خبر لافت ومشجع أتى من قرى لبنانية في منطقة زغرتا حيث افتتحت مؤسسة الرئيس الراحل رينيه معوض بدعم من الاتحاد الأوروبي مشاريع لتوليد الكهرباء بالطاقة الشمسية. فقد أنجز المشروع إنارة طرقات وساحات عامة من عدد من هذه القرى في شمال لبنان عبر الطاقة الشمسية وأتاح المشروع إضافة إلى بعد بيئي لبنان في حاجة ماسة إليه أن يوفر بين ٣٥ إلف دولار إلى ٤٠ ألفاً سنوياً من فاتورة الكهرباء ومكّن ٣٠٠ وحدة سكنية الحصول على المياه الساخنة بواسطة الطاقة الشمسية، كما ستوفر فاتورة الكهرباء على كل بيت٤٠ دولاراً شهرياً. ولا شك في أن الاستثمار في الطاقة الشمسية ما زالت كلفته مرتفعة ولكن مردوده على الفترة الزمنية جيد لدول مثل لبنان والأردن والمغرب، وهي الدول التي تعاني من نقص في الكهرباء وليست دولاً نفطية. ولكن حتى الدول النفطية الكبرى مثل السعودية بدأت تستثمر في مشاريع مهمة في الطاقة الشمسية تمكنها من اقتصاد النفط لتصديره وتطوير طاقة نظيفة مستدامة والشمس ثروة أخرى في هذه الدول. كما أن الإمارات كانت البلد النفطي العربي الرائد في تطوير الطاقة الشمسية. إن تطور مشاريع الطاقة المستدامة ساهم في خلق فرص عمل وفي النمو الاقتصادي في البلد. والطاقة الشمسية تتطور بشكل كبير في دول الشرق الأوسط. والدول غير النفطية مثل الأردن والمغرب أحسنت في تطويرها من فترة مبكرة. ولبنان حيث هناك نقص كبير في التيار الكهربائي وانتقادات للمسؤولين عن هذا النقص مع اتهامات بالهدر والسرقات ينبغي أن يدخل سريعاً في تطوير هذه الطاقة الشمسية.
والآن دخل عدد كبير من شركات السيارات عصر تطوير السيارات الكهربائية، فرئيس شركة «رينو نيسان» كارلوس غصن كشف عن خوض شركته مجال صناعة السيارات الكهربائية. وذكرت وكالة الطاقة الدولية أن سنة ٢٠١٦ شهدت بيع ٧٥٠ ألف سيارة كهربائية وان ذلك سيقلص استخدام الطلب على النفط بحوالى ٠٫٠٢ في المئة . فتطوير السيارات الكهربائية وتطوير الطاقة الشمسية لا يعنيان على المدى الطويل الاستغناء عن استهلاك النفط، فتقرير وكالة الطاقة الدولية يظهر أن نمو حصة الطاقة البديلة في النقل سيبقى محدوداً من ٤ في المئة في ٢٠١٦ إلى ٥ في المئة في ٢٠٢٢. ونمو الطاقة الشمسية لن يكون منافساً للنفط والغاز إذ إن الطلب عليهما سيبقى وينمو لعقود مقبلة. ولكن تطوير الطاقة الشمسية في دول تنعم بكثرة الشمس أمر مشجع لدول نامية لا تملك النفط والغاز لكهربائها، فالمهم حالياً أن تطور تقنيات الطاقة الشمسية التي هي زالت مكلفة والتي تنحصر صناعتها في الصين وفي أميركا. ألمانيا قامت بصناعة محدودة في مجال هذه الطاقة.
ولكن صناعة الصين للصحون التي تسمى photovoltaique مكنت تقليص كلفة مشاريع الطاقة الشمسية، في حين أن المشاريع الأميركية ما زالت أكثر كلفة ولكنها بحسب الخبراء أفضل نوعية من التقنيات الصينية. ولكن تطور الطاقة الشمسية وانتشارها من شأنه أن يخفض كلفة استثمارها كما يحدث مثلاً من انخفاض لتكلفة استثمارات إنتاج النفط والغاز الصخري التي انخفضت بشكل كبير في أميركا. فلم تكن في السابق اقتصادية، إذ كان سعر النفط ٤٠ دولاراً في حين أن سعرها انخفض الآن بسرعة. وقد يحصل ذلك بالنسبة للطاقة الشمسية. وقد قررت السعودية القيام بمشاريع طاقة شمسية ضخمة وهذا أمر جيد يوفر لها الكثير من الاستهلاك المحلي على المدى الطويل وهي تنعم بشمس ساطعة باستمرار. أما دولة مثل لبنان فعلى غرار ما قامت به مؤسسة رينيه معوض ينبغي أن يكون ذلك نموذجاً لتطوير الطاقة الشمسية بشكل سريع والطلب من الاتحاد الأوروبي أو الدول الأخرى المساعدة على هذا الصعيد بدل جلب بواخر كهرباء نسمع عنها منذ أكثر من خمس سنوات على رغم أن لبنان لا يزال يعاني من نقص كبير للكهرباء، حتى أن المواطن اللبناني يرى أن الوعد بتوفير الكهرباء ٢٤ ساعة يكاد يبقى مجرد حلم. فينبغي تشجيع مبادرات مثل ما قامت به مؤسسة رينيه معوض مع الاتحاد الأوروبي والتمني أن يدخل لبنان في عصر الطاقة الشمسية بسرعة.