضبين عقب وقفة احتجاجية، دعت لها حركة “فتح”، ورفع المشاركون خلالها الأعلام الفلسطينية، ولافتات تندد بالقرار الأميركي، كما أحرقوا العلم الإسرائيلي وصور الرئيس ترامب، ورددوا هتافات وطنية، وأخرى تدعو إلى نصرة القدس.
وشهدت مدينة نابلس مهرجاناً مركزياً شارك فيه المئات من المواطنين وممثلي القوى والمؤسسات الرسمية والوطنية والشعبية، بدعوة من فصائل العمل الوطني الفلسطيني، ومن ثم انطلقت مسيرة باتجاه الحاجز العسكري لقوات الاحتلال في حوارة، جنوباً، حيث رفع المشاركون خلالها الأعلام الفلسطينية والشعارات الوطنية وصور المسجد الاقصى المبارك.
وقد وقعت المواجهات مع جيش الاحتلال، شرقي مدينة نابلس، إثر قيام قوة عسكرية إسرائيلية بتأمين اقتحام حافلات إسرائيلية تنقل المستوطنين لـ”قبر يوسف”، لأداء “صلوات دينية”، مما أدى إلى إصابة عدد من المواطنين بالرصاص الحي والمطاطي، وبحالات اختناق إثر استنشاقهم الغاز المسيل للدموع، الذي أطلقته قوات الاحتلال تجاه الشبان، الذين رشقوا، بدورهم، القوات المحتلة بالحجارة والعبوات الفارغة، وأشعلوا النيران في إطارات المركبات الفارغة.
وفي مدينة قلقيلية؛ اندلعت مواجهات عنيفة مع قوات الاحتلال، وسط إطلاق كثيف للرصاص المطاطي وقنابل الغاز المسيل للدموع تجاه المنتفضين، فيما تجمع آلاف المواطنين في مدينة طولكرم عبر مسيرة حاشدة، رفعوا خلالها الأعلام الفلسطينية وهتفوا لمدينة القدس وعروبتها، مؤكدين أن قرار ترامب مجحف بحق أبناء الشعب الفلسطيني، ومخالف لكافة الاتفاقيات الدولية والقانونية.
وقد شرعت قوات الاحتلال باطلاق عشرات قنابل الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية تجاه المتظاهرين، فيما أطلقت النار قرب مسيرة انطلقت صوب موقع النصب التذكاري شرق بلدة بيت حانون، شمال غزة، حيث أحرقت العلم الأميركي كما رفعت صور نتنياهو وحول عنقه سكين.
وفي نفس السياق؛ نفذت قوات الاحتلال حملة مداهمات واقتحامات واسعة في الأراضي المحتلة، أسفرت عن اعتقال العديد من المواطنين، من بينهم الفتاة الفلسطينية نور ناجي التميمي (20 عاماً)، من قرية “النبي صالح”، قضاء رام الله، وذلك بعد ساعات من اعتقال قريبتها الطفلة “عهد” ووالدتها، إزاء تصديهن لقوات الاحتلال التي حاولت اقتحام منزل العائلة مؤخراً، وللمستوطنين المتطرفين.
وطالت الاعتقالات أسرى محررين وشبان من مدن بيت لحم وجنين والخليل ونابلس والقدس، كما نفذ الاحتلال عمليات دهم في طولكرم وقلقيلية ورام الله، تضمنت تفتيش المنازل والتنكيل بأصحابها.
من جانبه؛ قال منسق القوى الوطنية والاسلامية، عصام أبو بكر، إن المسيرات الشعبية الحاشدة جاءت للتأكيد على الرفض الكامل لقرار الرئيس ترامب الجائر بشأن القدس.
ودعا إلى “تكثيف الجهود لإلغاء قراره غير القانوني، وإخضاع الاحتلال للقانون الدولي”، منوهاً إلى أن “القيادة الفلسطينية صعدت من إجراءاتها السياسية، ونجحت في حشد إجماع دولي لإدانة ورفض القرار الأمريكي”.
من جهته؛ دعا القيادي في حركة “حماس”، إسماعيل رضوان، إلى “قطع أي اتصال مع الإدارة الأميركية وسلطات الاحتلال، وإعلان فشل “أوسلو” ووقف التنسيق الأمني وتحقيق الوحدة الوطنية ورفع العقوبات عن قطاع غزة”.
وطالب “الأمة العربية والإسلامية بإحداث أكبر اصطفاف عربي وإسلامي لمقاومة الاحتلال والإدارة الأميركية، ودعم القدس”.
فيما دعا القيادي في الجهاد الإسلامي، خالد البطش، إلى “خيار المواجهة مع العدو لتحقيق النصر”، مطالباً “الرئيس محمود عباس بإعلان واضح بفشل خيار التسوية وسحب الاعتراف بالكيان الإسرائيلي”.-(ا ف ب)
ترامب يهدد بوقف المساعدات عن الدول التي تساند قرار القدس
7
المقالة السابقة