عروبة الإخباري – طوقت القوات العراقية وآلياتها الثقيلة امس، مدينة تلعفر آخر أكبر معاقل تنظيم “داعش” في محافظة نينوى بشمال العراق، مع تكثيف للغارات وعمليات القصف في اليوم الأول من الهجوم المدعوم من التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، وسط نزوح للمدنيين.
وشاهد مصور من وكالة فرانس برس في المكان أعمدة شاهقة من الدخان ترتفع في سماء تلعفر، الواقعة في منتصف الطريق الواصلة بين مدينة الموصل وسوريا المجاورة.
على المحاور الثلاثة التي بدأت القوات العراقية هجومها منها فجر الأحد، تتساقط قذائف الهاون من الجانبين وسط المنطقة الصحراوية الواقعة في سهل نينوى.
وعند الفجر، أعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في بيان تلاه عبر التلفزيون وهو يرتدي بزة عسكرية سوداء ويبدو خلفه العلم العراقي وخريطة البلاد “أنتم على موعد مع نصر آخر سيتحقق (…) ها هي تلعفر ستعود لتلتحق بركب التحرير”.
وأضاف “ها هم الأبطال يستعدون لتحرير تلعفر (…) أقولها للدواعش لا خيار أمامكم إلا الاستسلام أو القتل. كل معاركنا انتصرنا فيها وكل معارك الدواعش انهزموا فيها”.
وتوجه العبادي إلى مقاتليه بالقول “الحق معكم والعالم معكم”.
ومنذ سيطرته على مساحات واسعة من العراق وسورية المجاورة في العام 2014، وإعلانه قيام “دولة الخلافة” حينها، يواجه تنظيم “داعش” معارك على جبهات عدة.
يصعب حاليا تحديد عدد المدنيين المتواجدين داخل تلعفر، إذا أنهم على غرار المناطق الأخرى الخاضعة لسيطرة تنظيم “داعش”، ممنوعون من التواصل مع الخارج.
وبحسب التحالف الدولي، فهناك ما يقدر ما بين عشرة آلاف و50 ألف مدني لا يزالون في تلعفر ومحيطها.
من جهتها، أشارت منسقة الشؤون الإنسانية التابعة للأمم المتحدة في العراق ليز غراندي إلى أن أكثر من 30 ألف شخص غادروا المنطقة، في وقت تستعد فيه المنظمة الأممية لـ”وصول آلاف آخرين” لأن هناك “نقصا في الماء والغذاء”.
وأضافت غراندي في بيان أن بعض العائلات الفارة من تنظيم “داعش” والمعارك التي تقترب منها “تسير ما بين عشر إلى 20 ساعة في حرارة مرتفعة جدا وتصل منهكة وتعاني من الجفاف”.
في المقابل، يتهم مسؤولون محليون مقاتلي تنظيم “داعش” باستخدام المدنيين كدروع بشرية.
وتقع تلعفر على بعد نحو 70 كيلومترا إلى غرب مدينة الموصل التي استعادت القوات العراقية السيطرة عليها في تموز/يوليو الماضي، في ما اعتبر ضربة قاسية لتنظيم “داعش”.
يقدر عدد مقاتلي تنظيم “داعش” في تلعفر بنحو ألف بينهم أجانب، بحسب ما أعلن رئيس مجلس قضاء تلعفر محمد عبدالقادر.
وبعد ساعات من انطلاق العمليات، أعلنت الشرطة الاتحادية أنها استعادت السيطرة على منطقة العبرة الصغيرة وتتقدم في المحور الغربي باتجاه مناطق السعد والزهراء والوحدة.
وأوضح العبادي فجر امس أن القوات العراقية كافة من جيش وشرطة اتحادية وقوات مكافحة الإرهاب والحشد الشعبي والقوات المحلية ستشارك في العملية العسكرية، بمساندة من التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة.
ومنذ بدء معارك الموصل، تفرض قوات عراقية غالبيتها من الحشد الشعبي، الذي يضم فصائل شيعية مدعومة من إيران، حصارا مطبقا على تلعفر رافقه قطع طرق رئيسية تربط القضاء مع الموصل ومناطق قريبة من الحدود العراقية السورية.
وكانت تلك الفصائل أعلنت في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، سيطرتها على مطار تلعفر على بعد نحو ستة كيلومترات جنوب المدينة.
وبعيد إعلان العبادي، أصدرت قيادة الحشد الشعبي بيانا أعلنت فيه بدورها انطلاق عمليات “قادمون يا تلعفر”، مؤكدة أن المعارك ستتسم بـ”السرعة والدقة في تنفيذ الأهداف العسكرية على الأرض”.
وقال قائد القوات الأميركية وقوات التحالف الدولي في العراق وسورية الجنرال ستيفن تاونسند إن التحالف يرحب ببيان رئيس الوزراء العراقي الذي أعلن خلاله “إطلاق الهجوم لتحرير تلعفر وبقية محافظة نينوى وشمال العراق من براثن داعش”.
وأضاف تاونسند في بيان إن “معركة الموصل كانت انتصارا حاسما لقوات الأمن العراقية، لكنها لم تكن نهاية داعش في العراق (…) عملية قوات الأمن العراقية لتحرير تلعفر هي معركة مهمة أخرى يجب كسبها لضمان أن البلاد والمواطنين في النهاية متحررون من داعش”.
وأكد القائد العسكري الأميركي التزام التحالف “بدعم شركائنا العراقيين حتى تهزم داعش”.
وتلعفر، البلدة التركمانية الرئيسية في العراق، تعد نظرا إلى موقعها المحوري بين منطقة الموصل والحدود السورية حلقة وصل لـ”دولة الخلافة” التي أعلنها تنظيم “داعش” في حزيران/يونيو 2014.
ورغم استعادة القوات العراقية لغالبية المناطق التي اجتاحها تنظيم “داعش” خلال هجومه الواسع في العام 2014، إلا أن الأخير ما زال يسيطر، إلى جانب تلعفر، على منطقة الحويجة في محافظة كركوك (300 كيلومتر شمال بغداد)، ومنطقة القائم الحدودية مع سوريا في محافظة الأنبار في غرب العراق.-(ا ف ب)
العراق يبدأ معركة استعادة تلعفر من “داعش”
13
المقالة السابقة