عروبة الإخباري- رغم محاولات رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، الاستخفاف بالتحقيقات الجارية ضده في شبهات فساد، ترجح أوساط سياسية وإعلامية أن تتسبب بهزة سياسية في إسرائيل قد تنهي حكمه المتواصل منذ 2009.
يأتي ذلك في ضوء توصل الشرطة والنيابة التفاق مع آري هارو، أحد المساعدين المقربين ومدير مكتب نتنياهو سابقا، على تحويله لشاهد ملك وهذا تطور خطير في التحقيقات بإجماع المراقبين المحليين. وهارو يتمتع بدور مركزي في «الملف 2000 « كونه قام بتسجيل قسم من المحادثات التي جرت بين نتنياهو وناشر صحيفة «يديعوت احرونوت»، نوني موزس، بواسطة هاتفه الخليوي، كما أنه شارك في بعض الجلسات، بالإضافة إلى وجود دلائل على أن نتنياهو طلب من هارو القيام بتدابير بهدف فحص جدية موزس في تنفيذ الصفقة التي كانت تهدف إلى تغطية نشاطات نتنياهو بشكل إيجابي في «يديعوت أحرونوت»، مقابل سن قانون يحد من انتشار الصحيفة المجانية المنافسة لها «يسرائيل هيوم».
وفي حال أفاد هارو أمام الشرطة بأنه عمل باسم نتنياهو من أجل عقد الصفقة فإن هذا سيعني حدوث تطور كبير في هذا الملف الخطير والجوهري من بين ملفات التحقيق مع نتنياهو.
يشار إلى أن نتنياهو ادعى حتى الآن، بأنه تظاهر برغبته بالتوصل لصفقة مع موزس وأن الاتصالات بينهما كانت محادثات واهية. وحسب الاتفاق الذي وقعته الشرطة مع هارو، فإنه لن يجلس في السجن، مقابل ما سيقدمه من معلومات، وإنما سيمضي فترة ستة أشهر في خدمة الجمهور، ويدفع غرامة بقيمة 200 ألف دولار.
يذكر أن هارو كان مقربا جدا من نتنياهو حين أدار الأخير منظومة علاقات وثيقة مع رجل الأعمال ارنون ميلتشين، وهي القضية التي يشملها التحقيق في الملف 1000. ويبدو في هذا الملف أن لدى هارو ما يرسخ العلاقات المتبادلة بين نتنياهو والشخصيات التي قامت برشوته.
وعلى خلفية هذه التطورات الدرامية تسود حالة ارتباك داخل حزب الليكود الحاكم مما اضطر بعض الوزراء للخروج عن صمت طويل والإعلان عن دعمهم لنتنياهو فيما بدأ آخرون بالتفكير في اليوم التالي بعد نتنياهو. وتعتقد صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن هذا التطور قد أجبر المسؤولين الكبار في الليكود على بدء الاستعداد لاحتمال حدوث هزة سياسية كبيرة: انتخابات، تشكيل حكومة بديلة في حال تقديم لائحة اتهام ضد نتنياهو، وطبعا – صراع على الورثة.
وخلال محادثات مغلقة، أوضحت جهات في الحزب أنه في حال تقديم لائحة اتهام ضد رئيس الحكومة بتهمة خطيرة، فإنهم لن يواصلوا دعمه. ونقلت عن مسؤول رفيع في الليكود قوله إنه إذا تم تقديم لائحة اتهام ضد نتنياهو، فلن يسمح الحزب له بالبقاء. وتابع «لن يكون لدينا سيناريو يواصل فيه قيادة الدولة والليكود وهو يحمل على ظهره حدبة لائحة الاتهام، لأنه سيسقط الليكود أيضا وليس نفسه فقط.»
وادعى مصدر آخر في الحزب أن أعضاء الليكود يتحدثون خلال المحادثات الداخلية عن سيناريو تشكيل حكومة بديلة إذا استقال نتنياهو أو اضطر إلى ذلك.
يشار إلى أن وضعا مشابها قد حدث بعد استقالة رئيس الوزراء الأسبق ايهود اولمرت الذي اضطر للاستقالة في 2008 من رئاسة الحكومة قبل تقديم لائحة الاتهام ضده. وكلما اشتد الخناق حول نتنياهو، يبدو أن الكثير من وزراء الليكود يتهربون من منح لقاءات صحافية أو الخروج للدفاع عنه في وسائل الإعلام. وأكد بعض قادة الحزب ممن بقوا محجوبين أن هناك حالة كبيرة من الحرج. والوضع الأكثر تعقيدا من ناحية نتنياهو اليوم هو أنه لم يتبق لديه الكثير من المقربين لكنه رغم ذلك، فإن مكانته في الليكود لا تزال قوية، وغالبية الأعضاء لا يزالون يدعمونه». وقال مصدر رفيع في محيط نتنياهو للإذاعة العامة أمس أن الشخصيات البارزة التي تم «تجنيدها» لمهمة الدفاع عن نتنياهو في وسائل الإعلام، هم رئيس الائتلاف النائب دافيد بيتان، النائب دافيد مسلم والنائب نافا بوكير. وقد اهتم بيتان بالخروج للدفاع عن نتنياهو عندما هاجم، في نهاية الاسبوع، خلال لقاء في القناة الثانية، الوزراء الذين رفضوا الوقوف إلى جانب نتنياهو والدفاع عنه، وتابع مهددا بما يعكس عمق المحنة: «هناك وزراء لا يهمهم إلا استبدال نتنياهو، ونحن سنصفي الحساب معهم في الانتخابات الداخلية. أعضاء الحزب يذكرون ذلك».
