الرئيس أكثر ثقة من أي وقت مضى بقدرة حكومته على إدارة التحديات، والسبب في اعتقادي هو شعوره والفريق الوزاري بأنهم يمتلكون برنامجا متكاملا للإصلاح “الشمولي”، برنامج لا يقتصر على الملف الاقتصادي والمالي، إنما يطال جوانب مهمة من حياة الناس.
في لقاء مع عدد من الإعلاميين أمس وضع رئيس الوزراء هاني الملقي الإصلاح الإداري عنوانا للمرحلة المقبلة، ورفع شعار “حماية سمعة القطاع العام” وتطويره وتعزيز آليات المساءلة والرقابة، وتقليل التفاعل بين طالب الخدمة ومقدمها لقطع الطريق على محاولات الرشوة والواسطة، وتعديل نظام الخدمة المدنية بتغليظ العقوبات، وتعبئة الشواغر بالمناقلات لترشيق الجهاز الإداري.
وإلى جانب خطة إصلاح التعليم التي يعدها الملقي مسألة استراتيجية لمستقبل الأردن، يظهر تصميما على خوض معركة سيادة القانون، بعنوان واضح وصريح “لا مواطنة دون سيادة القانون”، ويضيف: “المواطن الذي لا يشعر بالعدالة لن يحترم القانون”.
هذه معركة لا يمكن حسمها بسهولة في بلد تعود أهله على خرق القانون والتجاوز عليه لتحصيل مرادهم، لا بل وحقوق الغير.لا تنقصنا القوانين والأنظمة، بل الإرادة والثقافة المجتمعية اللازمة للامتثال لسلطة القانون. إن العنصر الحاسم في هزيمة منطق الدول الريعية هو تطبيق القانون على الجميع بعدالة.
لن يكون بمقدور حكومة الملقي حسم المعركة، لكن يستطيع أن يبدأها ويسجل ذلك السبق في تاريخه.
شرح الملقي بالتفصيل تداعيات السنوات السبع العجاف على المنطقة وعلى الأردن، وما تطلبت من حشد للموارد للدفاع عن حالة الاستقرار في البلاد، في وقت انهارت فيه تماما عوامل صمود الاقتصاد في إقليم ملتهب تحولت طرق الصادرات والتجارة فيه للممرات لتصدير الإرهاب والموت.
لا يمكن لرئيس الوزراء أن يخوض بتفاصيل الكلف المالية الكبيرة المترتبة على وضع الجيش والأجهزة الأمنية بحالة تأهب على مدار سبع سنوات، لكن بوسع الخبراء المستقلين أن يقدموا حسبة تقديرية.
الملقي ومطبخه الاقتصادي لم يظهرا غربة عن الشارع؛ مما عرضوا من تفاصيل ومعلومات بدا أنهم على دراية بمزاج الرأي العام، ويضعون ذلك في اعتبارهم قبل تبني الحلول والسياسات. يختصر الرئيس الحالة بالقول: “الوضع دقيق والناس حميانة”!
لم تحسم الحكومة بعد خطتها لتوجيه الدعم لمستحقيه، وإن كان لديها تصور أولي يقوم على تقديم دعم نقدي مباشر للمواطنين، لم تحدد قيمته بعد.
لكن في المقابل تملك خطة واضحة ومبرمجة للمشاريع الرأسمالية التي تنوي القيام بها. ولعل أهم برنامج في رأيي هو برنامج استحداث فرص عمل للأردنيين وخصص له مبلغ 100 مليون دينار، وسيديره مجلس حكومي من عدة وزارات هدفه تأهيل وتدريب الأردنيين وتأمينهم بوظائف مشمولة بالتأمين الصحي والضمان الاجتماعي.
وعلى الطاولة مشروع عملاق لتدشين عاصمة جديدة “عمان جديدة” في موقع لم يكشف عنه الملقي سيبدأ بإقامة مبان حكومية تنشأ من حولها أحياء سكنية، وقد تم الانتهاء من وضع المخطط الشمولي للمشروع. بالإضافة لطرق بديلة يقوم على تنفيذها وتشغيلها القطاع الخاص مقابل رسوم على مستخدميها مع الاستمرار في خدمات الطرق الحالية وتحسينها.
ولأول مرة ستفرد الحكومة في الموازنة بندا لمخصصات شبكة الأمان الاجتماعي لضمان استمرارية وصول الدعم للمواطنين بشكل دائم.
رئيس الوزراء يشعر بعبء المسؤولية لكنه يؤمن بأن هناك فرصة للخروج من المأزق، ويأمل من الناس أن يصدقوا الحكومة، ويطمع بأكثر من ذلك؛ أن يدعموها!