يمكن القول إن رئيس الوزراء د. هاني الملقي افتتح يوم أمس ما يمكن توصيفه بـ”الحوار” حول خطط الحكومة ورؤيتها المستقبلية، إذ أرسل رسالة تهم الناس مؤكدا فيها حرصه على الحوار معهم وسماع آرائهم حيال مختلف القضايا، وتحديدا الحساسة منها وتلك المتعلقة بقرارات اقتصادية صعبة.
الرئيس قال إن ما أثير حول قانون ضريبة الدخل وكل ما نشر، بما في ذلك رسالة النوايا لصندوق النقد الدولي، مسألة لم تقرّ بعد، وما تزال الحكومة تنظر فيها لبحث أفضل السبل التي يمكن اتباعها لتحقيق المطلوب أو جزء منه.
الملقي الذي قرأ جزءا من رسالة النوايا المرسلة من قبل حكومته للنقد الدولي باللغة الإنجليزية في اللقاء الذي نظمه منتدى الاستراتيجيات الأردني، أراد التأكيد على أن حكومته لم تقرر بعد أي شيء بخصوص قانون الضريبة والإجراءات الأخرى المطلوب تنفيذها لتحقيق متطلب الصندوق بزيادة الإيرادات بحوالي 450 مليون دينار.
كما أراد أن يبيّن، مجددا، حرصه على الطبقة الوسطى، إذ قال إن القرارات التي تُدرَس وتبحث لن تمس بالطبقة الوسطى والفئات محدودة الدخل، مؤكدا أن اعفاءات الأفراد لن تمس وإن التركيز سينصبّ على إجراءات أخرى لمنع التهرب الضريبي ورفع كفاءة التحصيل. وقد بدا الرئيس أكثر تأنّيا من بعض أعضاء فريقه المندفعين باتجاه تغييرات وقرارات لم يحسبوا عقباها.
ما جرى في لقاء أمس الصباحي بحضور عدد من وزراء الملقي وفريقه الاقتصادي كان بمثابة رسالة نوايا من الرئيس للرأي العام مفادها أن الحوار ضرورة والنقاش حيال الإجراءات أمر حيوي.
الرئيس، كذلك، بعث برسالة لفريقه تبيِّن أن مثل هذه الخطوات الإصلاحية القاسية لا يمكن لها أن تتم من دون حوار وطني موسع، وعلى ذلك أعلن بلسانه أن حكومته ستجري حوارا كاملا وشاملا حول قانون ضريبة الدخل لضمان ديمومة القانون وقدرة دائرة الضريبة على الالتزام به.
الملقي تحدث للحضور كمن خطا خطوة للخلف، وأراد القول إنه غير متعجل باتخاذ القرارات، وإن الحكومة تمتلك الوقت الكافي لإقرار قانون الضريبة.
البوابة التي فتحها الملقي للحوار يجب أن يعبرها فريقه أيضا ويدخلوا منها إلى عقل المجتمع، ليشرحوا لهم ما تفكّر به الحكومة، فالمسؤولية اليوم مشتركة يتحملها كامل أعضاء الفريق الاقتصادي ويساعدهم بذلك وزير الإعلام، لأن الهروب والتنصل من المسؤولية والتخلي عن فكرة المواجهة مع الناس بالحوار يضعفهم جميعا.
منتدى الاستراتيجيات، المؤسسة المستقلة وغير الربحية الممولة من القطاع الخاص الأردني، وفّر منصة لانطلاق الحوار، واستمع للحكومة وأفكارها عشرات الشخصيات، ووجد بعضهم الفرصة مناسبة لتقديم رأيه وطرح الأسئلة.
أختلف مع الرئيس في حقيقة أنه لا يوجد وقت كما يظن، فالظروف الضاغطة كبيرة، والبدء بالحوار تأخر، لذلك على جميع الوزراء أن ينخرطوا بالحوار كل مع فعاليات قطاعه، وأن يقدموا مقترحات تحظى بالحد المقبول من التوافق، وأهم من ذلك أن لا يكون لها أي أثر سلبي على نمو تلك القطاعات.
الحوار بين الحكومة والناس واجب وثمة منصات كثيرة وفعاليات لقطاعات اقتصادية واجتماعية ونقابية متعددة لا أظنها تغلق أبوابها في وجه أي مسؤول، ولديها من المقترحات غير الضارة بالناس الكثير، ومن الممكن أنها تمتلك رؤى تحقق الأهداف التي تطمح الحكومة في الوصول إليها، وعلى المسؤولين أن يطرقوا أبواب تلك الجهات للحوار، إذ ليس من الحكمة أن تقرر الحكومة مصائر الناس وحدها وبجرة قلم، من دون الاكتراث للناس وحياتهم، وكيف يمكن أن تؤثر فيهم مثل تلك القرارات.
الالتزام الذي قدمه الرئيس مسؤولية كبيرة، تحديدا ما يرتبط بحماية الطبقة الوسطى ومداخيل الأفراد. فهل يعينه فريقه على ذلك؟