عروبة الإخباري- تغيرت أحوال التاكسي الأصفر، بعدما كان “يستبد” بالمواطنين، عندما كان يستأثر ويحتكر الخدمة دون غيره في شوارع عمان ومدن أخرى في المملكة.
فقد كان السائق الأصفر يختار هذا أو تلك ويرفض ذاك ولو كانت امرأة عجوزا أو عاجزة، وكان يرفع صوت المذياع والأغاني وموسيقاه الناشزة كما يشاء، ويختار الطريق التي يراها مناسبة ولو زادت كلفتها على المواطن أو الراكب دون أن يكترث، ويختار أحيانا راكبا آخر (بالإضافة لمن معه) عنوة ولو كانت طريق كليهما مختلفة المسارات، كل ذلك أصبح من الماضي، وتلك المشاهد توشك أن تتوارى عن حياتنا اليومية ومعاناة الركاب العمّانيين.
التغير القسري على أحوال التاكسي الأصفر لم تفرضه إرادته الذاتية، بل الظروف الموضوعية هي من أجبرته على التغيير، عندما وجد نفسه معزولا، “متوحدا” لم يعد أحد يطلبه أو ينظر إليه، أو يتطلع للركوب فيه، بعد تطور أساليب النقل وتطبيقات النقل المستخدمة، وتحديدا “اوبر” و”كريم”، والتي توفر نقلا سهلا يختصر الجهد والوقت، وممتعا بنظافة السيارة وأسلوب السائق وآمنا، إلى غير تلك من الميزات التي كان يفترض أن يلتزم بها “الأصفر“!!.
اكتشف “الأصفر” التقليدي، فجأة، أن العالم تغير وأن وسائط النقل وأساليبه تتطور عبر تطويع وتسخير التكنولوجيا، الأمر الذي جعله مرغما على مواكبة الحداثة خوفا من الانقراض والتلاشي.
ويأتي توقيع مذكرة التفاهم بين شركة زين وشركة عبر الطريق للتطبيقات الإلكترونية، الشركة المعتمدة من قبل أمانة عمان الكبرى، مساء يوم الأحد الماضي لتوريد وتركيب وتشغيل وإدارة نظام اتصال وتتبّع لمركبات التاكسي الأصفر، ضمن الخطة التطويرية والتحديثية للتاكسي الأصفر؛ حيث جرى الاعلان عن نظام وتطبيق “تاكسي جو” بهدف تطويع التكنولوجيا لخدمة المواطن ورفع سوية النقل العام في المملكة، وبناء عليه تم البدء باتخاذ خطوات من أجل ترخيص شركات تقدم التطبيقات الذكية في قطاع النقل وفقا للقوانين والمتطلبات الأردنية.
الخبراء في القطاع أبدوا تفاؤلهم بعد إعلان التوقيع على مذكرة تفاهم “جو تاكسي”، مؤكدين أن ما جرى يمثل نقلة نوعية للأصفر من العالم التقليدي إلى العالم الذكي.
وأكد الخبير التقني، عبد المجيد شملاوي أنه يجب التركيز على الخدمات التي سيتيحها التطبيق للعملاء، وهو الأمر الذي ساعد شركات النقل الذكي على النهوض بمستوى خدماتها لجلب الركاب.
ولفت إلى أن ما ميز عمل “اوبر” و”كريم” في الأردن ودفع المستخدمين لاستخدام تطبيقات هذه الشركات كان نوعية الخدمة التي يتيحها التطبيق، خاصة وأن العاملين لدى هذه الشركات لديهم كفاءات عالية بكيفية التعامل مع الراكب والالتزام بالعداد والمحافظة على نظافة السيارات، وتطبيق كافة معايير أخلاقيات العمل التي تتعلق بهذا المجال.
وأوضح شملاوي أن على العاملين بتطبيق “جو تاكسي” إلزام السائقين بالشروط والتعليمات التي تعمل من خلالها الشركات الأخرى، إضافة إلى أنه يجب إعطاء سائقي التاكسي الأصفر العديد من الدورات التي تتعلق بكيفية التعامل مع العملاء وكيفية تقديم خدمة النقل للراكب بمعايير عالية، حتى يستطيع بذلك “الأصفر” منافسة الشركات الأخرى التي تقدم خدماتها من خلال تطبيقات النقل الذكي.
وبين أن التاكسي الأصفر سيكون قادرا على منافسة مقدمي خدمات النقل في حال قام بتطبيق كافة المعايير والشروط التي عمل الآخرون من خلالها، وهو ما سيؤدي إلى رفع سوية خدمات التاكسي الأصفر ويغير نظرة المستخدمين عن النقل العام في المملكة.
من ناحيته، أكد مدير دائرة عمليات النقل العام في امانة عمان، عبد الرحيم وريكات، أن ما يقارب نصف مليون شخص يتنقلون عبر التاكسي الأصفر في عمان يوميا، الأمر الذي يعني أن هنالك حاجة لتطوير آلية استخدام التاكسي بطرق تكون أكثر راحة للمستخدمين والمشغلين.
