عروبة الإخباري – تفجرت الأوضاع في فلسطين المحتلة، أمس، مع تصاعد حدة المواجهات العنيفة أثناء قمع قوات الاحتلال الإسرائيلي لانتفاضة الفلسطينيين ضد القرار الأميركي بشأن القدس، مما رفع حجم جرائمها إلى 1250 جريحاً و150 معتقلاً فلسطينياً.
وتجتمع اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية اليوم، في رام الله، لبحث إجراءات الرد على قرار الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، حول “الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الإسرائيلي” ونقل سفارة بلاده إليها، وذلك على وقع إمعان قوات الاحتلال في عدوانها، باستخدام القوة والترسانة العسكرية، لتفرقة المسيرات والتظاهرات والوقفات الاحتجاجية التي عمت أنحاء الوطن المحتل، للمطالبة بتراجع ترامب عن قراره.
ووفرت القوات الإسرائيلية الحماية الأمنية المشددة لاعتداءات المستوطنين ضد حاملي “يافطات” نصرة القدس من الأطفال وطلبة المدارس الفلسطينيين، الذين تتعمد استهدافهم، بحسب “نادي الأسير الفلسطيني”، بينما اشتدت المواجهات بين قوات الاحتلال والشبان الفلسطينيين الذين تصدوا بالحجارة للقنابل الصوتية والغازية الإسرائيلية.
وفي الأثناء؛ اقتحم المستوطنون المتطرفون باحات المسجد الأقصى المبارك، من جهة “باب المغاربة”، تحت حماية قوات الاحتلال، استجابة لدعوات ما يسمى “اتحاد” منظمات “الهيكل” المزعوم، للمشاركة في اقتحامات جماعية واسعة أمام باب الأسباط تجاه الأقصى، وذلك للمطالبة بفتح سائر أبواب المسجد أمامهم وزيادة ساعات اقتحامه، بعد قرار ترامب.
واشتعلت المواجهات بين قوات الاحتلال والمواطنين في القدس المحتلة، لاسيما أمام الأقصى وبمحيطه، في الوقت الذي “طرد فيه حراس المسجد الأقصى، أمس، وفداً بحرينياً من ساحاته، كون زيارته، التي تستغرق أربعة أيام، جاءت في سياق زيارة تطبيعية ورسمية للاحتلال”، بحسب وكالة الأنباء الفلسطينية.
وأفادت بأن “الإعلام الإسرائيلي وصف زيارة الوفد البحريني، الذي يضم 24 ناشطاً من جمعية “هذه هي البحرين”، “بالتاريخية” باعتبارها أول زيارة من نوعها لوفد رسمي بحريني إلى الأراضي المحتلة”.
إلى ذلك؛ تواصلت التظاهرات الشعبية العارمة مختلف الأراضي الفلسطينية المحتلة، تنديداً ورفضاً لقرار ترامب، في ظل اعتداءات قوات الاحتلال العدوانية ضدهم، مما أسفر عن وقوع الاعتقالات والإصابات بين صفوف المواطنين الفلسطينيين.
واقتحمت قوات الاحتلال، معززة بقوة عسكرية مشددة، مقبرة باب الرحمة الملاصقة لجدار المسجد الأقصى المبارك الشرقي، حيث شرعت بقص أشجار قديمة فيها والعبث في العديد من المقابر، ما يشكل انتهاكاً صارخاً لحرمة المقابر والأموات.
وقال “المركز الفلسطيني للإعلام”، نقلاً عن شهود عيان، إن “تعزيزات من قوات الاحتلال وصلت المقبرة، ودنست مقابرها، بعد اشتداد المواجهات بين مقدسيين والطواقم العاملة التابعة للاحتلال في المنطقة”.
فيما اندلعت المواجهات العنيفة بين الشبان الفلسطينيين وقوات الاحتلال أثناء محاولتها قمع المظاهرات الاحتجاجية التي انطلقت في عدة مناطق بمدينتي بيت لحم والخليل، بالضفة الغربية، رفضاً للقرار الأميركي بشأن القدس.
وقد أصيب عشرات الطلبة بحالات اختناق، خلال المسيرة الطلابية التي انطلقت من مدارس مخيم العروب شمال الخليل باتجاه البرج العسكري، تنديداً بالقرار الأميركي بشأن القدس.
واعتلت قوات الاحتلال أسطح المنازل الفلسطينية في المخيم لقنص الطلبة بالرصاص الحي، أثناء مسيرتهم الاحتجاجية التي رفعوا خلالها الأعلام الفلسطينية ورددوا الهتافات الوطنية، مما أدى إلى اندلاع مواجهات مع قوات الاحتلال، التي ألقت قنابل الصوت والغاز السام والأعيرة المطاطية باتجاههم، تسببت في حالات اختناق بين صفوفهم.
وبالمثل؛ أصيب العشرات من الشبان بحالات اختناق، جراء استنشاقهم الغاز المسيل للدموع، خلال المواجهات التي اندلعت عند المدخل الشرقي لمخيم عايدة، شمال بيت لحم، حينما اقتحمت قوات عسكرية إسرائيلية ساحته، وأطلقت القنابل المسيلة للدموع والقنابل الصوتية صوب منازله، وتجاه الشبان، لتفرقة تظاهراتهم الغاضبة ضد القرار الأميركي.
