عروبة الإخباري – في الوقت الذي يتعافى فيه سكان عدة مناطق بولاية تكساس الأمريكية من آثار الإعصار “هارفي” المدمر، تثور موجة من الجدل بسبب اشتراط السلطات المحلية دعم إسرائيل وعدم مقاطعة بضائعها، للحصول على المساعدات الحكومية لمواجهة تداعيات الإعصار.
فبعد أقل من شهرين على اجتياح “هارفي” لمدينة ديكنسون جنوب شرقي هيوستن أكبر مدن الولاية، تصر السلطة المحلية على أن كل من يحصل على الإغاثة يجب أن يؤكد أنه لا يقاطع إسرائيل.
وقد دمر الإعصار ما يقرب من 50% من المنازل في المدينة بشكل كامل، وألحق أضرارًا بحوالي سبعة آلاف منزل، عندما وصل إلى اليابسة ،وظل يضرب جنوبي تكساس لعدة أيام أواخرآب/أغسطس الماضي.
وفي خضم الدمار، فرضت السلطات المحلية بالمدينة اشتراطات لعدم مقاطعة البضائع الإسرائيلية في مواجهة حملة للمقاطعة؛ احتجاجًا على احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية.
وقال المؤسس المشارك لـ”حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات والعقوبات عمر البرغوثي إن “ربط المساعدات للمتضررين من الإعصار بدعم إسرائيل يوضح قوة حملة المقاطعة”.
وأضاف البرغوثي في بيان حصري أنه “دليل على تأثير حركة المقاطعة غير العنيفة، وسينخرط منتقدوها في تكتيكات مكارثية لتقويض إنجازاتها الرائعة في النضال، من أجل الحرية والعدالة والمساواة”.
واعتبر أنها “محاولة مخزية وغير إنسانية وغير أخلاقية، لاستغلال الضعفاء المتضررين من الإعصار، من أجل قمع حركة حقوق إنسان فلسطينية”.
وتسعى حركة المقاطعة العالمية إلى إنهاء الدعم الدولي لإسرائيل، في أعقاب حملة مماثلة ساعدت على إنهاء نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا.
القوة والضغط
ومع ازدياد قوتها، ازداد الضغط على المسؤولين الأمريكيين ليقوموا بانتقاد بل وتجريم الدعم لحركة المقاطعة في تكساس، التي تربطها أكبر علاقات تجارية مع إسرائيل.
وقال حاكم تكساس غريغ أبوت، الذي وقع على مشروع قانون مناهض لحملة المقاطعة في مايو/أيار الماضي إن “السياسات المناهضة لإسرائيل هي سياسات ضد تكساس، ولن نتسامح مع مثل هذه الأعمال ضد حليف هام”.
ومع ذلك، بدا أن جولي ماسترس،عمدة مدينة ديكنسون، التي فرضت فيها السلطات اشتراطات عدم المقاطعة، تنأى بنفسها عن الجدل المثار حول هذا الأمر، حيث قالت في تصريحات لوسائل إعلام “مدينة ديكنسون تتبع فقط قانون الولاية”.
انتقاد
من جانبه، انتقد الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية شرط حظر المقاطعة، ووصفه بأنه “انتهاك صارخ” لحرية التعبير.
وقال المدير القانوني للاتحاد بولاية تكساس أندريه سيجورا، في بيان إن “الدستور يحمي حق الأمريكيين في المقاطعة، ولا يمكن للحكومة أن تشترط الإغاثة من الأعاصير أو أي منفعة عامة أخرى، بالالتزام بالامتناع عن التعبير السياسي المصون بالدستور”.
حرية التعبير
وكانت المحكمة العليا قد قررت منذ عام 1982، أن المقاطعة بشكل عام هي شكل من أشكال حرية التعبير الحر، ويقاضي الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية ولاية تكساس حاليًا بشأن مطلب يقتضي من المعلمين عدم مقاطعة إسرائيل.
وفي تموز/يوليو، حث الاتحاد الكونغرس على معارضة مشروع قانون من شأنه تجريم بعض أشكال الدعم لحملة المقاطعة، وقد توقف مشروع القانون هذا في مجلس الشيوخ، حيث يسعى المشرعون إلى تعديل بنوده الرئيسة.
ومع ذلك، فإن المعارضة لحملة المقاطعة تؤخذ كدليل على أنها تكتسب تأييدًا على نحو متزايد في الولايات المتحدة والخارج.
المساواة وحقوق الإنسان
من جانبها، قالت المتحدثة باسم اللجنة الوطنية لحركة المقاطعة ،ليلى يوسف، إن “اشتراط الإغاثة من الأعاصير بعدم مقاطعة إسرائيل، جزء من الجهود المتصاعدة والعالمية واليمينية لإنهاء الحركات التي تعمل من أجل ضمان المساواة الحقيقية وحقوق الإنسان الأساسية”.
واعتبرت أنها “دليل على مدى وضاعة مؤيدي الفصل العنصري الإسرائيلي، الذين يحاولون عرقلة حركة المقاطعة ،التي تحظى بدعم شعبي متزايد في العالم”.
وفى ولاية ماريلاند، وقع الحاكم لارى هوغان أمرًا تنفيذيًا، يطلب من الشركات التي تسعى إلى القيام بأعمال تجارية مع الولاية أن تتعهد بأنها لن تدعم حملة المقاطعة.
في أعقاب الأمر الذي وقعه هوغان، هناك 22 ولاية لديها الآن قوانين لمكافحة حملة المقاطعة تنتظر الموافقة عليها، وفقًا لراهول ساكسينا، المحامي بمنظمة “باليستين ليجال”، وهي منظّمة تسعى للدفاع عن حقوق الناشطين الفلسطينيين في الولايات المتحدة.
وقال ساكسينا، إن “المعارضة المتزايدة لحملة المقاطعة علامة على تزايد شعبية الحركة”، مضيفًا أن “كل هذه القوانين غير دستورية، وعرضة للطعن القانوني”.
ويدعو نشطاء حركة المقاطعة إلى مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها لحين إنهاء احتلالها للأراضي الفلسطينية، وإقامة دولة فلسطينية في الأراضي المحتلة عام 1967 ،ووقف الاستيطان ومصادرة الأراضي.
وتنشط حركة المقاطعة في الكثير من الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية، ودول أمريكا الجنوبية وبخاصة في الجامعات.
وكانت إسرائيل قد اعتبرت في السنوات الأخيرة الماضية، الحركة عدوًا، ودعت الكثير من الحكومات الغربية إلى حظر نشاطاتها على أراضيها، بعد أن نجحت الحركة في إقناع العديد من الشركات الغربية بسحب استثماراتها من مستوطنات إسرائيلية.