التوتر العسكري والسياسي بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية دخل مرحلة جديدة خطرة جداً، فقد هدد الرئيس دونالد ترامب بأن أي تصعيد من بيونغيانغ سيواجه بنارٍ ودمار، وردت كوريا الشمالية أنها تدرس توجيه ضربة عسكرية (صاروخية) للوجود الأميركي في غوام.
حاكم غوام يقول إن الجزيرة مستعدة لكل الاحتمالات، ولكن أسأل هل تنفذ كوريا الشمالية تهديدها؟ لا أرى ذلك. أسأل أيضاً هل تستطيع كوريا الشمالية أن تطلق صاروخاً عابراً للقارات عبر المحيط الهادئ ليصل الى البر الأميركي؟ لا أعتقد ذلك. إلا أنني لست خبيراً نووياً، وكوريا الشمالية بلد خطر على نفسه وعلى جيرانه، وربما على الولايات المتحدة.
مجلس الأمن الدولي أقرّ بالإجماع سلة عقوبات جديدة على كوريا الشمالية رداً على تجارب الصواريخ البعيدة المدى، والصين وروسيا أيّدتا القرار. فيبقى أن نرى هل ستنفذان ما وعدتا به، وإذا فعلتا ذلك فهل القرار قابل للتنفيذ؟
اقترحت في السابق وأقترح اليوم أن تغزو الصين وكوريا الجنوبية كوريا الشمالية وأن تسقطا الرئيس كيم جونغ-اون لأنه يتصرف كمراهق، إلا أنه مراهق لا يهدد بحجر وإنما بسلاح نووي وصواريخ، والاستخبارات الأميركية نفسها تقول إن كوريا الشمالية أنتجت صاروخاً يستطيع أن يحمل رأساً نووياً.
الموقف الرسمي لكوريا الشمالية إزاء العقوبات كان أن الولايات المتحدة ستدفع الثمن، وقال بيان رسمي إنها ستدفع «ألوف المرات». أما وزير خارجية كوريا الشمالية ري يونغ-هو فقال في مؤتمر وزاري إقليمي في مانيلا إن بلاده لن تضع البرنامج النووي العسكري والصواريخ على طاولة المفاوضات. وأضاف أن بلاده لن تتراجع بوصة واحدة في برنامجها النووي الذي بدأته لحماية نفسها، قبل أن تلغي الولايات المتحدة «سياستها العدوانية» إزاء كوريا الشمالية.
كانت الأمم المتحدة فرضت عقوبات على كوريا الشمالية في السابق، إلا أن تلك العقوبات لم تحمل بيونغيانغ على تغيير سياستها العسكرية. الآن أقرأ أن العقوبات الجديدة ستؤدي الى خسارة كوريا الشمالية نحو بليون دولار في السنة.
لا أرى هذا، فالقرار الدولي لا يمنع كوريا الشمالية من استيراد النفط وهو عنصر أساسي في عمل النظام. بل إن العقوبات تترك الكوريين الشماليين العاملين في الخارج ليستمروا في العمل وفي إرسال المال الى أسرهم في بلادهم. هناك حوالى 80 ألف كوري شمالي يعملون في الخارج.
العقوبات تحظر على كوريا الشمالية تصدير الحديد الخام ومعدن الرصاص الخام والأسماك، كما تفرض قيوداً جديدة على بنك التجارة الخارجية الكوري الشمالي. قرأت أن تصدير الحديد الخام الى الصين نقص تدريجياً في السنوات الأخيرة، لكن تصدير الأسماك زاد.
أهم مما سبق كله إن وزارة الخزانة (المالية) الأميركية كانت تعد عقوبات على بنوك صينية تتعامل مع كوريا الشمالية ما يسهل حصول هذه على عملات أجنبية مثل الدولار. الأرجح أن الصين وافقت على التصويت مع القرار الدولي ضد كوريا الشمالية لتتجنب فرض عقوبات على بنوكها، فهي أعلنت أنها تعارض بشدّة أية قيود على تعامل بنوكها مع الخارج.
لا أرى اليوم أن كوريا الشمالية تستطيع أن تنفذ تهديداتها لأن الولايات المتحدة قادرة على إلغاء كوريا الشمالية من خريطة العالم. هناك مراهقان يحكمان البلدين ومع ذلك أعود وأقول إن النظام في كوريا الشمالية خطر على منطقته، وربما العالم كله، وسقوطه قد يمنع كارثة بشرية في المستقبل.