وقال إن آلية عمل التاكسي الأصفر من خلال تطبيق Jo Taxi ستكون أكثر حداثة وأكثر فاعلية عما كانت عليه سابقا، خاصة وأن هنالك مميزات لهذا التطبيق المحلي على رأسها توحيد زي السائقين وإعطاؤهم الدورات الالزامية للتدريب والتأهيل لرفع سوية عملهم.
وأضاف وريكات أن قطاع التاكسي يعتبر الناقل الأكبر للمواطنين نظرا لحجم الأسطول البالغ 11 الف مركبة تقوم برحلات يومية لا تقل عن نصف مليون رحلة، لافتا إلى أن حجم الاستثمار في هذا القطاع يقارب 700 مليون دينار، ويعمل من خلاله 20 ألفا بين سائق ومالك وموظفي مكاتب.
وأوضح أن هدف إطلاق تطبيق محلي أردني هو توفير الخدمة للمواطن بحيث توفر عليهم الوقت والجهد، وتخفيض عدد الرحلات الناتجة عن تجوال التاكسي العشوائي للوصول للركاب، وتخفيف الازدحامات المرورية وتخفيض التكاليف التشغيلية.
بدورها، أكدت مديرة الإعلام والاتصال، عبلة الوشاح، أن إيجاد تطبيق لتنظيم عمل التاكسي الأصفر يعمل على تطوير الخدمة، وسيعيد ثقة الراكب بوسائل النقل العام المختلفة.
وقالت إن هذا التطبيق سيسهل على المستخدمين طرق إيجاد وسائل نقل ويوفر الوقت والجهد عليهم، حيث سيتيح لهم طلب المركبة من أماكنهم دون الحاجة للنزول للشارع والبحث عن وسيلة نقل.
وأضافت الوشاح أن هنالك ضرورة ملحة ركزت عليها الشركة التي ستقدم خدماتها من خلال هذا التطبيق هي ضرورة تدريب وتأهيل سائقي مركبات التاكسي، وهو ما سيمكنهم من تقديم الخدمة بأفضل الطرق ومواكبة تطورات استخدامات وسائل التكنولوجيا.
ولفتت أن ربط التاكسي الاصفر مع غرف المراقبة داخل الشركة لتتبع سير الرحلات والتأكد من الالتزام بالشروط المطلوبة سيرفع من ثقة المستخدمين بالخدمة، خاصة وأن الأجهزة المزودة بالتاكسي ستتيح للمستخدم إمكانية تقييم رحلته ليتم إطلاع الشركة على مدى الرضا عن الخدمة المقدمة.
وفي هذا الإطار يقول وزير النقل، جميل مجاهد، إن ما تم إطلاقه هو عبارة عن ترخيص لشركات لتطبيقات النقل الذكي، مشيرا إلى أن الوزارة تعمل على إعادة النظر في منظومة قطاع التاكسي كاملة بما يفضي للارتقاء وتحسين مستوى الخدمات التي تليق بالمواطنين.
ويلفت الوزير، في حديثه لـ”الغد” أمس، أن ترخيص الشركات التي تقدم التطبيقات الذكية يختلف عن أسس وتعليمات المركبات التي ستعمل لدى هذه الشركات والتي تنظمها تعليمات “أسس وشروط منح التراخيص والتصاريح لمكاتب التاكسي والسيارات العاملة تحت إدارتها لسنة 2017“.
ولم يخف الوزير توجه الوزارة بإعادة النظر في تلك التعليمات بشكل يخدم النهوض بواقع قطاع التاكسي.
وفي خطوة باتجاه التحضير لمرحلة جديدة للانتقال بمستوى خدمات التاكسي” أكد القائمون على تطبيق “جو تاكسي” أن العمل جار على إخراج الخدمات التي سيقدمها التطبيق بالصورة المثالية من حيث التكنولوجيا المستخدمة ومستوى الخدمة المقدمة، موضحين أن أهم ما يميز التطبيق هو استخدامه عبر الاتصال من الهاتف الخلوي أو الأرضي مباشرة دون الحاجة إلى الإنترنت أو عبر التطبيق ذاته.
ولفت هؤلاء إلى أن العمل على إعداد التطبيق الذي سيكون متاحا على المتاجر الإلكترونية والهواتف الذكية خلال أسبوعين احتاج ما يقارب سنة ونصف ليتم اخراجه بأفضل صورة للمستخدمين، مشيرين إلى أن العاملين على تقديم هذه الخدمة سيلزمون بدورات تدريبية وتأهيلية على كيفية التعامل من المستخدمين، إضافة إلى مراقبتهم عبر أجهزة الرقابة والتتبع وإلزامهم بالزي الموحد، وبالتالي فإن هذه الخطوة تمثل التحضير جيدا لرفع كفاءة العاملين المنظوين تحت اسم “جو تاكسي” كمنافسين لتطبيقات الأخرى التي تقدم نفس الخدمة.