واندلعت مواجهات مماثلة في بلدة “تقوع”، جنوبي بيت لحم، عند قيام قوات الاحتلال بقمع مظاهرة لطلبة المدارس عند المدخل الغربي للبلدة؛ عبر إطلاق الرصاص الحي صوب المتظاهرين، الذين ردوا برشق الحجارة ضدهم.
كما اقتحمت قوات الاحتلال عدة مقار ومناطق مختلفة في قرية مردة، شمال سلفيت، وأحدثت خراباً ودماراً في الممتلكات، واعتدت على أصحابها من المواطنين الفلسطينيين.
وبموازاة ذلك؛ عزز جيش الاحتلال من تواجد قواته العسكرية في محيط قطاع غزة؛ بما فيها وحدات من القناصة الذين كان لهم دور في إصابة عدد من النشطاء الفلسطينيين الذين قادوا المظاهرات الشعبية قرب الشريط الحدودي للقطاع، خلال الأيام الماضية.
وقمعت قوات الاحتلال الإسرائيلية المظاهرات في قطاع غزة، بإطلاق أعيرة الرصاص الحي والمطاطي، إلى جانب القنابل الغازية المسيلة للدموع صوب المتظاهرين، فضلا عن قيامها بشن غارات جوية على أهداف داخل القطاع.
وفتحت نيران أسلحتها الرشاشة العدوانية تجاه المئات من المواطنين الفلسطينيين جنوب قطاع غزة، وبخاصة طلبة المدارس الذين خرجوا في مظاهرة حاشدة صوب السياج الفاصل، شرق بلدة خزاعة بالقرب من خان يونس، جنوب القطاع، حيث تمكنوا من بلوغه ورفع العلم الفلسطيني فوقه.
وأطلقت الزوارق الحربية الإسرائيلية النيران صوب قوارب صيد فلسطينية في عرض بحر شمال قطاع غزة، دون أن يبلغ عن وقوع إصابات في الأرواح.
وكان قد استشهد أربعة فلسطينيين وأصيب المئات خلال المظاهرات التي شهدتها المنطقة الحدودية في قطاع عزة خلال اليومين الماضيين، احتجاجاً ضد قرار ترامب.
وكانت معظم أحياء وبلدات مدينة القدس المحتلة قد شهدت الليلة الماضية مواجهات عنيفة ضد قوات الاحتلال، التي أطلقت بشكل مكثف وبصورة عشوائية وابلاً من قنابل الصوت الحارقة وقنابل الغاز السامة المدمعة تجاه الفلسطينيين المنتفضين غضباً ضد قرار ترامب.
واستخدم الفلسطينيون المنتفضون، في القدس المحتلة، الزجاجات الحارقة وإشعال الاطارات المطاطية وسط الشوارع الرئيسية لمنع اقتحام قوات الاحتلال للبلدات، والتي أطلقت قنابل الغاز السامة لقمع التحرك الشعبي الغاضب.
وقد أدت جرائم الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني إلى “إصابة أكثر من 1250 فلسطينياً، بينها 150 بالرصاص الحي، وذلك خلال المواجهات مع قوات الاحتلال منذ قرار ترامب”، وفق المتحدث باسم وزارة الصحة الفلسطينية، أسامة النجار.
فيما أفاد نادي الأسير الفلسطيني أن “قوات الاحتلال اعتقلت قرابة 150 فلسطينياً في الضفة الغربية، بما فيها القدس، التي شغلت أعلى نسبة اعتقالات بنحو 40 فلسطينياً، بينهم أربع سيدات، أُفرج عنهن لاحقاً”.
وفي سياق متصل؛ أدانت وزارة الخارجية الفلسطينية “عمليات التنكيل والقمع الإسرائيلية بحق أبناء الشعب الفلسطيني، الذين يخرجون في مسيرات سلمية للتأكيد على تمسكهم بحقوقهم الوطنية في القدس بصفتها عاصمة دولتهم المستقلة وجزءاً لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ العام 1967”.
وانتقدت، في بيان أمس، “تخلي المجتمع الدولي عن مسؤولياته الإخلاقية والقانونية تجاه الشعب الفلسطيني، واكتفائه ببيانات الإدانة الخجولة والتعبير عن القلق وقرارات أممية لا تنفذ، مما يؤدي إلى استفراد الاحتلال الإسرائيلي به”.
وقالت إن “عدم محاسبة الاحتلال على انتهاكاته الجسيمة، يشجعه على التمادي في تمرده على القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية وتعطيل تنفيذها، ويعطيه الوقت الكافي لتنفيذ جرائمه ومخططاته لإغلاق الباب على إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة وذات سيادة بعاصمتها القدس المحتلة”.
بدورها، رأت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، أن نتائج الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب، الذي انعقد أول من أمس “لم يرقَ إلى مستوى الحدث، ومستوى المسؤولية المفترضة في مواجهة القرار الأميركي”.
واعتبرت، في تصريح أمس، أن الاجتماع “اكتفى بإلقاء كلماتٍ لا وزن لها عند الإدارة الأميركية والكيان الصهيوني، ولم يقدم أي مقترحات أو مشاريع قرارات بإجراءات ملموسة، تجعل الإدارة الأميركية تستجيب لمناشدتهم لها بالعودة عن قرارها”، بحسبهم.