وكان الصوت الوحيد في الليكود الذي أعلن على الملأ دعمه لاستقالة نتنياهو في حال تقديم لائحة اتهام ضده، هو رئيس لجنة الخارجية والأمن، افي ديختر. وقبل التوقيع مع هارو على اتفاق الشاهد الملك، قال ديختر للإذاعة إن «على رئيس الحكومة أو وزير الامن الذي يقدم ضده لائحة اتهام ترك منصبه، إلا إذا كان هناك سبب آخر. آمل أن لا يحدث ذلك».
واكتفى نتنياهو بالرد على التطورات في التحقيق ضده، بالقول للمواطنين الإسرائيليين في شريط نشره على «الفيسبوك: « أنا لا اهتم بالضجيج الخلفي وأواصل العمل لأجلكم». لكن للمعارضة طبعا موقفا مغايرا تماما إذ طالب رئيس حزب «هناك مستقبل» يائير لبيد رئيس الحكومة بالعمل على إلغاء أوامر منع النشر عن التحقيقات ضده. وقال للقناة الثانية: «من المناسب أن يقف أمام إسرائيل ويفصل دوره في هذه القضايا». وادعى لبيد أن «اليمين يحاول رسم الأمر وكأنه صراع سياسي يقوده اليسار ضد رئيس الحكومة. هذا ليس صراعا سياسيا. كل الضالعين في الموضوع، القائد العام للشرطة والنائب العام للدولة، والمستشار القانوني، تم تعيينهم من قبل نتنياهو». وأضاف لبيد أنه «إذا تم تقديم لائحة اتهام ضد نتنياهو، فإنه لا يمكنه مواصلة شغل منصبه كرئيس للحكومة».
وكتب رئيس حزب العمل، افي غباي، على صفحته في «الفيسبوك»، أن الإسرائيليين يئسوا من رئيس حكومة يحيط به شهود ملك. وتابع «أنا متفائل، نحن في ذروة أزمة وفي بداية تصحيح سينظف عفن عقد زمني». كما طالب رئيس الحكومة السابق، ايهود باراك، باستقالة نتنياهو إذا تم تقديم لائحة اتهام ضده، وتطرق إلى قول وزيرة القضاء اييلت شكيد بأن نتنياهو ليس ملزما على الاستقالة إذا تم تقديم لائحة اتهام ضده، وقال: «وزيرة القضاء مخطئة. رئيس الحكومة في إسرائيل لا يستطيع مواصلة شغل منصبه بعد قرار تقديم لائحة اتهام ضده. المسألة ليست مجرد قانون جاف، وإنما هي حياة أبنائنا. كل الدائرة القريبة من نتنياهو قريبة من محاكمات رشوة وخداع وخرق للثقة».
في السياق كشفت القناة الثانية أمس أن صاحب جريدة «يسرائيل هيوم» الملياردير اليهودي الأمريكي شلدون ادلسون، قال خلال إفادته الثانية أمام الشرطة، في ملف التحقيق 2000، إن نتنياهو، فحص معه إمكانية عدم إصدار ملاحق أسبوعية للصحيفة. وحسب ما نشر أمس، فإنه من المتوقع أن توصي الشرطة بمحاكمة نتنياهو في هذا الملف الذي يجري فيه التحقيق في الاتصالات التي جرت بين نتنياهو وناشر صحيفة «يديعوت احرونوت» نوني موزس.
وتكتب «هآرتس» أن ادلسون وزوجته مريم أدليا بإفادتيهما في هذا الملف، قبل شهر، في مكاتب الوحدة القطرية للتحقيق في أعمال الغش والخداع.
في سياق ملفات نتنياهو تظاهر مساء السبت، أكثر من 2000 مواطن اإرائيلي، للأسبوع السابع والثلاثين على التوالي، ضد سلوك المستشار القانوني للحكومة في التحقيقات ضد نتنياهو. واحتج المتظاهرون بجانب منزل المستشار ابيحاي مندلبليت، على ما يعتبرونه «تساهلا» إزاء رئيس الحكومة. وطالبوا المستشار بالاستقالة. وفي المقابل نظم حزب الليكود مظاهرة مضادة شارك فيها حوالي 150 ناشطا فقط، بينهم رئيس الائتلاف دافيد بيتان والنائب نافا بوكير.(القدس العربي)