ورغم أن هذا التطبيق “جو تاكسي” بدأ بالحديث عن شراكات مع أصحاب التاكسي الأصفر من مكاتب وغيرها كملكيات فردية إلا أن الانضمام بالنسبة لتلك التاكسيات ليس أمرا ملزما.
وقال رئيس مجلس إدارة شركة “عبر الطريق” للتطبيقات الإلكترونية، والتي وضعت تطبيق “جو تاكسي” عيد ابو الحاج، ان هذا التطبيق هو للتاكسي الاصفر وجاء بهدف تطوير الخدمة التي يقدمها للمستخدمين.
وأضاف لـ”الغد” أن الشركة ستقوم بتوفير 11 ألف جهاز تابلت لتزويد التكاسي العاملة مع المشروع بها وهي أجهزة طرفية ليكون التعامل مع المركبة كما يجب، حيث بلغت الكلفة التقريبية لهذه الأجهزة مليون دينار.
وأوضح أبو الحاج أن العطاء الذي فازت به شركة “جو تاكسي” منذ عامين ومدته 5 سنوات تضمن تصميما للتطبيق الذكي والذي سيتم إطلاقه خلال أسبوعين للعمل بالتوازي مع ألفي سيارة من التكاسي المستخدمة للتطبيق والمؤهلين والمدربين من قبل الشركة، لافتا إلى أن نجاح أي تطبيق يتوقف على العنصر البشري المؤهل والقادر على تقديم أفضل الخدمات للركاب بمستوى راق.
وبين أبو الحاج أنه سيتم بالمرحلة الأولى والتي تنطلق خلال أسبوعين تركيب ما يقارب ألفي جهاز للتتبع والرقابة داخل التاكسي الأصفر.
وأوضح أن تركيب هذه الأجهزة يهدف إلى عدة أمور منها تمكين الشركة من الرقابة والتتبع لسير المركبة والرحلة إضافة إلى الاطلاع على تقييم الراكب لرحلته والتأكد من التزام السائقين بالزي الموحد ونظافة المركبة لضمان راحة المستخدمين.
ولفت أبو الحاج أن الشركة ستزود سائقي التاكسي الأصفر بالزي الموحد مجانا، علاوة على أنها ستستعين بخبراء لتدريب السائقين من خلال عقد دورات تدريبية لتطوير الأداء.
وبين أن على جميع السائقين الالتزام بالمعايير المحددة، وفي حال تم تقديم أي شكوى من الركاب، وتم التأكد من صحتها سيتم الاستغناء عن خدمات السائق والمركبة.
وأشار إلى أن الشركة وبالتعاون مع بعض الجهات ذات العلاقة ستقدم جوائز قيمة للسائقين الملتزمين بالشروط والتعليمات التي ستقدم الشركة خدماتها من خلالها، وذلك بهدف تحفيزهم على الالتزام بكل ما هو مطلوب لتطوير خدمة التاكسي الأصفر.
وبموجب مذكرة التفاهم، التي أعلن عنها ستقدّم شركة زين جهاز Tablet مزوّد باتصال إنترنت لكل سيارة تاكسي، وتوفير الخوادم اللازمة، وتخصيص عدد من الموظفين لمركز الاتصال الخاص بالخدمة، كما ستوفّر زياً موحّداً لسائقي التاكسي.
وسيتم إطلاق تطبيق Jo Taxi الذي سيسهّل العملية على الراكب وسائق التاكسي، من خلال واجهة سهلة الاستخدام وتجربة فريدة من نوعها تعمل على ربط الركاب بسائقي التاكسي، وستمكّن المستخدِم من طلب أقرب تاكسي، وتتبع مسار المركبة التي طلبها والمدة التي ستستغرقها للوصول إليه، بالإضافة إلى عرض لمعلومات السائق ومعلومات الرحلة التي تتضمن المدة ومسارها.
يشار إلى أن عدد سيارات التاكسي العاملة في المملكة تبلغ نحو 16 ألف سيارة، و10 آلاف مركبة وباص نقل عام (سيارات سرفيس، الحافلات المتوسطة والكبيرة) بحسب هيئة تنظيم النقل البري.
وبالنسبة للعاصمة عمان يوجد فيها أكثر من 11 ألفا و500 تاكسي، وحوالي 4 آلاف سيارة سرفيس، وما يقارب 6 آلاف حافلة متوسطة “كوستر“.
في النهاية، سواء كان تطوّر التاكسي الأصفر قسريا أم إراديا، فإن المواطنين والركاب هم المستفيد الاكبر، وهو ما سينعكس إيجابا على قطاع النقل، الذي يجب عليه أن يعمل على تبديد الصورة الانطباعية السلبية عنه، ونفض غبار وعقلية الماضي في إدارة عبر تسخير التكنولوجيا والأفكار ليصبح قطاع نقل ذكي.